أمريكا، متفوّقة في كلّ شيء
من الخصائص الأخرى التي تتميّز بها أمريكا هي أنّها البلد المتفوّق في كلّ شيء! فلا مبرّر يجعلها تنضم وتكون عضواً في الاتفاقيات والمعاهدات الدوليّة مثل سائر الدول. على سبيل المثال؛ أمريكا ليست عضواً في «معاهدة الدفاع عن حقوق الأطفال». لأنّ حقوق الأطفال يتمّ تأمينها في أمريكا أفضل من أيّ بلد آخر، ويقع عدد من الأطفال الأمريكيّين بشكل يومي ضحايا للعنف الجنسي، وهذا بحدّ ذاته سبب كافٍ لأن لا تنضمّ أمريكا إلى هذه المعاهدة. أو عدم اهتمام أمريكا بمعاهدة «منع التعذيب»، سببه أنّ أحداً لا يجرؤ على تعذيب الأمريكيّين. وثانياً، في حال ارتأى الأمريكيّون لأجل ضرورة أو مصلحة معيّنة تعذيب أحد، لن يعود هناك معنى لمعاهدة منع التعذيب، فهي لن تكون قادرة على تغيير أيّ شيء![1]
ولكي تدركوا بشكل أفضل أمريكا ومكانتها في النظام الدولي، يكفي أن تقرؤوا هذه المذكرة:
«نشب نزاع كبير بين اليونان وتركيا بصفتهما أعضاء في حلف الناتو، وصعّب هذا النزاع الأمر على أمريكا في قضيّة التنسيق بين دول الناتو. في ذلك الوقت، استدعى الرئيس الأمريكي ليندن جونسون[2] سفير اليونان وأوضح له اقتراحه بشأن الحلّ لهذه القضيّة. لفت سفير اليونان انتباه جونسون بأنّ هذا الحل مرفوض من قبل البرلمان اليوناني ويتعارض مع دستور هذا البلد. غضب جونسون وقال للسفير: اسمعني أيها السفير! فليذهب برلمانكم ودستوركم إلى الجحيم! أمريكا كالفيل وأنتم أشبه بالبعوضة! إذا حاولت البعوضة إغضاب الفيل، فإنّ الفيل سيسحقها بخرطومه حتماً.»[3]
والجملة الأخيرة ننقلها عن نعوم جومسكي[4] وهي تعبّر عن أمنية أمريكا العميقة: «التحوّل إلى امبراطوريّة فريدة من نوعها، لكي تكون لديها القدرة على التفاوض بشأن أيّ قضيّة دوليّة وقول الكلمة الفصل.»[5]
[1] لماذا يكره الناس أمريكا؟، مريل وين ديويس، ص 96.
[2] Lyndon Baines Johnson (1908 – 1973)؛ رئيس الولايات المتحدة الأمريكيّة السادس و الثلاثون، حكم منذ العام 1963 حتى العام 1969.
[3] قمع الأمل، ويليام بلوم، ص 527.
[4] Avran Noam Chomsky (born 1928)؛ فيلسوف، خبير لغات ومحلل سياسي أمريكي.
[5] قمع الأمل، ويليام بلوم، ص 965.