مواضيع

الحضور الدائم في الميدان

أيّها الشعب الإيراني! يا من أججتم في العصر الحاضر أكبر ملحمة في التاريخ المعاصر! اعلموا أنّ أمنية أمريكا هذهِ لن يكتب لها التحقق في صورة واحدة، وفي صورة أخرى ستتحقق بشكل كامل.

ففي صورة لا يكتب لها التحقق فيما إذا تواجد أفراد الشعب والجماهير الشعبية وكل الفئات كما كانوا عليه طيلة هذهِ السنوات السبعة عشرة في الساحة واعتبروا الثورة ملكاً لهم، وأنّ المسؤولين منهم، وأن يكونوا حساسين جداً بالنسبة إلى مسائل البلد والثورة.

فإذا استمر تواجدهم في الساحة من الآن فصاعداً، واعتبروا الثورة ملكاً لهم وهي كذلك، وأنّ المسؤولين منهم وفيهم وهم كذلك، وأن يهتموا بمسائل الثورة فلا يقفوا وقفة اللامبالاة، فإن حصل ذلك وقد كان حاصلاً بحمد اللّه إلى هذا اليوم عندها سوف لا تتمكن أمريكا بل وحتى عشر قوى مثلها من أن تُنقص شعرة واحدة من جسد هذهِ الثورة.

ولهذا السبب لم يتمكن العدو إلى الآن من ارتكاب أية حماقة، فقد تواجد الناس في الحرب والمسيرات والانتخابات العامة، وقد لبّوا كل أمر عرض لهذهِ الدولة والنظام والمسؤولين فتم حلّه.

فعندما احتيج إلى دعم مادي أوجد الناس ركاماً كالجبل من المساعدات المادية، ولما طالبوا بتمويل الحرب نزعت النسوة أقراطهن وألقينها أمام المسؤولين، وعندما أرادوا دماءً لجرحى الحرب، مدَّ مختلف الشباب أيديهم قائلين: إليكم دماءنا، وأرادوا رجالاً فترك الشباب دروسهم ومدارسهم ومحال كسبهم وعملهم وزراعتهم وتركوا آباءهم وكل شيء إذ فقد الآباء أبناءهم في الجبهات أيضاً فذهبوا ولم يلتفتوا إلى الوراء، فكانت هذهِ النتيجة!.

لا تتصوروا بأنّ أمريكا ضعيفة من الناحية المادية، فهي قوية من هذه الناحية وتملك كل شيء، إلاّ أن ما تملكه لا يفلح مع ما تملكه الثورة، فتلك الأشياء إنّما تهدد نظاماً جاءت به مؤامرة، أو نظاماً غير مشدود إلى جماهيره الشعبية.

إنّ لنظام الجمهورية الإسلامية شيئاً لا تؤثر فيه القنابل والهجوم الخارجي وما شاكل ذلك؛ بل إنّ هذا سيقويه وذلك الشيء هو الشعب.

فما دام الشعب مع النظام الإسلامي يهب إلى النوافذ ليفهم ما الخبر عندما يسمع ضجيجاً، وإن شعر بوجود الحاجة إليه أبدى استعداده للتواجد، وما دام في الشباب حمية تجاه مسائل الثورة، وما دامت السياسة جزءاً من حياة الناس، وكانت الجامعة سياسية وكذلك السوق وعلماء الدين وللجميع تدخل في المسائل السياسية ويدلون برأيهم ويحللون الأمور، فإن أمريكا وغيرها والقنابل الذرية والمعدات والتكنولوجيا والدولارات وغيرها لا يمكنها أن تفعل شيئاً.

هذا هو الشق الأوّل للقضية.

إلاّ أنّ هذا النظام إذا افتقد الناس ولم يبالِ الناس به وضعف إيمانهم وانصرفوا إلى حياتهم الخاصة وأخذ الواحد منهم يقول: لقد خدمنا الثورة بما فيه الكفاية فلنذهب إلى أعمالنا الخاصة، فما دام التاجر منصرفاً إلى تجارته والكاسب إلى كسبه والفلاح إلى زراعته والجامعي وطالب العلوم الدينية إلى درسه، والآخر يولي أمر التبليغ أهمية أكثر من مسائل الدولة ستغدو الثورة عرضة للخطر! فإننا لم نهبط من السماء، ولا نمتاز ذاتاً عن بقية الشعوب الأخرى والأمم والمتقدمين علينا، وإنّما امتياز هذهِ الأمة كان بتمسكها بطريق اللّه وبسبب إيمانها وتواجدها وقد كان للّه، وإنّ «مَن كانَ لِله، اللهُ كانَ لَه» و<وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ>[1]، فإن لم ننصر اللّه فستنعكس الآية وتصبح الأمور بشكل آخر وسيتسلّط العدو[2].


  • [1].  الحج: 40.
  • [2].  خطبة الجمعة بتاريخ 9-2-1996م
المصدر
كتاب الثوري الأمثل في فكر الإمام الخامنئي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
تواصل معنا
سلام عليكم ورحمة الله
كيف يمكننا مساعدتك؟