مواضيع

الاستعداد التام للخوض في الميدان والعمل في الوقت المناسب

ما ينبغي أن يكون معياراً لنا جميعاً ولكل التعبويين الأعزاء ولكل الشباب العاملين في أية رقعة من هذه الساحة الكبيرة هو العناصر الثلاثة: البصيرة، والإخلاص، والعمل في الوقت المناسب وبالمقدار المناسب. اربطوا دوماً بين هذه العناصر الثلاثة وخذوها بنظر الاعتبار، يجب أن تكون هذه العناصر الثلاثة معياراً ومؤشراً بالنسبة لنا: البصيرة والإخلاص والعمل في الوقت المناسب وبالمقدار المناسب… العمل في الوقت المناسب وبالمقدار المناسب. ينبغي معرفة اللحظات، إذا لم يعرف المرء الوقت ولم يدر أي شيء يقوم به في أي وقت فقد تصدر عنه أخطاء كبيرة. وشبابنا التعبوي – سواء البنين أو البنات – يعملون في مجالات شتى.. المجالات الفكرية والعلمية والسياسية والاجتماعية.. كل هذه الأعمال إذا كانت لله ومن أجل أداء‌ الواجب كانت جهاداً في سبيل الله. التعبوي هو الذي يقوم بهذه الأعمال، وينبغي في جميعها الحفاظ على ذلك الخط الواضح المشرق الصحيح؛ أي خط الثورة وخط النظام وخط إحياء الدين. لو أردنا تأمين هذه العناصر الثلاثة فعلينا مجاهدة أنفسنا، وهذا هو الجهاد الأكبر، جهاد النفس مسعى نحتاجه كلنا اليوم[1].

كنتُ على الدوام أكرر هذه الجملة على الأصدقاء، وأقولها لكم الآن وهي: أنّ كل إنسان يجب أن يسعى، ويعرف متطلّبات اللحظة، ويقضيها، فإذا لم يعرف متطلّبات تلك اللحظة التاريخية ولم يقضها في وقتها، ثم أدرك حقيقة الأمر في الغد، تكون الفرصة عندئذ قد فاتت، ومثلها في ذلك كمثل خط الإنتاج الذي يسير بحركة رتيبة ويحتل كل مهندس وفني وعامل ومتخصص مكانه أمام ذلك الخط، وحينما تمرّ الأداة أمامهم ولا يؤدي أحدهم العمل المطلوب منه، تكون الفرصة قد فاتت.

أمّا بالنسبة إلى الأداة الأخرى فهو أمر آخر، وهكذا الحال أيضاً بالنسبة لتاريخ وزمان ومتطلبات المجتمع.

وهذه مهمة يتسنّى للشاب وخاصّة طالب الجامعة النهوض بها؛ فهو قادر على فهمها وإنجازها بسبب ما يتوفّر فيه من طاقة وفاعلية؛ ولأنه يتمتّع بعين بصيرة وذهنية متفتّحة؛ ولأن المستقبل مستقبله، وهو يعمل لمستقبله ولذاته[2].

حینما نعمل بالواجب سوف تعالج الأمور وتأخذ طریقها إلی الحلّ، ووعي الناس ویقظتهم لهما دور في هذه القضیة. لاحظوا أنه خرج في طهران عدد من الأفراد باسم تجار السوق وأوجدوا بعض الاضطرابات، فأصدر تجار السوق المحترمون علی الفور بیاناً أعلنوا فيه أن أولئك یكذبون، وهم لیسوا منا، هذا عمل صحیح. إذا أبدت شرائح الشعب المختلفة الوعي في الوقت المناسب وشخّصت اللحظة ومقتضیاتها فهذا شيء له قیمة كبیرة، وقد كان هذا الذي عملوه شیئاً له قیمته.

… هذا الوعي والیقظة ومعرفة طبیعة اللحظة وما تقتضیه، میزة بارزة ومهمة ینبغي للشعب الاهتمام بها في كل الأحوال والأحیان، حین يشعر بالعدو ومؤامراته ینبغي إبداء ردود الأفعال في اللحظة[3].

نحن عادة نرى ونشاهد جوانب ضيّقة من قضية الشهادة والشهداء ومن تضحيات المضحين والمعاقين؛ في حين أنّ عملية وحركة التضحية في المجتمع التي تنتهي إلى الشهادة أو إلى الإصابة والإعاقة، ذات معانٍ واسعة، وذات جوانب مختلفة، وكلّ واحد منها خليق بالبحث والنظر. وأحد هذه الجوانب هو اغتنام الفرصة والاستجابة لمتطلبات اللحظة. قد يكون هناك شعور بالمسؤولية لدى آخرين، إلا أنّهم في لحظة الحاجة لا يشخّصون هذه المسؤولية ولا يعملون بها، وهذا يختلف اختلافاً شاسعاً عن ذلك الموقف والفعل الذي يأتي في لحظة الحاجة إليه تماماً. إنّ الشبان الشجعان الغيارى المؤمنين المضحّين الذين استشعروا حاجة البلد وداهموا

الخطر وبادروا إلى مواجهة الخطر، هؤلاء يتميّزون بصفة بارزة هي أنّهم أدركوا الحاجة في الوقت المناسب واستجابوا لها، وهذا جانب في غاية الأهمية ويمثّل بالنسبة إلينا درساً يُعتدّ به.

بالأمس أشرت إلى أن شباب كرمانشاه شعروا بعد شهر من انتصار الثورة أن الحاجة تستدعي منهم التوجّه إلى حيث ينبغي أن يكونوا، فتوجّه الشهيد سيّد محمّد سعيد جعفري – ذلك الشهيد المقدام السَبّاق مع ثلّة من رفاقه للدفاع عن معسكر فرقة سنندج. لقد أدركوا ما الذي يعنيه هذا الدفاع، وما الذي تعنيه سيطرة أعداء الثورة على معسكر للجيش. إنّ هذه السرعة في الإدراك، وإدراك الأُمور في الوقت المناسب، والمبادرة إلى الفعل في الوقت المناسب، والاستجابة للحاجة، هذه قضية مهمّة لا ينبغي إغفالها.

إن شهداءنا الكرام في كلّ أنحاء البلاد يتّصفون بهذه الخصائص. لقد ذكر الإخوة أسماء مدن، واستعرضوا ذكريات لمناطق المقاومة في هذه المحافظة، ومن المعروف طبعاً أن من استشهدوا هنا كانوا قد قدموا من كل أنحاء البلاد؛ شهداء معروفون وبارزون كانوا قد وفدوا من مناطق أُخرى وتضرجوا بدمائهم على هذه الأرض، غير أن دور أهالي هذه المحافظة، والشُبان المؤمنين، ودور ذلك الشعور العظيم والثمين والنادر الذي كان لدى هؤلاء الشباب وهو وعيهم، وإدراكهم للظروف، واغتنامهم للفرصة ينبغي ألا يُغفل عنه، وهذا هو ما نحتاج إليه على الدوام.

إن الدول والشعوب غالباً ما تتلقى الضربات الموجعة من عدم تقديرها للظروف وعدم اغتنامها للفرص، فحين ينصب لنا العدو كميناً، ولكنّنا لا نعلم أنّه قد كمن لنا، أو إذا علمنا ذلك ولا نعالج الموقف بسرعة ولا في الوقت المناسب، عند ذلك نكون قد تلقينا الضربة[4].

مثلما قلت بشأن الشهيد شمران الذي كان يتابع الأعمال حتى الساعة الواحدة بعد منتصف الليل وعند الصباح الباكر المعتم أو المسفر كان يتواجد قبل الجميع في الجبهة وفي كل مكان يلزم، فعلينا أن نتمرن على التواجد الدائم وفي الزمان والمكان المطلوبين، علينا جميعاً أن نتدرب على هذا الأمر[5].


  • [1].  بيانات سماحته أمام الآلاف من قوات التعبئة التابعة لمنطقة قم بتاريخ 24-10-2010م
  • [2].  بيانات سماحته مع أعضاء جماعة صنعت شريف بتاريخ 22-11-1999م
  • [3].  بيانات سماحته أمام أهالي منطقة بجنورد بتاريخ 10-10-2012م
  • [4].  بيانات سماحته أمام عوائل شهداء ومجروحي منطقة كرمانشاه بتاريخ 13-10-2011م
  • [5].  بيانات سماحته أمام قوات تعبئة الهيئات العلمية الجامعية بتاريخ 23-6-2010م
المصدر
كتاب الثوري الأمثل في فكر الإمام الخامنئي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
تواصل معنا
سلام عليكم ورحمة الله
كيف يمكننا مساعدتك؟