ولادة الإمام الحسين
كان الزواج المقدس بين مولانا أمير المؤمنين (ع) والسيدة الزهراء (ع) ضمن التخطيط الإلهي والتدبير الرباني في المسيرة التكوينية لهذا الوجود، فكلما جاء أحدهم لخطبة فاطمة كان رسول الله (ص) يرده قائلاً (ص): «إن أمر فاطمة بيد الله» فهي معقودة لعلي في عالم الملكوت حتى نزل جبرائيل على رسول الله (ص) وقال له: «زوِّج النور بالنور»[1]، فماذا سينتج إذا التقى النورين سوى النور؟!
ففي السنة الأولى من الهجرة النبوية الشريفة في أجواء البيت النبوي المشبّع بعبق الوحي ومهبط الملائكة تزوّج عليٌّ من فاطمة، فكانت الثمرة الأولى لزواجهما ولادة الابن البكر مولانا الحسن المجتبى (ع) في 15 رمضان من سنة 2 هـ. ولم تنقضِ سنة وفي السنة 3 هـ وفي شهر شعبان، وفي اليوم الثالث منه يولد نور شمس الحسين فتكتمل عدة أنوار الخمسة المطهرين هم فاطمة وأبوها وبعلها وبنوها. كان حدثًا استثنائيًا ولادة الحسنين، ليس ذلك على المستوى الشخصي للنبي (ص) أو لعليٍّ وفاطمة (ع)، وإنما استثنائيًا للوجود كله. إن بزوغ تلك الأنوار يعني امتداد النبوة والرسالة ممتدة في تلك الأشباح الطاهرة التي أذهب الله عنها الرجس وطهرها تطهيرًا وستبقى حتى يرث الله الأرض ومن عليها.
لكن هناك إشارة استثنائية رافقت ولادة الإمام الحسين (ع) كان لها رمزية خاصة، فعندما يولد الطفل تجد أهل بيته في أجواء من السعادة والفرح تغمرهم وهكذا كان الحسين في ولادته إلا أنه عندما استلمه رسول الله (ص) احتضنه وبكى أولاً! وقال رسول الله (ص) لفاطمة ما سيجري على الحسين وكيفية استشهاده، فكان أول مأتم يُنصب للحسين قبل شهادته، ويستوحى منها أن هناك ضرورة لبث الظلامة وإعلان أهميتها واستمراريتها، فهذا الرسول (ص) يندب الحسين قبل الحادثة فما هو الأمر بعد وقوعها، إنه يتطلب ثورة شاملة تعيد هوية هذه الأمة التي حاول البعض تحريفها، فكانت الانطلاقة من رسول الله (ص)، والحسين يمثل الاستمرارية، وهذا ما سنراه عند استعراض منطلقات وأهداف الثورة الحسينية، لذلك قيل: «الإسلام محمدي الوجود، حسيني البقاء».
[1]– بحار الأنوار، العلامة المجلسي، جزء 43، صفحة 109