مواضيع

وثيقة الثبات والصّمود

رؤية استراتيجية لجذور ومستقبل النضال من أجل تحقيق الأهداف

«الوثيقة السياسية لتيار الوفاء الإسلامي»

الخلفيات التاريخية

مرحلة الغزو الخليفي للبحرين

دخلت القبيلة الخليفية للبحرين غازية عام 1782م، وقامت بمهاجمة جزيرة سترة المعزولة ليلاً، ونهبوا ثروات أهلها بعد مجزرةٍ عظيمةٍ، قتلوا فيها الكثير من سكّانها، واستقدموا الرجال والسلاح من قبائل متعاونة ودخيلة على الأرض، وارتكبوا مجازر بحق أهل البحرين، وواجههم شعب البحرين بمقاومة بطولية، ولم يتمكنوا من الاستقرار إلا بعد الاستعانة بالمستعمر البريطاني، والذي وقّع مع القبيلة الخليفية معاهدتين للحماية أولها عام 1820م، والأخرى بعام 1861م، وتعزز بعدها النفوذ الاستعماري للبريطانيين في البحرين، وأصبحت القبيلة الخليفية تحت حمايتهم.

منذ ذلك الحين دخلت البحرين حقبة سوداء من الألم والمعانات في تاريخها، واستمرت ليومنا هذا، وتم تهجير المئات من العائلات الأصيلة، والتي مازال أبناؤها مشتتين في أصقاع الأرض على ضفاف الخليج وأفريقيا وغيرها من البلدان، وأنشأ المستعمر البريطاني والقبيلة الخليفية نظاماً إقطاعياً واستعبادياً، فتم نهب ومصادرة أراضي الناس الزراعية والسكانية، وفرضوا الضرائب على السكان المحليين لجمع أكبر قدر ممكن من العائدات، مع التركيز بشكل خاص على الأغلبية الشيعية، كما تم العمل على تدمير مصادر القوة المحلية المعنوية منها والمادية، وعلى إثر سياسات الاستعباد قامت احتجاجات عدة وثقتها كتب التاريخ المعتمدة، ومن أبرزها الانتفاضة المسلحة للسيد شبّر الستري عام 1895م، والانتفاضة السلمية لعام 1922م، والتي انخرط فيها معظم الناس، وغلّقت الأسواق، وطالب البحارنة فيها بإلغاء نظام السخرة والضرائب الظالمة(1) (2) (3) (4).

مرحلة نشوء النظام السياسي الخليفي الجديد

نشأ النظام السياسي الخليفي الجديد في البحرين عام 1919م، حيث بدأت دوائر الدولة ومؤسساتها في التشكل، كبلدية المنامة، وجهاز التسجيل العقاري، وعلى إثر اكتشاف النفط عام 1932م اكتسبت البحرين – ضمن دول المنطقة – أهمية استراتيجية للبريطانيين والأمريكيين، وتشكلت لدى هاتين الدولتين قناعة بأن حماية مصالحها الاقتصادية الجشعة، وتأمين نفوذها السياسي والعسكري في البحرين وعموم المنطقة لا يتم إلا عبر تمكين العائلة الخليفية، وتهميش الأغلبية السياسية من أهل البحرين.

فتم توجيه موارد الدولة نحو بناء نظام سياسي دكتاتوري وشمولي، يستند على سلطة القبيلة والعائلة، وعلى هذا الأساس تشكلت جميع مؤسسات الدولة الأمنية والعسكرية والاقتصادية والمالية، وغيرها، حيث يستأثر في الوقت الحاضر مجلس العائلة الخليفية المكون من 20 شخصاً، بكافة القرارات المهمة والحساسة، ويدير سياسات البلاد الداخلية والخارجية، كما يوجد 97 فرداً من العائلة نفسها يتقلدون مناصب على رأس كافة مؤسسات الدولة السياسية منها، والخدمية والاقتصادية والأمنية والعسكرية وغيرها (5) (6) (7) (8).

مرحلة انطلاق النضال الوطني

وعلى إثر النفوذ الأجنبي السياسي والعسكري في البحرين، وتسخير ثروات البلاد لتكون في خدمة المستعمر والحكم الدكتاتوري انطلقت الحركات النخبوية والجماهيرية لتطالب بوضع حدود للنفوذ الأجنبي، وتحقيق الإصلاحات في النظام السياسي والاقتصادي، وكان من أهم هذه الحركات حركة التجار الوطنية من الشيعة والسنة بعام 1938 م، والتي طالبوا فيها المتعهد البريطاني والعائلة الخليفية بتحقيق إصلاحات أهمها مجلس تشريعي منتخب، وحرية تشكيل النقابات المهنية، كما قامت هيئة الاتحاد الوطني عام 1954م على نفس المبادئ الوطنية، وقادت حراكاً سياسياً عابراً للطائفتين والقناعات السياسية المختلفة، واعتبرت هيئة الاتحاد الوطني أول حزب سياسي في منطقة الخليج فرض الاعتراف به شعبياً ورسمياً، وكان التضامن مع قضية فلسطين من صلب برنامجه بالإضافة للمطالبة بالمشاركة السياسية والإصلاحات الاقتصادية، ووضع حد للنفوذ الأجنبي الاستعماري في البحرين، حتى أن الجماهير رشقت وزير الخارجية البريطاني سلوين لويد عام 1956م خلال زيارته للبحرين، وفي شهر مارس من عام 1965م انطلقت انتفاضة شعبية أخرى على سياسات المستعمر البريطاني وآل خليفة، بذات المطالب ونفس الروح الوحدوية، وكان رد الممثل البريطاني في البحرين والحكم الخليفي هو قمع الحراك وقتل المتظاهرين، وسجن قادة الحراك ونفيهم للهند وأفريقيا وجدة، وقام الإنجليز بتأسيس القسم الأمني الخاص سنة 1957م، وبدأ حكم الطوارئ في البحرين حينها، وفي سنة 1965م استبدل قانون الطوارئ بقانون الأمن العام، وفي سنة 1974م استبدل الأخير بقانون أمن الدولة.

في تلك الحقبة من التاريخ شهدت منطقتنا الإسلامية والعربية والبحرين خصوصاً إرهاصات خارجية وداخلية مهمة، أبرزها احتلال الكيان الصهيوني لفلسطين، وانطلاق حركات تحرر عدة في بلدان المنطقة، وتموضع قوى الاستعمار وتعزيز نفوذها العسكري في منطقتنا، حيث جعل الحكم الخليفي البحرين قاعدة للتواجد العسكري الأجنبي المعادي لأمتنا وقضاياها الكبرى، فبدأ التواجد العسكري الأمريكي في البحرين عام 1955م، وأعقبه إنشاء قاعدة عسكرية بريطانية دائمة عام 1967م. عاش شعبنا والنخبة المعارضة فيه قضايا الأمة الكبرى، وقدم المقاومين والشهداء من أجل فلسطين، وكانت فلسطين حاضرة في الخطاب السياسي للمعارضة (9) (10) (11) (12).

قرار مجلس الأمن 278 لعام 1970م

في أوج هذا الحراك السياسي المطلبي الوطني، وفي فترة القمع وفرض قانون الطوارئ لعام 1965م كانت البحرين موضوع تجاذب بين الهيمنتين البريطانية والإيرانية، ونتيجة لهذا الظرف الحساس قرر الأمين العام للأمم المتحدة بشهر مارس لعام 1970م إرسال لجنة تقصي حقائق للبحرين، مهمتها استقصاء آراء المؤسسات الأهلية والأعيان وعينات عشوائية من الشعب حول رأيها في هوية البلاد وتبعيتها السياسية، وقد أصدرت اللجنة بتاريخ 30 أبريل 1970م تقريرها التاريخي المهم، وفيه نتيجة مهمة وهي حق شعب البحرين في دولة ذات هوية واستقلال كامل وسيادة تامة، وحريتة في تشكيل العلاقات الدولية، وهو ما صدّقه مجلس الأمن الدولي في قراره رقم 278 بتاريخ 11 مايو 1970م.

نتيجة لسلسلة متواصلة من الحراك السياسي والاحتجاجي، والمطالبات النخبوية والشعبية بأن يكون الشعب مصدر السلطات استناداً على الفقرة 1 من ميثاق الأمم المتحدة، والذي أقرّ بحق أي شعب بتقرير مصيره السياسي، واستناداً على قرار مجلس الأمن رقم 278 تشكل المجلس التأسيسي المنتخب لوضع أول دستور شرعي لشعب البحرين، والذي تم إقراره بتاريخ 6 ديسمبر 1972م، وبتاريخ 7 ديسمبر من نفس الشهر بدأت انتخابات المجلس الوطني التشريعي، والذي تم حله من قبل حاكم البلاد آنذاك بتاريخ 26 أغسطس 1975م، إثر عدم قدرة السلطة الخليفية والمستعمر الأجنبي على الاستئثار بالقرار السياسي والاقتصادي في ظل وجود مجلس شعبي يقوم بدور الرقابة والتشريع الفاعلين، ودخلت البلاد في مرحلة قمعية جديدة إثر تعطيل العمل بالدستور وحل المجلس الوطني وتفعيل قانون أمن الدولة سيء الصيت (13) (14) (15) (16).

التنظيمات الإسلامية السياسية إلى الواجهة

انتصرت الثورة الإسلامية في إيران عام 1979م، كما شهدت بلدان عدة حركات سياسية مثلت الأحزاب أو القيادات الشيعية دوراً محورياً فيها، مثل حركة المحرومين بقيادة السيد موسى الصدر في لبنان بين عامي (1969-1978م)، وقيام آية الله السيد محمد باقر الصدر في العراق ضد المقبور الطاغية صدام حسين عام 1980م، وقد كانت النخبة الشيعية دوماً جزءاً فاعلاً في الحراك السياسي الوطني، إلا أن المد السياسي الذي بدأ يجتاح المنطقة بفعل تجارب شيعية نوعية وبارزة في إيران والعراق ولبنان قد هيأ الظروف لتتصدر التنظيمات السياسية الشيعية المشهد في البحرين، بل وقيادتها الحراك السياسي المطلبي الوطني.

وتحت ظل قانون أمن الدولة؛ عاش الشعب مرحلة دموية ضد التنظيمات السياسية الشيعية والأفراد المنتمين لها خصوصاً، وضد عامة المعارضين والحركات الوطنية المعارضة بشكل عام، وارتقى حينها العديد من الشهداء نتيجة القمع والتعذيب، كالشهيد جميل العلي عام 1980م، والشهيد الشيخ جمال العصفور عام 1981م، وكانت الساحة السياسية والشعبية في البحرين حبلى بالتحولات والإرهاصات، منها تجربة حزب الدعوة للفترة (1979-1984م)، والتي تم ضربها أمنياً وسجن العديد من قادتها وأعضائها، والحركة الرسالية، التي تمخضت عن تجربة الجبهة الإسلامية لتحرير البحرين، والتي تم ضربها واعتقال العديد من أفرادها عام 1981م، وكانت للتجربتين جذور فكرية في الحاضنتين الشيعيتين في النجف وكربلاء، وكانتا متأثرتين بالتجربة الرائدة والناجحة للثورة الإسلامية في إيران وانتصارها بقيادة الإمام روح الله الخميني (ق) (17) (18) (19) (20) (21).

التبليغ الديني والسياسي والتجذر شعبياً

في الفترة الممتدة من 1985م وحتى 1991م دخل الإسلام السياسي الشيعي مرحلة التبليغ الديني والسياسي، وكانت المنابر الدينية لكل من الشهيد سماحة السيد أحمد الغريفي رحمه الله، وآية الله الشيخ عيسى قاسم حفظه الله، والشيخ عبدالأمير الجمري رحمه الله الرافد للحراك السياسي الديني في تلك المرحلة، ومحطات التجمع والعمل الديني. وكانت هذه المرحلة مهمة جداً على صعيد تحول الإسلام السياسي في البحرين إلى حالة شعبية عامة لها امتداد في جذور المجتمع ومؤسساته الدينية والأهلية.

لم تخل هذه المرحلة من الإرهاصات القمعية، حيث قُتِل سماحة السيد أحمد الغريفي رحمه الله في حادث مدبّر عام 1985م، وتم اعتقال أعداداً كبيرة من الناشطين في عام 1988م، واتهم الشيخ الجمري بتنظيمهم وقيادتهم، وصدر في حق بعضهم أحكام شديدة بالسجن، كما اعتقل الشيخ الجمري نفسه ليوم واحد في نفس العام، وتم إقالته من القضاء الجعفري، وعلى الصعيد الخارجي قامت الإدارة البريطانية بشهر مايو من عام 1990م باقتحام بيوتات بعض الناشطين ضمن حركة أحرار البحرين الإسلامية في لندن، واعتقال 3 منهم تحت قانون «مكافحة الإرهاب»، والذين أطلق سراحهم فيما بعد، حيث لم يثبت بحقهم أي من التهم الموجهة.

مرحلة انتفاضة الكرامة 1994م

تعود شرارة انطلاق انتفاضة الكرامة إلى المطالبات النخبوية والشعبية التي قادها فضيلة العلامة المجاهد المرحوم الشيخ عبدالأمير الجمري ورفاقه آنذاك، وأبرزهم فضيلة الأستاذ عبدالوهاب حسين، وفضيلة الشيخ علي سلمان، وفضيلة الأستاذ حسن المشيمع، مع مجموعة أخرى من المعارضين السياسيين من مختلف التوجهات الوطنية، ومن كلتا الطائفتين، ففي 15 نوفمبر 1992م زار وفد من المعارضة الإسلامية والوطنية حاكم البلاد، ورفعوا له عريضة نخبوية وقعها 365 شخصية من المعارضين ومن وجهاء المجتمع، وكان المطلب الرئيس فيها إعادة المجلس الوطني المنتخب الذي تم حله عام 1975م، فرفض الحكم الاستجابة للمطالب، وكانت الساحة الشعبية تتناغم مع الحراك النخبوي في البحرين عبر المشاركة الفاعلة في العريضة الشعبية، وكانت أزمة البطالة تتفاعل في أوساط الشباب، والذي قام باعتصام حاشد أمام وزارة العمل في يونيو 1994م، حيث قمع الاعتصام واعتقل العديد من الشباب، وفي شهر أكتوبر 1994م أعلنت لجنة العريضة الشعبية، وهي نفسها من أشرفت على إعداد العريضة النخبوية، عن اكتمال التوقيع على العريضة الشعبية المطالبة بعودة العمل بدستور 1973م، وعودة المجلس النيابي المنتخب، وإنهاء حقبة قانون أمن الدولة وما تمخض عنه من قمع وتهجير وسجن للمعارضين وأبناء الشعب، وقد حملت العريضة الشعبية إمضاء أكثر من 25 ألف من المواطنين.

إلا أن النظام الخليفي ومسؤول أمن الدولة في البحرين الضابط البريطاني أيان هندرسنون كان لهما رأي آخر، فرفض النظام استلام العريضة الشعبية ولقاء ممثلي المعارضة، والاستجابة لدعوات الإصلاح السياسي السلمي، وفي ديسمبر من عام 1994م داهمت قوات الأمن منازل مجموعة من قادة الحراك، ونفتهم للخارج بتهمة التحريض، وبعد ذلك بدأت تتفاعل الساحة الشعبية وانفجرت انتفاضة كبرى بين عامي 1994م و2000م، لم تشهد البحرين مثلها منذ الخمسينات من القرن الماضي، وتصاعدت سلسلة الشهداء بدءاً من الدم الطاهر للشهيدين هاني خميس وهاني الوسطي (22).

مرحلة انقلاب الحكم الخليفي على التوافقات والعهود

هدأت جمرات انتفاضة الكرامة إثر توافقات سياسية بين المعارضة والنظام الحاكم، فطرحت المبادرة السياسية لعام 1996م من قبل أصحاب المبادرة، والتي انقلب النظام على تفاهماتها، وتم في مرحلة أخرى التوافق مع المعارضة على تهدئة الشارع وإطلاق ميثاق العمل الوطني لعام 2001م، ودعوة الشعب للتصويت لصالحه، إلا أن المستعمر الأجنبي والعائلة الحاكمة تعاملوا مع هذه التوافقات السياسية كما تعاملوا سابقاً مع مجمل التحركات الشعبية السياسية التاريخية والتوافقات التي تنتج عنها، وهو تعامل من منطلق الغدر والنكث بالعهود، وبأسلوب الحلول الترقيعية وقصيرة الأمد، والتي جعلت جذور الأزمات والمشاكل قائمة، فبعد إطلاق النظام الحاكم ميثاق العمل الوطني عام 2001م، وتصويت الأغلبية الشعبية عليه ضمن توافقات وتفاهمات سياسية مع المعارضة، انقلب الحكم الخليفي على مضمون الميثاق وروحه، والتعهدات المكتوبة والشفهية الرسمية التي قدمها للمعارضة، فتم فرض دستور 2002م بإرادة منفردة، وتم تعيين مجلس الشورى مباشر من قبل رأس النظام كمجلس تشريعي بشكل موازي ومعطل لدور المجلس النيابي، وأصدر نظام الحكم جملة من القوانين المقيدة للعمل السياسي، وبهذا تم نقض جميع التعهدات المكتوبة والشفهية مع المعارضة السياسية (23) (24).

العهد الإصلاحي المزيّف

ودخلت البلاد في مرحلة جديدة اتسمت بتغييب المطالب الشعبية الجوهرية، وبإمساك النظام بجميع خيوط اللعبة السياسية ومخرجاتها، وباختزال العملية السياسية بمجملها بمجلس نيابي فاقد لمقومات التمثيل الشعبي الحقيقي، وفاقد لأدوات التشريع والرقابة، كما عاشت الساحة الوطنية استقطابات حادة بين السلطة والمعارضة من جهة، وبين أطراف مهمة في المعارضة فيما بينها من جهة أخرى.

وثبت بالتجربة بعد عقد من الزمن أن العمل على التغيير من داخل المجلس النيابي لم يقدم شيئاً يعتد به للوطن والمواطنين، فهو لم ينجح في تحقيق المطالب والأهداف السياسية والدستورية، فضلا عن فشله في تحسين الوضع الدستوري أو السياسي أو الخدمي أو المعيشي، كما أنه لم ينجح في منع التدهور الأمني والحقوقي للمواطنين، بل أنتجت التجربة النيابية العشرات من القوانين الكارثية، منها قانون الجميعات السياسية، وقانون مكافحة الإرهاب، وقانون مباشرة الحقوق السياسية، وغيرها الكثير، والتي أطلقت يد السلطة في شؤون البلاد السياسية والاقتصادية، وتحول المجلس النيابي إلى غطاء شرعي يقوم من خلاله النظام الخليفي وجوقته الفاسدة بتقنين القمع والفساد.

هذا في وقت عمل فيه النظام على ملفات تخريبية خطيرة بحق حاضر الوطن ومستقبله، كمشروع التجنيس السياسي، وملفات أخرى كشف عنها تقرير البندر الشهير، وعلى إثر فشل العملية السياسية القائمة في معالجة أبسط الأزمات الجوهرية، وتصاعد القمع الحكومي انطلقت بوادر حراك شعبي، وصل أوجّه في سبتمبر من العام 2010م، وتم اعتقال مجموعة من قادة الحراك السياسي والثوري، والعشرات من الناشطين السياسيين والميدانيين (25) (26) (27).

مرحلة ثورة 14 فبراير: الجذور والانطلاقة

وبهذا، ونتيجة لجذور وأسباب عميقة في تاريخ البحرين وحلقات الصراع من أجل الحرية والعدالة والاستقلال وتقرير المصير انطلقت موجة الصحوة الإسلامية والسياسية في البحرين أواخر العام 2010م، وكسابقة على موجة الصحوة الإسلامية في منطقتنا العربية والإسلامية، وجاءت ثورة 14 من فبراير للعام 2011 م كطوفان سياسي واجتماعي وشعبي واقعي لا يمكن إيقافه وفق جميع المعادلات والتفاعلات والقوانين التي تحكم ثورات الشعوب، والتغيرات الكبرى فيها.

انطلقت ثورة 14 فبراير بحشودها، وإجماعها الشعبي والنخبوي، وأهدافها وشعاراتها، لتشكل سابقة في تاريخ البحرين القديم والحديث، وتوافقت الجماهير والنخبة بشتى قناعاتها واتجاهاتها على ضرورة التغيير السياسي الجذري، وتمكين شعب البحرين من تقرير مصيره، وتشكيل نظامه السياسي، وأشار شعب البحرين لأصل الداء، وطالب بإسقاط النظام الدكتاتوي، وبهذا أصبحت ثورة 14 من فبراير ثورة على الواقع السياسي التاريخي القديم والحديث، وثورة للإطاحة بمخلّفات العملية السياسية الشكليّة والمزوّرة، والتي انطلقت في المرحلة التي سبقت الثورة، وقدم شعبنا وما زال تضحياتٍ جساماً في هذا السبيل، من شهداء وأسرى وجرحى ومنفيين، ومفصولين عن أعمالهم، وغيرهم الكثير.

واجه شعب البحرين الجيش الخليفي المرتزق بشجاعة قل نظيرها، وكان على أعتاب طوي الحكم الخليفي البغيض من صفحة الوطن، فدخلت القوات الأجنبية مرة أخرى بتاريخ 15 مارس 2011م، متمثلة بما يسمى درع الجزيرة، وكما غزى آل خليفة البحرين انطلاقاً من جزيرة سترة الأبية، فقد دخل ما يسمى درع الجزيرة البحرين غازياً، وكانت سترة أولى محطات مجازرهم وجرائمهم.

القواعد الأجنبية العسكرية في البحرين

هذا وقد فتح الحكم الخليفي البلاد للتدخلات الأجنبية، وسلّم سيادتها للإدارتين الأمريكية والبريطانية وآل سعود، ورهن قرارات البلاد المهمة السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية وغيرها، وعلى جميع الأصعدة، لتكون بيد المستعمرين والغزاة.

هذا وتوجد لدى القوات الأجنبية الأمريكية والبريطانية ثلاث قواعد عسكرية في البحرين، وهي قاعدة عيسى الجوية، والتي تمثل نقطة انطلاق للطائرات الحربية والاستطلاعية، وقاعدة الجفير للأسطول الأمريكي الخامس، وقاعدة الميناء سلمان التي تم تدشينها عام 2016م، كفاتحة لعودة بريطانيا عسكرياً لمنطقتنا، لدعم الأنشطة الحربية البريطانية، وتعزيز أمن الأنظمة الحاكمة الفاقدة للشرعية، والتي ارتبط وجودها ونشأتها بالمستعمر البريطاني.

هذا التواجد العسكري الغربي يشكل تهديداً أمنياً لشعوبنا على صعيد تهديد القضية الفلسطينية، ونشر الإرهاب الذي يعتبر صنيعة سياسات الغرب، ونشر الفوضى في المنطقة، والعمل على تقسيمها، وكذلك على الصعيد الداخلي للبحرين، حيث تمارس هذه القواعد العسكرية تهديداً مباشراً لشعبنا في تطلعاته، وجهوده نحو نيل الحرية والاستقلال والعدالة (28) (29).

الحرب على الدين والهوية

عمل النظام الخليفي بعد انطلاق ثورة 14 فبراير على تصعيد مخطط التغريب للمجتمع، وسلخ هويته، وحربه الخطيرة على الشعائر والأحكام والعقائد الدينية، فقام بتجريم ممارسة فريضة الخمس التي يعتقد فيها الشيعة، وفق أحكامهم الشرعية الثابتة، وذلك مما لم يحدث في التاريخ الحديث بأن قامت أي سلطة سياسية في بلد يعيش فيه الشيعة بأن جرّمت جمع وتوزيع أموال الأخماس، كما ضيقت السلطة على الخطاب الديني، فاعتقلت العلماء لذكرهم أحداث تاريخية مرتبطة بصدر الإسلام الأول، كما فرضت قانون الأسرة المخالف للشرع الجعفري على أبناء المذهب، وهي تهيء لإصدار قوانين تحاصر التعليم الديني في المساجد وإحياء الشعائر الدينية. مخطط التغريب ومحو الهوية هذا يجري في وقت يوجد فيه عشرات علماء الدين في المنافي والسجون لممارستهم حقوقهم المشروعة في التعبير السياسي وممارسة وظائفهم الدينية والاجتماعية كعلماء دين في المجتمع (30).

التجنيس السياسي

مضت أكثر من عشر سنوات على تقرير البندر الذي أوضح كيف تدار عملية تدمير هوية البلاد، وإبادته ثقافياً، باستخدام سياسات تدميرية ممنهجة، منها التجنيس السياسي، والذي يديره الديوان الملكي نفسه. حيث صرحت السلطة الخليفية بمنح الجنسية لأكثر من 120 ألف أجنبي، في مخالفة صريحة للقانون الدولي، ما يعني تغيير التركيبة الديموغرافية بما يفوق 20% من نسبة السكان الأصليين، هذا بالرغم من أن الرقم الحقيقي للمجنسين قد يفوق بكثير الرقم المعلن.

رافق ذلك إسقاط الجنسية عن المواطنين الاصليين، وأصبح إسقاط الجنسية وسيلة ضغط وسلاح يستخدم من قبل الحكم الخليفي لإرهاب المواطنين، وسلبهم حقوقهم الطبيعية، وإرغامهم على ترك العمل المعارض.

يهدف الحكم الخليفي من سياسة التجنيس إلى حماية نظامه السياسي بطبقة اجتماعية تدين له بالولاء المطلق، ويتم تسخيرها في الأجهزة الأمنية وفي مفاصل الدولة لتطبيق سياسات النظام الخليفي القمعية، وقد تركت هذه السياسة التدميرية والقاصرة والقصيرة الأمد أضراراً سياسيةً وأمنيةً واقتصاديةً فادحة على البحرين أرضاً وشعباً وهويةً وثقافةً، مما جعل مكافحة جريمة التجنيس السياسي من أولويات المعارضة السياسية والثورية.

تطبيع الحكم الخليفي مع الكيان الصهيوني

إن الاندفاعة الخليفية نحو التطبيع مع الكيان الصهيوني لها جذورها التي تعود لتسعينات القرن الماضي، حيث بدأت اللقاءات الرسمية بين الكيان الصهيوني ورموز الحكم الخليفي بعد انطلاق انتفاضة الكرامة سنة 1994م، أما اليوم فإن العلاقة الخليفية الصهيونية تأخذ منحىً علنياً، وذلك بفعل الأثمان السياسية التي يجب على أنظمة المنطقة، ومنها النظام الخليفي، دفعها من أجل نيل الحماية والغطاء السياسي والعسكري والأمني من الراعي الأمريكي، ومن أبرز هذه الأثمان التطبيع السياسي والاقتصادي العلني والسريع مع الكيان الصهيوني.

وتمثل التطبيع بالتصريحات الخليفية الرسمية المنددة بمقاطعة الكيان الصهيوني، والاعتراف بحقه في دولة على أرض فلسطين، وتبادل الوفود الرياضية، والمشاركة في الأنشطة الثقافية لكلا الطرفين. هذا ويهيء الطرفان لتدشين التطبيع السياسي الرسمي من خلال افتتاح السفارات.

إن انسجام الكيان الصهيوني مع الحكم الخليفي في النظر إلى جملة من القضايا، مثل تطلعات شعوبنا نحو الحرية وتقرير المصير، وفلسطين، وقوى ودول المقاومة، وغيرها من الملفات، قد جعل من موضوع التطبيع بين الطرفين ضرورة ملحة، بالرغم من الرفض القاطع والمقاومة من قبل شعوبنا لخطوات التطبيع التي تعبر عن خيانة تاريخية لقضايا الأمة.

المقاومة المشروعة

وقد أذن الله للبحرين وشعبها بعد استباحة البلاد والعباد أن تقاوم المحتلين والغزاة والظالمين، والذين استخفوا بالحرمات، واقترفوا الجرائم، وساقوا الكبار والصغار والرجال والنساء للسجون، وانطلقت مقاومة مشروعة ومفتوحة في ربوع البلاد، كانت ومازالت تقض ليل الظالمين والغزاة.

ولقد تمخضت سياسات السلطة الخليفية وداعميها عن آثار كارثية بحق الوطن والناس، حيث تغير وجه البحرين الثقافي، وهويتها الإسلامية، وتدهورت أوضاع الناس المعيشية، وعمّ الفقر، ووصل الدين العام في البلاد والعجز في الموازنة إلى مستويات خطيرة، وغير قابلة للمعالجة في ظل منظومة الفساد الحاكمة والقائمة، وأصبحت الدولة قائمة بفعل الإعانات المالية الأجنبية.

منطلقات الموقف السياسي

وفقاً للتجربة السياسية والنضالية العميقة التي خاضها شعب البحرين نخبة وجماهيراً في المطالبة بالحقوق السياسية والإصلاح السياسي الحقيقي، وباستناده للمواثيق والقوانين العالمية والمحلية التي كفلت له هذا الحق وهذه الممارسة، وباستخدامه لأدوات شرعية وقانونية، فإننا في تيار الوفاء الإسلامي وحركة الحريات والديمقراطية في البحرين «حق» نخلص إلى موقفنا السياسي التاريخي الذي يرسم آفاق العمل الاستراتيجي للمرحلة المقبلة، ويؤطر للمقدمات والآليات المتعلقة، وفق المعطيات والمنطلقات السياسية التالية:

التجربة التاريخية والعميقة في نهضات النضال الشعبي في البحرين، وبرهان التجربة التاريخية بأن النظام الخليفي في عقيدة الحكم، وكتركيب قبلي، وكتشكيل سياسي قائم على العنصرية والتكفير والاستقواء بالأجنبي، هو كيان غير قابل للإصلاح.

عدم اعتراف النظام الحاكم وداعميه الأمريكيين والبريطانيين وآل سعود، طوال تاريخ الصراع بين الشعب ونظام الحكم بمطالب الشعب وحقوقه، وصدّهم عن مطالبات الإصلاح السلمي السياسي والاقتصادي والاجتماعي وغيره.

انقلاب السلطة الخليفية على جميع التفاهمات السياسية بينها وبين المعارضة كممثل حقيقي للشعب، ونكثها بالوعود مرة بعد أخرى، وفشل الآليات القانونية والتشريعية الداخلية في إلزام السلطة بهذه التفاهمات والتعهدات.

فشل نظرية التغيير من داخل العملية السياسية في البحرين، وذلك بالتجربة العملية خلال العقدين الماضيين، واتضاح عدم إمكانية تغيير واقع البلاد السياسي وفق رؤية العمل على تحقيق المكاسب التدريجية، وذلك بسبب عقم آليات العمل السياسي من داخل مؤسسات النظام من القدرة على تحقيق مكاسب معتبرة وذات مغزى.

إجماع أطراف المعارضة والشرائح النخبوية والشعبية كافة، وبجميع تلاوينها وقناعاتها السياسية، على فشل العملية السياسية في تحقيق أي من أهداف ومطالب شعب البحرين، وإجماع جميع القوى السياسية والثورية المعارضة على مقاطعة الانتخابات النيابية الصورية.

سيطرة السلطة الخليفية الفاقدة للشرعية على مفاتيح ومداخل ومخارج العملية السياسية من خلال مواد دستورية باطلة في دستور فرض على الناس، وفاقد للصفة العقدية أو التمثيلية للناس، ومن خلال قوانين أفرغت العمل الحزبي من عناصر التأثير والقوة، وأعطت رأس النظام والحكومة الغير منتخبة الهيمنة الكاملة على عمل المعارضة.

هيمنة العائلة الخليفية على جميع قرارات الدولة ومؤسساتها ومفاصلها الحيوية، عبر مجلس العائلة، وعبر توليهم المناصب الرئاسية الحساسة، وجعلهم البلاد مزرعة ومستباحة لمصالحهم الخاصة.

عداء الحكم الخليفي للإسلام والمذهب، وتطبيقه لسياسات وممارسات خطيرة تهدف لتخريب هوية البلاد وثقافتها، وتحريف وتزوير تاريخها وحاضرها، مثل مشروع التوطين والتجنيس السياسي الخطير، وتغريب المجتمع، وتحريم الممارسات الدينية.

الواقع السياسي الجديد الذي تشكل في البلاد إثر انطلاق ثورة 14 فبراير، وخروج الأغلبية الساحقة من المواطنين للشوارع والميادين للمطالبة برحيل النظام الخليفي، وعمق الجراح، واتساع التضحيات، وارتقاء الشهداء، والزج بالآلاف في السجون، وإسقاط جنسية المئات من أبناء الوطن، ووجود أمثالهم في المنفى القسري، والحرب الدينية والثقافية على شعب البحرين.

تجذر واستمرار الأزمة السياسية، وأزمة شرعية النظام الخليفي، واستفحال الأزمات الداخلية الاقتصادية والاجتماعية وغيرها، والتي تنخر في جسد النظام الخليفي البالي، والتي جعلته قائماً بفعل الدعم الأجنبي الاقتصادي والأمني وحده.

التواجد والنفوذ العسكري والأمني والسياسي للقوى الأجنبية على أرض البحرين، وانتهاك سيادتها وقراراتها المصيرية، والتي يجب أن تكون بيد الشعب حصراً وممثليه المنتخبين، وممارسة القواعد العسكرية الأجنبية أدواراً تآمرية وحربية ضد أمتنا الإسلامية والعربية وقضاياها.

اتجاه الحكم الخليفي إلى التطبيع الرسمي مع الكيان الصهيوني على أعلى المستويات، وفتحه الباب أمام نفوذ الكيان الصهيوني السياسي والاقتصادي والثقافي والاجتماعي في البحرين، مما ينذر بأخطار جسيمة على حاضر ومستقبل بلدنا وشعبنا.

صدور قرار مجلس الأمن الدولي رقم 278، بتاريخ 11 مايو 1970م والذي نص – مضموناً وروحاً – على حق الشعب حصراً في دولة مستقلة وذات سيادة وهوية محددة، والفقرة 1 من ميثاق الأمم المتحدة لعام 1976م، والتي نصت على حق الشعوب في تقرير مصيرها السياسي.

تشكل واقع إقليمي وعالمي لصالح الشعوب والقوى المقاومة، وهو تراجع قوى الشر الداعمة للنظام الخليفي، كأمريكا والحكم السعودي، عن مواقعهما، وفشلهما في أكثر من جبهة، بل وتورطهما واستنزافهما اقتصادياً وأمنياً في الحروب والأزمات التي افتعلوها وأشعلوا نارها في منطقتنا والعالم، وتشكل واقع جديد في منطقتنا الخليجية والإقليم بشكل عام، ينبئ بانتهاء القطبية الأحادية العالمية على المدى المنظور، وضعف القوى الاستعمارية والكيان الصهيوني والأنظمة العميلة له.

واستناداً على هذه المنطلقات والمعطيات فإننا في تيار الوفاء الإسلامي وحركة الحريات والديمقراطية في البحرين «حق»، نعلن عن موقف الثبات والصمود.

موقف الثبات والصمود

أولاً: نعلن عن الثبات والصمود في وقوفنا مع تطلعات شعبنا في هدفه الاستراتيجي المتمثل في تغيير النظام السياسي الدكتاتوري القائم بالكامل، وصولاً لنظام حكم سياسي جمهوري وحر، ويعبر عن الإرادة الشعبية الحرة والمباشرة، ومستنداً على دستور يكتبه ممثلو الشعب، وقائماً على مؤسسات شرعية ومنتخبة.

ثانياً: نؤكد تجاوز شعب البحرين للحقبة السوداء التي سميت زوراً «بحقبة الإصلاح»، وذلك باعتبار أن ثورة 14 فبراير كانت ثورة ضد الواقع السياسي الذي نشأ بعد انقلاب العصابة الخليفية الحاكمة على التوافقات السياسية بينها وبين المعارضة بداية الألفية، وإصدار حاكم البلاد في العام 2002م دستوراً بإرادة منفردة خارج القنوات والقواعد الدستورية، وبهذا فإن دستور 2002م ومؤسسات السلطة، كمجلس النواب والشورى، والقوانين المقيدة للعمل السياسي التي تمخضت عن الحقبة السوداء، لا تعني شيئاً في حسابات أبناء الشعب والمعارضة السياسية.

ثالثاً: نعلن عن فشل العملية السياسية في البحرين بشكل نهائي، وإن الموجود في الواقع هو حكم دكتاتوري شمولي ومرتهن للأجنبي، ومغلف بمؤسسات صورية لخداع الرأي العالمي الرسمي والشعبي.

رابعاً: نعبّر عن عدم اعترافنا بالمرجعيات السياسية المزورة التي يستند عليها الحكم الخليفي في حكم البلاد، ونعني بذلك دستور 2002م، والمذكرات التفسيرية القانونية والشرعية المتعلقة، كما أننا في حلّ من التفاهمات السياسية التي صاحبت إطلاق ميثاق العمل الوطني لسنة 2001م، كون هذه التفاهمات قد نقضتها السلطة، وقد طوتها ثورة 14 فبراير، ووضعتها في متحف التاريخ.

خامساً: ندعو إلى تعزيز مسيرة وأهداف ثورة 14 فبراير من خلال الإطاحة بالتجربة النيابية الحالية العاجزة عن آداء دور التشريع والرقابة، باعتبارها آخر قلاع ما سمي زوراً بالمشروع الإصلاحي بداية الألفية، حيث لايوجد شيء يدافع به النظام الخليفي عن نفسه، وتدافع به الإدارتان الأمريكية والبريطانية عن النظام الخليفي أمام الرأي العام في الغرب سوى الانتخابات النيابية الصورية، في ظل سجل حقوقي سيء، وسجن وتهجير جميع قادة ورموز المعارضة، وحل الجمعيات السياسية الرسمية، وسجن الآلاف من أبناء الشعب، وتهجير المئات في المنفى القسري، وسياسات الإفقار والتجويع وتردي الحالة المعاشية لأبناء الشعب.

سادساً: نجدد وقوفنا مع شعبنا البحراني المقاوم والأبي في كافة خيارات المقاومة السياسية والميدانية المشروعة والمفتوحة، باعتبار هذه الخيارات حق أصيل وفق جميع القوانين والمواثيق السماوية والأممية.

سابعاً: نؤكد على أهمية المحافظة على الجبهة الداخلية للشعب والمعارضة، وصيانة الوحدة السياسية والاجتماعية بين مختلف الأطياف السياسية والثورية، وضرورة توجيه الجهود نحو الهدف المشترك، وهو إنهاء حقبة الدكتاتورية، وفق رؤية التكامل، وكل ضمن موقعه وإمكاناته وأساليب عمله.

ثامناً: ندعو القواعد العسكرية الأجنبية للرحيل من بلدنا، باعتبارها قواعد غير شرعية، أنشأت لدعم الدكتاتورية والإرهاب الرسمي ومشاريع التكفير والتقسيم، وللتآمر على أمتنا الإسلامية والعربية وقضاياها الحقة.

تاسعاً: ندعو لمواجهة ومقاومة أي نوع من أنواع التطبيع مع الكيان الصهيوني في البحرين، وندعو لاعتبار أي تواجد للكيان الصهيوني في البحرين على المستوى الرسمي، أو على مستوى الأفراد ممن يحملون جنسية الكيان الصهيوني هدفاً مشروعاً للمقاومة المشروعة والمفتوحة.

عاشراً: ندعو مؤسسات المجتمع الدولي وخاصة مجلس الأمن لتحمّل مسؤولياته في تطبيق القرار 278 لعام 1970م، ومستلزماته، نصاً وروحاً، وتمكين شعب البحرين من تقرير مصيره، استناداً على هذا القرار، وعلى الفقرة 1 من ميثاق الأمم المتحدة لعام 1976م، التي تعطي الشعوب حق تقرير المصير السياسي.

حادي عشر: نتحمل مع أبناء شعبنا جمهوراً ونخبةً سياسيةً ومهنيةً وأكاديميةً وتجاراً ووجهاءً مسؤولية توفير البدائل العملية لمقاطعة النظام الحاكم ومشاريعه السياسية، والعمل على تشكيل المؤسسات والتنظيمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تعتبر على المدى المنظور أو البعيد بديلاً محتملاً وعملياً وواقعياً عن النظام الخليفي ومؤسساته في عيون الداخل والخارج، ويعتبرها أبناء الشعب ممثلاً وملجأ لهم، ومثال ذلك سعي قوى المعارضة في الخارج لتشكيل حكومة ظل في المنفى، تأخذ على عاتقها تقديم الحلول السياسية والاقتصادية وغيرها لمشاكل البحرين، وتخاطب مؤسسات المجتمع الدولي السياسية والأهلية باسم شعب البحرين، وتسعى لنيل اعتراف سياسي بها بحكم الواقع والتعاطي الشعبي معها، بحيث تشكل بديلاً محتملاً للنظام لدى نضج الظروف السياسية والميدانية.

ثاني عشر: ندعو عموم شعب البحرين نخبةً وجماهيراً إلى التعبئة والاستعداد والإعداد على المستوى العلمي والمهني والأكاديمي وغيره، وتحصيل المهارات اللازمة والحساسة في كافة المجالات، والتي تعطي أبناء الشعب التفوق النوعي، وتمده بأسباب القوة والتأثير.

ثالث عشر: نؤكد على لزوم اليقضة التاريخية لأبناء شعبنا، في ضل التحولات الكبيرة في المنطقة، والاستعداد والتأهب لاتخاذ المواقف الشعبية التاريخية في الوقت والمكان المناسبين.

رابع عشر: ندعو إلى تفعيل الجهود السياسية التنسيقية المشتركة بين قوى المعارضة كافة، وتفعيل ما ينبثق منها من عمل سياسي وميداني وإعلامي تكاملي، وبما يخدم قضية شعب البحرين، وتوحيد الجهود نحو إنهاء حقبة الدكتاتورية.

خامس عشر: ندعو كافة التنظيمات والفعاليات الجماهيرية والنخبوية لدراسة هذه الوثيقة، وتبنيها أو العمل وفق المشتركات فيها، والتفاعل مع الخطوات السياسية التي سيعلن عنها في حينها، والتي تعتبر امتداداً لازماً للطرح السياسي في هذه الوثيقة.

اللهم ارحم شهداء البحرين وحقق مطالبنا واهزم عدونا.

«كتبت هذه الوثيقة بتاريخ 1 نوفمبر 2018م»

المراجع السياسية والتاريخية للوثيقة

Curtis E. Larsen (1984). Life and Land Use on the Bahrain Islands: The Geoarchaeology of an Ancient Society, University of Chicago Press. ISBN 0-226-46906-9

Potter, L.(2009). The Persian Gulf in History. US Congress Library. ISBN 97-802-3061-8459.

Rush, A. de L. (1991). Ruling Families of Arabia, Bahrain: The Ruling Family of Al-Khalifah. England: Redwood Press. ISBN 1-85207-310-1.

John Gordon Lorimer (1905). Gazetteer of the Persian Gulf, Oman, and Central Arabia, , Volume 1 Historical, Part 1, p1000

Mahdi Abdalla Al-Tajir (1987). Bahrain, 1920-1945: Britain, the Shaikh, and the Administration. ISBN 0-7099-5122-1

Khuri, Fuad Ishaq (1980). Tribe and state in Bahrain: The transformation of social and political authority in an Arab state. United States of America: University of Chicago Press. ISBN 0-226-43473-7.

Talal Toufic Farah (1986). Protection and Politics in Bahrain, ISBN 0-8156-6074-X

Fred H. Lawson (1989). Bahrain: The Modernization of Autocracy. ISBN 0-8133-0123-8

Andrew Wheatcroft (1995). The Life and Times of Shaikh Salman Bin Hamad Al-Khalifa: Ruler of Bahrain 1942-1961. ISBN 0-7103-0495-1

Mohammed Ghanim Al-Rumaihi (1975). Bahrain: A study on social and political changes since the First World War. University of Kuwait.

Miriam Joyce (1961). “The Bahraini three on St. Helena, 1956-1961”in The Middle East Journal. Washington: Autumn 2000. Vol.54, Iss. 4; pg. 613

India Office Records and Private Papers (1940). Government of Bahrain Annual Report (February1939 – February 1940)’ [‎134r] (2586), British Library:, IORR1517504, in Qatar Digital Library <https:www.qdl.qaarchive81055vdc_100024140827.0x000044> [accessed 10 November 2018]

Emile A Nakhleh (1976). Bahrain: Political development in a modernizing society. ISBN 0-669-00454-5

Dieter Nohlen, Florian Grotz & Christof Hartmann (2001) Elections in Asia: A data handbook, Volume I, p53 ISBN 0-19-924958

Jonathan Raban(1979). Arabia through the Looking Glass. Publisher: William Collins & Sons, 1979, p56

US Congress Library (2004). Bahrain, Federal Research Division , Kessinger Publishing, pp 97 – 98

Falah al-Mdaires (2002). “Shi’ism and Political Protest in Bahrain”in Domes. Spring. Vol. 11, Iss. 1

AlShehabi, O. (2017), ‘Political Movements in Bahrain Across the Long Twentieth Century,”in Hanssen, J., and Ghazal. A. (eds), The Oxford Handbook for the Contemporary Middle-Eastern and North African History, Oxford University Press. DOI: 10.1093oxfordhb9780199672530.013.27 http:www.oxfordhandbooks.comview10.1093oxfordhb9780199672530.001.0001oxfordhb-9780199672530-e-27

Bahry, Louay (2000). The Socioeconomic Foundations of the Shiite Opposition in Bahrain. Mediterranean Quarterly 11.3 , 129-143.

Wiktorowicz (2004). Quintan ed Islamic Activism, A Social Theory Approach Indiana University Press

Raymond Hinnebusch (2003). The International Politics of the Middle East. Manchester University Press, p194

Fakhro, Munira A (1997). “The Uprising in Bahrain: An Assessment.”In The Persian Gulf at the Millennium: Essays in Politics, Economy, Security, and Religion, eds. Gary G. Sick and Lawrence G. Potter: 167-88. New York: St. Martin’s Press. ISBN 0-312-17567-1

Ben Smith. (2016). Political Reforms and Human Rights in Bahrain. UK House of Commons Library. Number CBP 7513

Eur. (2002). The Middle Middle East and North Africa 2003, Regional surveys of the world; Pg 221, 222. Psychology Press, 2002, ISBN: 1857431324, 9781857431322

Abbas Abu Safwan. (2012). Bahrain: “Fragile”Constitutional Amendments, boosting up the Crisis, and not resonating locally and internationally. Bahrain Center for Studies in London. Retrieved in Nov 11, 2018, from: http:bcsl.org.ukenglish?p=32

Freedom House. (2017). Bahrain Country Report 2017. Retrieved on Nov 11, 2018, from: https:freedomhouse.orgreportfreedom-net2017bahrain

State Department. (2017). Bahrain 2017 Human Rights Report. US State Department. Retrieved Nov 11, 2018, from:  https:www.state.govdocumentsorganization277481.pdf

 Geoffrey F. Gresh. (2015). Gulf Security and the U.S. Military: Regime Survival and the Politics of Basing. Stanford University Press, 2015. ISBN 0804795061, 9780804795067

James Onley (2004), The Politics of Protection in the Persian Gulf: The Arab Rulers and the British Resident in the Nineteenth Century, Exeter University, 2004

United States Commission on International Religious Freedom (2018). Bahrain Annual Report. Retrieved Nov 11, 2018, from: https:www.uscirf.govreports-briefsannual-report-chapters-and-summariesbahrain-chapter-2018-annual-report

المصدر
كتاب تيار الوفاء الإسلامي .. المنهج الرؤية الطموح

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
تواصل معنا
سلام عليكم ورحمة الله
كيف يمكننا مساعدتك؟