العلماء وطلاب الحوزة المناضلون هم أهداف للعدو

إنّ الأقلام المأجورة والأيدي المستأجرة من العدو تسعى هذه الأيّام إلى إضعاف هذا السَند المعنوي للثورة، وتعمل على بثّ التشكيك في قلوب الشعب.
إنّ أعداء الثورة إنّما يرضون بمجتمع علماء الدين إذا انعزل هؤلاء وابتعدوا عن التدخّل في الشؤون السياسيّة، وسحبوا أنفسهم من ساحات الثورة، وانزووا في أقبية المدارس والمساجد، ليكون مَثَلهم في ذلك مثَل بعض المشتغلين بالعلوم الدينيّة في الماضي والحاضر، والذين قادهم تحجُّرهم وبُعدهم عن الحقيقة للانزواء وترك الأمور بيد هؤلاء الأعداء.
هذا، وإنّ من الظواهر ذات المغزى العميق أن نجد هؤلاء العلماء المتحجّرين البعيدين عن الساحة الاجتماعية والتيارات السياسيّة الجارية لم يتعرّضوا لأيّ هجوم طوال مدّة النضال الطويل وكذلك بعد انتصار الثورة؛ بل إنّنا نجد المدائح تكال لهم أحيانًا، في حين ينصبُّ وابل التصفيات الجسديّة والحملات الإعلاميّة؛ بل إنّ تُهمة الرجعيّة والعودة إلى الوراء من أدعياء الثقافة وعملاء الأجانب إنّما وُجّهت إلى علماء الدين الذين لمعت أسماؤهم في سوح الفكر السياسي والتجديد في مجالات العلم والعمل، وعُرفوا بروحٍ تقدّميّةٍ واعيةٍ متعاليةٍ.
إنّ مواقف الأعداء توضّح تمامًا تلك الحقيقة التي أكّدها الإمام الخميني ـ برؤيته الصائبة النافذة ـ وعرضها مرارًا أمام شعبنا الواعي وعلمائنا الثوريّين الملتزمين، وهي تتلخّص بما يأتي:
أوّلًا: إنّ تبجيل العلماء العظام واتّباعهم يُعدّ واجبًا دينيًّا ووطنيًا وثوريًا لا يجوز التغافل عنه بأيّ وجهٍ من الوجوه.
وثانيًا: إنّ خطر التحجُّر والروح الرجعيّة بين العلماء، أو توجُّههم ـ لا سمح الله ـ إلى منافعهم الشخصيّة، وتعلُّق قلوبهم بالدنيا وبهارجها الماديّة، واستغلال المكانة الاجتماعّية، هو خطرٌ لا يقلّ عن خطر الهجوم المعادي، بل يزيد عليه أضعافًا.
ثالثًا: تفرض مرحلة الثورة والاتجاه المتزايد نحو الإسلام خارج الوطن الإسلاميّ على العلماء أن يعملوا من خلال رؤيةٍ جديدةٍ تمامًا على تمهيد السبل أمام المجتمع الإسلاميّ، مستفيدين من معين المعارف الإسلاميّة الدينيّة الذي لا ينضب، والأسلوب الفقهي التقليدي المعهود، والأسلوب الاجتهاديّ الحيوي المتحرِّك.
كما أنّ على الحوزات العلميّة أن تنسجم مع احتياجات العالم اليوم عبر إيجاد تحوُّلٍ أساسيٍّ فيها، وتوجيه برامجها نحو التجديد، وأن تسدّ الطريق تمامًا أمام أيّ انحرافٍ أو تركيبٍ هجينٍ من خلال الدقّة العلميّة اللازمة، وبالتركيز على الأصول والأسس الفقهيّة.
رابعًا: ينبغي أن يرفضوا رفضاً مطلقاً أيّ اتجاهٍ انزوائيٍّ يبتعد عن النشاط السياسيّ، وهو ما يريده الأعداء، وهو ما يخالف حدود الواجب الإسلاميّ، وعليهم ألّا يسمحوا بتسلّله إلى حياتهم وإلى الحوزات العلميّة، وأن يسعوا ـ بكلّ إخلاصٍ ـ سعيًا لا يعرف الكلال والملل إلى الوقوف دائماً في طليعة الصفوف الشعبية ولاسيّما في مواقع الخطر، وعليهم أن يمزجوا العلم بالعمل، والتفقُّه بالجهاد، والمعرفة بالتبليغ القولي والعملي، وعليهم أن يملؤوا المواقع الثلاثة (المدرسة العلميّة، والمسجد، والجبهة)[1].
- [1]– من خطاب سماحته بمناسبة الذكرى الأولى لارتحال مفجّر الثورة الإسلاميّة بتاريخ 31-5-1990م
تعليق واحد