مواضيع

مقابلة مع المعتقل حسين عبدالوهاب

س: كيف هي أحوال فضيلة الأستاذ حفظه الله؟ وما هو جديده؟

ج: الوالد الأستاذ عبد الوهاب حسين بخير وصحة كذلك، وهو يمارس أنشطته الفكرية والرياضية بشكل منتظم، مما يتيح له إنجاز ما يود إنجازه.

لعلي أستطيع القول إن حال الوالد الأستاذ عبد الوهاب لا أجد فيها أي فارق أو تغيير منذ أن أبصرت النور، فأحواله المعنوية والروحية هي هي قبل السجن وأثناء السجن، فكلما أتيحت لي فرصة زيارته أجده هو هو، لم تتغير معنوياته، لكنه يزداد تألقاً ورفعة تسلب ألباب قلبي وفكري، فأقف متفحصاً محاسنه التي ازدادت بياضاً، وأبقى منصتاً لكلامه وتوجيهاته بكل اهتمام. وفي جديده، فقد صدر للوالد ثلاثة كتب جديدة وهي:

  1. اللامنطق في السلوك من القران
  2. رسول الرحمة
  3. الإسلام والعلمانية

وهذه الكتب كلها متاحة في الخارج بشكل إلكتروني وبعضها ورقي مطبوع، كما أنه في الوقت الحالي يعكف على بحثين مساعدين متممين لكتابه (اللامنطق في الفكر والسلوك)، وهما:

  1. صور اللامنطق من القران
  2. فرعون مثال اللامنطق

س: بحكم أنكم أقرب الناس للأستاذ كيف يقضي الأستاذ ساعات يومه داخل وخارج السجن؟

ج: لظروف الداخل والخارج اختلاف من حيث إدارة الوقت ومتطلبات الظروف، لكن بشكل عام فإنه يراعي أن يعطي كل مسؤولياته حقها من الوقت.

لو تحدثنا عن داخل المعتقل، فإن برنامجه اليومي يحتوي على عدة أمور، منها: البحث والمطالعة والقراءة والكتابة، كما أنه يهتم بممارسة رياضة المشي بشكل يومي بما لا يقل عن النصف ساعة وبعض الأحيان تكون على فترتين، صباحية ومسائية، كما يحتوي برنامج متابعة الأخبار المحلية والعالمية عبر الصحف والتلفزيون، كذلك الجلوس مع إخوته الرموز وتبادل الحديث معهم له حيزه اليومي، ومن الأمور التي لا تفارق برنامجه.

وبرنامجه اليومي خارج المعتقل لا يختلف عن داخله سوى بإضافة التزاماته الأسرية والاجتماعية والقيام بمسؤولياته التي على عاتقه كاملة.

س3: بعد عشر سنوات من عمر الثورة المباركة، كيف ينظر الأستاذ للمستقبل؟

ج3: الأستاذ عبد الوهاب حسين لطالما كان يردد عبارة: (من كان مع الله كان الله معه)، فهو كان ومازال يحث على الارتباط بالله سبحانه وتعالى، الارتباط الذي يكون شكله ومضمونه الثقة والتسليم والرضا.

فمن يكون هذا دأبه وكذا تربيته، لا ينظر للمستقبل إلا نظرة التفاؤل وعدم الاستسلام.

من الجيد هنا أن أشير الى أن البيانات الأخيرة للوالد كلها ذات مضامين هامة للمستقبل، وأجد فيها مضمونا مشتركا يؤكد على دور المعتقلين الهام في التأثير على المستقبل.

فيصفهم بأنهم: ( المجاهدون) و(المعتقلون الصابرون)، وذكر في أحد البيانات عبارة تبين مكانة المعتقلين، وهي: (خزان بشري هائل). إذاً؛ بالمحصلة نخرج بنتيجة مفادها أن المستقبل يرسمه هؤلاء المعتقلون الذين عركتهم طول المدة وقسوة التجربة، كما بين الأستاذ عبد الوهاب في بياناته.

س4: ما هو السر وراء تعدد تصريحات الأستاذ الأخيرة، وهو الذي تعودنا عليه ندرة التصريح من داخل السجن؟

ج4: من باب الطرفة أن أول من سألني هذا السؤال هي والدتي حفظها الله، عندما قالت لي مستفسرة: (كثرت بيانات والدك في الفترة الأخيرة؟!) فأجبتها: (وربما تكثر أكثر في قادم الأيام، لأن المرحلة تتطلب ذلك).

فلا يخفى على أحد أن البلد والمناطق ككل تمر بتغيير، وهذا التغيير كبير جداً على مستوى التحالفات، والبلد ليس في معزل عن هذه المتغيرات، والنظام لا يريد أن يتأخر عن الركب كما حصل في قضية قطر، لذلك هناك رغبة منه مصحوبة بخطة لجعل المعارضة تقبل بأقل التسويات.

وعليه: إذا عدنا لأول بيان صدر عن الوالد الأستاذ عبد الوهاب، والذي قال فيه: (الانفراجة متاحة، الحل المرضي غير متاح حتى الآن، توجد خشية من الاستعجال)، ونتيجة هذا الاستعجال:(العودة الى الوراء).

إذاً؛ نخرج بنتيجة مفادها أن البيانات هدفها التأكيد على الصبر والحكمة والوعي والبصيرة والاستقامة والثبات في مرحلة حساسة من عمر الثورة.

س5: في ظل الوضع القائم داخل السجن، من المهم والضروريتنمية الوعي السياسي لدى الأفراد، ماهي الطرق والأساليب التي استخدمها الأستاذ لبث الوعي في المجتمع؟

ج5: هذا السؤال جميل ومهم، محترفو الخطابة والعلاقة العامة يملكون القدرة على الالتواء في الحديث وتبديل الحقائق بغية تحقيق أهدافهم ومن أجل أن تميل الناس نحوهم، إلا أن الأستاذ عبد الوهاب يعطي العقل قيمته الحقيقية، فهو يبث الوعي لتقتنع فتنجح، وتفلح أنت في الدنيا والأخرة، على عكس البعض الذي يريدك عدواً في حساباته دون وعي، أو يريد تضليلك بكلام ممزوج بين الحقيقة والكذب من أجل أن تميل نحوه، وتعتقد أن ما تدافع عنه هو الحق، في حين أنه ليس كذلك.

فأهم أسلوب اتخذه الأستاذ في بث الوعي هو إعطاء كل إنسان قيمته الإنسانية، كونه يملك العقل الذي يفكر به ويتخذ به القرار ويحاسبه عليه.

أما الأسلوب الآخر الذي اتخذه الأستاذ في بث الوعي فهو الخطاب المتزن البعيد عن الانفعالات والتجريح والشخصنة في الخطاب، فهو يناقش فكرة ولا يناقش شخوصا.

كذلك من الأساليب التي اتبعها الأستاذ في بث الوعي هو التشجيع على النقد، على أن يكون نقدا بناء وليس هداما، ونقد بنية التصحيح وليس التأزيم، كما أنه يدفع نحو أن يدلي كل واحد برأيه وألا يستصغر صاحب الرأي مهما كان بسيطاً، وهذا ما يشهد به حضور مجلسه الذي كان يقام كل ليلة ثلاثاء.

س6: ماهي الكلمة أو العبارة التي لا تنساها لوالدك الأستاذ عبد الوهاب حسين؟

ج6: دعني أقول كلمة توضيحية أولاً: قلة قليلة من الناس؛ بل حتى من الأصدقاء من يدرك طبيعة علاقتي بوالدي الأستاذ عبد الوهاب حسين.

فنوع العلاقة التي تجمعني به أعتقد أنها لا تحصل إلا لعدد محدود جداً من البشر، فهو الأب والصديق والصاحب والزميل والمستشار والقائد، فلك أن تتخيل اجتماع كل ذلك في هذه العلاقة، فكيف سيكون نوع الارتباط ونوع العلاقة؟ قطعاً طابعها المتميز.

على كل؛ أنا أعتبر كل كلمات والدي مؤثرة، وكلها لا أنساها حتى أن أحد أبناء القرية سألني ذات مرة: (هل تحمل معك ورقة وقلما في الزيارة لكي تتمكن من كتابة أربع صفحات من أقوال الأستاذ؟!).

لكن أذكر لكم كلمتين مرتبطتين بهذه المرحلة قالهما الأستاذ توجيهاً للسجناء:

  1. أنتم إذا استشرفتم المستقبل، وعرفتم ما تريدون أن تكونوا عليه لاحقاً، ستعرفون ما هو المطلوب منكم القيام به الآن، فهذه دعوة من الأستاذ عبد الوهاب لأن نتعرف على التحديات التي سنواجهها مستقبلاً، لكي نعرف كيف نتخطاها، فنعمل من الآن على تحصيل أدوات النجاح وتجاوز التحديات.
  2. دراسة العقائد والفقه مهم، لكن الأهم هو دراسة الأخلاق والتحلي بها.

هذه العبارة قالها لي بعد ثلاثة أشهر من اعتقالي، ليرسم لي بها منهج سير في السجن.

س7: حدثنا عن كلمة حسينية أو موقف عاشورائي لفضيلة الأستاذ.

ج7: أتذكر فيالعام 2004م، خرجت مسيرة ضخمة على شارع المرفأ المالي تحت شعار: (لبيك يا حسين)، استنكارا لضرب المرقد الشريف في كربلاء على يد قوات الشيطان الأكبر إبان حربها على العراق. هذه المسيرة تعرضت للقمع، وكان التقهقر سيد الموقف. في تلك الأثناء شق الأستاذ عبد الوهاب الصفوف المتراجعة وهو يصرخ فيهم (لبيك يا حسين) دون توقف ودون اكتراث بمن تراجع أو مَن لَحق. هذا الموقف بث الروح الحسينية في قلوب ووجدان الشباب الذين التفوا حول الأستاذ وتقدموا من خلفه وهو يتقدم دون مبالاة بوابل الغازات السامة التي كانت تطلقها القوات، مما أدى لتراجعها وانسحابها وانتصار الحسين وقيم الحسين (ع).

س8: كلمة أخيرة لمحبي فضيلة أستاذ البصيرة؟

ج8: أكتب الإجابة على هذا السؤال على وقع لطمية: (انتفاضة حب) لمحبي الأستاذ عبد الوهاب حسين، فزوار الأربعين يسيرون مئات الكيلومترات مشياً على الأقدام، تعبيراً منهم عن المحبة لأبي عبد الله الحسين (ع)، وتعبيراً عن اجتهادهم وتحملهم عناء السير لنصرة المحبوب. فالحب لا يدّخر جهداً ولا وقتاً لبذل كل ما في وسعه وما ليس في وسعه في سبيل الحبيب.

لذلك أقول لكل محبي الأستاذ عبد الوهاب حسين: إن أردتم رضا ومحبة قائدكم فعليكم أن تضعوا كلام وتوجيهات الأستاذ عبد الوهاب حسين موضع التنفيذ، وبما أننا في السجن فإن الأستاذ يوجه لعدم التباطؤ عن عملية بناء وتنمية وتطوير الذات والمجتمع في كافة الجوانب الروحية والمعنوية والثقافية والفكرية والاقتصادية والأخلاقية والأكاديمية، واستغلال الوقت بشكل مثالي وفعال في عملية البناء والتنمية.

المصدر
كتاب مشكاة - فضيلة أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
تواصل معنا
سلام عليكم ورحمة الله
كيف يمكننا مساعدتك؟