مواضيع

أستاذ البصيرة دروس في بصيرة الشعب وحركة الجماهير

تأسيس الولاية في البحرين

كان الفكر الشيعي يقطع خطوات ضخمة على مستوى العالم الإسلامي، فما بين حزب الدعوة في العراق وما بين حركة الولاية في قم فإن الحراك العام كان يتوجه لفتح آفاق جديدة، غالبية العلماء في البحرين كانوا بين أبناء حوزة النجف، ولهذا فقد كان من الطبيعي أن يتبنوا فكر الشهيد الصدر قدس سره، وأن يتم العمل على تأسيس حزب الدعوة في البحرين. في المقابل، كان عدد من النخب والعلماء يعملون على نشر فكر الولاية، ومن بين هؤلاء كان الأستاذ عبد الوهاب حسين حفظه الله، كان الأستاذ يعمل من منزل عمه «والد زوجته» في المحرق، وكان الحضور يشمل نخباً من مختلف مناطق البحرين، كان الأستاذ يعطي الأولوية لصناعة الوعي عند الناس ولهذا فقد عرف لاحقاً بـ«أستاذ البصيرة».

لم يكن الأستاذ رقماً سهلاً رغم صغر سنه؛ بل كان يجلس في ذات المنصة التي كان يجلس عليها الشهيد السيد أحمد الغريفي قدس سره.

بل إنه وخلال أحد المؤتمرات ألقى الأستاذ كلمة في اليوم الأول كان يؤسس فيها لأن مهمة الإمام الحسين(ع) في كربلاء هي نزع الغطاء الديني عن الدولة الأموية.

ثم جاءت كلمة السيد أحمد الغريفي قدس سره في اليوم التالي فابتدأها بعد أن بنى كلمته على نتائج كلمة الأستاذ في اليوم السابق.

الطفرة التنظيمية في العريضة الشعبية

في التسعينات كانت مشاركة الأستاذ في العريضة النخبوية دليلاً على مكانته الرائدة وخصوصاً أن عدد المشاركين من التيار الإسلامي الشيعي كان محموداً جداً.

العريضة النخبوية لم تكن فكرة التيار الإسلامي الشيعي، ولم يكن لهم دور بارز فيها، لكن هذا الأمر تبدل مع العمل على العريضة الجماهيرية والتي ارتكزت على الشيعة بصورة كبيرة جداً، قبل طرح العريضة الجماهيرية، فإن مجموعة العمل «التي عرفت لاحقاً باسم أصحاب المبادرة» كانت بحاجة الى تنظيم أوراقها، وكان الأستاذ من أبرز القادة في هذه المجموعة، هذه المرة ركزت المجموعة على بث الوعي في الجماهير أولا وذلك عبر خطاب الجمعة، ومجلة «منبر الجمعة» الأسبوعية، وعبر المشاركة في مختلف المناسبات كانت تنتقل بصيرة القادة إلى عامة الناس.

كان يقول الأستاذ: «الله لم يعط العائلة الحاكمة معرفة مميزة دون باقي الناس يتمكنون من خلالها من حكم البلاد، وإن فرضنا أن الله أعطاهم هذه العلوم، أليس من واجبهم أن ينقلوها إلى الناس خلال فترة حكمهم للبلاد».

بعبارة أخرى؛ كان الأستاذ يقول إن واجب القيادة هو نقل بصيرتها إلى الناس، وهذا بالضبط ما ألزم الأستاذ به نفسه، فخلال كل مسيرته كان يعمل على إنارة عقول الناس وفتح عيونهم.

بصيرة الناس كانت البذرة، أما أول الثمار فكانت مشاركة الآلاف في العريضة رغم رعب قانون أمن الدولة، كانت الناس تكتب اسمها وتعلن رفضها بشكل غير مسبوق.

لولا بصيرة الناس لما استمرت الانتفاضة رغم اعتقال قياداتها، ولما تمكن الناس من تجديد حراكها في المراحل المختلفة لانتفاضة التسعينات.

تأسيس الوفاق

خلال تأسيس الوفاق كان الخلاف الأهم هو حول علاقة الوفاق بالعلماء؛ حيث كان الأستاذ مصراً على أن تكون القيادة بيد العلماء، ولأن حل هذا الخلاف لم يكن ممكناً لهذا فقد انسحب الأستاذ من الوفاق.

وتلبية لطلب بعض الشخصيات فإن الأستاذ وافق على رئاسة اللجنة التأسيسية للوفاق؛ حيث كتبت اللجنة النظام الأساسي للوفاق قبل أن ينطلق الأستاذ إلى مهمة أخرى، فقد كان على الأستاذ استلام إدارة جمعية التوعية الإسلامية.

إعادة جمعية التوعية إلى الحياة

وافقت السلطة في تلك الفترة على إعادة فتح جمعية التوعية الإسلامية، فكان الأستاذ هو الذي تولى رئاسة مجلس الإدارة، ليقوم بإعادة هيكلتها ووضع نظام العمل فيها.

كان من الواضح أن الأستاذ مهتم ببصيرة الجماهير أكثر من أي شيء أخر، فهنا إن تنظر الى قائمة المشاريع خلال فترة رئاسة الأستاذ فإنك ستجد الطابع الجماهيري واضحاً بشدة، علماً أن الأستاذ لم يكمل حتى دورة انتخابية واحدة.

فأنجح مشاريع التوعية كان مشروع «عاشوراء البحرين» الذي كان يخاطب الجماهير خارج وداخل البحرين خلال الموسم الإسلامي الأكثر جماهيرية في البحرين.

وهناك أسبوع الوحدة الإسلامية الذي أقيم في جامع الفاتح بمشاركة آية الله اليزدي(ق) ومشاركة شخصيات من الإخوة السنة، وذلك بحضور جماهيري لافت في الموسم الذي امتد لعدة أيام.

وكان مشروع «الاحتفالات المركزية» الذي كان يضم المئات من الصغار من مختلف مناطق البحرين.

رئاسة الأستاذ للتوعية لم تدم طويلاً؛ حيث قدم استقالته لأسباب لم يقم بتوضيحها في ذلك الحين.

المجلس العلمائي

كان الأستاذ يشخص أن حل مشاكل التيار الشيعي في البحرين كان يكمن في استلام العلماء لزمام الأمور.

لهذا كتب الأستاذ مسودة نظام داخلي لمجلس قيادي علمائي يتولى إدارة كافة مؤسسات التيار الشيعي؛ سواء الوفاق أو التوعية أو جمعية المستقبل النسائية.

ثم قام الأستاذ بعرض هذا المقترح على آية الله قاسم حفظه الله.

من جانبه طلب آية الله قاسم من الأستاذ أن يقوم بإجراء عدد من التعديلات ليحتوي المجلس العلمائي من «مجلس قيادي» إلى «مجلس يعنى بشؤون طلبة العلوم الدينية»، فقام الأستاذ بإجراء التعديلات رغم أنها تخالف تصوره، ليكون المجلس العلمائي بذلك ثالث مؤسسة في التيار الشيعي التي يكتب الأستاذ نظامها الداخلي بعد «الوفاق والتوعية».

تأسيس حركة حق

مع ازدياد الفوارق بين أطياف التيار الشيعي، كان من الواضح أن هناك شريحة من الجماهير تتبنى الفكر الثوري الذي لا تتبناه جمعية الوفاق، ومع خروج الأستاذ حسن مشيمع حفظه الله من الوفاق فإن الساحة ستشهد ولادة «حركة حق» تضم شخصيات سنية وشيعية، وبعضهم يتبنى الفكر الإسلامي والأخر يتبنى الفكر العلماني، ورغم التشكيلة الواسعة من الشخصيات في حركة حق إلا أن الأستاذ عبد الوهاب كان له نصيب الأسد في كتابة نظامها الداخلي. فحيثما كان الأستاذ يجد فرصة لبث الوعي في الجماهير فإنه كان يبادر لكي ينشر البصيرة.

تأسيس تيار الوفاء

كانت حركة حق مزيجاً مختلطاً بين توجهات فكرية مختلفة، وكانت رؤية الأستاذ ترتكز على وجود حراك إسلامي واعٍ يتحرك بصورة صريحة وفق مدرسة أهل البيت(ع) ورؤية ولاية الفقيه.

لهذا فقد كان من المحتوم تأسيس حراك مختلف عن كل ما هو موجود في الساحة البحرينية، وهو تيار الوفاء الإسلامي.

رغم الصعوبات التي واجهها التيار في بدايته إلا أن التيار كان يرتكز بصورة كبيرة على توعية الناس، وليعمل على ذلك استنفذ كل جهود قيادات التيار في الفترة القصيرة الفاصلة بين تأسيس التيار وبين ثورة الرابع عشر من فبراير.

وكما جرى في التسعينات، فإن بصيرة الناس كانت أحد أهم عوامل استمرار الثورة البحرينية رغم تغييب قياداتها في السجن.

المصدر
كتاب مشكاة - فضيلة أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
تواصل معنا
سلام عليكم ورحمة الله
كيف يمكننا مساعدتك؟