مواضيع

مواقف البصير

رفض تقديم القضايا الفردية

بعد الإفراج عن الأستاذ عبد الوهاب حسين بعد انتفاضة الكرامة في 2001م، أعيد فضيلة الأستاذ الى عمله وكان يعمل مرشداً اجتماعياً، إلا أن وزارة التربية أرادت توقيع عقد عمل جديد مع الأستاذ، رفض الأستاذ توقيع عقد جديد وأصر على عقده القديم الذي فصل عنه عند اندلاع انتفاضة الكرامة، أصرت الوزارة على موقفها وأصر الأستاذ على موقفه، ومارس الأستاذ عمله لمدة سنتين من دون أن يحصل على راتب واحد! ورغم أن الأستاذ كان علماً شامخاً ورمزناً بارزاً إلا أنه لم يُعلم أحداً بهذه القضية إلا بعد أن كسب القضية وصرفت له مستحقاته كاملة، وحينما سُئل الأستاذ عن سبب عدم إثارته للقضية قال: (لا أريد أن ينشغل الناس بقضية فردية على حساب قضايا الأمة).

نفتخر ونعلن ولاءنا

في عام 2002م أو 2003م، وبعد دخولنا في مرحلة جديدة، شن النظام بكل ثقله حملة واسعة يطالب فيها الجميع في المعارضة ببيان موقفهم فيما يخص ولاءهم إن كان للبحرين أم للجمهورية الإسلامية.

أدلى المجتمع بدلوه، وبصيغ وعبارات مختلفة أعلنوا ولاءهم للبحرين، وقالوا ما قالوا لإعلان البراءة من الجمهورية الإسلامية متذرعين أن المصلحة السياسية تقتضي قول ذلك، إلا شخص واحد وكأن في أذنيه ماء، ولم يسمع كل النعيق الصادر من أبواق النظام.

ولأن هذا الشخص موقفه يعتبر الأهم من بين الجميع بالنسبة للنظام الذي يدرك جيداً أكثر من غيره أن هذا الشخص باستطاعته قلب الموازين متى ما أراد، خرج رئيس الوزراء يومها بتصريح وضعته صحف البحرين بالخط العريض مفاده: (الجميع بينوا موقفهم إلا شخص واحد لم نسمع صوته).

ليخرج أستاذ البصيرة حفظه الله برد زلزل كيانهم؛ حيث بدأ خطابة بآيات من سورة النمل: (وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ (20) لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (21) فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ) [1].

وعقب عليها بالقول: (نعم؛ نحن نفتخر ونعلن بأننا ندين بالولاء للولي الفقيه وللنظام الإسلامي، فلا ندين بالولاء لإيران وإنما للنظام الإسلامي، ولو انتقل النظام الإسلامي من إيران إلى الصين لانتقل ولاؤنا تلقائياً من إيران إلى الصين).

هذه الضجة من أجل الجاه

اتصلت بالأستاذ عبد الوهاب حسين حفظه الله في أيام استعداد الهجمة الشرسة عليه، فطلبت زيارته فوافق كعادته رغم كثرة انشغالاته، وعندما وصلت الى باب المجلس رأيته من خلف الزجاج يقرأ القرآن مرتدياً ثوباً من دون غترة، فدخلت عليه وجلست الى جواره، وطرحت عليه ما كنت أريد، فقال لي: (لم كل هذه الضجة علي؟ ما السبب؟).

قلت: لا أعلم.

فأجاب: هل سمعت خاطرة الشهيد الصدر حول حب الدنيا؟

قلت: نعم.

فقال: إن كل هذه الضجة من أجل الجاه وخوف سحب البساط.

هكذا أريدكم

كنت حاضراً في إحدى الجلسات بمجلس فضيلة الأستاذ حفظه الله، وبعد ختام النقاش جلست معه لأناقشه في بعض ما ذكره؛ حيث كنت أراه مخطئاً في رأيه، وكان أسلوبي فظّاً نوعاً ما معه، فعمري كان 26 سنة تقريباً، إلا أنه كان ينظر إلي بكل رأفة واحترام، وقال لي بعد النقاش: (هكذا أريدكم، إذا رأيتم خطأ صححوه وانتقدوا).

اطلاع كبير وتواضع شديد

في إحدى الاعتصامات التي أقيمت أمام منزل الأستاذ عبد الوهاب حسين والتي شارك فيها سماحة آية الله المقداد وقال فيها: (ليس لدينا فرق بين الأفندي والمعمم، وإنما العبرة بالأصالة الفكرية).

خرج الأستاذ وجلس على السجاد المفروش بكل تواضع بين الناس وكنت جالساً إلى جانبه، وبدأ النقاش حتى وصل الى مسألة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وشرط احتمال التأثير؛ حيث إن المشهور بين الفقهاء هو أن شرط التأثر والقدرة هو شرط وجوب وليس شرط واجب، فلا يجب على المكلف أن يقوّي نفسه لكي يكون مؤثراً، إلا أن الأستاذ قال: (هناك رأي أنه شرط واجب تحصيله، فإذا لم نكن مؤثرين يجب أن نقوي أنفسنا لكي نكون مؤثرين).

وجادلته بشدة وهو يجيب بكل تواضع واحترام، وبعد الانصراف اتصلت بأحد أساتذتي وسألته عن ذلك فأيد رأيي، فاطمأننت.

وبعد سنوات كنت أقرأ كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر للشيخ حسين نوري همداني ورأيت الرأي الذي ذكره الأستاذ وأن هناك عدة علماء يتبنون هذا الرأي.

فأدركت بعدها مستوى اطلاع الأستاذ في المسائل الدينية مع أن المسألة حوزوية تخصصية، كما أدركت شدة تواضعه أيضاً.

إغاثة غزة المحاصرة

قبل نهاية العام 2010م أقيمت بعض فعاليات الإغاثة لغزة المحاصرة من قبل الجمهورية الإسلامية، ومنها حملة إغاثة تحت عنوان: (قافلة الإغاثة من آسيا إلى غزة).

 فقاموا بتوجيه خطاب الى جمعية الوفاق وإلى فضيلة الأستاذ من أجل المشاركة في هذه القافلة، فما كان من الأستاذ إلا أن قام بالاقتراح علي بالمشاركة، وبالفعل شاركت.

فلا بد أن يكون لي موقف

في العام 2009م، عندما ذهب الأستاذ عبد الوهاب وآية الله المقداد والشيخ المخوضر حفظهم الله إلى الجمهورية الإسلامية للحصول على شرعية للتحرك الجديد، كان من ضمن برنامجهم الذهاب الى الحسينية البحرانية للالتقاء بالطلاب، وكان ذلك ليلة الجمعة حيث يجتمعون ثم يتناولون وجبة العشاء مع بعضهم البعض.

ولكن للأسف في تلك اللية لم يحضر أكثر العلماء الكبار، ولم يكن هناك إلا السيد مجيد الغريفي ومجموعة من الطلاب المبتدئين، وكانت الصورة العامة التي لديهم أن الأستاذ ومن معه أصحاب فرقة ومتكبرون لذلك لم يتم استقبالهم بالشكل اللائق.

وعندما جاؤوا أحاطهم الطلاب، وبدأ السيد مجيد بعتابهم على مخالفتهم للوحدة، وهم يبتسمون، ثم وجه الطلاب أسئلتهم القاسية للرموز، وكلما حاول الأستاذ أن يوضح الأمر لم يعطوه فرصة حتى وقف على ركبتيه وقال: (أرجوكم أعطوني مجالاً للحديث).

ثم تحدث بكل تواضع وأوضح الأمور، فوجه السيد مرتضى السندي سؤالاً للأستاذ قائلاً: (لماذا دعوت الناس للالتفاف حول الشيخ عبد الجليل المقداد وهو غير مجرب، فربما يتراجع لو سجن أو غيره).

فابتسم المقداد وقال للأستاذ: (نعم، كلامه صحيح).

فقال الأستاذ: (لأني رأيت الشيخ وحيداً والسهام تتراشق دون أن يدافع عنه أحد، فلا بد أن يكون لي موقف من ذلك).

الحكيم لا ينقض غرضه

في إحدى السنوات، كنت في مدينة قم المقدسة مع جمع من طلبة العلوم الدينية الذين كانوا يتهمون الأستاذ بعدم الالتزام بوحدة الصف التي يدعو لها الإسلام، فقلت لهم: (من الجيد أن تزوروا الأستاذ وتناقشوه بأنفسكم).

فتم ترتيب اللقاء، وكان من ضمن الحاضرين سماحة الشيخ زهير عاشور حفظه الله، فطرحت الإشكالات، وكان الأستاذ يستمع وهو يضع بعض أصابعه على صدره بطريقته المعروفة ويعلو وجهه الهم لما يراه من عدم وعي النخبة، ثم أجاب قائلاً: (أنتم طلاب وتدرسون الفلسفة وتعرفون مقولة (إن الحكيم لا ينقض غرضه)، أي لا يفعل شيئاً يتعارض مع أهدافه، والوحدة المطلوبة هي التي تقوي الأمة وهذه هي فلسفة الوحدة، أما إذا كانت الوحدة تضعف الأمة فهذه وحدة مذمومة).

كان الأستاذ يقصد إن التماشي مع النظام وتمرير مشاريعه لن يخدم الوحدة، وهنا عرف الطلاب الأستاذ عن قرب.

هدفنا التمهيد

بعد تأسيس تيار الوفاء الإسلامي اجتمع الأستاذ المجاهد عبد الوهاب حسين مع مجموعة من كوادر التيار الناشئة والمنضمين حديثاً للتيار، فسألهم الأستاذ عن أهداف التيار؟ فأجابت الكوادر إجابات مختلفة، مثل (تحصيل الحق) و(برلمان كامل الصلاحيات) و(دستور جديد للبلاد) وما شابه، فأجاب الأستاذ: (كل هذه الأهداف مشروعة، ولكن هدفنا الأول والأخير هو التمهيد لظهور صاحب العصر والزمان (عج) ودولته الكريمة).

المنهج الإسلامي في الحراك السياسي

حضرنا يوماً اجتماعاً لكوادر الهيئة السياسية بتيار الوفاء الإسلامي، وكان الأستاذ عبد الوهاب حسين يدرب الكوادر على المنهج الإسلامي في الحراك، وكانت الكوادر متنوعة بين مدرسين ومثقفين وناشطين.

كانت الساحة تشهد صداماً بين السلطة وحركة حق وأنصار فضيلة الأستاذ حسن مشيمع، وكنا من المتأثرين بحرارة الشارع، فخطب أحد الكوادر – وكان أستاذاً مؤمناً مخلصاً – خطبة سياسية حماسية وقف منها شعرأبداننا وأخذتنا الحماسة، وظل الأستاذ يستمع دون مقاطعة، ولم تظهر عليه علامات التأثر والتفاعل. انتهى الكادر من خطبته والجميع صامت ينتظرون تعليق الأستاذ، فقال الأستاذ بكل برود: (هذا منهج المفلسين).

فانصدمنا لبرهة وانفجرنا من الضحك على أنفسنا، وكان كل منا يقول في نفسه: (إذا كانت هذه الخطبة السياسية المحشوة بالآيات والأحاديث إفلاساً فماذا عسانا أن نقول؟).

بعدها علق الأستاذ وشرح لنا أن الحراك القائم على افتعال الأزمات وتأزيم القضايا هو منهج غير إسلامي، وبين لنا أسس النهج الإسلامي، فكانت هذه الجلسة من أفضل الاجتماعات لنا ككوادر متدربين.

غداً البداية وليس النهاية

ينقل أحد الإخوة أنه في ليلة 14 فبراير 2011م وقبل أن يبزغ فجر 14فبراير – أي فجر الحرية الأبدية للشعب البحراني المسلم الأبي – وبسبب علاقاته الواسعة،التقى وسمع تعليقات الشخصيات السياسية المعارضة الرفيعة المستوى من رؤساء جمعيات وتيارات، وأجمعوا جميعهم بأن يوم 14 فبراير سيمر مرور الكرام، وفي أفضل الأحوال لن يكون إلا يوماً عادياً يتخلله بعض المسيرات وحرق للإطارات وستنتهي الأمور بنهاية اليوم، طبعاً أحدهم تمادى كثيراً وقال لقناة الجزيرة الفضائية: (هذه حركة مشبوهة ولا نعلم من يقف خلفها، وقد تكون للمخابرات يد في الموضوع).

وتجدر الإشارة الى أن صحيفة مشهورة محسوبة على المعارضة كتبت مقالاً لاحقاً وأكدت فيه بأنها شخصياً تواصلت مع رؤساء الجمعيات السياسية المعارضة وبعض الشخصيات السياسية المعارضة وبعض الشخصيات المعارضة وذكرتهم بالأسماء وجميعهم قالوا لها جازمين بأنهم لا يتوقعون حصول أي أمر مشابه للحاصل في مصر وتونس وفي أحسن الأحوال سينتهي اليوم بانتهائه.

يواصل الأخ القول: ختمت لقاءاتي بزيارة لمنزل أستاذ البصيرة الأستاذ عبد الوهاب حسين حفظه الله، وبعد أن سردت له الآراء المطروحة، كان لصاحب البصيرة رأي مغاير تماماً، رفع رأسه بعد أن أصغى إليّ بإنصات وبابتسامته المعهودة قال لي: (يا ولدي، غداً – أي 14 فبراير – البداية وليس النهاية، وهذه المرة الأمر سيدوم وسيطول أكثر من انتفاضة الكرامة في التسعينات من القرن الماضي التي دامت سبع سنين، وحجم التضحيات التي سنقدمها هذه المرة ستكون أكبر بكثير وستكون أضعافاً مضاعفة، وعدد شهدائنا سيفوق بمراتب عدد شهدائنا في انتفاضة الكرامة، فإذا أردت أن تستشهد جهز نفسك وأعدّ العدة).

يقول: قلت له: (أخشى أن نخرج ونثور ونقدم التضحيات القيمة، لكن بعد ذلك يتم الدخول في حوارات ومفاوضات شكلية، ويتم إرجاع الناس الى بيوتهم باسم الدين).

قال لي بضرس قاطع: (يا ولدي، لن يحصل ويحدث هذا الأمر هذه المرة، فالناس اليوم بسبب تجاربهم وتجارب الأخرين كتجربة الشعب الإيراني المسلم وثورتهم الإسلامية الناجحة أصبحوا أكثر وعياً من أي وقت مضى، فلن يسمحوا لأي أحد في أي لباس كان وتحت أي مسمى أن يرجعهم إلى بيوتهم خالي الوفاض لا باسم الدين ولا غيره، لن يرجعوا إلى بيوتهم قبل أن يكتسبوا جميع حقوقهم، وأي شخصية مهما على شأنها تحاول الوقوف في طريقهم سينحونها جانباً).

انتهى اللقاء وهممت بالمغادرة، أوصلني سماحته إلى السيارة، وعند الوداع قال لي مجدداً: (يا ولدي، أذكّرك مجدداً مؤكداً عليك إذا تتوق الى الشهادة اغتنم الفرصة واذهب جهز نفسك وأعدّ العدة).

لا نشك في إخلاصه وتقواه

بعد اندلاع ثورة 14 فبراير وأسر أستاذ البصيرة الأستاذ عبد الوهاب حسين والصف الأول في تيار الوفاء الإسلامي ظن الأعداء بأن العمل قد توقف تماماً، لكنهم غفلوا عن أن أستاذ البصيرة لا يمكن أن ينسى نقطة جوهرية كهده.

وكون أن تيار الوفاء الإسلامي والمنتمين له مستهدفين من قبل الطغاة، فهذا الأمر تم بريبة تامة، والإخوة في الصف الثاني غير معروفين للأصدقاء فضلاً عن الأعداء. اصطدم الإخوة الجدد بواقع لا مفر منه، فعندما التقوا بالمسؤولين في الجمهورية الإسلامية وبالأخص مكتب ولي أمر المسلمين السيد الإمام الخامنئي (دام ظله) وجه لهم السؤال التالي: (نحن نعلم بأن الأستاذ عبد الوهاب حسين ولائي حتى النخاع، وأن البند الأول للدستور الداخلي لتيار الوفاء الإسلامي يقول بأن على كل منتمٍ إلى تيار الوفاء الإسلامي أن يعتقد ويؤمن إيماناً جازماً بولاية الفقيه، ويتبع الولي الفقيه تبعية مطلقة، ويطيعه طاعة مطلقة، فيحق للجميع العمل في الساحة البحرانية، ولكن كلمة الفصل لأي حل سياسي لسماحة آية الله الشيخ عيسى قاسم، فما رأي الأستاذ؟!).

كانت هذه طريقة ذكية من الإخوة في مكتب السيد القائد الإمام الخامنئي لمعرفة إن كان الإخوة الجدد المستلمين لزمام أمور تيار الوفاء الإسلامي على ارتباط بفضيلة أستاذ البصيرة أم لا، كونهم يعرفون الجواب مسبقاً.

تواصل الإخوة مع أستاذ البصيرة وجاء الرد: (على جميع العاملين في تيار الوفاء الإسلامي الطاعة المطلقة والالتزام التام بكل القرارات والتعليمات التي تصدر من مكتب الولي الفقيه).

لاحقاً؛ عندما وُضع سيد المقاومة سماحة السيد حسن نصر الله في الصورة علق قائلاً: (هذا إن دل على شيء فهو يدل على طيب أصله ونحن لا نشك في إخلاصه وتقواه).

عندها يأتي دورنا

عندما خرج للمشاركة في جنازة والدته رحمها الله وكان ذلك في العام 2013م – أي قبل 8 أعوام من الآن – أعلن عن التكليف الذي يكشف عن بصيرة؛ حيث قال لبعض الشباب القادة: (لا تستهلكوا طاقاتكم ميدانياً هذه المرة؛ بل اعملوا على إعداد أنفسكم والأخرين ثقافياً وروحياً للمرحلة القادمة)، وكان يعني بالمرحلة القادمة مرحلة ما بعد هذه الثورة؛ حيث قال: (عندما تنتهي هذه المرحلة بحل سياسي، عندها يأتي دورنا لمواصلة طريق الجهاد حتى تحقيق الهدف).

وهذا يكشف بوضوح أن الأستاذ عندما أعلن وبضرس قاطع عن أن: (إسقاط النظام هو أمر في غاية الإمكان)، كانت الرؤية لديه واضحة، فهو لم يقصد في هذه الثورة وإنما على المدى البعيد، وتحديداً مرحلة ما بعد هذه الثورة.

إذاً؛ هذه الثورة دورها دور الإعداد للمرحلة القادمة التي تصل للهدف.

وللعلم نفس مضمون هذا الكلام نقله الأستاذ للإخوة المسؤولين في الجمهورية الإسلامية.

النصيحة الذهبية

سأل أحد الشباب الأستاذ عبد الوهاب حسين: (إذا تم اعتقالي، كيف أتعامل مع موضوع اشتياقي لزوجتي وأبنائي وأهلي؟).

فقدم له الأستاذ النصيحة الذهبية: (عندما تتذكرهم لا تفكر فيهم كثيراً، ولا تتذكر لحظاتك ومواقفك الماضية معهم، وإنما مباشرة توجه الى الله تعالى بالدعاء لهم).

أريد أن تناقشني

سأل الأستاذ أحد الشباب: (هل تقرأ خطبة الجمعة؟)، فأجابه: (فقط الشق السياسي منها، لأني مشغول بالدراسة الجامعية)، فقال له الأستاذ: (الشق الديني في الخطبة هو الأهم، وإذا أصبح لديك تزاحم من حيث ضيق الوقت بين أن تقرأ الشق الديني أو السياسي اقرأ الشق الديني منها فهذا بالنسبة لي هو الأهم، احرص على قراءة الشق الديني من الخطبة وأريد أن تناقشني في المضمون المرات القادمة).

بين أبي حسين وأبي جميل

يقول أحد مشايخ أصحاب المبادرة كلمة حق خلافاً لما يحاول أن ينشره البعض عن أن علاقة الأستاذ عبد الوهاب بالشيخ الجمري رحمه الله كانت متوترة وأن الأستاذ تسبب في إيناء الشيخ: عندما كنا في السجن، كان الأستاذ أكثرنا احتراما للشيخ، لدرجة أننا نحن المشايخ عندما كنا نمزح مع الشيخ الجمري، كان الأستاذ لا يرضى بذلك.

وكان الأستاذ يقوم بغسل ونشر ملابس الشيخ كوظيفة دائمة وخاصة به، كما كان يقدم الشاي بنفسه يومياً للشيخ الجمري.

كنت أذهب مشياً على الأقدام

في ثمانينيات القرن الماضي، كان الأستاذ يدرس في منطقة المحرق دروسا في العقيدة وولاية الفقيه، وللعلم فإن عددا من المشايخ الذين فيما بعد رموه زوراً وبهتاناً بأنه ضد الولاية كانوا من تلامذته في هذه الدروس.

أحد الذين تربوا في مدرسة الأستاذ هو الشهيد الحاج عبد الكريم فخراوي، يقول الشهيد عن هذه الدروس: (من شدة ولعي بها كنت أذهب مشياً على الأقدام من المنامة الى المحرق لحضور دروس الأستاذ).

همة وعزيمة

أحد الشباب طلب من الأستاذ أبو حسين رأيه في كتب الشهيد الدكتور شريعتي رحمه الله، فأجاب الأستاذ بأنه لم يقرأ له، فقال له الشاب: (ضروري أن تقرأ له، وتقول رأيك).

وافق الأستاذ وطلب منه أن يجلب إليه كتب شريعتي، فقام الشاب بإحضار 23 كتاباً لشريعتي.

بعد يومين فقط، اتصل به الأستاذ، وعندما ذهب إليه، جلس معه الأستاذ وقد قرأ جميع الكتب ودون ملاحظاته عليها حيث قام بالتأشير على الصفحات التي كان له ملاحظات عليها.


[1] النمل

المصدر
كتاب مشكاة - فضيلة أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
تواصل معنا
سلام عليكم ورحمة الله
كيف يمكننا مساعدتك؟