مواضيع

فشل المجلس النيابي في التشريع والرقابة

لم يتمكّن المجلس النيابي الصوري من آداء وظائفه الرئيسية «التشريع والرّقابة»، بسبب رسم الدوائر الانتخابية بطريقة ظالمة أنتجت أكثريّة عددية للموالاة داخل المجلس، وتمتّع مجلس الشوري المعيّن من قبل السلطة بصلاحيات تفوق ما لدى المجلس المنتخب، وبسبب المواد الدستورية التي حصرت مفاتيح التشريع وإمكان التأثير بيد السلطة فقط، ولم تتحول الجمعيات الرسمية المشاركة في العملية السياسية إلى أدوات ضغط حقيقية، بسبب خضوعها لقانون «مباشرة الحقوق السياسية» لسنة 2002م، وقانون الجمعيات السياسية لسنة 2005م، وبهذا أمسكت السلطة بخيوط العملية السياسية وجرّدت المعارضة المشاركة من أدوات التأثير.[1]

فضلاً عن الآثار الكارثية – التي ثبتت بالتجربة – لحصر خيار المعارضة بالمشاركة في العملية السياسية، كان رفض تيار الوفاء الإسلامي الانخراط فيها بناءً على عجز المشاركة في المؤسسات القائمة كمجلس النواب عن القيام بوظيفتي التشريع والرقابة، وذلك بسبب القيود المفروضة من قبل السلطة على ذلك، ومن هذه القيود:

قانون مباشرة الحقوق السياسية[2]

صدر هذا القانون بمرسوم رقم «14» لسنة 2002م من قبل الحاكم الخليفي، وورد في نصّه ما يشير إلى استناده على دستور 2002م الذي صدر بإرادة منفردة من قبل الحكم الخليفي، وعلى خلاف التوافقات السياسية مع المعارضة.

إن قانون مباشرة الحقوق السياسية قد خالف في جملة من مواده مبدأ الفصل بين السلطات، ونعني به هنا: استقلال القضاء عن السلطة التنفيذية التي تتمثل في الحاكم نفسه، حيث أن المادة رقم «3» من القانون قد أعطت القضاة المعينين من قبل الحاكم حق الفصل في القضايا الجنائية التي تسلخ الأهلية عن المرشحين للانتخابات النيابية، وكذلك الناخبين.

كما أن المادة رقم «17» منه قد أعطت رأس النظام صلاحية تقسيم الدوائر الانتخابية، وتحديد عددها، وحدودها، وعدد اللجان الفرعية اللازمة لمباشرة عمليتي الاقتراع والفرز بمرسوم، وهو نقض صريح لمبدأ الفصل بين السلطات، وكان مدخلاً لرسم الدوائر الانتخابية بشكل حجّم المعارضة السياسية وجماهيرها.

المادة رقم «18» هي مثال آخر لإعطاء السلطة التنفيذية مهمة الرقابة والقضاء في شؤون الانتخابات النيابية، حيث نصت على: «يرأس وزير العدل والشؤون الإسلامية لجنة عليا للإشراف العام على سلامة الاستفتاء وانتخاب أعضاء مجلس النواب في أنحاء المملكة والبت في جميع الأمور التي تعرضها عليها اللجان المنصوص عليها في المادة السابعة من هذا القانون».

قانون الجميعات السياسية[3]

صدر قانون الجميعات السياسية بمرسوم رقم «26» لسنة 2005م من قبل رأس النظام، واعتبر القانون نقطة فاصلة في وضع العقبات أمام العمل السياسي التنظيمي، والحد من تأثير الجمعيات وعلاقاتها السياسية الداخلية والخارجية، وكذلك كان سبباً جوهرياً للتباينات بين قوى المعارضة في جدوى تشكيل الجميعات وتسجيلها رسمياً تحت هذا القانون والمشاركة في الانتخابات النيابية.

وقد بيّن آية الله الشيخ عيسى أحمد قاسم موقفه من قانون الجمعيات السياسية وأمثاله من القوانين التي فضحت كذبة العهد الإصلاحي، حيث قال: «وإن الإصلاح ليُقاس بنوع القوانين التي تسنُّ، والمشاريع التي تُنفّذ، والممارسة العملية على الأرض، والأزمات التي حُلّت والملفات التي تَخْلَصُ منها، فعلينا أن نقيس مدى الإصلاح بكل هذا، أما دعاوى الإعلام فلا قيمة لها بتاتاً إذا كذّبها الواقع. كان الإعلام إعلاماً حكومياً أو إعلام معارضة.

وليس من قوانين مرحلة الإصلاح قانون الجمعيات، وقانون التجمعات، وقانون الإرهاب. ولا من مشاريع الإصلاح هذه المشاريع المتلاحقة المناهضة للأخلاق باسم السياحة النظيفة زوراً بدل المشاريع السياحية النظيفة فعلاً، وبدل المشاريع الإنمائية الجدّية الأخرى.

وعن الأزمات والملفات الحرجة نسأل: ماذا عن الملف الدستوري وتجميده؟ وملف الإسكان وعدم الوفاء باستحقاقاته؟! وملف التجنيس ومخالفاته؟! وملف البطالة ومآسيه؟! وملف التمييز الطائفي والقبلي وفضائحه؟! وماذا عن قصور الضمان الاجتماعي والتأمين في مورد التعطّل، وتسيّب العمالة الأجنبية، والاستملاك الاعتباطي الواسع للأراضي التي تحتاج عامة الناس إلى الشبر الواحد منها؟!

دعونا نعترف بأننا لازلنا بعيدين بمسافة هائلة عن استحقاقات المرحلة القائمة، وأن الإصلاح المشهود لايبشِّر كثيراً بالإصلاح الموعود، وأن الإرادة السياسية عند الحكم بحاجة إلى ثورة جديدة قوية جدّية من داخلها لتكون أقرب إلى حقيقة الإصلاح وجدّيته.

وعلى كل القوى السياسية الأهلية من مؤسسات وأفراد أن تبذل أقصى جهدٍ ممكن في تنسيق وتكامل وضمن الأطر القانونية من أجل مواجهة شبكة القوانين الجائرة المتخلّفة التي يراد تمريرها، والوقوف ضد هذه المحاولة إخلاصاً للوطن والمواطن وحفاظاً على الأمن والاستقرار وكرامة الإنسان»[4].

وفي خطبة أخرى لسماحته يقول: «لا إصلاح ولا ديمقراطية بلا صوتٍ شعبيٍّ مراقبٍ ونافذٍ ومحاسب يتمثّل في مثل الجمعيات أو الأحزاب السياسية الجادّة، التي تمتلك صلاحيات مراقبة ومتابعة، ونقد ومحاسبة حقيقية.

وإنَّ وضع القيود والأغلال على الجمعيات السياسية تجميدٌ للمسيرة الإصلاحية وانقلاب على ما يقال عنه أنه ديمقراطية، والمتوقّع شعبياً من النواب الوقوف مع الحرية السياسية البنّاءة، وتطويرها، لا أن يقطعوا الطريق عليها، ويتراجعوا بها ويئدوها. والقانون المقترح لتنظيم الجمعيات السياسية موغلٌ في التقييد، مُغالٍ في التوجّس السياسي، وكأنه نبتةٌ مرة يائسة وبائسة على أرض الدكتاتورية، لا أنه نبتةٌ واعدة على أرض يُراد لها أن تكون أرض إصلاحٍ وحريةٍ ومشاركةٍ شعبيةٍ حقيقيةٍ، وانطلاقةٍ جديدةٍ في اتجاه احترام الإنسان»[5].

أهم المواد المثيرة للجدل في قانون الجمعیات كانت التالي:

المادة رقم «4»، في بندَيها الثامن والتاسع، حيث نصّا على «أن يكون مقر الجمعية وفروعها داخل مملكة البحرين، وأن تمارس نشاطها في أراضي المملكة» و«أن تعلن الجمعية مبادئها وأهدافها وبرامجها ووسائلها وهياكلها التنظيمية ومصادر تمويلها».

المادة رقم «6»، في بندها الرابع، حيث نصّت على «التقيد بالمبادئ والقواعد ضمن أحكام ميثاق العمل الوطني ودستور مملكة البحرين واحترام سيادة القانون، وعدم استخدام مؤسسات الدولة والمؤسسات العامة ودور العبادة والمؤسسات التعليمية لممارسة نشاطها».

المادة رقم «20»، التي نصت على «يضع وزير العدل القواعد المنظِّمة لاتصال الجمعية بأي حزب أو تنظيم سياسي أجنبي، ولا يجوز لأية جمعية التعاون أو التحالف مع أي من هذه الأحزاب أو التنظيمات إلا وفقاً لهذه القواعد».

لاحقا ألمحت وزارة العدل عن توجهها لإصدار قانون بعدم جواز اجتماع الجمعيات السياسية مع أي ممثلة دبلوماسية أو دولية في البحرين إلا بوجود ممثل عن وزارة العدل حاضراً في الاجتماع!

صلاحيات مجلس الشورى

بخلاف ما تعهدت به السلطة الخليفية، وبخلاف ما ورد حتى في «ميثاق العمل الوطني»، والذي استندت عليه السلطة في الترويج لما سُمِّي بالعهد الإصلاحي والتحول للنظام الملكي، حيث نص الميثاق على استحداث نظام المجلسين، وأن يكون الأول منتخباً انتخاباً مباشراً، وفيه تنحصر مهمة التشريع، بينما تكون مهمة المجلس الآخر «الشورى» فقط للاستعانة بآراء الخبراء المعينين من رأس السلطة، فقد انقلبت السلطة على هذا البند من الميثاق، وضمنّت مواداً في الدستور المفروض من جانب النظام عام 2002م، وهي المواد من «70» وحتى «92» منه، والتي تنص على أن المجلسين يتساويان في العدد وفي الصلاحيات التشريعية والرقابية، وبحكم التجربة والممارسة فإن مجلس الشورى المعيّن يتفوق في صلاحيته حتى على المجلس المنتخب.

حق الحكومة الحصري

كتكتيك من قبل النظام الخليفي لتضييع النقاشات التي لا يرغب بها داخل المجلس، فهو يعمد إلى عرض مشاريع قوانين في المجال الاقتصادي بصفة مستعجلة، لكي يقوم بقطع النقاشات حول الأمور التي يعد لها النواب أو بعضهم، ولا يرغب النظام في طرحها، ويستند النظام في ذلك على المادة «81» من دستور 2002م، والتي تعطي الحكومة الحق في أن تعرض بصورة مستعجلة مشروع قانون ينظم موضوعات اقتصادية، بحيث يكون أمام المجلس 15 يوم فقط للنظر فيها، ومن بعدها يعرض مشروع القانون على مجلس الشورى، ليتخذ قراراً في مدة أقصاها 15 يوماً، وفي حال توافق المجلسين يتحول مشروع القانون إلى قانون نافذ بعد المصادقة عليه من قبل الحاكم.

وتتحكم الحكومة المعينة التي يرأسها رئيس وزراء من العائلة الحاكمة، ويتقلد مناصبها السيادية أفراد من العائلة الخليفية في مخرجات النقاشات ومشروعات القوانين في مجلس النواب من خلال آلية فرض أجندة مستعجلة في جدول المجلس التشريعي، وبحسب المادة «81» من دستور 2002م فإن الأولوية في نقاشات المجلس هي لمشروعات القوانين والاقتراحات المقدمة من قبل الحكومة.

رأس السلطة وحق التشريع

يتحكم رأس السلطة بمخرجات المجلس من خلال نص المادة «87» من دستور 2002م بأن «الملك» له حق إصدار القانون بمرسوم، وبهذا على فرض الاختلاف بين مجلس النواب ومجلس الشورى فإن لرأس النظام صلاحيّة اتخاذ القرارات وإقرار القوانين.

عملت هذه المادة على إفقاد التجربة النيابية القدرة الحقيقية على التشريع، بالرغم من تناقض المادة «87» من الدستور المنحة وإعطاء رأس السلطة حق التشريع منفرداً مع المادة رقم «70» من الدستور نفسه، والتي تنص على «أن لا يصدر قانون إلا إذا أقره المجلسان وصدق عليه الملك»، وبذلك فإن إعطاء رأس السلطة حق التشريع هو من أبرز تناقضات دستور 2002م الفاقد للشرعية مع نفسه، وتناقضه مع الممارسات الديمقراطية العريقة، والتي تعطي حق التشريع فقط لمجلس النواب المنتخب حصراً وبعيداً عن السلطة التنفيذية المتمثلة في رأس السلطة والحكومة، وبعيداً عن «فيتو» وتأثير المجلس المعين.

وهناك أمثلة عدة على تفريغ مجلس النواب من القدرة على التشريع ووضع جدول أعماله، ومنها استخدام الحكومة المادة «87» من دستور المنحة لتمرير مشروع قانون ميزانية العامين 2007م و2008م بصفة مستعجلة[6].

حق الحكومة في التشريع

فضلاً عن قدرة رأس النظام و الحكومة على فرض أجندتها التشريعية على مجلس النواب، وقدرة مجلس الشورى المعين ورأس النظام على تعطيل ورفض أي تشريع أو مقترح قانون، فإن النظام صاغ وفرض مادة دستورية تعطي الحكومة صلاحية صياغة مشروع القانون، وهذا ما نصت عليه المادة «92» من دستور 2002م، وبناءً على هذه المادة فإن: على المجلسين «النواب والشورى» إحالة الاقتراحات بقانون إلى الحكومة لوضعها في صيغة مشروع قانون، وبعدها تحيل الحكومة صيغتها القانونية إلى مجلس النواب في الدورة التشريعية نفسها أو التي تليها، وفي ذلك تدخل فاضح في المهمة التشريعية التي يجب أن تبقى حصراً بيد النواب المنتخبين، كما أن في ذلك نقضاً واضحاً لواحد من أهم مبادئ التجربة الديمقراطية، وهو مبدأ الفصل بين السلطتين التشريعية والتنفيذية.

المحكمة الدستورية ونقضها صلاحيات المجلس

تعتبر المحكمة الدستورية في البحرين – تشكيلاً ووظيفةً – إحدى البدع الدستورية غير المسبوقة في العالم، وهي من إبداعات العصابة الخليفية حصراً، وبنص دستوري في المادة «106» من دستور المنحة 2002م فإن لرأس النظام إحالة ما يراه من مشروعات قوانين قبل إصدارها للمحكمة الدستورية لتقرير مدى توافقها مع الدستور، بحيث يعد رأي المحكمة الدستورية نافذاً بحق مجلسي النواب والشورى والحكومة، وبهذا البند يكون مجلس النواب غير قادر على الدفاع والترافع والتقاضي عن صيغته في مقترح القانون أمام ما يسمى بالمحكمة الدستورية المعين قضاتها وأعضاؤها جميعاً من قبل رأس النظام.

صلاحية رأس السلطة لتعطيل مشاريع القوانين

إضافة لقائمة الآليات والمفاتيح التشريعية التي صُمِّمَت ليمسك النظام الحاكم بكل مخرجات العملية التشريعية، بحيث لا يستطيع مجلس النواب اللعب خارج دائرة المسموح، فقد أعطى الدستور المفروض رأس النظام نفسه صلاحية تعطيل المصادقة على أي قانون لمدة 6 أشهر، أي نصف العام التشريعي، حيث نصت المادة «35» من دستور المنحة لسنة 2002م الفقرة «ب» بأنه: «يعتبر القانون مصدقاً عليه ويصدره الملك إذا مضت عليه 6 أشهر من تاريخ رفعه إليه من مجلسى النواب والشورى دون أن يرده إلى المجلسين للنظر فيه».

اشتراط موافقة ثلثي المجلس في حال رفض الحاكم

في مشروع القوانين التي على فرض اتفاق مجلسي النواب والشورى حولها، ويتم رفعها لرأس السلطة، فإن رأس السلطة يملك حق تعطيلها 6 أشهر، ومن ثم يحيلها مرة أخرى للمجلسين بحيث لا يصبح نافذاً بصيغته التي رفضها رأس السلطة إلا إذا وافق على الصيغة الثلثان في كلا المجلسين، الشورى والنواب، حيث نصت المادة «35»، «الفقرة د»، من دستور المنحة على ذلك كقيد إضافي يطوِّق العملية التشريعية، ويجعلها رهينة رغبات السلطة الخليفية.

قوانين انتخابية تخدم السلطة

من أهم انتكاسات التجربة النيابية في البحرين هو عدم وجود هيئة مستقلة للانتخابات وعدم خضوعها للرقابة المستقلّة، وقد أدى ذلك لرسم الدوائر الانتخابية بواسطة مرسوم قانون يصدر مباشرة من رأس السلطة، وهو المرسوم رقم «14» لسنة 2002م لمباشرة الحقوق السياسية، وهو قانون مجحف لتنظيم العملية الانتخابية، وقد صدر ضمن مرسوم من رأس السلطة، وهو يفتقد لغطاء تشريعي من أي مؤسسة شعبية منتخبة، وفي داخل القانون نفسه نجد الهيمنة الحكومية واضحة على جميع مفاصل العملية الانتخابية، ومن بينها وضع القوائم الانتخابية، وتعيين وزير العدل واختياره للأطقم القضائية، وهذا لا يتوافق مع أي نظام انتخابي عادل في العالم، ولا يتوافق مع مبدأ استقلال القضاء.

وقد رُسِمَت الدوائر الانتخابية بطريقة تحصل فيها مناطق المرشحين المدعومين حكومياً على الأغلبية النيابية، حيث أن صوتاً واحداً في الدائرة السادسة بالمحافظة الجنوبية وهي معقل للموالاة، يعادل 21 صوتاً في الدائرة الأولى بالمحافظة الشمالية وفي الدائرة الأولى بالمحافظة الوسطى، وهما دائرتان محسوبتان على المعارضة، فكانت النتيجة: أن حصلت المعارضة في انتخابات المجلس سنة 2010م على 83 ألف صوت وحصدت 18 مقعدٍ، بينما حصل مجموع نواب الموالاة على 47 ألف صوت فقط وحصلوا على 22 مقعد.

هذا بالإضافة إلى أن توزيع الدوائر الانتخابية بهذه الطريقة الملتوية قد أفرز فروقات في كتل الناخبين بدرجة كبيرة تتجاوز المعدلات العالمية المعتبرة في التجارب النيابية الديمقراطية والحرة، وهو معدل فرق يجب أن لا يتجاوز 5%، بينما تصل الفروقات بين الدائرة رقم «11» في المحافظة الشمالية والدائرة رقم «10» في المحافظة الجنوبية إلى أكثر من خمسة أضعاف، ويصل الفرق بين معدلي المحافظتين الجنوبية والشمالية إلى أكثر من 28%. فيما تبلغ الفروقات في الكتلة الانتخابية بين المحافظتين الشمالية والجنوبية لأكثر من 40% لصالح المحافظة الجنوبية.

بوجود الدوائر الانتخابية في البحرين بالصورة التي عليها حالياً، فقد تم جعل العملية الانتخابية طائفية، من خلال فصل الشيعة عن السنة، ومثال ذلك في محافظة العاصمة: دائرة تضم قرى النبيه صالح والغريفة والجفير، ولديها ممثل واحد، في حين أن أم الحصم القريبة جداً من هذه المناطق لديها ممثل أيضاً، فلا يوجد في تركيبة مجلس النواب أي تمثيل نسبي اعتماداً على عدد السكان في المناطق.

توزيع الدوائر الانتخابية أفقد المجلس النيابي صفة التمثيل الحقيقي للكتل الناخبة، خاصة في وجود ما سُمِّيَ بـ«المراكز العامة»، وهي مراكز انتخابية موزعة على جميع مناطق البحرين، وهي نافذة خلفية للتزوير، إذ يصعب النظر فيها، خاصة في إمكان نقل أصوات من أي دائرة إلى أخرى لا سيما من خلال جلب أصوات من لا يعيشون أساساً في البحرين وتوزيعهم على أي دائرة من الدوائر، هذا إلى جانب إشكالية عدم تمكن المواطن من الترشح في غير منطقته[7].

افتقاد قدرة الرقابة على السلطة التنفيذية

أعطى دستور المنحة لعام 2002م الحاكم ورئيس الوزراء حصانة ضد رقابة مجلس النواب، حيث نصت المادة «65» منه على أن مجلس النواب لا يستطيع مُساءلة رئيس الوزراء بالطريقة التي يسائل بها الوزراء، كما أنه ليس للمجلس طرح عدم الثقة في رئيس الوزراء.

كما أن المادة «33» الفقرة «أ» من دستور 2002م غير الشرعي تقول: «أن الملك غير مسؤول وذاته مصونة لا تمس» في تناقض مع ماهيّة الصفة التنفيذية للحاكم، التي وردت في المادة «33» الفقرة «ج»، والتي تنص على «أن الملك يمارس سلطاته مباشرة، وبواسطة وزرائه».

أما فيما يتعلق بالرقابة المالية، وخلافاً لما نص عليه دستور «73» المادة «97» على إنشاء ديوان للرقابة المالية يكفل القانون استقلاله، ويكون ملحقاً بالمجلس الوطني، فقد نص دستور المنحة في المادة «116» على إلغاء تبعية ديوان الرقابة المالية للسلطة التشريعية، ثم صدر المرسوم بقانون رقم «16» لسنة 2002م بإلحاق ديوان الرقابة برأس السلطة المسمى «ملك»، أي بالسلطة التنفيذية، وبهذا أصبحت السلطة رقيبة على نفسها!


  • [1]. قانون الجمعيات السياسية، هيئة التشريع والرأي القانوني، تم الاقتباس بتاريخ 18 مايو 2019م، من على الرابط الإلكتروني: http:www.legalaffairs.gov.bh
  • [2]. قانون مباشرة الحقوق السياسية لعام 2002م، هيئة التشريع والإفتاء القانوني، تم الاقتباس بتاريخ 30 يونيو 2019م، من على الرابط الإلكتروني:
  •  http:www.legalaffairs.gov.bh
  • [3]. قانون الجمعيات السياسية، هيئة التشريع والرأي القانوني، تم الاقتباس بتاريخ 18 مايو 2019م، من على الرابط الإلكتروني: http:www.legalaffairs.gov.bh
  • [4]. من خطبة لآية الله الشيخ عيسى أحمد عيسى قاسم، بتاريخ 3 يونيو 2005م. تم اقتباسها من موقع المقاوم almuqawim.net، بتاريخ 18 مايو 2019م.
  • [5]. من خطبة الجمعة لآية الله قاسم، بتاريخ 17 سبتمبر 2004م، تم اقتباسها من موقع المقاوم almuqawim.net، بتاريخ 18 مايو 2019م
  • [6]. جهة عليا تدخل على خط الموازنة، صحيفة الوسط البحرينية، تم الاقتباس بتاريخ 1 يوليو 2019م، من على الرابط الإلكتروني: http:www.alwasatnews.com
  • راجع الملحق المصوّر التوثيقي، الصورة (8)
  • [7]. مكّن توزيع الدوائر الانتخابية بهذه الطريقةالسلطة والموالاة على نيل الأكثرية العددية في مجلس النواب، وتمرير أي قانون رغم رفض المعارضة له، ومثال ذلك كثير، منه قانون الجمعيات، وقانون الإرهاب، وقانون التجمعات، وقانون الاستقطاع 1% من رواتب الموظفين، وتمكّنت السلطة بذلك من تقنين سرقاتها وجرائمها داخل مجلس النواب، والهروب من مسؤولية أفعالها.
  • وكان لآية الله عيسى أحمد قاسم حفظه الله موقف صريح ضد تركيبة المجلس النيابي، وموجة القوانين المجحفة، واختباء السلطة خلف مجلس نيابي مرتهن لها، حيث قال في خطبة الجمعة بتاريخ 15 يونيو 2007م: «مسألة اقتطاع 1% من رواتب العمال والموظفين المستضعفين عمل غير مقبول البتّة، وهو الأمر الذي أُكّد عليه في الجمعة السابقة، وقبل أن تهب الزوبعة. كل المسؤولية مسؤولية حكومية تسبيباً للمشكلة ومعالجة».
المصدر
كتاب تيار الوفاء الإسلامي .. المنهج الرؤية الطموح

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
تواصل معنا
سلام عليكم ورحمة الله
كيف يمكننا مساعدتك؟