مواضيع

الإيمان بالله هو شرط النصرة في الجهاد

لقد وعد الله عزّ وجلّ بأنّه إذا تقدّمتم بالإيمان في ميدان السعي والجهاد، فسوف يعينكم وينصركم: <إِن يَنصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ>[1]، وعندما يُعين الله ويَنصر، لا يمكن لأيّة قوّة أن تتغلّب عليكم، هذا وعد الله، وشعبنا وشبابنا اليوم يشاهدون هذا الوعد بأمّ أعينهم[2].

إنّ الذِكر يحمي نفوسنا ويدفع عنّا هجمات الأهواء، فهو يحافظ علينا وعلى قلوبنا، إنّ قلوبنا سريعة التأثّر والعطب،‌ إنّ قلوبنا وأرواحنا سرعان ما تُصاب بسهام الأهواء، نتأثّر بالأشياء فتنجذب القلوب بمختلف أنواع الجاذبيّة،‌ إنّ القلب منزل الذات الإلهيّة المقدّسة، وفيه يتجلّى المولى سبحانه، وإنّ قلب الإنسان يحتل أرفع منزلة في الكيان والوجود الإنساني أي حقيقة الوجود الإنساني وباطنه، وإذا أردنا أن نحافظ على القلب سليمًا ونقيًا، فلا بدّ له من حامٍ، وهذا الحامي والحارس هو الذِكر،‌ إنّ الذِكر لا يدع القلب هدفًا سائغًا تنال منه هجمات الأهواء النفسيّة الضارية،‌ إنّ الذكر يحول بين القلب والانغماس في الفساد والغوص إلى مستنقع الشهوات المدمّرة.

لقد صادفتُ روايةً رائعةً في هذا الصدد، تقول: «الذَّاكِرُ فِي الْغَافِلِينَ‏ كَالْمُقَاتِلِ فِي الْفَارِّين‏»[3]. ففي ميدان الحروب نجد مقاتلًا يستميتُ في الدفاع، ويُفرغ كلّ طاقاته لتوجيه ضربةٍ قاصمةٍ للعدو وصدّ هجماته، كما نجد جنديًا آخر قد يلوذ بالفرار، ولا يحتمل ضراوة المعركة، فيتخلى عن ساحة القتال للعدو.

والإمام يقول: الذاكر ضمن جمعٍ من الغافلين مثله كمثل الجندي المقاتل الذي يثبت ضمن جمعٍ من الفارّين، انظروا إلى التشبيه الذي أوردته الرواية من هذا الجانب واللحاظ، حيث جاء تشبيه الذكر بالمقاتل، فالمقاتل يصدّ هجوم الأعداء، والذكر يدرأ الأخطار عن الثغور، ويحمي حدود قلوبكم؛ ولذا يقول الله تعالى في الآية الشريفة، وهي من آيات الجهاد: <إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا>[4]، ‌وذكر الله هنا مفيدٌ جدًا <فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا> فقد رتّب النصر والفلاح على الثبات وذكر الله تعالى، لماذا؟ لأنّ الذِكر يقوّي القلوب، فإذا قويت القلوب، رسخت الأقدام وثبتت، والأمر كذلك في الحروب العسكريّة، فالقلوب الهزيلة تفرّ من المعارك قبل أن تفرّ الأقدام أو تنسحب الجيوش، فالأفئدة هي التي تدفع الأبدان للتقهقر، ولكن إذا ثبتت القلوب ثبتت الأبدان.

عليكم أن تذكروا الله في جميع ساحات الحروب، سواء كانت تلك الساحات عسكريّةً أم سياسيّة أم اقتصاديّة أم إعلاميّة، فإنّ ذلك الذكر يؤدّي إلى التوفيق والفلاح؛ إنّ ذكر الله هو الدُعامة لثبات الأقدام[5].


  • [1]– آل عمران: ١٦٠
  • [2]– من خطاب سماحته في جامعة الإمام الحسين(ع) العسكريّة بتاريخ 31-5-2011م
  • [3]– الأمالي، للشيخ الطوسي: ص 535. (المترجم)
  • [4]– الأنفال: ٤٥
  • [5]– من خطابه في لقائه برجالات النظام بتاريخ 22-9-2007م
المصدر
كتاب الحياة بأسلوب جهادي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
تواصل معنا
سلام عليكم ورحمة الله
كيف يمكننا مساعدتك؟