الحماسة والإحساس الثوري المتزامن مع العقلانية
في الجمهوريّة الإسلاميّة لدينا أهدافٌ وقيمٌ خاصّةٌ بنا، فتشكيل هذا النّظام واستمرار هذا النّظام وضوابط هذا النّظام استندت على أهدافٍ معيّنة …
هذه الأهداف واضحة: تديّن النّاس هو أحد الأهداف، يُعتبر الارتباط القويّ بين النّاس والنّظام والمبادئ الرّئيسية للنّظام أحد الأهداف، وأحد هذه الأهداف هو الحفاظ على الرّوح الثّوريّة والشّغف لدى النّاس وعدم السّماح لهم باليأس وقتل الأمل. إنّ الحفاظ على ارتباط النّاس وثقتهم بالحكومة الّتي في السّلطة؛ أيّ حكومةٍ في السّلطة ومقبولة من الشّعب والبرلمان والقيادة، هو أحد الأهداف أيضاً[1].
إنّ اتّساق الدّولة والنّظام الإسلاميّ وهذا الاستقلال المتأخّر هو أنّكم أنتم الشعب وأنتم والشّباب تحافظون على نفس العاطفة والشّعور الثّوريّ الّذي كان موجوداً أثناء الحرب وفي بداية الثّورة بنفس القوّة. يجب أن تحافظوا على نفس الحماسة الدّينيّة، نفس الدّافع ونفس الشّعور بوجود العدوّ على الجبهة المقابلة، كما وبحمد الله، نجح الشّباب في ذلك[2].
لزوم تجنب الإفراط والتفريط
لا يكن ثمة إفراط أو تفريط؛ دققوا في أن الإفراط يضرّ بمقدار ما يضرّ التفريط. عدم العمل وضعف النشاط يضرّ يقيناً لكن العمل المفرط يضرّ بمقدار ما يضرّ عدم النشاط، كونوا دقيقين حذرين. ينبغي عدم خفض الحماس الثوري حتى بدرجة قليلة، ويجب ارتقاء المحفزات الثورية في قلوبنا أنا وأنتم باضطراد. هذه الجبال الهائلة من المشكلات التي تعتور سبيل المستضعفين في العالم لا يمكن رفعها إلا بقدرة العزيمة والإرادة الفولاذية والإيمانية. ليس الهدف مجرد ترتيب أمور البلد، فالعالم الإسلامي بل المجتمع الإنساني بحاجة إلى مساعدة الإسلام والأمة الإسلامية.
ثمة الكثير من المشكلات في الطريق، ولا بد من العزم والإرادة، ولا مندوحة من النظر للآفاق البعيدة. يجب لهذه العزيمة والإرادة أن تبقى، وينبغي لهذا الحماس الثوري أن يتصاعد يوماً بعد يوم. التوسل إلى الله والتوجه إليه، والتمسك بالأولياء الإلهيين، وطريق العبادة، وطريق الخشوع، وطريق التفكر، يجب أن يكون مفتوحاً لنا جميعاً ويتوجب أن نقوي أنفسنا عن هذا الطريق. يجب لهذا الحماس الثوري أن يبقى، ولكن دققوا في أن تستخدموا هذا الحماس والهيجان الثوري القيّم في مكانه، ولا تستخدموه في غير محله. هذا شيء بحاجة إلى التأمل والتفكر والوعي والبصيرة[3].
إن كلامي هذا الذي قلته اليوم؛ حيث عاتبتُ بعض المسؤولين ورؤساء البلاد، يجب ألا يؤدّي إلى خروج عدد من الأفراد ليرفعوا الشعارات ضد هذا وذاك، لا؛ إنني أعارض هذه الممارسات أيضاً. أن تعتبروا شخصاً ضد الولاية وبلا بصيرة وضد كيت وكيت، ثم يخرج عدد من الأفراد ليرفعوا الشعارات ضده ويمارسوا الإخلال في المجالس، فأنا أعارض هذه الأعمال، وأقولها بصراحة؛ إنني أعارض أمثال الأعمال التي حدثت في مدينة قم، وأعارض أمثال الأعمال التي وقعت في مرقد الإمام الخميني، وقد ذكرت ذلك مراراً للمسؤولين والذين يستطيعون الحؤول دون هذه الممارسات. الذين يفعلون هذه الأشياء إذا كانوا حقاً متدينين وثوريين، فيجب أن يقلعوا عنها، فهم يرون أن تشخيصنا هو أن هذه الأعمال في ضرر البلاد، ولا فائدة منها. أن ينطلقوا من منطلق المشاعر هنا وهناك، ويرفعوا الشعارات ضد هذا وذاك، فإن هذه الشعارات لا تجدي نفعاً. احفظوا هذا الغضب وهذه المشاعر للمواطن اللازمة. في فترة الدفاع المقدس لو أراد التعبويون أن يخرجوا هكذا حسب رغباتهم ويهجموا على هذا المكان أو ذاك، لنزلت بالبلاد الويلات. لا بدّ من النظام، ولا بدّ من الانضباط، ولا بدّ من مراعاة الاعتبارات، وإذا كانوا ممن لا يأبهون لهذا الكلام فإن لهم شأناً آخر، لكن الذين يهتمون لهذا الكلام ويلتزمون بعدم فعل شيء بخلاف المعايير الشرعية، يجب أن يدققوا ولا يفعلوا أشياء من هذا القبيل[4].