مواضيع

معرفة العدو وخططه

معرفة الصديق والعدو خاصيّتان للإمام

وللإمام خاصّيّتان أخريان لم تتحقّقا إلّا بالاستنارة الإلهيّة، وهما: معرفة العدوّ ومعرفة الصّديق. لم يخطئ الإمام الخمينيّ في التّعرّف على الأعداء والأصدقاء، تعرّف على الأعداء من البداية وأعلن عنهم ووقف ضدّهم حتّى النهاية. كما عرف أصدقاءه منذ البداية وأعلن عنهم واستفاد من صداقتهم حتى النّهاية[1].

من خصائص خط الإمام معرفة العدو وعدم الخوف منه

العنصر الآخر في هذا السياق هو: معرفة العدو وعدم الاغترار به؛ فإنّ أول عمل يقوم به العدو هو إشاعة فكرة عدم وجود الأعداء.

ولكن كيف لا يكون للنظام الإسلامي أعداء؟! فناهبو ثروات الشعوب الذين حرموا من خيرات هذه المائدة سنوات طويلة لابد وأن يضمروا لنا العداء، ونحن نلاحظ ممارساتهم العدائية، سواء عن طريق الإعلام أم عن طريق الحصار الاقتصادي، ولا يتورّعون عن القيام بكل ما من شأنه تقوية أعداء هذا النظام، وهم يصرّحون بذلك علانية.

الشيء الذي لا ترضاه أمريكا والاستكبار والقراصنة العالميون هو استقلال هذا البلد، واستقلال ووعي هذا الشعب، ويغيظهم الرفض الذي يواجهونه لدى أبناء الشعب.

وهكذا فإنّهم يناصبون الإسلام العداء؛ لأنه هو الذي أثار هذا الوعي بين أبناء الشعب.

كان الإمام الراحل على معرفة تامّة بالعدو وبأساليبه الإعلامية والسياسية ووقف بوجهه بكل صلابة[2].

ضرورة معرفة العدو وعناصره الموجودة داخل البلد

كان إمامنا الكبير كثيراً ما يقول: إنّ العدو قد يأتي أحياناً عبر عشر وسطاء لتأليب شخص على التفوّه بكلام ما، أو أداء عمل ما! وإذا شئتم اكتشاف مكمن العدو عليكم البحث عن عشرة وسطاء.

وأعداء الثورة الإسلامية في إيران؛ وأعني عملاء الاستكبار العالمي يمكنهم العثور بسهولة على عشرة وسطاء، والوصول عن طريقهم إلى شخص بائس في الحوزة العلمية بقم ودفعه إلى الإدلاء بكلام أو اتخاذ موقف مغلوط وساذج.

فأعداء هذه الثورة والمفلسون سياسياً، والمتضررون من هذا النظام ممن تلقّوا الضربات من قوّات التعبئة هذه ومن محاكم الثورة وعملاء السافاك القدامى، ومن كان الأمل يحدوهم ببقاء النظام البائد، موجودون بكثرة في هذا البلد، ويمكن اتخاذهم وسطاء، وإيصال كلام أو إشاعة أو أكذوبة عبر عشرة منهم إلى شخص بائس مسكين يتصور أن الأوضاع قد آلت إلى الشكل الذي يوجب عليه الكلام فوراً، فيُوقع نفسه والآخرين وأسرته وأطفاله في البلاء[3].

لزوم معرفة العدو والامتناع عن اللعب في أرض العدو

من الطبيعي أنه ليس كل من يتخذ هذا الموقف هو من الأعداء؛ بل إنّ البعض منهم أصدقاء جهلة أو مغفّلون، وأنا أدعو هؤلاء الأصدقاء، وأؤكّد عليهم لتسخير عقولهم والتبصّر في أمورهم ومعرفة من هو العدو اليوم، وما هي غايته ومراميه، وماذا يفعل.

وهذا هو العقل.

يجب عليكم أنّ تعوا هل أن المواضع التي تطلقون عليها النار، وتدكّونها بالقنابل هي ذات المواضع التي يستهدف العدو دكّها وتسليط نيرانه عليها؟ لماذا تأخذون إنجاز مهمة العدو على عاتقكم؟ ولماذا تمهّدون الطريق أمام العدو لإزاحة قواتنا؟ هذه هي القضية المطروحة على بساط البحث اليوم.

ونحن إنما نؤكّد دوماً على ضرورة تحلّي الأفراد بالقدرة على التحليل السياسي، من أجل أن لا يقعوا في مثل هذه الأخطاء[4].

خيانة تصغير العدو

إنكم تلاحظون ما يوحي به البعض من عدم وجود عدو خارجي! إنّ المرء ليعجب من غفلة هؤلاء، وإنني أقولها بصراحة: إنّ هذه الثورة وهذا البلد بحركته العملاقة هذه قد أنزلا ضربة قاصمة بمصالح الطامعين والناهبين الدوليين، وإذا كانت لهذا الادّعاء حقيقة في أنّ الثورة الإسلامية والنظام الإسلامي هما اللذان انبريا للتصدّي لمصالح الناهبين الأجانب في هذا البلد وهو كذلك فأي توضيح يستدعي تقديمه لإثبات وجود العدو؟ إذاً؛ اتّضح من هو العدو ومَن هو المعارض لهذا النظام… إنّ كل من يحاول الإيحاء بعدم خطورة مخططات الأعداء والتقليل من شأنها في أذهان أبناء الشعب عالماً كان أو جاهلاً فإنه بذلك يقدّم الخدمة للعدو[5].

أعداء الشعب الإيراني

لقد برع الشعب الإيراني لحد الآن في إجهاض الهجمات المضادّة التي شنّها الأعداء؟ ولا يعني ذلك أنّ العدو قد كفّ عن حملاته المضادّة؛ بل إنه يروم على الدوام توجيه ضرباته لنا.

من هو العدو؟ إنه كل مَن يناهض حاكمية النظام الجماهيري الديني المستقل؛ أي كل الطامعين والناهبين والانتهازيين، ومكتنزي الثروات والسلطويين وأذنابهم، ومروّجي الفساد، والذين يشعرون بالضرر الشخصي من سيادة الثقافة الدينية، ويقف في مقدمة هؤلاء الأجانب ممن لحقتهم الهزيمة أكثر من غيرهم، وأمريكا هي التي تضرّرت أكثر من غيرها؛ نتيجة إقامة الحكومة الإسلامية ولم تزل كذلك، وهكذا الحال بالنسبة للصهاينة والشركات العالمية الكبرى والشاذّين في شتّى المجالات، ومَن شغلهم جمع الثروات، إنهم جميعاً أعداء لنا.

إنّ مراتب العداء تختلف فيما بينها، غير أنّ جبهة معادية ظهرت منذ انطلاق الثورة حاولت جاهدة لاسترداد هذا الخندق، وهي ترمي إلى استبدال الحكومة الشعبية الدينية السائدة اليوم في إيران والقائمة على إيمان الشعب وإرادته، بحكومة ذيلية احتكارية يسهل على أمريكا مساومتها؛ فتمنح هذا امتيازاً شخصياً، وتسلب من ذاك امتيازاً، وهذا ما تعجز عنه الآن[6].

أهداف العدو في مواجهته للنظام الإسلامي

إن العدو يتابع ثلاثة أهداف علی أساس خططه؛ الهدف الأول: هو فرض التخلف الاقتصادي على البلاد؛ ليبين أن الحكومة – التي هي حكومة دينية ووفية للقيم الإسلامية – حكومة غير كفوءة ولا تتمتع بالخبرة؛ ولهذا يجب أن يكون الوضع الاقتصادي متأخراً وفق مخططات العدو. الهدف الثاني: هو التأخر العلمي؛ لأن مستقبل البلد لا يتقدم ولا يترقى إلا بواسطة سلّم العلم. لا بد للشعب الإيراني أن يقوي أساسه علمياً ويتقدم في ساحة العلم؛ وقد منحه الله الموهبة العلمية. الهدف الثالث: إفساد الاتحاد والانسجام في صفوف الشعب الإيراني أو بين الشعب الإيراني والشعوب المسلمة؛ حيث أطلقنا في ذلك الوقت شعار الاتحاد الوطني والانسجام الإسلامي.[7]

النقطتان الأساسيتان لحملات العدو

ما الشيء الذي استهدفه أعداء هذه الثورة حينما أرادوا طوال هذه المدة توجيه الضربات لهذه الثورة وهذا النظام؟ كان المستهدف في هجمات الأعداء شيئين أساسيين: الأول هو الدين، والثاني هو الشعب ووفاؤه. تعلمون أنه لو لم تكن هذه الثورة ثورة دينية لما كانت لديها القدرة على المقاومة؛ لأن الدين هو الذي يمنع أتباعه من الاستسلام حيال الظلم، ويشجعهم على مجابهة الظالم، ويقترح العدالة والمعنوية والتقدم على حياة الناس[8].


[1].     خطبة الجمعة بتاريخ 14-7-1989م

[2].    بيانات سماحته في ذكرى رحيل الإمام الخميني بتاريخ 4-6-1999م

[3].    بيانات سماحته بمناسبة أسبوع التعبئة بتاريخ 26-11-1997م

[4].    بيانات سماحته أمام أعضاء جهاد البناء بتاريخ 7-10-1998م

[5].    بيانات سماحته أمام أعضاء القوة الجوية بتاريخ 7-2-2001م

[6].    بيانات سماحته أمام أهالي قم بتاريخ 8-1-2001م

[7].    بيانات سماحته أمام أعضاء تعبئة الجامعات بتاريخ 21-5-2007م

[8].    بيانات سماحته أمام أهالي قم بتاريخ 19-10-2010م

المصدر
كتاب الثوري الأمثل في فكر الإمام الخامنئي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
تواصل معنا
سلام عليكم ورحمة الله
كيف يمكننا مساعدتك؟