مواضيع

الشهادة والبعد الديني

أعوذ بالله السميع العليم

من شر نفسي الأمارة بالسوء، ومن شر الشيطان الغوي الرجيم

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين

اللهم صل على محمد وآل محمد، وارحمنا بمحمد وآل محمد، واهد قلوبنا بمحمد وآل محمد، وعرف بيننا وبين محمد وآل محمد، واجمع بيننا وبين محمد وآل محمد، ولا تفرق بيننا وبين محمد وآل محمد في الدنيا والآخرة طرفة عين أبداً. اللهم معهم.. معهم لا مع أعدائهم. السلام على شهداء الانتفاضة السعداء المظلومين، السلام عليكم أيها الأحبة: أيها الأخوة والأخوات في الله ورحمة الله تعالى وبركاته.

أيها الأحبة الأعزاء: الشهداء منارات عز، وأعمدة قوة في المسيرة الإسلامية والوطنية، وأوتاد راسخة في الفكر والشعور، تمسك المسيرة الإسلامية والوطنية من التراجع والاهتزاز. إنني كلما وقفت في تأبين شهيد، أو وقفت على ذكرى شهيد، أو وقفت على قبر شهيد، أشعر بأني قزم صغير أمام عمالقة الشهادة العظام، وأشعر بالحرج الشديد، خوفاً من التعاطي الكلامي مع هذه القضايا الإنسانية الزاخرة بالقيم الإنسانية الرفيعة، فضلاً عن الخوف من الاستغلال السيئ لهذه القضايا الإنسانية لأغراض دنيوية دنيئة.

أيها الأحبة الأعزاء: إن الثقافة التي ليس فيها ثقافة الشهادة، هي ثقافة سطحية. وإن المسيرة التي ليس فيها شهداء، هي مسير المهام السطحية الصغيرة، ولا يمكن أن تكون مسيرة للمهام الضخمة الكبيرة، والمهام الجوهرية المصيرية. وإن الفرد الذي لا ينفتح على ثقافة الشهادة، هو فرد قصير النظر، ضعيف الإرادة لا محالة…..

…… في هذه المسألة أأكد على ما ذكره فضيلة الشيخ أبو مجتبى في آخر حديثه قبل قليل، وهو التركيز على البعد الديني في مسألة الشهادة، وأنا أوضح هذه المسألة من باب الصدق مع الله جل جلاله، والصدق مع الناس في مسألة هي من أهم المسائل وأقدسها وأكثرها جدية في حياة الإنسان، وهي مسألة الشهادة.

إن مسألة الشهادة لا تقبل المجاملة فيها. فما قيمة أن نخلد ذكر إنسان في الوقت الذي يكون فيه فاقداً للشعور، فضلاً عن أن يكون معذباً أو غير مرضي عنه عند الله جل جلاله ؟

إذا افترضنا جدلاً عدم وجود الله واليوم الآخر، وسألنا أنفسنا بموضوعية وتجرد: هل يمكن أن تتولد من النظرة المادية للحياة، قيم معنوية رفيعة مثل الشهادة والتضحية، بصورة منطقية صحيحة ؟

أقول بصورة قاطعة وبكل تأكيد: بأن النظرة المادية للحياة ليس في وسعها أن تولد قيم معنوية رفيعة مثل الشهادة والتضحية بصورة منطقية، وإذا وجدنا إنساناً يحمل النظرة المادية للحياة، ولديه في نفس الوقت ميل واندفاع إلى الشهادة والتضحية، فإن ذلك الميل والاندفاع ليس وليد النظرة المادية للحياة، وإنما هو وليد البقية الباقية لديه من الفطرة الإنسانية التي فطر الله الناس عليها. إن النظرة المادية للحياة لا تترتب عليها إلا الممارسات الجافة الجلفة في الحياة.

أيها الأحبة الأعزاء: كل شعوب العالم تحتفي بالشهداء، لما يمثله الشهيد من خلق رفيع لا يضاهيه شيء، حيث أنه يضحي بنفسه من أجل راحة وسعادة أبناء مجتمعه. إلا أنني أدعوكم – أيها الأحبة الأعزاء: أدعوكم إلى ربط عملكم في المسائل الوطنية وكل مسائل الحياة، لا سيما الشهادة لأهميتها الفائقة، ربط كل تلك المسائل بالبعد الديني، حتى تكونوا مستحقين للثواب الأخروي عند الله جل جلاله. وأحذركم من الصوفية الحسية غير المنطقية، التي ترى إمكانية أن تتولد قيم عالية رفيعة مثل الشهادة والتضحية من النظرة المادية للحياة بصورة منطقية. إن النظرة المادية للحياة لا تترتب عليها إلا الممارسات المادية الجلفة أي الجافة في الحياة، وهي الحالة التي ترفضها الفطرة الإنسانية السليمة، ولا يمكن أن تستقيم في ظلها الحياة وتتطور !!

وفي الختام: أدعو كل الشرفاء في العالم، لا سيما أولئك الذين يجدون في أنفسهم إندفاعة إلى الشهادة والتضحية من أجل راحة وسعادة الآخرين، أدعوهم إلى التأمل الدقيق والتفكير الموضوعي في هذه الحقيقة الوجودية العظيمة. إنها دعوة مخلصة موضوعية إلى الله جل جلاله، وإلى طريق سعادة الإنسان في الدنيا والآخرة.

أكتفي بهذا المقدار، وأستغفر الله الكريم لي ولكم

والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

المصدر
كتاب الشهادة رحلة العشق الإلهي للأستاذ عبد الوهاب حسين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
تواصل معنا
سلام عليكم ورحمة الله
كيف يمكننا مساعدتك؟