الافتخار بالثقافة الإيرانية الإسلاميةمواجهةٌ للغزو الثقافي
وفي تلك الحقبة تجسّدت براعة الإمام القائد في توطيد دعائم نظام سياسي في هذا البلد على أنقاض ذلك النظام المتهاوي تسود فيه المحبّة لهذا الشعب بدلاً من حالة الإهمال والتجاهل، ويولي أهمية فائقة لمصير الشعب ومستقبل الشباب بدلاً من حالة اللامبالاة بمصير الشعب، ويتحلّى بدلاً من الانسحاق والهزيمة أمام الأجانب بشعور متنامٍ من الثقة بالنفس، وينتحل فيه الاستقلال السياسي والاقتصادي والثقافي عوضاً عن التبعية السياسية والاقتصادية والثقافية للأجانب[1].
مسؤولية الشباب في التصدي للهجوم الثقافي
ما هو واجبنا اليوم؟ شبابنا العزيز! في هذا الصّدد، تقع المسؤوليّة عليكم كما تقع على عاتق المسؤولين. يقول بعض الشّباب الأعزاء منكم: ثقوا بنا، هذه هي الثّقة، يجب معالجة المشكلة الّتي تواجه الأمّة الإيرانيّة – وخصوصاً الشّباب منهم- بجهد وعزم ويقظة ووعي جيل الشّباب. طبعاً؛ يتحمّل المسؤولون والنّظام الإسلامي مسؤوليّةً كبيرةً؛ يجب أن يوفّروا القاعدة لهذا الإعداد الثّقافيّ والأخلاقيّ للشّباب، لكنّ المسؤولية الأولى تقع على عاتق الشّباب. ما هي هذه المسؤوليّة؟ من مسؤوليّة الشابّ كإنسانٍ أن يعتبر نفسه أمانة من الله وذخيرةً وطنيّةً. يحاول الأعداء تلويث هذا الشابّ بالمخدّرات والشّهوات والمسكرات، وإبقائه مشغولاً ومنصرفا التعامل مع الأمور الّتي تمنعه من السّير في هذا الطّريق الطّويل إلى قمم السّعادة والعزّة حتّى يصبح في نهاية المطاف فاسداً. يجب على الشّباب تقوية الإيمان والمعرفة والإرادة في أنفسهم ولدى محيطهم. يجب على كلّ واحدٍ منكم؛ إخوة وأخوات، أن يكون يقظاً في بيئة الجامعة والمدرسة والعمل والسّعي الاجتماعيّ والسّياسيّ، وأن يمنع الفساد من اختراق وتسريب إفرازاته، يجب أن تكونوا حسّاسين تجاهه[2].
هدف الغزو الثقافي؛ إزالة الاستقلال السياسي والاقتصادي والثقافي
الغرض من العدوان الثّقافيّ للعدوّ هو تغيير عقليّة النّاس، التّخلّي عن طريق الإسلام، واليأس من النّضال. إنّ ذلك الشّخص الّذي حسب ما نراه قد خسر الدّنيا والآخرة، يكتب أنّ «شعب إيران خسر الدّنيا والآخرة»! يكتبون وينشرون أيضاً أنّ «مسلمي العالم بمن فيهم الشّعب الإيرانيّ، خسروا الدّنيا والآخرة». لماذا؟ لأنّهم حاربوا أمريكا. هذا ما يعنيه! هذا هو ضياع الدّنيا والآخرة؟! الأمّة الإيرانيّة الّتي استطاعت أن تنقذ نفسها من ذلّ التّبعيّة ومن ذلّ التّواصل مع النّظام الدّمية والفاسد البهلوي والولايات المتّحدة، وتظهر بتلك الشّجاعة والشّهامة والعزّة للعالم، وتسير على طريق الحرّيّة، خسرت الّدنيا والآخرة؟! هل شبابنا هؤلاء، هذه العائلات المؤمنة، هذا الرّجل وتلك المرأة اللذان يضحّيان من أجل الدّين وفي سبيل حبّ الله، خسروا الدّنيا والآخرة؟! في الواقع؛ هم من خسر الدّنيا والآخرة! من قال هذا هو حقّا من خسر الدّنيا والآخرة؛ لم يحصّلوا الدنيا ولا الآخرة. عالمهم عالم بؤسٍ، وآخرتهم هي بلا شكٍّ غضبٌ وعذابٌ إلهيّ. يقولون وينشرون هذه الكلمات عن الناس. لماذا يبثّون ذلك؟ لزعزعة النّاس، لتغيير إيمان النّاس. هذا مٍن عمل من؟ إنّه من عمل العدوّ المتضرّر من الاستقلال الاقتصاديّ، المتضرّر من الاستقلال السّياسيّ والمتضرّر من الاستقلال الثّقافيّ.
هؤلاء هم أدوات العدوّ، هذا غزوٌ ثقافيٌّ، هذه هي المعركة الّتي يقوم بها الأعداء ضدّ الأمّة الإيرانيّة. هذا ليس خاصّاً بنا فقط؛ هؤلاء يكرهون ويعادون الإسلام[3].
الهدف من الغزو الثقافي؛ إبعاد الشباب عن العمل
يعمل العدوّ اليوم على جبهاتٍ مختلفة، إحدى هذه الجبهات هي جبهة شبابنا في المدارس. هؤلاء الشّباب الأعزاء، أولادنا وبناتنا الطّاهرون، هم أبناء هذه الأمّة. إنّهم يلوّثون قلوبهم الطّاهرة وأجسادهم النّقيّة وأدمغتهم الصّافية بمحفّزات شهوانيّة؛ من خلال عرض صورٍ مثيرةٍ، أفلامٍ وفيديوهاتٍ وأشرطةٍ، وكلّ أنواع الشّرور والرّذائل، ويقودونهم إلى الفساد. انظروا كم هي جريمةٌ عظيمةٌ! هذا هو أحد الأشياء الّتي يفعلونها. يعتقد البعض أنّه عندما نهاجم الغزو الثّقافيّ للغرب، فإنّ مشكلتنا الوحيدة هي أنّ شخصاً ما في الشّارع لم يراع الحجاب بشكلٍ صحيحٍ. الحمد لله أنّ النّاس يراعون حجابهم؛ باستثناء عددٍ قليلٍ منهم. ليست هذه هي القضيّة؛ هذه مسألةٌ فرعيّة، وحقيقة الأمر هي أنّها داخل البيوت وتنبع من تجمّعات الشباب، وهناك بالضّبط يعمل الأعداء. ما هو غير واضحٍ، ما هو خفيٌّ، هناك يكمن الخطر. لقد رمى شبابنا الشّهوات وألقوها بعيداً بالرّاحة والسّرور، وذهبوا إلى ساحة المعركة، وتمكّنوا من جعل العدوّ يركع على ركبتيه. الآن؛ العدوّ ينتقم من شبابنا. ما هو انتقامه؟ إنّ انتقام العدوّ هو إلهاء شبابنا بالملذّات والشّهوات، إنّهم ينفقون الأموال ويطبعون الصّور المبتذلة ويوزّعونها على الشّباب مجّاناً، ويصنعون مقاطع فيديو ويقدّمون أفلاماً إباحيّةً مثيرةً لمشاهدتها مجّاناً. نعم؛ يجني البعض أموالاً بهذه الطريقة، لكنّ أولئك الّذين يستثمرون لا يستثمرون من أجل المال، هؤلاء يمكنهم توزيعها بحرّيّةٍ في بلدان أخرى ويكسبوا المال، هم يريدون تدمير جيل الشّباب عندنا.[4]
برنامج أمريكا من أجل انحراف الشباب المسلم
أكثر الشّبكات السّياسيّة والاقتصاديّة والثّقافيّة نشاطاً في أمريكا هي الشّبكات الصّهيونيّة، فهناك خطر أن يبحث شباب هذه الدّول عن قضيّة كلّ هذه الهيمنة والضّغط والتّأثير للشّبكات الصّهيونيّة، وهذا بحدّ ذاته يسبّب إزعاجاً للصّهاينة؛ وطريقة تجنّب مضايقة هؤلاء الشّباب هي التّرفيه عنهم. خلال الأسبوع؛ يفكّر الشّابّ في ليلة الأحد ليطفئ شعلة ملذّاته الجنسيّة والنّشوة وغيرها من الشّهوات، إنّ الوضع أكثر إيلاماً في البلدان المتخلّفة.
قبل الثّورة، كانت الدّعاية الرّسميّة والعامّة في بلدنا دعاية قادت النّاس إلى الدّعارة والفجور والرّفاهية؛ حتّى في أفقر الأماكن وأكثرها تخلّفًا – حيث كان يحتاج النّاس إلى الخبز ليلاً – كان هناك متّسع للرّفاهية، وقد تفاقم هذا بشكلٍ متعمّدٍ في البيئات الشّابّة مثل الجامعات والثّكنات – وليس بالقدر الّذي يُعدّ مطلباً طبيعيّاً لغريزة الشّباب – للتّرفيه عن الجيل وإفساده، عندما يفسد شباب جيلٍ ما لا تعود هناك أمّةٌ ولا مقاومةٌ.
أحد كبار المسؤولين في الكيان الصّهيونيّ المحتلّ لفلسطين، قدّم نصيحةً للأمريكيّين العام الماضي، هذه النّصيحة انعكست بالكامل في الصّحافة الأجنبيّة والإنترنت وليست سرّاً. نصيحته للأمريكيّين كانت ألّا تضيعوا وقتكم مع العراق وكوريا الشّمالية ودول كهذه، مشكلتكم الرّئيسيّة هي إيران. إذا كنت تريد الشّرق الأوسط، فلا تقضي وقتك في العراق، اذهب إلى إيران؛ المنبع والمصدر موجودان هناك، لكن إيران ليست مثل العراق وكوريا الشّمالية وأفغانستان، الّتي يمكن غزوها بعملٍ عسكريّ، النّظام الإسلاميّ والحكومة يعتمدان على النّاس، وقد حماهما النّاس. عليك أن تجعل النّاس يستسلمون، والطّريقة الأنسب هي سَوق النّاس للابتعاد عن الدّين والثّقافة والتّقاليد والتّاريخ من خلال التّرويج للثّقافة والأدب الغربيّين والثّقافة والتّعليم الأمريكيّين. عندما يتخلّى النّاس عن هذه الانتماءات، بعد سنواتٍ قليلةٍ، ودون إنفاق أيّة أموالٍ، بهجومٍ وربّما بحركةٍ عسكريّةٍ صغيرةٍ، يمكنكم إزالة هذا العائق الكبير، وهو النّظام الإسلاميّ! في وقتٍ سابقٍ من العام الماضي، عندما دُمّرت قرى وبلدات أفغانيّة بالصّواريخ الأمريكيّة وكانت دولة أفغانستان المضطهدة تتعرّض للقصف من قبل الأمريكيّين، قال خبيرٌ استراتيجيٌّ وعسكريٌّ أمريكيّ: إذا قمت بدلاً من إطلاق هذه الصّواريخ بإرسال ملابس داخليّة للشّباب الأفغانيّ ومعدّات شهوانيّة وملابس على الطّراز الغربيّ والأمريكيّ، يمكنك احتلال أفغانستان دون إنفاق هذه التّكاليف، وستبقى تكلفة الأسلحة في حقيبتك! بدلاً من القنابل والصّواريخ، روّج لأقراص مدمجةٍ إباحيّةٍ ومشاهد شهوانيّةٍ فيما بينهم، فسيكون ذلك أسهل عليكم.
هذه سياسةٌ أساسيّةٌ، لا تقلّلوا من شأن هذا… السّياسة اليوم هي سياسة أندلسة إيران! ..اتّخذ الأوروبيّون خطوةً بعيدة المدى عندما أرادوا استعادة الأندلس من المسلمين. لم يكن الصّهاينة موجودين في ذلك الوقت، لكنّ أعداء الإسلام والمراكز السّياسيّة نشطوا ضدّ الإسلام. لقد أفسدوا الشّباب، وكانت لهم دوافع مسيحيّة أو دينيّة أو سياسيّة مختلفةً في هذا الصّدد. من بين الأشياء الّتي فعلوها كان تخصيص كروم العنب لإعطاء الشّباب النّبيذ مجّانًا! ساقوا الشّباب إلى نسائهم وبناتهم لإغراقهم بالشّهوات! إنّ مرور الوقت لا يغيّر الطّرق الرّئيسيّة للفساد أو بناء الأمّة. يفعلون نفس الشّيء اليوم. بالطّبع؛ للعدوّ أيضاً أهداف اقتصاديّةً وسياسيّةً …. وله أيضاً أهداف ثقافيّة، إنّهم يكرهون الثّقافة الإسلاميّة ويعادونها[5].
- [1]. بيانات سماحته في ذكرى رحيل الإمام الخميني بتاريخ 4-6-1997م
- [2]. بيانات سماحته أمام شباب منطقة سيستان وبلوشستان بتاريخ 25-2-2003م
- [3]. بيانات سماحته أمام عمّال ومثقفي الدولة بمناسبة يوم العمال ويوم المعلم بتاريخ 5-5-1993م
- [4]. نفس المصدر
- [5]. بيانات سماحته أمام شباب سيستان وبلوشستان بتاريخ 25-2-2003م