مواضيع

التوفيق للجهاد ليس من نصيب كلّ أحد

في مرحلة الحصار والمعارك كان بعضهم مِمن لا يرضون بالقتال أو لا يفهمون معنى القتال، كان هناك أفرادٌ معرفتهم السياسيّة قليلة فلم يفهموا لماذا يجب أن نُقاتل ونجاهد، ولكن في نفس الوقت كان هناك أفرادٌ مؤمنون، وكانوا يقولون: «ليت هناك وسيلةً ما تجعلنا نصل إلى حيث يجلس أعداء الله، فنضرب بالسيف، ونقاتل في الجبهات والمعاقل والحصون، فنتمتّع بفضيلة الجهاد» لقد كانت قلوبهم تطير نحو حالةٍ كهذه.

إنّ الجهاد ليس متاحًا لكلّ أحدٍ! ليس من المتاح لكلّ شخصٍ أن يجاهد العدو وأن يذهب إلى ميدان الخطر! إنّكم في هذه الميدان منذ خمسة عشر عاماً، نعم فمنكم مَنْ جاهد لثماني سنوات فقط، لكنّ جهاد الحرس الثوري بدأ قبل تلك السنوات الثماني[1] وهو مستمرٌّ حتّى الآن، وهذه ميزة أخرى من نصيب الصلحاء وعباد الله الصالحين يُغبطون عليها، يغبطهم عليها ذوو المكانة كذلك، لقد نُقل عن السيّد الإمام كلام وهو صادرٌ منه قطعًا ويقينًا، وهو أنّه قال: (ليتني كنتُ واحدًا من أفراد الحرس!) أمعنوا الفكر في هذه الجملة، ماذا تعني؟ من هو السيّد الإمام؟ هو ذلك الرجل العظيم الفقيه العارف الزاهد الذي لا شكّ في كونه ذا مقامٍ ومكانة في طريق الله؛ وكذلك كلّ شخصٍ يسير في طريق الله من أيِّ دين وملّةٍ كان،‌ وله من المعنويّات الشيء الكثير، وأدرك نور محضر السيّد الإمام المكرّم، كان يقول: (ليتني كنتُ واحدًا من أفراد الحرس).

ما هو الحرس الثوري، بحيث جعل قلب ذلك الرجل العظيم يشتاق بهذا النحو ليصبح من أفراده؟ إنّ جميع ما ذكرت لكم، أعني الشوق للجهاد والشوق للحضور في ميادين الخطر والقتال ضدّ العدو، كلّ هذه الأمور هي ممّا قمتم به، وهو مُسجَّل في سجلِّ أعمالكم،‌ وما زال حاضرًا إلى اليوم، ولم ينتهِ.

لا يظنَّنَّ شخصٌ أنّنا نعني بالجهاد، الجهاد المسلّح، لا بل نعني الجهاد العلمي والمالي والاقتصادي والجهاد في مجال البناء، فكلّ جهادٍ له مكانه المحفوظ، وفضيلته الخاصّة،‌ وهذا الجهاد لم ينتهِ؛ طبعًا فضيلة الجهاد المسلّح لا يُقارن بفضيلة الأنواع الأخرى من الجهاد، ميدان هذا الجهاد، هو ميدان وسيعٌ وهو يُشكّل أيضًا فرصةً أخرى. إنّ هذه الفرص جعلت منكم مجموعةً يستطيع أفرادها أن يصلوا إلى الكمال البشري، طبعًا بإمكانهم أن يصلوا، وبإمكانهم أن لا يصلوا،‌ فلا ينبغي أن يظنّ الإنسان أنّه ( الحمد لله زال كلّ حملٍ عن كاهلنا)، أنتم تملكون هذه الإمكانيّة وهذا اللباس وهذه الأحذية المخصّصة بتسلّق -المقامات الرفيعة- وتملكون العضلات القويّة -لمواجهة الصعاب-، وطالما أنّ الأمر كذلك، فهذه الساحة وهذا هو الميدان! يمكنكم أن تذهبوا ويمكنكم ألّا تذهبوا.

إنّك تجد أنّ بعضهم رغم امتلاكهم لهذه الإمكانيّات، إلّا أنّهم وبدلًا من أن يتقدّموا نحو القمّة، يراجعون ويتسافلون نحو القاع الذي هو الشِقوة العظمى، نسأل الله أن يحفظنا من السقوط في وضعٍ كهذا الوضع؛ إذاً جميع هذه الإمكانات موفرة لكم[2].


  • [1]– كان كلام سماحته سنة 1415 هـ الموافق 1994 ميلادي. (المترجم)
  • [2]– من محاضراته في لقائه مع ضباط الحرس الثوري من مختلف الرتب بتاريخ 20-9-1994م
المصدر
كتاب الحياة بأسلوب جهادي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
تواصل معنا
سلام عليكم ورحمة الله
كيف يمكننا مساعدتك؟