الجهاد العلمي أحد أكبر الفرائض
إنّ إيران العزيزة علّقت آمالها على جهود الشباب في مجالي العلم والمعرفة، وذلك للوصول إلى الأهداف الكبرى التي رسمتها لنفسها ببركة الثورة الإسلاميّة، ومن دون تلك الجهود، سيضعف اعتمادنا على أنفسنا وسيضعف استقلال أمّتنا الذي بنيناه طوال عقودٍ منذ انتصار الثورة، والذي كان يفتح الطريق لأمّتنا وحكومتنا حين عبورنا داخل تلك الأنفاق الضيّقة.
إنّ إسلامنا العزيز هو أكبر مشجّع على العلم، وكان كذلك طوال القرون الماضية؛ لذا فقد رفع المسلمون مشعل العلم والمعرفة والتقدّم العلمي في جميع أنحاء العالم، واليوم بعد أن انقضى عصر التسلّط المرّ والسياسات الخارجيّة على بلدنا، تمتحن الأمّة الإيرانيّة في التحرّر من نفوذ الاستكبار العالمي مرّةً أخرى؛ لذا إنّ الجهاد العلمي هو من أكبر الفروض والتكاليف التي تقع على عاتقنا[1].
كان هناك سعيٌ في الماضي من أجل إبعاد المحيط الجامعي عن الدين والتقوى والتعبّد، وكانت الغاية من هذه الحيلة التي خطط لها الأعداء، هو أن يصبح الجيل المتعلّم والمثقّف منحلًّا غير مبالٍ، وبلا قيود، ولكي يفقد الحساسيّة والارتباط مع الشعارات الكبرى، ولكي يصبح أسيرًا للميول الحقيرة والمنافع الشخصيّة.
كان لا بدّ للجامعيّين الشرفاء، والأساتذة، وطلاب الجامعات المتديّنين في محيطٍ كهذا المحيط أن يواجهوا على الدوام هذه الحيلة الشيطانيّة وأن يقاوموها.
أمّا اليوم فبحمد الله أصبحت الجامعة كسائر المحيطات الاجتماعيّة الأخرى في بلدنا الإسلامي، مزدانةً بالرموز الدينيّة، ومنمّقة بالصفاء والتديّن والروحيّة الثوريّة.
إنّ الجامعة الثوريّة كانت حاضرةً ونشيطةً طوال عقدين من الزمن في جميع الساحات الثوريّة، وقد قدّمت الشهداء العظام. وأنتم يا طلّاب الجامعات وأيّها الأساتذة الكرام أمناء اليوم على هذا القسم المؤثّر من النموذج الفعّال والمليء بالنشاط لبلدنا الإسلامي العزيز على قلوبنا.
يمكن للجميع أن يشاهدوا اليوم أنّ العدو ما زال يسعى إلى حرف الجامعة عن الصراط المستقيم للعلم والدين والروحيّة الثوريّة، وإنّ أكبر مسؤوليّة لمواجهة هذه المؤامرة لدى العدو، تقع على عاتق نفي الجامعيّين الأعزّاء سواءً منهم الأساتذة أم الطلّاب، ونحن على يقين أنّهم سيقومون بهذا الدور والمسؤوليّة كما فعلوا في بعض المراحل الحسّاسة في الماضي.
إنّ ما أتوقّعه من أبنائي الجامعيّين هو أن يقرؤوا ما يحصل في البلد وفي العالم من حوادث سياسيّة بدقّةٍ وذكاء، وأن يعرفوا العدو في كلّ موطنٍ، وأن يعرفوا جميع الوجوه التي يظهر بها، وأن يفهم أهداف الخصم وأساليبه ويشخّصها بنظرةٍ ثاقبةٍ، وأن لا يسمح في أيّ ظرفٍ من الظروف أن يتمّ الإخلال في العمليّة العلميّة والدينيّة في الجامعة، وأن نحافظ على محيط الجامعيّين صافيًا ومليئًا بالنشاط وذلك للتقدّم السريع والعلمي الذي يكون توأمًا مع الالتزام والتديّن والجهد الثوري[2].
لقد قمتُ بجولةٍ تفقّديّةٍ في نهاية عام 1390ش[3] ـ أي: الأسبوع الفائت ـ لمركز بحوث الصناعات النفطيّة، وهناك يُشاهد المرء أمورًا، يرى نظائرها في بعض الجولات التفقّديّة الأخرى في المختبرات العلميّة المختلفة للبلاد، ويصل إلى النتيجة الآتية: أنّ ما رآه ليس استثناءً؛ بل هو القاعدة.
إنّ أمّتنا لم تكن ترى هذا التقدّم العلمي ولا هذه الظواهر الهامّة حتّى في المنام، لكنّها تحقّقت وتحوّلت إلى قاعدة، وأنا أذكر لكم بعض هذه الخصائص والظواهر التي شاهدتها هناك: إنّ الحاكم على تلك المجموعة في الدرجة الأولى هو الروحيّة الجهاديّة والفكر الجهادي؛ تلك المجموعة من العلماء كانت تعمل بروحيّةٍ جهاديّةٍ، وكأنّهم كانوا يؤدّون فريضة الجهاد، وكأنهّم في ساحة الجهاد في سبيل الله؛ يختلف الأمر بين أن يعمل المرء من أجل تحصيل المال، أو المقام، أو الشهرة، أو من أجل العلم بحدّ ذاته فقط، وبين أن يعمل بعنوان الجهاد في سبيل الله، ويسعى في سبيل الله؛ إنّ هذه الروحيّة هي الحاكمة على هذه المجموعة ومجموعاتنا العِلميّة، وهذا الأمر في غاية الأهميّة[4].
تعليق واحد