حفظ العلاقة مع المسجد، قوات التعبئة،والعلماء الثوريين
يكون «البسيج» – قوات التعبئة – منتصراً فقط حين يبقى يحمل «القرآن» في يدٍ و«السّلاح» في اليد الأخرى. سرّ انتصار المسلمين وخوف أعداء المسلمين وخصومهم يكمن في رفع راية القرآن. يجب أن يكون البسيج مطيعاً للمسجد، داعماً للمسجد، عاملاً بالقرآن وحافظاً له. أسأل الله تعالى التّوفيق، أيّها الأعزّاء، في خدمة الإسلام والمسلمين.
المسجد هو انطلاقة الآثار الكبيرة في الإسلام
كان المسجد، ليس في عصرنا فقط، وليس في بلادنا الإسلاميّة العزيزة فقط، ولكن أيضاً في أجزاء مختلفة من العالم وعبر التّاريخ، منطلقاً للأعمال والنّهضات والحركات الإسلاميّة العظيمة؛ على سبيل المثال بدأت انتفاضة شعوب دول شمال أفريقيا المسلمين – مثل الجزائر ودول أخرى كانت تحت السّيطرة العسكريّة للمستعمرين الفرنسيّين لسنوات – من المساجد الّتي انتصرت ونالت تلك الدّول استقلالها. كما فشلت الثّورة في هذه الدّول ومرّةً أخرى فقدت الأمم استقلالها، في ذلك اليوم الّذي قطعت فيه روابطها مع المساجد ودين المساجد وإيمانها.
في أيّام الإسلام الأولى، في زمن الرّسول الأكرم محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم، وكذلك في عهد أمير المؤمنين عليّ عليه السّلام، كان المسجد مركزًا لجميع القرارات المهمّة والأعمال العظيمة. من ناحية الزّمن، لا نريد مقارنة مسجد اليوم بمسجد الكوفة في زمن أمير المؤمنين (ع)؛ لأنّ المقتضيات تختلف من زمنٍ إلى آخر. بشكلٍ عام؛ المسجد كقاعدةٍ للدّين والعبادة والمعرفة، يمكن أن يكون مصدراً للمجتمعات الإسلاميّة وبدايةً لحركاتٍ كبيرةٍ وبركاتٍ دائمةٍ.
ومن أسباب انتصار هذه الثّورة المباركة في إيران الإسلام – أو على الأقلّ تسهيل حصول هذا الانتصار – أنّ النّاس اعتادوا على المساجد، ملأ الشّباب المساجد واستخدم العلماء الأعلام المساجد كمركزٍ للتّربية والتّدريب وتنوير الفكر والعقول، وأصبح المسجد مركزاً للحركة والوعي والنّهضة وفضح أسرار الحكّام الفاسدين والمستبدّين. كان الأمر نفسه خلال الفترة الدّستوريّة، وكذلك كان إلى حدٍّ كبيرٍ أثناء تأميم صناعة النّفط؛ حتّى وصلت هذه القضيّة إلى ذروتها خلال الثّورة[1].
المسجد مركز لنقاء الروح
على شعب إيران تقدير المساجد واعتبارها قاعدةً للمعرفة والتّنوير والثّقافة والقدرة الوطنيّة، ومن يظنّ أنّه في المسجد يصلّون عدّة ركعات ثمّ يخرجون من دون أيّ تأثير، فهو مخطئ. ليس الأمر كذلك، بادئ ذي بدء؛ إذا تمّ النّظر إلى نفس ركعات الصّلاة بعين البصيرة، فإنّ الصّلاة نفسها، والّتي هي بلغة المشرّع المقدّس صلاةٌ وأذان، خير العمل والفلاح، وهي مصدر بركاتٍ عظيمةٍ، الصّلاة تجبر الأمّة على النّهوض في سبيل الله، الصّلاة تبعد النّاس عن الفساد وتقرّب من الإخلاص والتّضحية.
بالإضافة إلى ذلك؛ فإنّ المسجد ليس فقط للصّلاة؛ في المسجد جميع أنواع العبادات، ومن هذه العبادات التّفكّر «تَفَكُّرُ ساعَةٍ خَيرٌ مِن عِبادَةِ سَنَةٍ»، أو في بعض الرّوايات: «من عبادة أربعين سنة»، أو «سبعين سنة». العبادة – طبعاً التّفكّر الصّحيح – يذهب الناس إلى المسجد، ويكتسبون هذا الفكر بالاستماع إلى كلام علماء الدّين والفقهاء.
فالمسجد مدرسةٌ، وجامعةٌ، ومركزٌ للفكر والتّفكّر، ومركزٌ لتطهير الرّوح، ومركز طهارة، ومركزٌ للإخلاص وارتباط العبد بالله، هو العلاقة بين الأرض والسّماء، إنّه مكان يربط فيه الإنسان نفسه بالمصدر الأبديّ للنّعمة والقوّة، في المسجد يربط الإنسان نفسه بالله[2].
الافتخار بالانضمام لقوات التعبئة
إذا كان عضو «البسيج» – قوات التّعبئة- يعمل في مدرسةٍ، أو جامعةٍ، أو حوزةٍ علميّةٍ، أو مصنعٍ، أو مزرعةٍ أو إدارةٍ، فعليه أن يعلم أنّه جزءٌ من جيشٍ ثوريٍّ وشعبيٍّ كبيرٍ، ويجب أن يفتخر بذلك. في أيّ جماعةٍ ينتسب أعضاؤها إلى «البسيج»، فإنّهم يتفوّقون على الآخرين في خدمة الثّورة؛ لأنّه كلّما كان الخطر يهدّد النّظام، سيكون صدر البسيج درع الثّورة، لذلك من يدخل هذا المجال هو أثمن شخصِ في المجتمع، وعليه أن يفتخر بهذا النّجاح. أنا فخورٌ أيضاً بأن أكون من البسيج. بصفتي كبسيجيٍّ، فأنا على استعدادٍ للخدمة حيثما احتاجتني الثّورة، يجب أن نفخر جميعًاً بهذه العضويّة؛ لأنّ العمل الأساسيّ للثّورة يتمّ عن طريق التّعبئة[3].
قوات التعبئة هم الناس
التّعبئة تعني الشّعب، أو غير هذا؟ أنتم تقسّمون النّاس إلى عدّة طبقات، من بين هؤلاء، هناك أشخاص معوّقون، وهم لا يكترثون لشيءٍ؛ لا يبالون، هم لا شيء، هناك أناسٌ بدون حماسٍ أو دافعٍ، هؤلاء لا شيء؛ هم أطفالٌ صغارٌ بدون حماسٍ، لذلك هم لا شيء. خلاصة القول هي أنّ التّعبئة هي لبّ البحث، وهذا يعني أنّه يجب حشد جميع القوى المؤمنة القويّة ذات الدّوافع في المجتمع الإسلاميّ؛ رجالًا ونساءً، وينتسبوا إلى التّعبئة. هل توقّعاتكم من التّعبئة أقلّ من هذا؟ إذًا؛ التّعبئة تعني صُلب الشّعب. هؤلاء النّاس الّذين يمكن للمرء أن يأمل منهم الدّفاع عن الثّورة. أين هؤلاء النّاس؟ هؤلاء الأشخاص موجودون في الإدارة والمدرسة والجامعة والحوزة والمتجر وما إلى ذلك[4].
وظيفة العالِم أكبر من توضيح المسائل
إنّ العناية الّروحيّة بالنّاس ليست مجرّد مسألة كلامٍ؛ بينما هذا هو السّائد بيننا. العالِم يحلّ العقد ويقدّم المشورة الفكريّة ويحلّ النّزاعات والخلافات، وهو كذلك الآن أيضاً، يجلس ويتحدّث ويقدّم النّصح ويتعاطف مع النّاس[5].