الجهاد والمجاهدة متلازمان مع الرقي العلمي للبلد
إنّني ـ وكأيّ شخصٍ مطّلعٍ في البلد ـ أفتخر بهذه الأعمال العلميّة التي يتمّ إنجازها، كلّنا نفخر بالتقدّم العلمي في المجال النووي، وجميعنا نفخر بالتقدّم الهامّ جدًا الذي تحّقق في مجال الخلايا الجذعية ـ الذي تحدّثوا عنه ـ ونفخر بالأعمال العظيمة التي أُنجزت على هذا الصعيد، وكذلك في مجال النانو، وعلى صعيد تقنيّات البيئة وغير ذلك، تحقّقت حالات تقدّم متطورة وجيّدة وكلّنا نفتخر بها، وهذه ليست بالأشياء الصغيرة، بل هي أمورٌ كبيرة، لكنّها ليست أمورًا تُقنِعنا بأنّ البلاد حقّقت التقدّم المنشود والكامل من الناحية العِلميّة.
فعلى الرغم من دخول بلدنا إلى بعض هذه الحقول العلميّة منذ فترةٍ بسيطةٍ جدًا، لكنّنا مع ذلك أصبحنا ضمن البلدان العشرة الأوائل في هذا المجال، ومع ذلك هذا لا يكفي.
فماذا ينبغي أن نفعل؟ ما نحتاج إليه في البلاد والذي بوسعه أن يُعطينا مؤشّرًا عن تقدّم البلاد عِلميًا ووصولها إلى مواقع مناسبة وباعثة على الفخر، هو وجود دورةٍ عِلميّةٍ كاملةٍ في البلاد؛ إذ لابدّ أن توجد في جميع القطاعات دورةٌ مترابطةٌ ومهمّةٌ من مختلف العلوم التي يحتاج إليها البلد لتتكامل الجهود والعلوم وتمدّ يد العون بعضها لبعض، يجب أن توجد منظومةٌ علميّةٌ كاملةٌ في البلاد، وهذا الأمر لم يحصل حتّى الآن.
يجب أن تترابط هذه الجزر مع بعضها بعضاً، وأن تُشكِّل مجموعةً واحدةً يساعد بعضها بعضاً، تتعاون أجزاؤها فيما بينها على التقدّم والتكامل، تفتحُ الطريق للبحث وتشخيص المناطق العلميّة الجديدة في عالم الخليقة الواسع الذي أوجده الله عزّ وجلّ، تطرحُ الأسئلة وتجيب عنها، هذه كلّها أمورٌ لابدّ منها.
نحن لدينا العديد من الاستثمارات المقطعيّة، كما أنّنا حقّقنا تطوّراتٍ مقطعيّةً عديدةً أيضًا والتي تقوم على أفرادٍ، أو تقوم على مجموعاتٍ خاصّة، وهذا الأمر ينبغي أن يتوسّع ليشمل القطاعات والفروع والحقول كافة، وأن يتبدّل إلى تيارٍ عامٍّ لا يتناهى في مجال العلم وفي جميع الفروع العلميّة، وينبغي أن نشاهد هذه الظاهرة في جميع الحقول العلميّة من العلوم الإنسانيّة إلى العلوم التجريبيّة، وفي مختلف أنواع العلوم.
إنّ هذا العمل يحتاج إلى السعي الحثيث، وهو ما سميته في إحدى لقاءاتي وجلساتي مع العلماء والجامعيّين ـ وأظنّ أنّ ذلك كان في شهر رمضان ـ فقلت: لابدّ لنا من جهادٍ علميٍّ، إنّ المجاهدة في هذا المجال لا بدّ منها.
حسنًا، إذا أردنا القيام بهذا النوع من الجهاد بنحوٍ كامل، فلابدّ من الاهتمام بالجامعات على نحوٍ خاصٍّ، لأنّ الجامعة بيئة حياةٍ وهي البيئة التي تتنامى فيها المواهب والنُخب[1].
- [1]– من خطاب سماحته في لقائه بالنخبة من الشباب بتاريخ 6-10-2010م
تعليق واحد