مواضيع

دراسة سيرة الإمام الحسن(ع) من جانبين

قلنا أنّه يجب دراسة واقعة صلح الإمام الحسن من جانبين [مختلفين]. الجانب الأول مسألة تفسير الصلح؛ [أي] فهمه، فما هي المعاهدة التي عُقدت بين الإمام المجتبى ومعاوية والتي تتضمّن بنوداً معينة وعُرفت بمعاهدة صلح الإمام المجتبى، وماذا كانت طبيعة هذا العمل؟ هل تصالح الإمام المجتبى مع معاوية، أي استسلم له؟ هل اتّفق مع معاوية؟ أم إنّ الأمر كما قال المنصور العباسي في البداية أنّه يريد الانتقام من أولاد الإمام الحسن المجاهدين والمضحّين -وقد أورد بعض المؤرخين القدامى والعديد من المؤلفين الجدد نفس هذه العبارة- حيث قال بأنّ الإمام باع الخلافة بمال الدنيا؟[1] هل هذه هي ماهية الصلح؟ أم إنّ ماهية الصلح أمرٌ آخر؟ الإمام لم يستسلم لمعاوية؛ ولم يتنازل له عن أهدافه، ولم يدر ظهره لميدان الحرب؛ بل كان الأمر شيئاً آخر، هذه مسألة.

أما المسألة الثانية -التي سنناقشها هذه الليلة والتي تُشكّل موضوع هذا اللقاء الرئيسي والأساسي- مسألة في المرتبة التالية: ما هو دور الإمام المجتبى في هذا الجهاد المستمرّ الذي شغل الأئمة طيلة مئتين وخمسين عاماً؛ ما هو موقع الإمام المجتبى في جهاد المئتين وخمسين عاماً؟ هذه المسألة أدقّ من المسألة السابقة ومجهولة بشكلٍ أكبر للأشخاص الباحثين في تلك المسألة. لقد تكلّم كثيرون حول الصلح -والكلام كان غالباً مما يعقّد المشكلة ولا يحلّها- لكن بالنسبة للمسألة الثانية؛ أنا -على وجه الخصوص- لا أعرف أحداً شرح الموضوع بشكلٍ تفصيلي وصريحٍ سوى «طه حسين»، الكاتب العربي المصري الراحل، وسأنقل لكم عبارته المذكورة في كتاب «الفتنة الكبرى»[2]. طبعاً لم أنس أنّ موضوع البارحة لم ينته بعد، وقد انتهى الوقت عند نقطة حساسة ومهمة ولم يكن هناك مجالٌ لإكمال الموضوع فتأجّل إلى هذه الجلسة. لذا، يجب أن نتطرّق إلى الموضوعين بشكلٍ ما في هذه الجلسة. وسأسعى لإنهاء المسألة الأولى ضمن المسألة الثانية، وسأبدأ من المسألة التي كان يجب أن نبدأ بالحديث عنها في هذه الليلة، لنصل بالحديث إلى حيث تنتهي المسألة الأولى أيضاً.


  • [1] تاريخ الطبري، ج5، ص570؛ تجارب الأمم، ج3، ص399.
  • [2] الفتنة الكبرى، علي وبنوه، طه حسين، 189.
المصدر
كتاب صلح الإمام الحسن (ع) | الإمام الخامنئي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى