الوثائق التاريخية على شجاعة الإمام الحسن(ع)
لكن توجد وثائق تاريخية على شجاعة الإمام المجتبى(ع)، وقد ظهرت في عدة وقائع تاريخية معروفة.
في واقعة «ساباط»[1] هذه عندما قاموا بمهاجمته، ظهرت شجاعة الإمام.[2] وفي واقعة [قتل] عثمان عندما حوصر منزل عثمان، ثبتت شجاعة الإمام بشكلٍ واضح.[3] في حروب أمير المؤمنين، ظهرت شجاعة الإمام المجتبى وعدم خوفه من الموت بل إقباله عليه بشكلٍ واضح وجلّي في جميع تصرّفاته[4]، إضافةً إلى أنّ معاوية نفسه وهو عدو الإمام الحسن كان يمتدح شجاعته.
ربما تسألون كيف تلطّف معاوية ومدح الإمام المجتبى(ع)؟ يوجد الكثير من هذا المديح في التاريخ عن لسان معاوية وعمرو بن العاص وزياد بن أبيه وعبد الله بن الزبير وأعداء الإمام الحسن الألدّاء، عندما كانوا لا يعتبرون الإمام الحسن منافساً أو معارضاً لهم، لم يكن لديهم مشكلة في مدحه أيضاً. غالباً لا يمدح الإنسان منافسه؛ وهو غير مستعد لمدح أو تمجيد شخص يكون في الجهة المقابلة له أو يعتبره عدلاً له، لكن ليس لديه مشكلة في مدح من لا يكون في منطقته أو لا يخالفه. وهذا هو منشأ طمس ذكر المعاصرين غالباً؛ لكن يتمّ مدحهم كثيراً عندما يموتون، بسبب عدم وجود معارضة. لكن ما داموا أحياء لا يتمّ ذكرهم. معاوية لا يعرف الخسارة التي طالته بهذا الصلح؛ لم يكن يفهم أسلوب الإمام الحسن المستقبلي في مواجهته، لم يكن يدرك هذه الأمور.
لم يكن الزمن على نحوٍ يُوضّح جيداً ويُبيّن فعل الإمام الحسن، لهذا لم يكن يعلم ولم يعُد يعتبر الإمام الحسن معارضاً له، وبات مستعدّاً لمدحه ومدح شجاعته أيضاً.
فقد جاء في الرسالة التي كتبها معاوية إلى زياد بن أبيه في أحد المناسبات، يقول فيها أنّ هذا ابن من كان الموت يرافقه أينما ذهب؛ و«هل يلد الرّئبال إلّا نظيره»[5]؛ إذاً كان الإمام الحسن(ع) شجاعًا لا يهاب الموت، لم تكن الحياة مسألة مهمّة [بالنسبة له] لتجعله يتحمّل مثل ذلك الوضع.
[1] ساباط اسم مدينة في المدائن يقال لها «بلاس آباد» في الفارسية. سميت ساباط على اسم ساباط بن باطا أخ نخير جان. راجع: معجم البلدان، ج3، ص166-167.
[2] المراد من حادثة ساباط محاولة الاغتيال في المدائن، راجع: أنساب الأشراف، ج 3، ص 34 -35؛ إرشاد الشيخ المفيد (ره)، ج 2، ص 9 – 12؛ بحار الأنوار، ج 44، ص 45 -47.
[3] الفتنة ووقعة الجمل، ص 64 – 65؛ مروج الذهب، ج 2، ص 344 – 345.
[4] بعض الشواهد:
- في النهروان: الاستيعاب، ج 3، ص 939.
- في الجمل: مناقب آل أبي طالب(ع)، ج 4، ص 21.
- في صفين: بحار الأنوار، ج 32، ص 563.
[5] شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد، ج 16، ص 195.