الوحدة الإسلامية طريق لمقابلة النفوذ
على جميع المسلمين اليوم من أقصى أنحاء العالم إلى أقصاها أن يفكروا بالأمة الإسلامية وبالوحدة الإسلامية. إذا فكرنا بالأمة الإسلامية فسوف تتأمّن مصالح بلداننا أيضاً. مصلحة العدو هي أن يفصلنا بعضنا عن بعض، وأن يهاجم بلداً ويكسب الحلفاء له من بلد آخر، مصلحة العدو تكمن في هذا ويجب علينا أن لا نسمح بذلك. من هو العدو؟ العدو هو الرأسمالية الأمريكية والاستكبار العالمي الذي تقف على رأسه اليوم أمريكا والصهاينة والحكومة الصهيونية في فلسطين المحتلة جزء من تلك المجموعة الخطيرة وذلك السرطان الفتاك الذي أوجده الصهاينة في العالم. يجب الوقوف بوجه هؤلاء وينبغي في مجابهتهم العودة إلى الإسلام وإلى نصوص القرآن الكریم.
أحياناً يرى الإنسان أشياء ويسمع أقوالاً ويقرأ كتابات لم تكتب في ضوء الآيات القرآنية. القرآن الكريم يقول: ﴿قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ و… وَمَا أُوتِيَ مُوسَىٰ وعِيسَىٰ وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ>[1]. بعد أن يذكر كل تلك الشرائع السابقة التي من واجب المسلمين الإيمان بها، يقول: <فَإن ءامَنوا بِمِثلِ مآ ءامَنتُم به فَقَدِ اهتَدَوا>[2]. الإسلام لا يوافق التعددية. الذين يروّجون لفكرة أن الإسلام يوافق التعددية لأنه يثني على النبي موسى والنبي عيسى، فليراجعوا القرآن وليلاحظوا النصوص الإسلامية، ولا يذكروا شيئاً عن عدم اطلاع وعن غفلة. هذا هو الإسلام: <فَإن ءامَنوا بِمِثلِ مآ ءامَنتُم به فَقَدِ اهتَدَوا وإن تَوَلَّوا فَإنَّما هُم في شِقاقٍ فَسَيكفيكهُمُ الله>[3]. هذا هو معنى القرآن الكريم. ثم إنه بين المسلمين <حَريصٌ عَلَيكم>. يقول حول الرسول الأكرم (ص): <حَريصٌ عَلَيكم بِالمُؤمِنينَ رَءوفٌ رَحيم>[4]. إنه رؤوف بالمؤمنين لكن <أَشِدّاءُ على الكفّارِ رُحَمآءُ بَينَهُم>[5]. كونوا أشداء مقابل الأعداء ومن هو عدوكم. لا تكونوا مقابل العدو كالساتر الرخو المرن فيستطيع التغلغل فيكم من أين ما شاء، بل كونوا أشداء صلدين ثابتين، ولكن «رُحَمآءُ بَينَهُم»، كونوا في ما بينكم رحماء، ولتكن قلوبكم نقية بعضكم تجاه بعض وعطوفين بعضكم على بعض، بحيث لا تستطيع الأسماء فصلكم عن بعضكم، ولا تستطيع الحدود الجغرافية تفريقكم بعضكم عن بعض، ولا تستطيع الحدود الجغرافية وضع الشعوب بعضها في وجه بعض. هذا من دروس ذلك الرسول (ص). من المناسب في هذا اليوم – وهو يوم ولادة النبي الأكرم (ص) – أن نستلهم الدروس، فمجرد تكريم الرسول (ص) ومدحه والثناء عليه ليس العمل الذي يتوقع منا، يجب أن نستلهم الدروس وأن نريد تحقيق ما بعث النبي (ص) من أجله، وذكرتُ أن أولوية العالم الإسلامي اليوم هي الاتحاد.[6]
ليكن الإخوة والأخوات من القوميات والمذاهب المتعددة في داخل البلاد يداً واحدة – كما كان الحال لحد الآن والحمد لله – ولا يسمحوا للعدو بالتغلغل إلى العالم الإسلامي، وعلى مستوى واسع ليعلم الإخوة السنة والشيعة إلى جوار بعضهم أن هناك عدواً يهدد أساس وجود الإسلام.[7]
علينا أن نهتم بالوحدة من أجل تقدّم الإسلام وبناء البلاد أكثر من أي وقت مضى، واحترسوا دائماً من نفوذ العدو، وأن لا ترفع للاختلاف راية، وكلما لاحظتم ذلك فهذا يعني وجود نفوذ للعدو.
فهناك من المفسدين ممن لا يدركون ما يعملون <قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا«103»الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا>. وللأسف فهناك أفراد يفسدون في المجتمع من حيث يعلمون أو لا يعلمون، ومن هنا يتوجب عليكم أن تتبرّأوا من كل حديث تشم منه رائحة التفرقة واليأس والإحباط، والله سبحانه معكم وهو نعم المولى ونعم النصير.[8]
- [1]. البقرة: 136
- [2]. البقرة: 137
- [3]. نفس المصدر
- [4]. التوبة: 128
- [5]. الفتح: 29
- [6]. بيانات سماحته أمام مسؤولين النظام والمشاركين في مؤتمر الوحدة الإسلامية بتاريخ 9-1-2015م
- [7]. بيانات سماحته في ذكرى رحيل الإمام الخميني؟ق بتاريخ 4-6-2015م
- [8]. بيانات سماحته حين بيعة أئمة الجمعة وأهالي كردستان معه بتاريخ 4-7-1989م