مواضيع

الشهداء هم الروّاد في الثقافة الجهاديّة

سلامٌ صادرٌ من أعماق الروح، وصلواتٌ بلطافة أرواح الملائكة على الأرواح المطهّرة للشهداء الذين رجّحوا رضا الله وإجابة دعوة عباده المنتجبين، ورجّحوا الدفاع عن الوطن الإسلامي وعن كيان الحكومة القرآنيّة، على الحياة وعلى ملذات يومين من الدنيا، فوضعوا أرواحهم على أكفّهم وقصدوا ميدان الجهاد من دون أن يرفّ لهم جفنٌ حتّى نالوا جنّة الشهادة في طريق الجهاد المقدّس، فحصّلوا السعادة الأبديّة، إنّ استقلال إيران وعزّتها رهينةٌ اليوم بتلك المجاهدات[1].

ذات يومٍ كان بعضهم يُفكّر؛ بل إنّ بعضهم قال هذه الفكرة بلسانه، وهي أنّه‌ يا جناب السيّد، أنتم تأخذون هؤلاء الشباب من الطلاب الجامعيّين إلى الجبهة ـ مع أنّنا لم نكن نأخذهم بل كانوا يتوجّهون هم بأنفسهم إلى الجبهة مع الشوق والرغبة؛ بل حتّى الذين كانوا يُواجَهون بأنواع الممانعة من محيطهم حتّى لا يذهبوا، كانوا يسعون ويجهدون بأنواع المساعي والجهود تجاه المحيطين بهم حتّى يسمحوا لهم بالالتحاق بالجبهة ـ‌ فتبقى الجامعة خاليةً وتتوقف مسيرة العلم؛ إلّا أنّ تحرّكات الجامعيّين وجهادهم ومساعيهم جعلت تقدّمنا على الصعيد العلمي أكبر وأسرع من الصعد الأخرى.‌

إنّ لديّ اعتقادًا راسخًا بأنّ إحدى الحاجات الأساسيّة للبلاد، هي استمرار المحافظة على أسماء الشهداء.

إنّ مجالس إحياء ذكرى هؤلاء الشهداء هي مواصلة لمسيرة الجهاد والشهادة، لو لم تتكرّر أسماء شهدائنا ولم تجلّل وتكرّم، ولو لم يتحوّل احترامهم واحترام عوائلهم في مجتمعنا إلى ثقافة ـ ولحسن الحظّ أنّ هذا الأمر أصبح ثقافة في مجتمعنا ـ لكان العديد من هذه الذكريات القيّمة الثمينة قد نُسيت اليوم، ولكان هذه التقدير الكبير الذي تكوّن في المجتمع بفضل مسيرة الشهادة قد غاب في طيات النسيان، فيجب أيضًا أن لا تسمحوا بحدوث مثل هذا الشيء بعد الآن، ينبغي إحياء ذكرى الشهداء وتكرار أسمائهم والتدقيق في سيرهم في أوساط المجتمع يومًا بعد يوم، فإذا حصل هذا الأمر، فسوف تبقى قضيّة الشهادة ـ التي تعني الجهاد الحقيقي في سبيل الله ـ في مجتمعنا قويّةً وراسخة، وإذا حصل هذا الأمر، فلن يعود هناك انكسارٌ يُمنى به هذا المجتمع ولن يكون للهزيمة أيّ معنى بالنسبة إليه، بل سيتقدّم باستمرار.

لا تدعوا أسماء الشهداء وذكرياتهم تذهب إلى طيات النسيان أو تصبح بائدةً قديمةً في المجتمع، وطبعًا ينبغي أن تقوموا بذلك من خلال الأساليب المبتكرة، فهذه المجالس التي تقيمونها أيّها السادة ـ وهي قيّمة جدًا ـ ليست مجرّد مجالس ضخمة للفاتحة؛ بل هي مجالس ذات مضامين خاصّة، ويجب أن تُفسّر فيها معاني الشهادة ويُعرّف فيها الشهيد، وتكرّس ثقافة الشهادة في المجتمع[2].


  • [1]– من رسالته في اليوم الثالث لعشرة فجر المباركة، يوم «الإيثار والشهادة» بتاريخ 3-2-1994م
  • [2]– من خطاب سماحته في لقائه بالأعضاء المعدّين لمؤتمرات إحياء ذكرى الشهداء التربويّين، والشهداء الجامعيّين، والشهداء الحرفيّين بتاريخ 16-2-2015م – بتصرفّ –
المصدر
كتاب الحياة بأسلوب جهادي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
تواصل معنا
سلام عليكم ورحمة الله
كيف يمكننا مساعدتك؟