التجنيس السياسي الممنهج
بحسب الوثائق والسجلات التاريخية، كانت غالبية سكان البحرين الأصليين من العرب الشيعة الذين أوغل النظام في ظلمهم والتضييق عليهم في جميع مناحي الحياة على المستويات: السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والحقوقية، وعمل على إقصائهم لأنهم يمثلون الشريحة الأكبر من خزّان المعارضة وجماهيرها في المطالبة بالحقوق، وعمودها الفقري.[1]
وبعد تغييب الرقابة الشعبية من خلال تعطيل العمل بالدستور العقدي وتفعيل أحكام القبضة الأمنية منذ بداية سبعينات القرن الماضي، بدأ النظام في برنامج الإحلال وتغيير التركيبة السكانية على أساس طائفي، واستعرت هذه الحملة وطفحت للسطح في العهد الحالي مع وصول رأس الحكم للسلطة في مارس 1999م، وتم تسخير الموارد البشرية والمالية للسلطة وتجنيد الطاقات المختلفة لتنفيذ خطة خمسية تبدأ بشكل مكثف في العام 2005م وتنتهي في العام 2010م، ليتم من خلالها تغيير التركيبة السكانية على أساس طائفي، بحيث يتحول شيعة البحرين من أكثرية سكانية إلى أقلية مهمّشة ومحاصرة سياسياً واقتصادياً وحقوقياً في ظل سياسة منهجية شاملة، واقتضى المشروع جلب وتجنيس عشرات الآلاف من جنسيات مختلفة ذات لون مذهبي واحد «سنّة» من أصول قبلية من: السعودية واليمن والأردن وسوريا ومصر والعراق بالإضافة إلى باكستان وغيرها من دول آسيا[2].
وقد صرّح رئيس مجلس النوّاب السابق خليفة الظهراني قبل 15 سنة، وفي جلسة نيابية عقدت بتاريخ 26 مايو 2004م: «هناك ما يزيد على 120 ألفاً تجنّسوا في العقود الأخيرة ويجب أن نصهرهم في المجتمع لصالح وطننا وأبنائنا..»[3].
كشف الظهراني – المعيّن من قبل رأس السلطة – قبل 15 سنة عن رقم مهول عن أعداد من تم تجنيسهم لغاية عام 2004، وهذا الرقم مثّل 25% من تعداد شعب البحرين البالغ 465 ألف في 2004م حسب الإحصاءات الرسمية، وذلك يدق ناقوس كارثة ليست فقط على المستوى الاجتماعي والثقافي والاقتصادي، بل وعلى المستوى السياسي حيث عمل النظام الخليفي على دمج المجنسين في العملية الانتخابية كمرشحين للانتخابات وككتل انتخابية، مما دمّر ما تبقى من مستوى شحيح للتمثيل الشعبي الحقيقي في مجلس النواب، وقد شهدت البحرين عدة دورات انتخابات نيابية منذ العام 2002م وحتى العام 2018م، وكان في جلّها وجود لأعداد من المجنّسين، وخاصة في الانتخابات الأخيرة، وقد دافع النظام بشكل رسمي عن حق المجنسين في الترشح والانتخاب، بل وقام بالتغطية الإعلامية الواسعة لمشاركة المجنسين في الانتخابات بغية إيصال رسائل محددة للمعارضة والشعب.
وفي الوقت الذي كان يعمل فيه «70%» من المواطنين براتب لا يتجاوز «350 دينار» يحصل المجنسون على رواتب تزيد عن «400 دينار» حال التحاقهم بالسلك العسكري، بالإضافة للمميزات المعيشية مثل توفير السكن والعلاج والتعليم، وغيرها من التسهيلات المحرّمة على المواطنين.
وفي الوقت الذي ينتظر فيه المواطن ما بين «15 – 20 سنة» للحصول على وحدة سكنية، يحصل المجنس على السكن في غضون «6 أشهر».
- [1]. حقوق المواطنة في القانون المحلي والدولي (Bahrain: Citizenship Rights Under National and International Conventions vs. State Practice)، منظمة سلام، تم الاقتباس بتاريخ 21 مايو 2019م، من على الرابط الإلكتروني:
- https:salam-dhr.org
- [2]. قد كُشِفَت معالم هذا المخطط الجهنمي على يد الدكتور صلاح البندر – المستشار السابق لمجلس الوزراء – وأوضح الكثير من جوانبه التنفيذية، التي ثبت بالتجربة صدقه وتحقق بنوده، ويهدف المخطط – بحسب التقرير – إلى قلب موازين التركيبة السكانية لصالح السنّة على حساب الشيعة من السكان الأصليين في البحرين قبل الانتخابات البرلمانية لعام 2010م.
- [3]. جلسة التجنيس تترنّح بين المفخرة والمهزلة، صحيفة الوسط البحرينية، تم الاقتباس بتاريخ 1 يوليو 2019م، من على الرابط الإلكتروني:
- http:www.alwasatnews.com
- راجع الملحق المصوّر التوثيقي، الصورة (6)