تكريم قدامى المحاربين المضحين وعوائلهم
إنّ مسألة الشهادة والتضحية لا يعتريها القِدم؛ بل هي أداة الحركة في المجتمع، إلاّ أنّ البعض يغفل عن هذه الحقيقة، وإنّ ما ترونه من النظرة السلبية تجاه الشهادة والإيثار لدى البعض ناشئ عن غفلتهم، فإنهم لا يدركون ما لصيانة حرمة الشهداء والمضحين من التأثير على واقع المجتمع والأمة والبلاد[1].
أهمية تكريم الشهداء
تكريم الشّهداء هو تكريمٌ للتّضحية والإخلاص، وتقديرٌ للقلوب النّورانيّة والأرواح المملوءة بالطّهارة والصّفاء[2].
إنّني أرى بأمّ عيني مستقبلًا مشرقاً لهذه الأمّة وهذا الوطن وأيضاً لجميع مسلمي العالم، وهذا بفضل تضحيات شهدائكم؛ نحن نعتزّ بدماء هؤلاء الأحبّة. على عوائل الشّهداء أن يحافظوا على كرامة وشرف الشّهداء، وعلى سائر النّاس أن يعرفوا قيمة ذوي الشّهداء وأن يحترموهم، وعلى مسؤولي البلاد اعتبار أنفسهم مدينين للشّهداء الأعزّاء وعائلاتهم[3].
أقول لكم، أيّها الآباء والأمّهات والزّوجات، إنّ أحباءكم الّذين ذهبوا إلى ساحات القتال، واندفعوا إلى ميادين الخطر، وأنتم شجّعتموهم بالصّبر والفخر، إذا كان شهداؤنا في الطّليعة، فأنتم خلفهم مباشرةً في الأجر والثّواب؛ التّاريخ لن ينسى هذا. الأمّ الّتي ترى ابنها يتهيّأ للسّير في سبيل الله فلا توقفه؛ بل تثني عليه، فإنّ درجة هذه الأمّ هي نفس درجة الشّهيد ورتبة هذا الأب هي رتبة الشّهيد ذاتها. أنتم تعرفون أبناء الشّهداء والأيتام وإخوة وأخوات الشّهداء، ما دام اسم الشّهيد مُقدّراً في هذا البلد؛ ما دام أبناء الوطن يحترمون شهداءنا في هذا البلد، فلن تُهزم هذه الأمّة مقابل أيّ قوّةٍ في العالم. البعض يريد الإيحاء بأنّ قيمة عوائل الشّهداء كانت مرتبطةً بفترة الحرب! يريد البعض أن يعتقد أنّ الشّهيد إنسان مثل غيره من النّاس! والبعض يتجاهل راية التّضحية والفداء في بلادنا! هؤلاء هم أعداء الأمّة؛ سواء علموا أم لم يعلموا. هؤلاء هم المتحدّثون باسم العدوّ؛ سواء فهموا ذلك أم لم يفهموا. يجب أن يبقى علم التّضحية عالياً. جرحانا هم من الفدائيّين أيضاً، كذلك أسرانا هم أيضاً من المضحّين. إنّ الشّباب الّذين ذهبوا إلى ساحات القتال وضحّوا وعادوا سالمين بحمد الله هم ذخيرة هذه الأمة؛ هذه الذّخائر قيّمة جدّاً[4].