تجنب السقوط في التحجر أو الانفعال
عندما نقول التّحجّر، يتوجّه تفكيرنا على الفور نحو التّحجّر الدّينيّ، نعم؛ هذا نوعٌ من التّحجّر، لكن التّحجّر ليس فقط دينيّاً؛ بل الأخطر هو التّحجّر السّياسيّ. التّحجّر هو نتيجة تشكيل أحزاب وتنظيمات سياسيّةٍ لا تسمح لأحدٍ بالتّفكير على الإطلاق. إذا ذكرنا عشرة أسباب مقنعة لمسألةٍ ما، فهو يقبل، لكنّه في الواقع يظهر غير ذلك! لماذا؟ لأنّ الحزب؛ ذلك التّنظيم السّياسيّ المسيطر – مثل عرّاب المافيا – قد طلب منه أن يفعل ذلك. لسوء الحظّ؛ يرى المرء هذا في بعض الزّوايا وحتّى في البيئة الأكاديميّة. لذا؛ فإنّ المجموعة الّتي تعاني من هذا التّحجّر لا تعد مثقفة؛ لأنّ المثقّف يحتاج إلى الحقّ، الانفتاح، والاعتماد على المنطق والاستدلال[1].
الاعتدال بين التحجر وتدمير الذات
الجمهورية الإسلامية وفرت الحرية في المجتمع بالمعنى الحقيقي للكلمة، لكنّ لاستخدام الحرية آداباً، علينا تعلم وتعليم آداب استخدام الحرية، هذه أيضاً من واجبات الجمهورية الإسلامية. البعض انتهكوا حدود الفضيلة والحقيقة باسم التحرر الفكري، وتجاهلوا كل المبادئ المقدسة الحقيقية باسم التحرر الفكري والتجديد، أو أهانوها أو استهزأوا بها. والبعض تشبثوا كردة فعل أو بسبب أمور أخرى تعتمل في أذهانهم، تشبثوا بقواعد كان يجب التجديد فيها. ينبغي عدم التحجر والاكتفاء بما قيل، أي التحجر مقابل نسف الحدود، والإفراط مقابل التفريط. كما أن البعض في المناخ السياسي يرفض تماماً المساحات الفاصلة بين الفوضى والدكتاتورية، ويعتقد أنه إما أن تسود المجتمع الفوضى أو تسوده الدكتاتورية! وكأنه لا توجد حالة غير هاتين الحالتين. وكذا الحال بالنسبة للميدان الثقافي: إما أن تكون هناك فوضى وكفر وإهانة للمقدسات والقيم المسلّم بها والمبرهن عليها، أو أن تُغلق الأذهان، وما إن يُطلق أحد كلاماً جديداً حتى يلغي فيه الآخرين، فيضجون عليه ويخلقون له ضجّة! وكأنه لا يوجد أي حد وسط بين هاتين الحالتين. علينا أن نجد ذلك الحد الوسط أو (الأمر بين أمرين) والتوازن. وهذا ما يتأتّى بدوره عن طريق الحوار المؤدب، والعقلاني، والمنصف، والبرهنة، ويجب أن يحصل في الحوزة وفيما يتعلق بقضاياها من فقه، وفلسفة، وكلام، وعلوم أخرى تدرس في الحوزة، وكذلك في الجامعة[2].
أولئك الّذين يهتمّون بالقيم ويتجاهلون التّغيير والتّقدّم مهدّدون بخطر التّحجّر، ويجب أن يكونوا حذرين. أولئك الّذين ينتبهون للتّغيير ولا يضعون القيم في المقام الأوّل، معرّضون لخطر الانحراف، ويجب أن يكونوا حذرين أيضاً. كلا الجانبين يجب أن يكون حذراً؛ خشية أن تعاني المجموعة الأولى من الرّكود والتّحجّر، ولئلّا تنحرف المجموعة الثّانية وتؤسّس للعدوّ والمعارضين لهذه القيم. إذا اهتمّت كلتا المجموعتين بهذا، فيمكن للمجتمع أن يكون مجتمعاً حقيقيّاً بنفس الوحدة المطلوبة والضّرورية، ويقود حياته نحو التّطوّر والرّفعة اللذين أرادهما الإسلام له.[3]
لقد نال الشعب الإيراني عزّته ورفعته من خلال ثباته وثقته بنفسه، وليعلم كل العالم أنّ هذا الشعب سائر على طريق الكمال والرفاه والعلم والمعرفة والتكامل الثقافي، وفي اتجاه كل ما هو طيّب وجميل، ولن يرضخ حتى يوماً واحداً ولا ساعة واحدة لضغوط الأعداء.
الطريق الوسط بين التحجر والانفعال هو الطريق الذي انتهجه الإمام، وهذا هو الدرس الكبير الذي استطاع به الإمام إنجاح الثورة، ولازال هذا الخط بحمد اللّه هو الخط السائد والمعتبر في هذا البلد، ويسير عليه المسؤولون والأكابر والفضلاء والعلماء والساسة والشباب وجميع أبناء الشعب.
رحم اللّه تلك الروح الطاهرة والفكر السامي الذي حدد المسار الصحيح، وسار عليه بشكل صحيح، ونال ثماره الإيجابية[4].
الفارق بين الأصولي والمتحجّر
للأسف يخلط البعض بين الأصولية والتحجر، ويتوهم أن الأصولية تعني التحجر! والحال أن الأصولية لا تعني التحجر. معنى الأصولية؛ هو قبول الأصول المنطقية المبرهن عليها والالتزام بها، وتنسيق السلوك بمقتضاها؛ كالعلامات التي توجّه الإنسان في الطريق .. <إِنَّ الَّذينَ قالوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ استَقاموا>[5]، هذه الاستقامة هي الأصولية. ومعنى التحجر هو الدفاع من منطلق التعصب واللادليل عن كل ما يدخل ذهن الإنسان على شكل قناعة ومعتقد من دون أن تكون له ركائز استدلالية وتوثيقية رصينة <إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ>[6]، (حمية الجاهلية) تطال البعض فيدافعون عن شيء معين من منطلق الجهل. ينبغي عدم الخلط بين الأصولية وهذا الدفاع الجاهلي الناجم عن الحمية العصبية المتحجرة، وما إن يقال تحجر حتى ينصرف ذهن البعض إلى تحجر التيارات الدينية، والحال أن التيارات التي تسمى مستنيرة وحداثية لا تقل تحجراً عن المتحجرين الدينيين؛ بل قد تفوقهم بدرجات أحياناً. لا أنسى أيام ما قبل الثورة والجلسات التي كانت تعقد مع الطلبة الجامعيين وبعض الناشطين السياسيين اليساريين؛ حيث لو قال أحد شيئاً يمسّ أسس الماركسية أبسط المساس لما كانت هناك حاجة للاستدلال والبرهنة في مقابله، إنما يقولون: هذا كلام باطل خاطئ! وهو ما يقول عنه القرآن: <إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ>[7]؛ لأنهم سمعوا الشيء فهم يصرون عليه ويعتبرون كل ما خلاه باطلاً مهما كان منطقياً؛ التحجر هناك أكثر[8].
طريق التصدي للتحجر
لا شكّ أنّ الرّكود والتّحجّر يمثّل مشكلةً أينما كان، وطريقة القضاء عليه هي أن تضيفوا، أيّها الطلاب، قدر المستطاع إلى الجودة الفكريّة الخاصّة بكم في مجال المعرفة. يمكن لكلّ واحدٍ منكم، عندما يكون لديك معرفةٌ وثقافةٌ وحكمةٌ وتنويرٌ، تطوير هذه المفاهيم في الممارسة، وهذا هو بالضّبط عكس جوّ التّصلّب والتّحجّر. إذا أردنا أن نحارب الرّكود، فهذه هي الحرب ضدّ الرّكود؛ إنّها حربٌ ثقافيّةٌ. الحرب مع الجمود ليست حرباً بالسّيوف؛ لأنّها فئةٌ من الثّقافة. التّحجّر ثقافةٌ أيضاً؛ لكن ثقافةٌ مغلقةٌ! ويجب مواجهتها بالأساليب الثّقافيّة[9].
خطر الانفعال وتدمير الذات
الذين حاصروا الدولة الصهيونية سياسياً واقتصادياً قبل عشرين سنة باعتبارها كياناً غاصباً، غدوا يتبارون اليوم لإقامة العلاقات الاقتصادية معها، هذا هو الانفعال.
لقد توالت وتكاثرت عليهم الضغوط المختلفة من الأجهزة الاستكبارية المركزية؛ في المجال الإعلامي، وفي الشؤون الاقتصادية وغيرها، إلى الحد الذي يُشعرهم بأنّ لا مناص لهم من التراجع، فيتراجعون، هذا هو الانهيار والانفعال في مجال الشؤون السياسية.
وهذه القضية ذاتها تعرض وبشكل بالغ الخطورة في مجال الأمور العقائدية والمواقف المبدئية.
فقد قام الكثيرون في أواسط هذا القرن، وبالاتكاء على التيار اليساري بثورات، وأوجدوا نظماً في بلدان آسيا وأفريقيا، ولكنهم تنازلوا بعد خمس سنوات، أو عشر سنوات، أو خمس عشرة سنة عن مواقفهم المبدئية تحت ضغوط الأعداء وأصحاب الأموال والنفوذ والأبواق الإعلامية، وتقرّبوا إليهم تدريجياً.
لقد كان جوهرهم بأجمعهم واحد، وما كانوا يتفاوتون إلاّ في المُسَمّيات ليس إلاّ.
هذا هو الخطر الكبير الذي يهدد الثورات وأصالة الشعوب، وهو الخطر الذي يهدد ذوي الفكر والبصيرة في مختلف البلدان، لكن الإمام وقف كالطود الشامخ في مواجهة هذا الخطر، وصمد «كالجبل الراسخ لا تحركه العواصف» منذ الساعة الأولى وابتداءً بتسمية النظام بنظام الجمهورية الإسلامية، مرورا بسائر القضايا الأخرى يومذاك[10].
الإسلام المحمدي: إسلام البعيد عن التحجّر
النقطة الأولى في مدرسة الإمام الخميني هي إثبات الإسلام المحمدي الأصيل ودحض الإسلام الأمريكي. لقد وضع الإمام الخميني الإسلام الأصيل مقابل الإسلام الأمريكي. ما هو الإسلام الأمريكي؟ الإسلام الأمريكي في زماننا وفي زمان الإمام الخميني وفي كل الأزمنة – في حدود ما نعلم، وقد يكون الأمر على نفس الشاكلة في المستقبل أيضاً – ليس له أكثر من فرعين: أحدهما الإسلام العلماني، والثاني الإسلام المتحجر. لذا كان الإمام الخميني يضع دوماً أصحاب الفكر العلماني – أي الذين يريدون المجتمع والسلوك الاجتماعي للبشر منفصلاً عن الدين والإسلام – إلى جانب الذين يحملون نظرة متحجرة للدين؛ أي النظرة المتخلفة وغير المفهومة من قبل الأفراد المتجددين، والنظرة المتعصبة لأسس خاطئة؛ أي التحجر. هاتان النظرتان كان الإمام الخميني يضعهما دائماً إلى جانب بعضهما، وحين تنظرون اليوم ترون أن كلا هذين النموذجين من الإسلام موجود في العالم الإسلامي، وكلاهما مدعوم من قبل القوى المتجبرة في العالم ومن قبل أمريكا. تيار داعش والقاعدة وأمثالهما مدعوم اليوم من قبل أمريكا وإسرائيل، وكذلك بعض التيارات التي تحمل اسم الإسلام لكنها غريبة على العمل الإسلامي والفقه الإسلامي والشريعة الإسلامية، ومدعومة حالياً من قبل أمريكا. الإسلام الأصيل من وجهة نظر الإمام الخميني هو ذلك الإسلام المعتمد على الكتاب والسنة، والذي يمكن بفضل الفكر النير ومعرفة الزمان والمكان وبالأساليب والمناهج العلمية الراسخة والمتكاملة في الحوزات العلمية، استنباطه والتوصل إليه. ليس الأمر بحيث لا تكون ثمة أهمية لمنهج الاستنباط، ويكون بوسع كل من فتح القرآن أن يستنبط أصول الحركة الاجتماعية، لا؛ لهذه العملية منهجها وأسلوبها، وهو منهج علمي عريق، وهناك أفراد يمكنهم السير على هذا المنهج، هذا هو الإسلام الأصيل من وجهة نظر الإمام الخميني. طبعاً؛ ليس الأمر ممكناً لكل من يجيد ذلك المنهج، إنما لا بدّ له أيضاً من فكر مستنير ومعرفة بالزمان والمكان ومعرفة بالاحتياجات الراهنة للمجتمعات البشرية والمجتمعات الإسلامية، كما لا بدّ له من معرفة العدو ومعرفة أساليبه في العداء، وعندها سيستطيع تشخيص الإسلام الأصيل وتعريفه. إسلام وعاظ السلاطين ورجال دين البلاط – وقد كان الإمام الخميني يسمّيهم بهذه التسمية دوماً – وإسلام داعش، وبالمقابل إسلام عدم الاكتراث لجرائم الصهيونية وجرائم أمريكا، والإسلام المسمّر الأعين على أمريكا والقوى الكبرى وعلى إشارات أمريكا، هذه كلها تنبع من منبع واحد وتصل كلها إلى محطة واحدة، وهي كلها مرفوضة في رأي الإمام الخميني.
الإسلام الذي يطرحه الإمام الخميني يقف على الضدّ من هذه كلها. التابع للإمام الخميني والسائر على نهجه يجب أن تكون له حدوده الفاصلة عن الإسلام المتحجر وكذلك عن الإسلام العلماني، وأن يشخص الإسلام الأصيل ويتبعه.
هذا أحد مبادئ الإمام الخميني، وهذا ليس بالشيء الذي ذكره الإمام الخميني لمرة واحدة، إنما هو مبثوث منتشر في كل كلماته[11].
الإصلاح في الأساليب والطرق والاستقامة على الأهداف والمباني
فـي الأهداف والمباني، يجب أن يكون الملاك <فَاستَقِم كَما أُمِرتَ>، العدول عن المرتكزات والقيم غير جائز بالمرة. الأهداف أهداف إلهية، ولا يجوز أي تشكيك فـي هذه الأهداف أو أي ارتداد عنها. أما فـي الأساليب فيجب أن يكون التكامل والإصلاح والتغيير ورفع الأخطاء من ممارساتنا وبرامجنا الدائمية، لنرى أي أساليبنا، حتى لو كنا قد اعتدنا عليه، خاطئ، نغيّره ونصلحه. علينا الحذر من استبدال هذه العبارات واحدةً مكان الأخرى، فنحن على صعيد الأهداف ننادي بالاستقامة، وينبغي ألا نخلط «الأهداف» بـ«الأساليب». الاستقامة فـي الأساليب ليست ضرورية، لكنها ضرورية فـي الأهداف. التجربة والخطأ حالة جارية فـي نطاق الأساليب. طبعاً؛ تتعين الاستفادة من التجارب لتكون اختباراتنا اختبارات ناجحة ولا نجرب باستمرار ونخطأ باستمرار. أما بخصوص الأهداف فينبغي أن نقف بثبات وقوة ولا نتراجع حتى خطوة واحدة، الانحراف عن كليهما خطأ طبعاً. البعض يغيّر فـي الأهداف ويعيد النظر فيها تحت طائلة التجديد والإصلاح، هذا ليس إصلاحاً. هذه عودة عن الطريق وتراجع، إنها رجعية. إذا عبثنا اليوم بالأهداف السامية للثورة الإسلامية سواء على الصعد الثقافية، أو الصعد الاقتصادية، أو الميادين الحكومية والسياسية، وعدنا إلى ما قد تطالبنا به الدنيا الدنيا المادية ودنيا الهيمنة والخضوع لمخالب الشيطان لكانت هذه رجعية إلى الوراء. لقد سادت هذه الأهداف الدنيوية خلال عهد الطاغوت فـي الماضي، ولكن بأدوات جد فاسدة وبغيضة وتابعة. علينا ألا نوافق هذه الرجعية، أهدافنا أهداف إلهية: حكومة الله والتوحيد والتحرك نحو مجتمع دينـي حقيقي وسيادة الأحكام الإلهية. طبعاً؛ فـي المقابل ينبغي أن لا نصاب بالتحجر تحت ذريعة الثبات والصلابة، ولا نصر على أساليب اختبرناها وكانت خاطئة. على ذلك؛ أنا أوافق شعار الإصلاح مائة بالمائة، الإصلاح في الأساليب والطرق، والاستقامة على الأهداف والمباني[12].
الرجعية الفكرية
الرجعية الفكرية التي تعني فيما تعنيه، العودة إلى عهد المرض الثقافي، والرجوع إلى حالة ترف المثقفين وتجاهل الأجهزة الثقافية والتيارات الثقافية لجميع القيم والتقاليد الأصيلة ولتاريخ وثقافة هذا الشعب، وكل من يحمل هذه الراية اليوم فهو رجعي حتى وإن سمّي مثقفاً وشاعراً وكاتباً ومحققاً وناقداً.
والرجعية الفكرية معناها: العودة إلى ثقافة ما قبل الثورة بخصائصها وتوجّهاتها المعادية للدين وللتقاليد الأصيلة[13].
خطر الرجعية الغربية
يحاول المنظّرون وأرباب الدعاية في الغرب اليوم العودة بذلك الخط الرجعي خطر العودة إلى الخنوع للغرب وكما قلت فإن ذلك يحمل عنوان نظرية التجديد أو الحداثة أو العولمة أو نظرية تغيير الحوار، فيزعمون عدم إمكانية الطالب في هذه المرحلة أن يكون كنظيره في فترة مقارعة الاستعمار، فلقد انتهى عصر مناهضة الاستعمار والاستكبار وترديد الشعارات المناهضة للاستكبار، وولّى عصر المطالبة بالعدالة ومقارعة الرأسمالية، وتصرّمت فترة المناداة بالمبادئ والتبرّي والتولّي السياسي، والمنطق الجديد الذي يحمله الجامعي هو منطق العولمة والواقعية والالتحاق بالنظام العالمي الجديد؛ أي التبعية لأمريكا، فاسمه الظاهري هو «العولمة» أما حقيقته فهي «الأمركة»! ومعنى ذلك: أن يعود الشعب الإيراني إلى مرحلة ما قبل الثورة خاضعاً للهيمنة الأمريكية، وآلة طيّعة لضمان مصالحها؛ بالرغم من جهاده وقمم النصر التي ارتقاها وحالة الوعي واليقظة التي أوجدها في نفوس المسلمين، وليس الهدف من ذلك سوى الانسلاخ والتعرّي ليس إلاّ، لكنهم يريدون إخفاء هذا الهدف تحت عناوين برّاقة من قبيل العولمة والتطوّر والتقدّم[14].
الرجعية تحت عنوان الإصلاح
إنّ الشاب بطبيعته ميّال للإصلاح، ولا شأن لي بالتعابير الشائعة بخصوص الإصلاحي والمحافظ وما شاكلها، وليس مرادي من الإصلاح التفاخر السياسي، فالبعض يطبّل للإصلاح، لكنهم يجهلون ما يريدون وما يطلبون، وآخرون يتحدّثون عن الإصلاح غير أنّ ما يدور في عقولهم ليس من الإصلاح في شيء، وإنما هو رجعية وتخلّف؛ فإنكم تشاهدون البعض ممن يسعون وتحت شعار الإصلاح الجذّاب البرّاق للعودة إلى عهد كان للدين فيه مسحة ظاهرية على حياة الإنسان ليس أكثر، وهذا لا يعد إصلاحاً؛ بل هو حالة تعاكس الإصلاح؛ فالإصلاح ما يقترن بالرقي والتقدم لا التراجع[15].
الطموح الرجعي
إذا تحوّلت النزعة الطموحية إلى حالة ملل ومَقْتٍ للمبادئ فلا تبقى هذه الظاهرة على ما هي عليه؛ بل تؤول إلى شيء آخر، وحتى إذا اتّخذت شكلاً جديداً تبقى رجعية ومتخلّفة ومتفسّخة وتعدّ بمثابة تقديس لقيم بالية[16].
- [1]. بيانات سماحته أمام مجموعة من طلبة الجامعة بتاريخ 28-11-2002م
- [2]. بيانات سماحته أمام أعضاء من مؤسسة القلم بتاريخ 27-1-2003م
- [3]. خطبة صلاة الجمعة بتاريخ 12-5-2000م
- [4]. بيانات سماحته في ذكرى رحيل الإمام الخميني بتاريخ 4-6-1997م
- [5]. فصلت: 30
- [6]. فتح: 26
- [7]. زخرف: 22
- [8]. بيانات سماحته مع أعضاء من مؤسسة القلم بتاريخ 28-1-2003م
- [9]. بيانات أثناء جلسة جوار في جامعة طهران بتاريخ 12-5-1998م
- [10]. بيانات سماحته في ذكرى رحيل الإمام الخميني بتاريخ 4-6-1997م
- [11]. بيانات سماحته في ذكرى رحيل الإمام الخميني بتاريخ 4-6-2015م
- [12]. بيانات سماحته أمام أعضاء مجلس خبراء القيادة بتاريخ 21-9-2004م
- [13]. بيانات سماحته أمام طلاب جامعات العاصمة طهران بتاريخ 12-5-1998م
- [14]. بيانات سماحته أمام طلاب وأساتذة جامعة صنعت أمير كبير بتاريخ 27-2-2001م
- [15]. بيانات سماحته أمام جمع من شباب منطقة أصفهان بتاريخ 3-11-2001م
- [16]. بيانات سماحته أمام طلاب جامعة صنعت شريف بتاريخ 22-11-1999م
تعليق واحد