مواضيع

الإمام الحسن(ع) أمام خيارين صعبين

حسناً، الإمام المجتبى(ع) القائد الروحي والأخلاقي، الذي يبني فكرًا، ويحافظ على المدرسة، والمسؤول الأوّل عن حفظ القرآن ومدرسة الإسلام؛ يقف على مفترق طريقين -وسنتكلّم عنهما لاحقاً وليس الآن- ويواجه هذه المسألة وهي بما أنّ الانتصار العسكري في الحرب ليس ممكناً الآن، ولا يوجد احتمال له في الحرب المنظمة بين الجيشين، فهل يُقدم على حربٍ سياسية وأخلاقيّة، ليحفظ المدرسة والخط الفكري المسؤول عنه أم لا؟ في هذه «الـ لا»، طبعاً يوجد الكثير من الطرق والاقتراحات الأخرى، لو كنتم أنتم [مكان الإمام]، ما هو القرار الذي تتخذونه أمام هذا الترديد إذا كنتم أشخاصًا ملتزمين أخلاقيًا وتتحملون المسؤولية؟ لم يكن النصر العسكري في هذه الحرب المنظمة ممكن، فهل نضع يداً على يد؟ هذا خيار في هذه القضية، هل نقتل أنفسنا ببطولة؟ وهذا يُعدُّ خيارًا آخر؛ أو ننسحب [كما تقول الآية] <إلاّ متحرّفاً لقتالٍ أو متحيّزاً إلى فئةٍ> لنجد طريقاً نحو النصر، وإن كان هذا الطريق لا يُعدّ نصراً أو طريقاً للنصر ظاهرياً؟

اختار الإمام الحسن(ع) الخيار الأخير، لأنّه وجد أنّ خسارته في الحرب العسكرية حتمية، ففضّل أن يوقف الحرب بشكلٍ ما حالياً، وأن يوقف العدوّ في المكان الذي وصل إليه، وأن يحفظ نفسه وزبدة المؤمنين في جبهة الحق والإيمان، ويدّخرهم ويخطّط لهجومٍ كبير في الفرصة المناسبة التي يوجدها لنفسه، وهذا القدر المسلّم أصولي وأخلاقي وقد يكون عسكرياً أيضًا. لقد اختار الإمام الحسن(ع) هذا الطريق، اختار عملاً له فائدة طويلة الأمد وبعيدة المدى؛ لهذا السبب لم يفهم غالبية الناس -حتى أصدقاءه- ماذا فعل.

لم يفهم أصدقاء الإمام الحسن المقرّبين وأجبروا على السّؤال فيما بعد وقد أظهر الإمام الحسن رأيه وأوضحه لهم من زوايا معيّنة[1]، فلم يكن المطلب واضحاً لأحد في بداية الأمر؛ لا لمعاوية الذي كان عدواً، ولا لأصدقائه والمقرّبين منه، ولا حتى للأصحاب والأنصار القريبين.


  • [1] بعض الشّواهد:
  • الف) (توضيح الإمام لسليمان بن صرد الخزاعي): الإمامة والسیاسة، ج1، ص185-187.
  • ب) (تبيين سبب الصلح لأبي سعيد): علل الشرائع، ج1، ص211.
  • ج) (خطبة الإمام الحسن(ع) للمعترضين على الصلح): بحار الأنوار، ج44، ص19.
المصدر
كتاب صلح الإمام الحسن (ع) | الإمام الخامنئي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى