مواضيع

المخيّمات الجهاديّة ومشروع الهجرة

الشباب هم المولّد للحركة العظيمة لتعبئة البناء ولمشروع «هجرة»

لنذكر شيئًا عن هذه الحركة العظيمة لتعبئة البناء، ومخيّمات «هجرة» التي بدأت رسميًا منذ عشرة أعوام.

طبعًا يجب أن أعترف بأنّ هذا المشروع انطلق أوّل مرّة من قبل الشباب أنفسهم، من نفس شباب الجامعة وطلاب المدارس الذين بدؤوا بهذا التحرّك، وقد وصلت إلينا التقارير عن هذا التحرّك الجميل والعظيم في سنة 1379 ش -الموافق لـ 1421 هـ وعام 2001م-، وقد أدى إلى إعلان نداء تعبئة البناء لكلّ شباب البلاد، أي إنّ هذا المشروع كان تحركًا جماهيريّاً تلقائيّاً، وهو يشبه على وجه التحديد جهاد البناء في بداية الثورة.

إنّ جهاد البناء كان على هذه الشاكلة أيضًا، حيث بدأه الشباب أنفسهم وساروا نحو القرى والأرياف واشتغلوا في الخدمة في تلك الظروف والأحوال الصعبة المعقّدة، وقد شجّع هذا التحرّك بالإمام الخميني ودفعه إلى إصدار الأمر بجهاد البناء، فإنّ أعمال الناس تُلهم المديرين والمسؤولين في قراراتهم ومبادراتهم[1].

بركات مخيّمات «هجرة» ومخيّمات البناء وفوائدها

إنّ المخيّمات الجهاديّة للطلاب الجامعيّين عملٌ حسنٌ جدًا وهو يمثّل إحدى الشُعَب المساعدة للدولة[2].

ومن بركات مخيّمات «هجرة» وتعبئة البناء تقديم الخدمة للناس؛ إذ يستفيد الملايين من خدماتكم مباشرةً، فهم يستفيدون من الناحية الماديّة وما يتعلّق بالشؤون اليوميّة للحياة، وكذلك من الناحية المعنويّة ومن حيث الهداية؛ فحتّى لو لم تُقيموا هناك دروسًا في القرآن فإنّ مجرّد حضور الشاب المؤمن المتديّن والمتشرِّع في بيئةٍ ريفيّةٍ بين الشباب والناس سيجعله مظهرًا متجسدًا للآيات القرآنيّة، وسوف يحضّ الناس ويدعوهم إلى الدين والثورة والمعنويّة، -وكما ورد في الرواية-: «كُونوا دعاةَ النّاسِ بغيرِ ألسنَتِكُم»[3]. ادعوا الناس إلى الإيمان والإسلام والدين بأعمالكم، فهذا هو تقديم الخدمات، الخدمات الماديّة والمعنويّة.

والأهم من هذا هو الخدمات التي تقدّمونها لأنفسكم حيث تفجّرون مواهبكم الداخليّة، وتُفعّلون الإمكانيّات الكامنة في بواطنكم، وتكتسبون التجارب، وتتعرّفون حياة الناس، وتحطّمون أسوار الطبقيّة، وتلمسون واقع الحياة، وتشعرون داخل أنفسكم بالبهجة والشغف لتقديم الخدمة، وتُحيون هذه المشاعر داخل أنفسكم؛ فإنّ الذي يتذوّق لذّة الخدمة والعمل لن يتعب من العمل، وكما قيل في تقارير الإخوة الأعزاء (وقد قرأت هذا سابقًا في تقارير أخرى): إنّ الشابّ الذي يكتشف هذه اللذّة في نفسه لن يتعب من تقديم الخدمة. هذه هي الفائدة الثانية وهي كبيرة جداً.

الفائدة الثالثة: هي أنّكم ستكونون سفراء العمل والجدّ، فحينما تحضرون في بيئةٍ معيّنةٍ، في الصحراء مثلًا وفي الجبال وفي المناطق البعيدة وبين الناس الفقراء المحرومين وتعملون هنا، فسوف يستلهم الشاب هناك دروسًا ممّا تقومون به، وستصبحون سفراء للجدّ والعمل والخدمة والجهاد،‌ <مَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا>[4]، إنّكم تحيون القلوب، وهذه فائدةٌ كبيرةٌ، وثمّة العديد من الفوائد الأخرى في هذا العمل، فحافظوا على هذا التيار العظيم[5].

حينما يكون هناك شخصٌ ضمن المخيّمات الجهاديّة، ويذهب إلى المناطق المحرومة ويشاهد الوقائع بعينه، فمن الطبيعيّ أن ينبعث فيه هذا التفكّر بشأن متابعة الاقتصاد المتمحور حول العدالة، وهذا الأمر يُمثّل درسًا وعبرةً بالنسبة لنا جميعًا، ويجب أن يحصل الارتباط بين جميع شرائح المجتمع حتّى نلمس قضاياهم فمثل هذا يُؤثّر في قراراتنا وفي نظرتنا إلى قضايا البلاد المختلفة[6].

العامل وراء تأسيس مشروع الهجرة والمخيّمات الجهاديّة

حسناً، ما هو العامل وراء تأسيس هذا المشروع؟ إنّه الحبّ والإيمان والبصيرة والهمّة، هذه هي الأعمدة الأصليّة، العشق والإيمان.

إنّ الإنسان الذي لا إيمان له لا يُمكنه أن يتصوّر محورًا لتحرّكه، والإنسان الذي لا يتحلّى بمشاعر العشق التي تخرج من أعماق قلبه، لن يكون باستطاعته مواصلة هذه المسيرة، والإنسان الذي يفتقر للهمّة، يكتفي بالأعمال الصغيرة والحدود القريبة، ولا يرمق بنظره أعلى القمم، والإنسان الذي لا بصيرة له، يسير في الدرب الخطأ، وحتّى لو كان يمتلك عشقًا وإيمانًا فسوف يُنفقهما في الطريق الخطأ؛ العشق والإيمان والبصيرة، هذا ما منحته الثورة لشعبنا ومجتمعنا، ومن هنا أضحت الثورة تلك الشجرة الطيّبة التي يذكرها القرآن الكريم: <أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ>[7]، فالكلمة الطيّبة كالشجرة الطيّبة السليمة الأصل، <أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ>[8]، إنّها شجرةٌ متجذّرةٌ ولها جذورٌ عميقةٌ وقويّةٌ وأغصانٌ وأوراقٌ كثيفةٌ، <تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا>[9]، تؤتي ثمارًا بحسب الفصول وبحسب احتياجات البشر، وبمتناول أيديهم، هذه هي الكلمة الطيّبة، والثورة هي مثل هذه الشجرة.

إنّ الطريق الثوري الذي فتحه لنا إمامنا الجليل -السيّد الخميني- هذا السالك الحقيقي لطريق الطيبين والأولياء والشهداء والمعصومين والصّديقين هو مثل هذه الكلمة الطيّبة.

فترانا نحتاج في يومٍ من الأيّام إلى العمل والتحرّك الدفاعي داخل المجتمع، وفي يومٍ آخر نحتاج إلى العمل الدفاعي على حدود البلاد، وفي يومٍ آخر نحتاج إلى العمل والمعرفة، وفي يومٍ آخر نحتاج إلى ترسيخ العقيدة والإيمان، وفي يومٍ آخر تظهر الحاجة إلى الخدمة وتقديم والمساعدة؛ وفي كلّ هذه الظروف يجني الناس ثمارًا تتناسب مع فصولهم وظروفهم، هذه هي حركة الثورة[10].

لا ينبغي تضييع فرصة مشروع هجرة

عليكم أن تعرفوا قيمة تعبئة البناء ومخيّمات «هجرة»، أنتم المحور الرئيسي لهذه الحركة العظيمة، اعرفوا قيمة هذا الأمر، واشكروا الله تعالى، وعلى المسؤولين والآخرين والمديرين والذين يتوّلون المسؤوليّات والأعمال أن يعرفوا بدورهم قيمة هذه الحركة العظيمة، اقرؤوا دروسكم جيّداً خلال السنة الدراسيّة، ادرسوا بطريقةٍ بحثيّةٍ، واقصدوا الوصول إلى قمم العلم؛ وأمّا بالنسبة لأوقات الفراغ فأثروا ساعاتكم وأيّامكم وليلكم ونهاركم بهذه الحركة الجميلة الرائعة المتمثّلة بتقديم الخدمات للناس[11].


  • [1]– من خطاب سماحته في لقائه بالمجاهدين في تعبئة البناء بتاريخ 22-9-2010م
  • [2]– من كلمة سماحته في لقائه بالآلاف من أعضاء التعبئة للطلاب الجامعيّين للجامعات المختلفة في الجمهوريّة بتاريخ 21-5-2007م
  • [3]– بحار الأنوار، محمّد باقر المجلسي: ج67، ص309
  • [4]– المائدة: ٣٢
  • [5]– من خطاب سماحته في لقائه مع المجاهدين في تعبئة البناء بتاريخ 22-9-2010م
  • [6]– من خطاب سماحته في لقائه بطلاب الجامعات بتاريخ 6-8-2012م
  • [7]– إبراهيم: ٢٤
  • [8]– نفس المصدر
  • [9]– إبراهيم: ٢٥
  • [10]– من خطاب سماحته في لقائه مع المجاهدين في تعبئة البناء بتاريخ 22-9-2010م
  • [11]– نفس المصدر

[1]– مشروع هجرة: هو مشروع من مشاريع تعبئة الجهاد، وهو يمثّل مشروعًا عمرانيًا وتعليميًا وثقافيًا وتربويًا وتبليغيًا، وقد استقي من إرشادات مرشد الثورة وتعاليمه الشريف، ويدور محور نشاطات هذا المشروع في الفضاءات المختلفة ولاسيّما في القرى النائية، كما توسّع ليشمل المؤسسات التعليميّة والتربويّة؛ و تشمل نشاطاته ترميم الأبنية والأدوات المتضرّرة، والقيام بأعمال اللحام وتمديد الكهرباء، فضلاً عن النشاطات الثقافيّة والتعليميّة في القرى، وغيرها من النشاطات التي تدور في هذا الفلك، وسيُسلّط الضوء على بعض هذه النشاطات بوساطة حديث سماحته عن هذا المشروع في الصفحات القادمة. (المترجم)


المصدر
كتاب الحياة بأسلوب جهادي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
تواصل معنا
سلام عليكم ورحمة الله
كيف يمكننا مساعدتك؟