مواضيع

تيار الوفاء الإسلامي

تمهيد

إن المنهج الإسلامي الأصيل يرى أن الدين لا يمكن فصله عن السياسة وشؤون الحياة؛ بل يرى لزوم أن تبنى السياسة على أسس الدين، وبما أن حجر الأساس في الدين هو ما يحوي الجانب العقائدي المبني على أساس التوحيد، فإن السياسة وما تحمله من مناهج فكرية وسلوكية و… لا بد أن تبنى على التوحيد: الذي هو أصل الدين ومنه تتفرع سائر الأصول والفروع.

إن ربط الدين بالحراك السياسي؛ بل جعل (التيار السياسي) مبنياً على أسس عقائدية متناسبة ومتناغمة؛ بل مؤسساً على الرؤية الكونية التوحيدية، هو من أهم ما يميز (تيار الوفاء الإسلامي)؛ حيث إنه تميز عن سائر الأحزاب والتيارات والجمعيات: بأنه تيار عقائدي في جذوره وأصوله، وفي فروعه وأغصانه، وفيما يرنو إليه في اقتطاف ثماره.

إن التجربة الطويلة والشاقة على منعطفات الحياة، ومع خوض أكثر من تجربة سياسية ودينية، ومع تراكم الخبرات وتلاقح الأفكار، ومع السير على نهج السيد الإمام قدس سره وتبلور أفكاره مع مرور الزمان.. أوصلت الأستاذ عبد الوهاب حسين حفظه الله ومن معه من رفاق الدرب إلى هذه النتيجة المباركة، وأنه لا بد من تأسيس تيار سياسي عقائدي يأخذ بالعباد والبلاد إلى بر الأمان في حياتهم الدنيا وحياتهم الأخرى؛ خصوصاً مع ملاحظة عدم قدرة المتصدين للساحة لحمل مثل هكذا أمانة بسبب ما يحمله من منهج في العمل السياسي أحد مآخذه أنه لم يُبن على أسس عقائدية تتناسب مع المرحلة الإقليمية والدولية، فكان المنهج السياسي العقائدي الذي يمثل تياراً ينتمي الى حلف الممانعة والمقاومة في المنطقة، ويعد ذراعاً للجمهورية الإسلامية، ومؤتمِراً لولي أمرها القائد المفدى دام ظله.

الرؤية التوحيدية للوفاء الإسلامي

إننا نعتقد بأن كل شؤون الإنسان الفردية والاجتماعية والسياسية و…. لا بد أن تكون قائمة على شريعة السماء، ولا يمكن لأحد يعيش التوحيد في فكره ولا يعيش العبودية في سلوكه ومناهج حياته، حيث لا فصل بين الدين والسياسة، كما عليه العلمانيون!!

والرؤية التوحيدية تأخذ بأيدينا الى أن نرى بأن الإنسان في حياته السياسية لا بد أن ينحني مطيعاً لسيده ومولاه في (الحاكمية) و(التشريع): فالله تعالى هو الحاكم (إن الحكم إلا الله)، وهو المشرع والواضع للقوانين (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون).

وهذه الرؤية التوحيدية تأخذ بأيدينا في أخر المطاف إلى أن يكون الحاكم والمشرع هو (الفقيه) الجامع للشرائط في زمن الغيبة الكبرى، فالفقيه هو الذي يقف على رأس كل السلطات، وهو الذي تنتهي إليه كل التشريعات.

ومع قيام دولة الإسلام بقيادة الإمام الراحل قدس سره وارتفاع لواء الجمهورية الإسلامية تحت ظل ولي الأمر دام ظله فإن الحجة قامت اليوم على كل الشعوب، بأن تكون سائرة خلف هذه الدولة المباركة، وممتثلة لأوامر قائدها المنصب من قبل الأئمة (ع) في زمن الغيبة الكبرى.

وهذا هو الذي جعل الوفاء الإسلامي يبني (دستوره) على مثل هذه المفردات العقائدية؛ بل ويلزم منتسبيه، وأعني بذلك القيادات من الصف الأول، بأن يكونوا مؤمنين بـ (ولاية الفقيه)؛ بل ومعتقدين بشخص السيد القائد دام ظله، وعليه: فالميزة التي يمتاز بها هذا (التيار) عن غيره: أنه مبنى على أسس عقائدية سائر على (منهجية خمينية) في فهم الإسلام والحياة، منقاد لـ (قيادة خامنئية) في مقارعة طغاة الزمان.

الوفاء الإسلامي تاريخياً

ومن الأمور التي يلزم الإجابة عليها هي: أنه لم تأخرت (ولادة) مثل هذا التيار ما دام مبنياً على أصح المناهج؛ بل ومؤسسا عقائدياً بما يتناسب مع المدرسة الشيعية الإمامية؟!

بل ويعاد مثل السؤال على شخص الأستاذ عبد الوهاب حسين وأنه لماذا لم يؤسس مثل هذا التيار السياسي في أول تجربة خاضها سياسياً؛ حيث نجد الوفاء الإسلامي قد جاء بعد ولادة الوفاق وحق، وغيرهما من الأحزاب السياسية؟!

والجواب على ذلك: أنه من الواضح أن بناء مثل هذا الطور الشامخ وهذا الكيان السياسي المؤسس على أسس عقائدية، يزداد تعقيداً إذا أريد له أن يكون بمنهجية خمينية وقيادة خامنئية.

إن مثل هكذا بناء مبارك يحتاج إلى عدة عوامل، نذكر عاملين منها:

أولاً: لا بد من وجود (أفراد) يحملون مثل هذا الفكر الذي يحمله الأستاذ عبد الوهاب حسين على صعيد العمل السياسي، فمن الواضح أنه لا يمكن للأستاذ أن ينشئ مثل هذا التيار العقائدي لوحده؛ بل لا بد له من الأعوان والأنصار، فإقامة تيار سياسي حاله حال غيره من الأمور الاجتماعية التي تتوقف على مشاركة الأمة ومعارضتها، ومن الواضح أن مثل هؤلاء لم يكن جمع شتاتهم إلا في وقت يعتبر متأخرا نسبياً.

ثانياً: إن الظرف الزماني مهم لانبثاق أي (مشروع) وضمان ديمومة بقائه، خصوصاً إذا كان المشروع كبيراً له تداعيات وارتدادات عظيمة، فولادة تيار من هذا النوع في بلد طاغوتي واقع تحت الهيمنة الأمريكية البريطانية أمر ليس بالهيّن.

ويبدو أن الأستاذ عبد الوهاب حسين كان يرقب اللحظة المناسبة حتى جاء ميعاد الولادة عام 2009م، الذي استنفرت ولادته الأمريكان والبريطانيين قبل عملائهم الخليفيين، ولا ينبغي نسيان أحداث 2010م وما قاموا به تجاه قيادة التيار وكوادره.

الوفاء الإسلامي إقليمياً

إن من إحدى مميزات الوفاء الإسلامي أنه قام بعمل لم يقم به غيره؛ حيث ربط هذا الجدول بذلك المنبع، وأوصل هذا الشعاع يتلك الشمس: فـ (البحرين) الإسلامية هي جزء من الأمة الإسلامية، وهي جزء لا يتجزأ من (محور المقاومة) التي تمثل الجمهورية الإسلامية (قطب الرحى) فيه في مثل هذا الزمان؛ بل يرى الوفاء الإسلامي أنه ملزم بامتثال إرشادات وأوامر ولي أمر المسلمين الذي يمثّل اليوم الحجة على جميع المسلمين.

وإن هذه النقلة في الحراك السياسي في رؤاه ومنهجه ومواقفه، لهو قفزة على ما هو متناغم مع الأفكار الاستعمارية؛ حيث قسموا البلدان وجعلوا لها حدوداً سياسية تفصل دول الإسلام والمسلمين عن بعضهم البعض، وكي يتمكن الحراك من إحكام الوفاء الإسلامي عن مثل هكذا أبجديات، وتبنيه أبجديات الإسلام الأصيل منتهلأ من العين الخمينية والشمس الخامنئية، ألحق البحرين ببقية أذرع المقاومة التي تطوف حول الجمهورية الإسلامية.

ولذا يعد اليوم الوفاء الإسلامي أخطر تيار على أرض البحرين، فكراً وقيادات وحاضنة شيعية، فالذي أركع الأمريكان، ومنع النوم عن البريطانيين، هو وجود العصائب والكتائب وأنصار الله وحزب الله وسائر فصائل المقاومة التي تؤمن بالجمهورية؛ بل ووجوب طاعة القيادة في الجمهورية، وها هي البحرين تتصل بمثل هذا المنبع الصافي وتقوى بمثل هذا الحصن المنيع.

و (الوفاء الإسلامي) رهين في بقائه واستمراره بوجود (أمة حاضنة) مقتنعة فكرياً منسجمة روحا، عاملة سلوكياً، بمثل هذه الأدبيات، وهذا يحتاج الى جهد جهيد وعمل دؤوب.

والعاقبة للمتقين.

المصدر
كتاب مشكاة - فضيلة أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
تواصل معنا
سلام عليكم ورحمة الله
كيف يمكننا مساعدتك؟