لا يقال ذكي لي ولأمثالي
سمعتُ في «دير العدس» صوتاً مميّزا جدّاً يتكلّم. فقد كان للسيّد «إبراهيم صدرزادة»[1] صوتًا خشنًا واضحًا. لم أكن أعرفه، وعندما سمعته يتكلّم عبر اللّاسلكيّ قلتُ: «من هو هذا الشّخص الّذي جاء من طهران والتحق بلواء الفاطميّين؟»، فأجابني الشهيد «حسين بادبا»: «إنّه السيّد إبراهيم»! وعندما عُدنا من دير العدس، سألت الشهيد حسين: «من هو السّيّد إبراهيم صاحب هذا الصوت الرجولي الخشن؟» فدلّني عليه قائلاً: «هذا هو»، شابٌّ راشدٌ نحيفٌ ومخلصٌ جدّاً يروق للإنسان التّعرّف والنّظر إليه، لقد أحببته حقّاً. سألتُ: «كيف جاء إلى هنا؟». قيل لي: «عندما لم نسمح له بالمجيء، ذهب إلى مشهد وانتسب إلى لواء الفاطميّين كأفغانيٍّ ثمّ جاء إلى هنا».
يُقالُ ذكيٌّ لشخصٍ كهذا، وليس لي ولأمثالي، فالذّكيّ ليس من يسعى لتكديس الأموال وخداع النّاس. الذّكيّ والمبدع هو من يغتنم الفرص بهذه الطّريقة ويحسن الاستفادة منها. لماذا قام هو بهذا العمل؟ لأنّه ثمينٌ جدّاً. إنّ اللهُ يحبّ المجاهدَ في سبيله؛ <فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا>.
إذا أحبّ أحدٌ اللهَ فسيملأ قلبه بالحبّ والمودّة والعطف. هُناك أمثلة كثيرة كالسيد إبراهيم في أنحاء طهران، لكنّ هذا ما جعله عزيزاً جدّاً.[2]
- [1]– وُلد مصطفى صدر زادة في 10 أيلول 1986 في مدينة شوشتر بمحافظة خوزستان من عائلةٍ متديّنة. كان عمره 11 عاماً عندما انتقل مع عائلته إلى محافظة مازندران وبعد سنتين انتقلوا للسّكن في مدينة شهريار بمحافظة طهران. درس في شبابه العلوم الدّينيّة في الحوزة العلميّة، ثمّ أصبح طالب أديان وعرفان في الجامعة. كان في الوقت نفسه منشغلاً باستقطاب الشّباب من المناطق المحيطة بشهريار وإقامة دروسٍ ورحلاتٍ ثقافيّةٍ وعسكريّةٍ وجلسات محاضراتٍ لهم.
- تطوّع مصطفى صدرزادة في عام 2013 تحت اسمٍ جهاديٍ «السّيّد إبراهيم» للذّهاب إلى سوريا من أجل الدّفاع عن الدين ومقام السيّدة زينب(عليها السلام)، وبسبب شجاعته في محاربة أعداء الدين، أصبح قائد كتيبة عمّار ونائب قائد لواء الفاطميين. أخيراً وبعد إصابته عدّة مرات خلال المواجهات مع داعش، استشهد ظهر يوم التاسع من محرم الموافق لــ23 تشرين الأول 2015 عند أطراف حلب بسوريا، ودُفن في مقبرة شهداء جنّة الرّضوان في مدينة شهريار.
- [2]– خطاب الحاج قاسم في جمعٍ من مدافعي الحرم في سوريا.