تجميل وجه أمريكا
من الأعمال التي قام بها الأمريكيون في السنوات الأخيرة حضّهم بعض الأفراد على تجميل وجه أمريكا وتزويقه، وأن يتظاهروا بأنه إذا كان الأمريكان في يوم من الأيام أعداء، فإنهم لم يعودوا يمارسون العداء الآن، هذا هو الهدف. الهدف أن يبقى وجه العدو خافياً عن شعب إيران ليغفل عن عدائه، ويستطيع هو ممارسة عدائه والطعن بالخنجر في الظهر، هذا هو الهدف. البعض طبعاً يقومون بهذه الممارسة بطريقة مغرضة، وهناك آخرون يقومون بها عن سذاجة. واقع الأمر هو أن أهداف أمريكا تجاه الجمهورية الإسلامية لم تتغير أبداً، لم تتغير على الإطلاق. اليوم أيضاً إذا استطاعوا تدمير الجمهورية الإسلامية لما ترددوا حتى للحظة واحدة، لكنهم لا يستطيعون، ولن يستطيعوا في المستقبل أيضاً إن شاء الله بهممكم أيها الشباب وبتقدمكم وباتساع وتعمق بصيرة الشعب الإيراني. وهم يبكون أيضاً! في هذه المفاوضات النووية شوهد أحد المأمورين الأمريكان يقول إنني كنتُ معارضاً للحرب منذ شبابي، وراح يبكي[1].
قد يقول البعض عن سذاجة: عجباً، حقاً إنهم أناس طيبون، ويستبشرون بتغير طباع الذئب! لكن نفس هذا الشخص الذي يكره الحرب إلى هذه الدرجة، والذي يغلبه البكاء لذكر الحرب فيذرف الدموع أمام الكاميرات، هو من أولئك الناس الذين عندما يتقطع مئات الأطفال في غزة أوصالاً أوصالاً، ولا يرحم الصهاينة النساء والأطفال والكبار والشيوخ والشباب، بل يعاملونهم بمنتهى القسوة والفضاعة، تراهم لا يبالون أبداً وحتى لا يعبسون! إذا كنتم تكرهون الحرب لهذه الدرجة قولوا كلمة واحدة لذاك الطرف السفاح الخبيث الذي يذبح الناس والأطفال هكذا، وقطبوا في وجهه، لا يقطبون في وجهه حتى، بل يشجعونه! في الوقت الذي كان الصهاينة يشنون هجماتهم تلك على غزة، وراحوا اليوم أيضاً يقتلون الناس في الضفة الغربية وغزة بشكل آخر، صرح الأمريكان -مسؤولوهم الكبار- بأنّ من حق إسرائيل الدفاع عن نفسها. أي إن الشعب الفلسطيني ليس من حقه الدفاع، يدمرون مزارعهم ويقتلون شبابهم ويحرقون بيوتهم ويحرقون طفلاً له من العمر عدة شهور، ويحرقون أباه وأمه بالنار، ولا يحق للشعب الفلسطيني أن يردّ أيّ ردّ. واليوم أيضاً يشجعون الكيان الصهيوني ويساعدونه ويدعمونه. منذ شهور والشعب اليمن تتدمر مستشفياته وبيوته وبناه التحتية الحيوية تحت القصف، ويقتل البشر منه بالجملة بواسطة الطائرات المعتدية، لكن الأمريكان لا يقولون حتى كلمة واحدة، ولا يعبسون، بل يدعمون! هذه هي أمريكا، فهل يمكن والحال هذه أن يعدّ البكاء أمام الكاميرات عملاً صادقاً؟ هل يصدّق أحد هذا الشيء؟[2]