مواضيع

ضرورة وجود الثقافة الجهاديّة في المجتمع

لقد أضحت الجهود كافّة أكثر سرعة وفاعليةً في عهد نظام الجمهوريّة الإسلاميّة وذلك ببركة الثورة الإسلاميّة؛ لقد منحت الثورة الإسلاميّة لشعبنا ثقافةً خاصّة هي ثقافة الجهاد، وقد كان للثقافة الجهاديّة حضور فاعل على الصُّعُد كافّة وفي شتّى المجالات المتعلّقة بالبنى التحتيّة للزراعة وتربية الماشية، وهذه الثقافة أثبتت وجودها على الساحة منذ بداية الثورة وحتّى الآن.

لقد قال بعض المفكّرين عن الثورات التي حصلت في العالم بأنّها تفقد حيويّتها وتوهجّها وتحرّكها وتقدّمها بالتدرّج بعد انتصارها، وأنّها تتحوّل إلى مؤسّساتٍ جامدةٍ لا حركة لها ولا نشاط؛ وهذا الأمر قد يكون صحيحًا بالنسبة لبعض الثورات في العالم ـ ونحن لسنا بصدد تقييمها ـ ولكنّنا وجدنا في ثورتنا ظاهرةً استثنائيّةً تشذّ عن هذه القاعدة وتلك النظريّة؛ وذلك لأنّ الثورة ذاتها أنشأت مؤسّساتٍ ثوريّةً تتميّز بالحركة والحماس الثوريّ وتتمتّع بالسرعة والحسّ الجهادي.

إنّ إحدى هذه المؤسسات مؤسسة جهاد البناء وكذلك جهاز الحرس الثوري، وقوات التعبئة، وهي مؤسّسات بعيدة عن الأشكال الإداريّة التقليديّة والجامدة والخاملة والمتحجّرة مع اعتنائها في الوقت نفسه بالنظام والدقّة والانضباط واشتمالها على ما في الثورة من حيويّةٍ وحركةٍ وتقدّمٍ وإبداعٍ، وهو ما شاهدنا أثره في كلّ مكان.

لقد رأيتم تطوّع الجماهير ونشاطها في السنوات الثماني من الحرب المفروضة، ولَحِظتم الروح المعنويّة الجهاديّة في ميدان العمل والبناء والتقدّم، وهو ما لا ينحصر في جهاد البناء وحده؛ بل إنّ هذا الأمر قد ترسّخ في كثير من الأجهزة والمؤسّسات.

وقد شاهدتم اليوم نفس هذه الروح المعنويّة العالية في إغاثة المنكوبين في مدينة «بَم»؛ إنّها روحيّة يقلّ نظيرها في العالم، إنّ العطف والتعاون والتألّم من أجل المصابين شيءٌ ـ‌ وهو أمرٌ إنسانيٌّ عامٌّ ـ ولكن الحماس والحركة والنشاط والنزول إلى ميدان الإغاثة والإنقاذ بلا أيّ تراخ أو تمهّل هو شيءٌ آخر.

إنّ ما شاهده الجميع في إيران، هو أنّ الجميع هبّوا وانطلقوا إلى الساحة لمدّ يد العون للمصابين والمنكوبين، وقد عاصر هذا العبد بعض الحوادث من قبيل الزلازل والسيول في حقبة ما قبل الثورة، وشاركتُ في فرق الإغاثة والنجاة، وإنّ روحيّة التحرّك الجماعي والتعاطف والنزول إلى ميدان العمل والإبداع والإقبال الشديد على الإغاثة والمساعدة، كلّها صفاتٌ لا يتمتّع بها إلّا الشعب المِقدام والمحبّ للجهاد الذي تتفجّر في داخله مشاعر الكفاح والجدّ والعمل.

إنّها روحيّة التعبئة التي سادت أثناء سنوات الدفاع المقدّس، وإنّها روحيّة الإيثار والمقاومة التي تمتّعت بها عناصر التعبئة، أولئك الفتية الذين كانوا يغتسلون غُسل الشهادة ثمّ ينطلقون بالجرّافات من أجل إقامة السواتر الترابيّة وحفر الخنادق، ويتحتّم علينا نحن أن نحافظ على مثل هذه الروح المعنويّة.

إنّ روحيّة التعبئة لا تتناقض مع الأساليب العلميّة الحديثة والأنظمة الإداريّة المنضبطة، بل إنّها تضفي المزيد من الفاعليّة والحركة على النشاطات العلميّة والمؤسساتيّة الحديثة[1].


  • [1]– من خطاب سماحته في لقائه بالمجاهدين والمزارعين بتاريخ 4-1-2004م
المصدر
كتاب الحياة بأسلوب جهادي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
تواصل معنا
سلام عليكم ورحمة الله
كيف يمكننا مساعدتك؟