مواضيع

شرح المقطع الأول –أسبانيا – كريستوف كولومبوس

الموارد المذكورة في المقطع الأول يمكن وصفها بتعبير دقيق بأنّها عمليات إرهابية نفّذها كريستوف كولومبوس[1] [إرهابيّ] (ويعتقد بعض الأمريكيون أنّه يهودي متخفٍّ)[2]، هو وزملائه [الإرهابيون] بحقّ السكان الأصليين لقارة أمريكا (أي الهنود الحمر)، واعتبروه بعدها كاشف قارة أمريكا، وأطلقوا يومًا من أيام العام باسمه وهم يحتفلون به[3]. وبعد دخول كريستوف كولومبوس إلى منطقة أميريكا، استمرّت العمليات الإرهابية – كالتي ذكرناها – على مساحة واسعة من تلك المنطقة وخارجها، ولا تزال هذه العمليات مستمرة، وسنُشير إلى نماذج منها في هذا الكتاب، بالاستناد إلى المصادر والوثائق الأمريكية والبريطانية والإسرائيلية.

في الخريطة أعلاه، يظهر المسار الذي قطعه كريستوف كولوموبس ذهابًا وإيابًا، بدءًا من أسبانيا حتى جزائر الكارائيب بين الأعوام 1492  و 1500 م.

صورة استقبال الهنود الحمر، أي سكان قارة أمريكا، لكريستوف كولوموبس [الإرهابي] بينما كانوا يحملون له الهدايا أيضًا[4].

صورة لكريستوف كولومبوس [الإرهابي] في محضر ملك وملكة أسبانيا، بعد أن سرق بعض الهنود الحمر من قارة أمريكا وأخذهم معه إلى أسبانيا كعبيد[5].

ينبغي هنا الإشارة إلى أمرٍ ما في التعليق على المطالب المذكورة أعلاه، نظرًا للصور التي عرضها الأمريكيون لنا في كتبهم عن الهنود الحمر، والتي أوردنا نموذجين منها، وهو أنّه لطالما قال مؤسّسو أمريكا وزعماؤها ويقولون: إنّ أمريكا كانت قارة خالية من السكان، وإنّهم اكتشفوها بينما كان يعيش عليها عدد ضئيل من الناس المتوحّشين الذين يفتقرون للثقافة، وقد حاولوا قتلهم؛ لأنّهم يرونهم الأعداء البيض. لكنّ هذا الأمر وغيره من الأمور التي يذكرونها كذب وتلفيق، ومن الواضح أنّ هذا هو ديدنهم وليس بشيء جديد عليهم[6]. لقد نسجوا هذه الأكاذيب في الوقت الذي أشار العديد من الأمريكيين إلى أنّ الناس قد هاجروا من آسيا إلى أمريكا قبل 3300 إلى 4000 سنة من ميلاد المسيح (عليه السلام) على أقل تقدير[7]. وقد تشكّلت أولى المجتمعات البشرية الحضارية قبل 4000 سنة من ميلاد المسيح (ع) في منطقة الشرق الأوسط[8]. وبعبارة أخرى: قد هاجرت أولى المجتمعات الحضارية البشرية من الشرق الأوسط  قبل 3300 إلى 4000 سنة من ميلاد المسيح، أي قبل 6000 سنة، إلى أمريكا – لا المجتمعات الأوروبية المتوحّشة من سكان المغارات – ولم يرتكبوا أيَّ جريمة! وفي التعليق على ما ذُكر آنفاً ينبغي الإشارة إلى نقطة أخرى، وهي أنّ المحقّقين في علم الأنسنة اكتشفوا في عام 1995م، في منطقة أمريكا الجنوبية في البلد الذي يُدعى البيرو حاليًا، في مرتفعات تبلغ أكثر من 6000 متر، في جبل أمباتو[9]، جسدَ فتاة يبلغ عمرها 13سنة تقريبًا تجمدت من شدّة البرد[10]. ووفق تقريرهم يعود تاريخ ذلك الجسد إلى عام 1440م، أي قبل 55 سنةً من ذهاب كريستوف كولومبوس الإرهابي إلى قارة أمريكا، وقبل أن يبدأ هو وأذنابه، وأتباعه، ومن يحذو حذوه فكريًا بإبادة الأهالي المحلّيين وشعوب تلك المنطقة. ووفق تقريرهم، كانت هذه الفتاة قد ارتدت ثوبًا فاخراً جدًا، ولبست المجوهرات والحلي، ممّا يدلُّ على ثقافة أهالي تلك المنطقة، لا على وحشيتهم …[11]! والاختبارات التي أُجريت عليها تدلُّ على أنّها أُصيبت بالتهابات رئوية وتنفسية وربّما كانت سبب موتها. وتمّ لاحقًا نقل جثمانها إلى متحف في تلك المنطقة، ووضعوه في غرفة زجاجية، ونظموا درجة الحرارة فيها إلى 20 درجة تحت الصفر؛ حتى يتمكّن زوار المتحف من مشاهدته.

جثمان الفتاة البالغة من العمر 12سنة الذي اكتُشف في منطقة البيرو، وهو يعود إلى عام 1440م (أي إلى 55 سنة قبل دخول كريستوف كولومبوس)، معروضًا في متحف البيرو

ربّما كان شكلها وظاهرها في ذلك الزمن، وفق التقرير المذكور، كما يظهر في هذه الصورة.

والآن من الجدير بالذكر أن نُشير اختصارًا في هذا المقطع إلى نموذج من الجرائم التي ارتكبها الإرهابي كريستوف كولومبوس وعملاؤه الإرهابيون، أي “الدواعش بربطات عنق”، بحقّ الهنود الحمر في قارة أمريكا.

في سيساو التابعة لجزيرة هايتي[12]، كان على الأفراد الذين تبلغ أعمارهم 14 سنة فصاعدًا أن يجمعوا الذهب لكريستوف كولومبوس وأتباعه، ويُحضروه لهم، وفي غير تلك الحالة يقطعون أيديهم فينزفون حتى الموت[13]،[14]. أي انتهجوا الأسلوب الذي انتهجه ليوبولد الثاني، ملك بلجيكا [الإرهابي] في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين الميلادي في كونجو (الزئير). وفي جزيرة هايتي كان يعيش 250 ألف شخص من الهنود الحمر التابعين لقبيلة آراواك، لكن المجازر التي ارتكبها كريستوف كولومبوس وأعوانه في تلك الجزيرة، تسبّبت بنقصان عدد سكان تلك المنطقة خلال عامين إلى 125 ألف شخص، أي إلى النصف، وفي عام 1515م، أي بعد عشرين عامًا من دخول كريستوف كولومبوس إلى قارة أمريكا، وصل عدد سكان قبيلة آراواك في تلك الجزيرة إلى 50 ألف شخص، وفي عام 1550م، أي بعد 55 عامًا من دخوله إلى أمريكا، وصل عدد سكان الهنود الحمر الآراواك إلى 500 شخص. وفي تقرير من عام 1650م أشار إلى أنّه لم يعد هناك حتى شخص واحد من قبيلة آراواك في تلك الجزيرة[15]. أي أنّ كريستوف كولومبوس وأعوانه أبادوا قبيلة آراواك التي كانت تعيشُ في جزيرة هايتي كلّها. ومن المؤكّد أنّ الموارد المذكورة لا تعني أنّ الجرائم المرتكبة بحقّ الهنود الحمر قد انتهت، بل إنّ الجرائم المذكورة هي قسم ضئيل جدًا ممّا ارتكبه الأوروبيون على السكان الأصليين في قارة أمريكا.

ألفتُ انتباهكم إلى نموذج آخر حصل في أمريكا:

كانت جيمز تاون الواقعة في ولاية فرجينا[16] الأمريكية الحالية أول مستعمرة للبريطانيين في أمريكا. وكان شتاء العامين 1609م و 1610م صعبًا على المنطقة، بحيث إنّ المستعمرين كانوا يحفرون القبور ويستخرجون الأجساد منها ويأكلونها حتى يبقوا على قيد الحياة[17]. لقد ماتوا جماعات حتى تقلّص عددهم ووصل إلى ستين شخصًا بعد أن كان خمسمائة شخص[18]. كان بوهاتان Powhatan رئيس قبيلة الهنود الحمر في تلك المنطقة، يراقب أوضاع المنطقة المحيطة بهم، وكان يرى أنّ الأوروبيين احتلوا بلادهم، لكنّهم لم يبدوا ردّة فعل تجاههم[19]. وكانوا يحافظون على أراضيهم بأحسن وجه، على عكس الأوروبيين، فكانوا يوفّرون طعامهم عن طريق الزراعة (منتوجات كالذرة)، والصيد. لجأ عدد من المستعمرين إلى قبيلة الهنود الحمر؛ حتى يبقوا على قيد الحياة وحتى لا يموتوا جوعًا. فاستقبلهم الهنود الحمر من قبيلة بوهاتان، واستضافوهم عندهم.

وأمّا ردة فعل الرؤساء المستعمرين: فعندما حلّ الصيف، أرسل حاكم المستعمرة شخصًا إلى بوهاتان، وطلب منه أن يُسلّمه الأشخاص الذين لجأوا إليه، لكن امتنع الأخير عن ذلك [لأنّه كان يعتبر هذا العمل غير إنساني ولا أخلاقي]. أمر حاكم المستعمرة عددًا من جنوده بالهجوم على قبيلة الهنود الحمر، فقتلوا 16 شخصًا منهم تقريبًا، وحرقوا بيوتهم، وهدموا مزارعهم، ثمّ أخذوا ملكة تلك القبيلة مع أطفالها، ورموا أطفالها من القارب في الماء، ثمّ قتلوها بالسكين[20]! ماذا تُطلقون على جرائمهم هذه؟!

يُعدُّ صاموئيل ايليوت موريسن أحد أساتذة التاريخ في جامعة هاروارد[21] أهم كاتبٍ كتب عن كريستوف كولومبوس، وقد قاد سفينةً بنفسه في المسار الذي سار فيه كريستوف كولومبوس من أسبانيا إلى قارة أمريكا، ليختبر شخصيًا أوضاع كريستوف، والطريق الذي قطعه. كما كتب عدّة كتب عن كولومبوس. وفي عام 1954م ألّف كتابًا بعنوان Christopher Columbus, Mariner [الربان كريستوف كولومبوس]، وتحدّث فيه عن الهنود الحمر والإبادة الجماعية التي ارتكبها كريستوف كولومبوس وأعوانه وخلفاؤه بحقّهم، فكتب: الأسلوب الوحشيّ الذي بدأه كريستوف كولومبوس [بحقّ الهنود الحمر الأمريكان] ونفّذه، وسار عليه خلفاؤه، أدّى إلى الإبادة الكاملة [للهنود الحمر الأمريكان][22].[23] على كلّ حالٍ فإنّ الجرائم المذكورة، وفق الموازين والمصطلحات المتداولة اليوم لدى الغربيين، هي قسم ضئيل جدًا من العمليات الإرهابية التي ارتكبها مجموعة إرهابيين في أمريكا، وكان فعلهم أفظع ممّا فعله المغول، ولا يزال هكذا!


  • [1]Christophe Columbus.
  • [2]بعض الأمريكيين يعتقدون كذلك، ويقولون: إنّ كريستوف كولومبوس كان يهوديًا يُخفي عقيدته، ونظرًا لأنّ اسبانيا طردت ثلاثمئة ألف يهودي من أراضيها، ذهب كريستوف إلى تلك المنطقة للبحث عن مكان لنقل اليهود المطرودين إليها، فوصل إلى قارة أمريكا.
  • [3]Columbus Day.
  • [4]Deborah H. DeFord, Philip Schwarz, Ph.D., General Editor, Slavery in the Americas: Life under Slavery, Chelsea House, 132 West 31st Street, New York, NY. 10001; 2006, P. 19
  • [5]Deborah H. DeFord, Philip Schwarz, Ph.D., General Editor, Slavery in the Americas: Life under Slavery, Chelsea House, 132 West 31st Street, New York NY. 10001, 2006, P. 17
  • [6] إنّ هذه الأكاذيب هي كالتي يُطلقها اليهود الصهاينة على فلسطين والفلسطينيين، والحقيقة أنّه قد استطاع اليهود الصهاينة احتلال فلسطين بسهولة من خلال اتفاقياتهم التي أجروها مع البريطانيين والأمريكان، وأبادوا أهالي تلك المنطقة وأسّسوا كيانهم الغاشم.
  • [7] لقد كتب هووارد زين Howard Zinn، أستاذ التاريخ في الجامعات الأمريكية، في الصفحة 15 و 16 من كتابه الذي يحمل عنوان ( People’s History of the United States, 1492-Present) أنّ أهالي أمريكا المحليين (أي الهنود الحمر) هاجروا من آسيا إلى أمريكا قبل 25000 سنة وعاشوا في تلك القارة. والمصادر الأمريكية الأخرى تذكر أنّ أول من هاجر إلى أمريكا كان قبل 33000 سنة إلى 8000 سنة قبل ميلاد المسيح. وقد استندنا نحن في هذا الكتاب إلى أقل رقم، أي 6000 سنة، حتى لا نثير شكوى وغضب مؤيدي الكيان الأمريكي الصهيوني.
  • [8]David M. Kennedy, Lizabeth Cohen, Thomas A. Bailey, THE AMERICAN PAGEANT: A History of the Republic, Thirteenth Edition, 2006, New York, P. 24
  • [9]Ampato.
  • [10]Johan Reinhard; Discovering the Inca Ice Maiden: My Adventures on Ampato; National Geographic Society; Feb., 1, 1998.       
  • [11] لقد اكتُشفت جثامين أخرى في السنوات التالية في تلك المنطقة وكانت متعلقة بالمرحلة نفسها.
  • [12]The province of Cicao on Haiti.
  • [13]لا يوجد في جزيرة هايتي منجم ذهب، لكنّ تلك الفئة من الهنود الحمر الذين كانوا يعيشون في تلك الجزيرة، وهم من قبيلة آراواك Arawak، كانوا يجدون كميات ضئيلة من الذهب من خلال البحث في الأنهار. ويوضح هوارد زين في كتابه المذكور آنفًا: أنّ العديد من الهنود الحمر المسجونين كانوا يلقون حتفهم، وكان كريستوف كولومبوس [الإرهابي] قد وعد الأفراد الذين موّلوا رحلته هذه بأن يأتيهم بالذهب والعبيد، لهذا كان هو وأعوانه يطلبون من شباب قبيلة آراواك Arawak الذين يتجاوز عمرهم 14 عامًا أن يُحضروا إليهم كل ثلاثة أشهر مقدارًا محددًا من الذهب، وعندما كانوا يقدّمون لهم ما جمعوه من الذهب يعطونهم مسكوكة رمزية عليهم أن يعلّقوها برقابهم؛ لأنّ أولئك الذين لا يعلّقون مسكوكة برقابهم تُقطع أيديهم ويموتون بسبب النزيف.
  • من الجدير ذكره أنّ المصادر الأمريكية والأوروبية ذكرت أنّ الأوروبيين الذين هاجموا قارة أمريكا [وقتلوا سكانها الأصليين – أي الهنود الحمر – ونهبوا ثرواتهم] نقلوا مئات الأطنان من الذهب وآلاف الأطنان من الفضة من مختلف مناطق أمريكا إلى أوروبا [أي أنّهم حقيقةً سرقوها وأخذوها إلى أوروبا].
  • وينبغي أن لا نغفل عن أنّ البطل الأمريكي والأوروبي – كريستوف كولومبوس – قد نفّذ هذه الأعمال لأجل حقوق البشر في أمريكا! لكن بعدها انهالت أمريكا على شعوب هيروشيما وناكازاكي، في إطار حقوق البشر، بالقنابل النووية، أو كانت، كما يوضّح الأمريكيون أنفسهم، قد انتقلت من قارة أمريكا إلى قارة آسيا، وأدّت إلى مقتل أكثر من 3.8 ملايين شخص دفعة واحدة في فيتنام وكامبوج ولاؤوس بالاستفادة من العامل البرتقالي (Agent Orange)، أو استعملت الرصاص الذي يحتوي على يروانيوم منضب (Depleted Uranium) في العراق و …إلخ. وكافة الموارد المذكورة آنفاً كانت بهدف حماية حقوق البشر، لكن من نوعه الأمريكي والأوروبي!
  • [14]Howard Zinn, A People’s History of the United States, 1942 – Present, 2005, Chapter 1, P.3.
  • [15] إنّ التوضيح الذي ذكره هوارد زين في كتابه لهذا الموضوع هو أنّ الهنود الحمر من قبيلة آراواك قد قتلوا على يد كريستوف كولومبوس أو الإسبان المرافقين له، قد أُعدموا على أغصان الأشجار، أو قتلوا حرقًا، أو بُترت أيديهم وأرجلهم وتُركوا ينزفون حتى الموت، أو لوحقوا بكلاب الإسبان أثناء الهروب من الغابة ولقوا حتفهم بذلك، أو انتحروا بتجرّع سم الكاسافا (cassava)؛ لأنّهم لم يكونوا قادرين على محاربة الإسبان المسلحين، وحتى لا يقعوا أسرى بيد الإسبان الآخرين [ولا يتجرعوا مرارة العبودية أو الاعتداء بالعنف عليهم]. ومن الجدير ذكره أنّ هاورد زين يذكر في الصفحة نفسها من كتابه أنّهم كانوا يأسرون الأولاد والنساء أيضًا كعبيد لإنجاز مختلف الأعمال أو لأهداف  جنسية. taking women and children as slaves for sex and labor.)…(
  • [16]James Town, Virginia.
  • [17]Howard Zinn, A People’s History of the United States, 1492 – Present, Chapter 1, P.17.
  • [18]Howard Zinn, A People’s History of the United States, 1492 – Present, Chapter 1, P.17.
  • [19]Howard Zinn, A People’s History of the United States, 1492 ـ Present, Chapter 1, P.9.
  • [20]Howard Zinn, A People’s History of the United States, 1492 – Present, Chapter 1, P.9.
  • [21]Samuel Eliot Morison, the Harvard historian.
  • [22]The cruel policy initiated by Columbus and pursued by his successors resulted in complete genocide.
  • [23]Howard Zinn, A People’s History of The United States, 1942 – Present, 2005, Chapter 1, P.5
المصدر
كتاب دواعش بربطات عنق | سيد هاشم ميرلوحي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى