مواضيع

ذكرى شهادة آية الله محمد باقر الحكيم

أعوذ بالله السميع العليم

من شر نفسي الأمارة بالسوء ، ومن شر الشيطان الغوي الرجيم

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين

اللهم صل على محمد وآل محمد ، وارحمنا بمحمد وآل محمد ، وأهد قلوبنا بمحمد وآل محمد ، وعرف بيننا وبين محمد وآل محمد ، وأجمع بيننا وبين محمد وآل محمد ، ولا تفرق بيننا وبين محمد وآل محمد في الدنيا والآخرة طرفة عين أبداً .

اللهم معهم .. معهم لا مع أعدائهم .

السلام عليكم أيها الأحبة :

أيها الأخوة والأخوات في الله ورحمة الله تعالى وبركاته .

في البداية: أرفع أحر التعازي إلى مقام إمامي وسيدي ومولاي وشفيعي يوم القيامة ، الحجة بن الحسن العسكري ، روحي وأرواح المؤمنين لتراب مقدمه الفداء ( أسأل الله جل جلاله برحمته التي وسعت كل شيء أن يساعد قلبه الشريف على تحمل هذه الفواجع المؤلمة ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ).

وأرفع التعازي أيضاً : إلى مقامات مراجع الأمة وفقهائها وعلمائها ، وإلى كافة المؤمنين والمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها ، وإلى الشعب المسلم المجاهد المظلوم في العراق .. وإليكم ، بمناسبة ذكرى الأربعين الأولى لشهادة آية الله السيد السعيد محمد باقر الحكيم ( نور الله تعالى ضريحه بنور جماله ، وأسكنه الفسيح من جنته ، إنه واسع قدير ) . ( رحم الله من قرأ لروحه الطاهرة سورة الفاتحة الشريفة ) .

قال الله تعالى في محكم كتابه المجيد: ( ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون . فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون. يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين).

( آل عمران : 169 – 171 ) .

الشهادة في سبيل الله تعالى أمنية كل مؤمن تقي بصير وعارف ، لأن الشهادة في سبيل الله تعالى تعني غفران الذنوب وتكفير السيئات ، وتعني الراحة عند الموت ، وتعني الأمن من فتنة القبر ، وتعني العفو عند الحساب ، وتعني الحصول على الدرجات العالية في جنة النعيم . . جنة الخلد التي لا تفنى .

وهل يطمح المؤمن البصير في غير هذا ؟!

إن طموح الإنسان المؤمن وسروره وراحته في أن يكون شهيداً في سبيل الله تعالى ، سبيل الحق والخير والعدل وسعادة البشرية وتقدمها وتطورها وراحتها في الحياة .

والشهداء هم روح الأمة الحية : بهم تشعر الأمة وتحس ، وبهم تنمو وتتحرك ، وبهم تنتصر في جميع قضاياها العادلة المشروعة ، وبشهادتهم يبعثون في الأمة المزيد من الحياة والإحساس والحركة والإصرار على مواجهة التحديات وتحقيق النصر في جميع القضايا العادلة المشروعة على كافة الأصعدة والميادين .

وحيثما وجد شهيد: فهذا يعني وجود قتلة مجرمون ظلمة لا يعرفون الله تعالى ولا يعرفون القيم الإنسانية النبيلة ، وحيثما وجد شهيد : فهذا يعني وجود قضية جوهرية عادلة تستحق التضحية والشهادة في سبيل نجاحها وانتصارها ، ويعني وجود أناس شرفاء مضحون ، تغلبوا على شهواتهم وجاذبية الدنيا وزخارفها الفانية ، وأشتغلوا بالهموم والقضايا الكبيرة للأمة ، وزادهم في طريقهم التقوى ، قد حلقت أرواحهم الزكية الطاهرة في سماء القيم والمبادىء السامية الرفيعة ، وسمت لرؤية الملكوت الأعلى .

ووجود الشهداء يعني وجود أمة حية تشعر بقضاياها الكبيرة وبكرامتها وبإنسانيتها ، وتؤمن بقيم ومبادىء السماء وأحكامها العادلة ، وتنموا وتتحرك لتنتصر في جميع قضاياها العادلة المشروعة على أرض الواقع ، وليس في الوهم والخيال .

والاحتفاء بالشهداء وإحياء ذكراهم وتكريمهم: يدل على حياة الأمة وعزتها وكرامتها ، وأنها مسكونة بروح الشهادة ، وأن فيها مشاريع شهادة أو شهداء أحياء ، يعشقون الشهادة وينتظرون الفوز بالشهادة في سبيل الله تعالى ، التي هي سبيل الحق والعدل والخير والسعادة للبشرية جمعاء ، وفي سبيل تقدمها وتمدنها وتطورها في جميع مجالات الحياة وكافة شؤونها . ومن أدعية شهر رمضان المبارك : ( وقتلاً في سبيلك فوفق لنا ) .

والأمة الحية الكريمة العزيزة التي يعيش فيها الشهداء الأحياء ، حتماً تنتصر وتحل جميع قضاياها طال الزمن أو قصر ، مهما كانت التحديات أو الصعوبات التي تواجهها وتقف في وجهها.

أما الأمة التي لا تحتفي بشهدائها ولا تكرمهم ولا تخلد ذكراهم ، فهي أمة ميتة لم تنتفع من دماء الشهداء الأحرار الشرفاء ، وكأي ميت .. فإن مصيرها إلى التعفن والتحلل والفناء !!

و الشهيد السعيد آية الله السيد محمد باقر الحكيم: ( رحمه الله تعالى وأسكنه الفسيح من جناته ) كان عالماً روحانياً يحمل مشروع الإسلام العظيم ، ويعيش قضايا الأمة الإسلامية وقضية شعبه المظلوم في العراق الجريح ، وكان من عائلة علمية هاشمية تحمل مشروع الإسلام العظيم ، وتعيش قضايا الأمة الإسلامية وقضية الشعب المسلم المظلوم في العراق الجريح ، وقد قدمت عائلة الحكيم عشرات الشهداء والشهيدات في سبيل الله العظيم ، فقد أحصت مجلة العصر في عددها الأخير رقم ( 25 ) ( شعبان 1424 – أكتوبر 2003 ) أسماء خمسة وأربعين بين شهيد وشهيدة من عائلة الحكيم ، وقالت بأن هناك عدد من الشهداء والشهيدات لم تستطع إحصاء أسماءهم .

وكان الشهيد آية الله السيد محمد باقر الحكيم في حياته مشروع شهادة ، آمن بقيمة الشهادة وفضلها وعشقها ، وعمل من أجل الفوز بها وكان ينتظرها ويتوقعها ، فقد تعرض آية الله السيد محمد باقر الحكيم إلى تسع محاولات اغتيال فاشلة ، ولم ينثني عن جهاده في سبيل الله ، وهل ينثني العاشق عن السبيل الذي يوصله إلى معشوقه ويمنحه رضاه وقربه والفوز بجواره والنظر إلى أنوار جماله وجلاله ؟!

وكانت العملية التي استشهد فيها هي العملية العاشرة .

كما قام النظام البعثي البائد باعتقال العشرات من أفراد أسرة الحكيم وساوم آية الله السيد محمد باقر الحكيم على ترك المعارضة للنظام البعثي .. فأبى ، فأعدم ستة من أسرة الحكيم في عام (1982 م) ، وبعد سنتين أعدم عشرة آخرين وبقي العشرات منهم في السجون ، ولم ينثن آية الله السيد محمد باقر الحكيم ولم يتراجع ، وواصل طريق ذات الشوكة لإعلاء كلمة الحق ونصرة المستضعفين في الأرض على طريق أجداده من أهل البيت والأئمة الأطهار عليهم السلام .

ومن كان مشروع شهادة مثل آية الله السيد محمد باقر الحكيم ، لابد أن يكون عظيماً ، لأنه يعمل بجد وإخلاص وبدون توقف من أجل الهموم والقضايا الكبيرة ، وبدون خوف أو رهبة أو وجل من أحد ، ولا تشغله الأمور الصغيرة ولا تصرف نظره عن أهدافه العظيمة ، ولا تقهره العقبات والمشاكل ولا تغلق أمامه الأبواب مهما كبرت أو عظمت ، بل يقهرها ويغلق على واضعيها الأبواب ، لأنه يبصر بعين الله سبحانه وتعالى الذي يجعل له من أمره فرجاً ومخرجاً ، ويمتلك إرادة فولاذية لا تقهر .

أوجه عظمة شهادة الشهيد آية الله محمد باقر الحكيم:

وحدث شهادة آية الله السيد محمد باقر الحكيم ( رحمه الله تعالى ) يشهد بعظمته من ثلاثة وجوه ، وهي :

الوجه الأول – من حيث الزمان :

حيث كانت شهادته في اليوم الأول من شهر رجب المعظم ، وما أدراك ما عظمة شهر رجب وفضله عند الله تعالى ، في يوم الجمعة .. بعد أن صلى الجمعة إماماً وبعد الزيارة ، وقد خطب في المصلين وهو صائم في يوم صيفي حار ، فقتل وهو جائع عطشان ، وهي من أفضل الحالات التي يموت عليها الإنسان المؤمن ، فهنيئاً له بهذه الشهادة العظيمة المشرفة.

الوجه الثاني – من حيث المكان :

في العراق المسلم الجريح ، في حرم جده أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ، حيث كان في ضيافته عليه السلام مصلياً وزائراً ، وحقاً على المضيف أن يكرم ضيفه ، وقد أكرمه فعلاً وأحسن استقباله ، وزاد عليه السلام في الحفاوة به .

الوجه الثالث – من حيث الكيفية :

حيث تدل العملية الإجرامية التي نفذها القتلة المجرمون الذين تجردوا من كل شعور إنساني نبيل ، تدل العملية الإجرامية : من حيث الحجم والنوع والكيفية ، على إصرار القتلة المجرمين على التخلص من هذه الشخصية العظيمة ، بأي أسلوب مهما كان قذراً وقبيحاً ، وبأي كيفية مهما كانت بشعة ، في أي مكان .. وفي أي زمان ، ومهما كان عدد الضحايا الأبرياء الذين يسقطون . فالمهم لدى القتلة المجرمين هو التخلص من هذه الشخصية العظيمة ، لأنه يمثل عقبة تمنع تنفيذهم لمخططاتهم الشيطانية الإجرامية . ولو لم يكن عظيماً لما قتل بهذه الكيفية في الزمان الشريف والمكان المعظم .

وفي الوقت الذي تدل فيه عملية الاغتيال الإجرامية على عظمة الشهيد آية الله السيد محمد باقر الحكيم ، فإنها تدل بالقدر نفسه على خسة وحقارة ودناءة المجرمين القتلة !!

إن كل عملية قتل بغير حق خارج القانون ، هي عمل إجرامي يدل على دناءة وخسة وحقارة الفاعلين . قال الله تعالى : ( إنه من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً ) إلا أن مستوى الجريمة ليس واحداً ، ودلالته الأخلاقية والقيمية ليست واحدة ، فقتل الأنبياء والأوصياء الذين محضوا الحق والخير والعدل ويخدمون البشرية بإخلاص وبدون مقابل ، يختلف عن قتل الإنسان العادي الذي يحتمل في حقه الخطأ والظلم وتقوم حياته على الأخذ والعطاء ، فمن يقتل الأنبياء والأوصياء والصالحين فهو قطعاً في غاية السوء والحقارة والقبح المعنوي . وكذلك تدخل ظروف وملابسات القتل وزمانه ومكانه وكيفيته في تحديد مدى قبح وبشاعة الجريمة .

إن عملية الاغتيال البشعة لآية الله السيد محمد باقر الحكيم في الزمان والمكان والكيفية ، تدل بكل تأكيد على المدى البعيد الذي عليه القتلة المجرمين من الخسة والدناءة والحقارة والقبح المعنوي ، والبعد عن الله تعالى والقيم الإنسانية النبيلة ، وأنهم من أهل قعر جهنم وطبقاتها السفلى وبئس المصير.

ولكنه والحمد لله رب العالمين ، فقد بعثت شهادة آية الله السيد محمد باقر الحكيم المزيد من الحياة المعنوية في الشعب العراقي المظلوم ، فرصت صفوفه ، وحركت نخوته ، وبصرته بواقعه وبعدوه وبالتحديات التي تنتظره في حاضره ومستقبله ، وسوف ينتصر لا محالة على المحتلين المعتدين على شرف سيادة العراق الأبي واستقلاله ، وسوف يطردهم من أرض العراق ، أرض الإسلام وأهل البيت عليهم السلام .

أيها الأحبة الأعزاء: إن قضية العراق تكشف لنا عن خطرين حقيقيين محدقين بالأمة الإسلامية والعربية ، ويهددان وجودهما ومصالحهما الحيوية وكرامتهما ، وهما : الاستعمار والحكومات المستبدة الظالمة ، ولن تذوق الأمة الإسلامية والعربية طعم الحياة العزيزة والكريمة إلا بالتخلص من هذين الخطرين المهولين .

إن الشعب العراقي المسلم الأبي سوف يطرد الاستعمار الأمريكي البريطاني الصهيوني المزدوج ، كما تخلص من الطاغية صدام وحزب البعث المقبور .

إن أمريكا بنظرتها المادية للأشياء ، وبحساباتها المادية للأمور ، وتطلعاتها الاستعمارية والاستكبارية غير المشروعة في الشرق الأوسط والعالم ، وجدت أن العراق هو بوابتها الأفضل لتنفيذ مخططاتها الاستعمارية الصهيونية للسيطرة على المنطقة وخيراتها ، والقضاء على ثقافتها ودينها الإسلامي الحنيف ، وحماية الكيان الصهيوني من غضب الشعوب .

إن الاستعمار القديم كانت له محاولات جدية لتغيير ثقافة المنطقة وتمييع انتمائها الديني ، وتفصيل الثقافة والدين على مقاييسهم ورغباتهم الاستعمارية ، وأوجدوا مذاهب دينية لتحقيق أهدافهم الاستعمارية الخبيثة الشيطانية في البلاد العربية والإسلامية المستعمرة ، ولكن كل ذلك كان خلف الستار وبالقفاز الأبيض .

أما الاستعمار الجديد بقيادة أمريكا والصهيونية العالمية ، فإن من أهم أهدافهم المعلنة ، تغيير الثقافة الدينية للمنطقة والبلاد الإسلامية ، تحت شعار مقاومة الإرهاب ، ويعلنون عن ذلك بكل وقاحة وصلافة ، ويريدون من الشعوب الإسلامية ، أن يطيعوهم ويسلموا لهم الزمام ، ويعبدونهم من دون الله الواحد الأحد القهار ، سبحانه وتعالى عما يصف الظالمون ، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون .

إن أمريكا باحتلالها العراق البلد المسلم الأبي ظلماً وعدواناً ، قد وقعت في المكان الخطأ ، وأن غرورها وكبريائها وطيشها سوف يرديها ويقضي عليها ليس في المنطقة فحسب ، وإنما في العالم بأسره ، وأن أمريكا تسرع الخطى في طريق نهايتها بفضل حماقتها وطيشها وغرورها وغفلتها عن الله جل جلاله والعدل والقيم الإنسانية ، فإن غضب الله جل جلاله وغضب الشعوب المحرومة لها بالمرصاد ، ولن يخلف الله جل جلاله وعده بالانتقام من الظالمين .

إن نظرتها المادية المظلمة للأشياء ، وحساباتها المادية الضيقة للأمور ، وروحها الملوثة بالمصالح الاستعمارية المحرمة وبالشهوات ، وبالظلم والطغيان والتكبر على الله جل جلاله وعلى الحقيقة والشعوب ، أعمتها وأصمتها عن سماع الموعظة وضيقت أفقها ، فلم تسمح لها ولم تعطيها الفرصة بأن تبصر الأنوار الملكوتية للقرآن وللإسلام وللولاية ولأمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، وللحسين بن علي ، ولأبي الفضل العباس ، ولعلي الأكبر ، وللقاسم وللطاهرين من أهل البيت عليهم السلام ، وللصفوة من الصحابة والتابعين لهم بإحسان من الصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً من الماضين والقائمين ، تلك الأنوار التي تبعث الحياة الروحية والمعنوية في الشعب العراقي المسلم الأبي وتجددها يوما بعد يوم ، وأن الشعب العراقي المسلم الأبي بفضل تلك الأنوار الملكوتية العظيمة ، سوف يهين غرور أمريكا ويمرغه في الوحل العراقي ، كما أهانت تلك الأنوار الملكوتية العظيمة غرور أمريكا والكيان الصهيوني ومرغته في وحل إيران ولبنان وفلسطين !!

أيها الأحبة الأعزاء: إننا كمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها ، محتاجون في سبيل موجهة دينيك الخطرين ( الاستعمار الجديد والحكومات المستبدة ) محتاجون إلى توحيد صفوفنا والوقوف في خندق واحد لمواجهتهما .

رسالتان:

وبهذه المناسبة أرغب في توجيه رسالتين أرى أهمية توجيهيهما ، وهما :

الرسالة الأولى – لأصحاب الفكر التكفيري من المسلمين : أقول لهم بصدق وإخلاص ، إننا وكما هو الواجب علينا وعليكم ، نرغب أن تكون الأمة الإسلامية بكل مذاهبها ومدارسها الفقهية والفكرية في صف واحد ، وخندق واحد ، في مواجهة الأعداء والمطالبة بالحقوق القومية والوطنية العادلة المشروعة على خط الإسلام والقيم الإنسانية النبيلة السامية ، وأن نناقش خلافاتنا الفكرية والفقهية بموضوعية وإخلاص للحق ، وبروح العبودية لله الواحد القهار ، في أجواء المحبة والأخوة الإسلامية الصافية النقية من شوائب المشاحنات وسوء الظن في بعضنا البعض ، تلك الحالة البعيدة عن روح الإسلام وآدابه الرفيعة .

وأقول لهم أيضاً : أنظروا بروح منفتحة لخط أهل البيت عليهم السلام ، وبنور وطهارة وعدالة الإسلام والقرآن ومحمد صلي الله عليه وآله وسلم ، وسوف تدركون نورانية وطهارة وعدالة خط أهل البيت عليهم السلام وشيعتهم ، وحجم ونوعية عطاءات وتضحيات هذا الخط للإسلام والأمة الإسلامية والأوطان العزيزة .

إنني لست في مقام الاستجداء ، لأننا لسنا في حاجة للاستجداء ، لأننا على خط ونور الإسلام والقرآن ، وعلى خط ونور محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، وعلى خط ونور أهل البيت عليهم السلام ، وشعارنا في خطنا حديث الثقلين ، قول الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم : ( إني مخلف فيكم الثقلين ، كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، لن تضلوا ما إن تمسكتم بهما ، ولن يفترقا حتى يردا علي الحوض ) وهو حديث متواتر في مدرسة الخلفاء ومدرسة أهل البيت عليهم السلام ، وهو خط لن نستوحشه وإن عظمت تضحياتنا فيه وقل سالكوه ، ولكننا نريد بحق وصدق ، أن نكون وكافة المؤمنين والمسلمين ، في صف واحد .. وخندق واحد ، في مواجهة أعدائنا والمطالبة بحقوقنا القومية والوطنية على خط الإسلام والقيم الإنسانية النبيلة السامية .

الرسالة الثانية – للذين يتعاطون بحس طائفي مع قضايا الأمة والأوطان : أقول لهؤلاء : بأن النظر لقضايا الأمة والأوطان وهمومهما بعيون طائفية ، ووزنها بمعايير طائفية ومصالح طائفية والتعاطي معها على هذا الأساس ، أقول لهؤلاء : بأن ذلك كله يتنافى مع نورانية الإسلام وطهارته وعدالته في مبادئه وقيمه وأحكامه ، وأن الذين يحملون نورانية الإسلام وطهارته وعدالته ، لا يمكنهم بأي حال من الأحوال ، أن ينظروا إلى قضايا الأمة والأوطان وهمومهما بعيون طائفية ويزنونها بمعايير ومصالح طائفية ، فيظلم بعضهم بعضاً ، ويضروا بتوازن الحياة واستقرارها ، لأن ذلك في الوقت الذي يتنافى فيه مع نورانية الإسلام وطهارته وعدالته في مبادئه وقيمه وأحكامه ، فإن نتائجه تصب في مصالح الاستعمار وأعداء الدين والأمة والأوطان ، وتثبت عروش الظالمين المستبدين ، على حساب مصالح الدين والأمة والأوطان وتقدمها وازدهارها .

وإنني إذ أوجه هذه الرسالة لهؤلاء ، لا أقصد أن يكون لسانهم ينطق بالحق والعدل الإسلامي وبالوحدة الإسلامية والقومية والوطنية ، لأغراض سياسية وكسب الرأي العام وخداعه ، وتكون أفعالهم على خلاف ذلك ، وإنما أقصد التعاطي الفعلي الصادق الذي يشهد الله عليه ويحاسب عليه يوم القيامة ( يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم ) ولنعلم بأنه في وسعنا أيها الناس أن نخدع أنفسنا ونخدع الآخرين ، ولكن ليس في وسعنا أن نخدع الله تعالى ( الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ) .

وفي الختام أقول أيضاً : بأنه من التعاطي الخاطىء المضر بقضايا الأمة والأوطان ، التعاطي معها على أساس المصالح الخاصة : الشخصية أو الحزبية أو الفئوية ، تحت شعار الدين أو التقدمية أو الوسطية والاعتدال أو غير ذلك من العناوين الزائفة التي لا تغير في الحقيقة شيء .

أكتفي بهذا المقدار ، واستغفر الله الكريم لي ولكم

والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته .

المصدر
كتاب الشهادة رحلة العشق الإلهي للأستاذ عبد الوهاب حسين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
تواصل معنا
سلام عليكم ورحمة الله
كيف يمكننا مساعدتك؟