مواضيع

“إننا جميعاً نحبك”

من لقاءٌ مع مفجوع آخر

قال رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم : ( إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاثة : صدقة جاریة أو علم ینتفع به أو ولد صالح یدعوا له )([1])

استهلّ حواره معنا بهذا الحدیث الشریف، لتأخذ الحیرة مأخذها من تعابیر وجهه، سألنا قائلاً : أهي صدقةٌ جاریةٌ أم علمٌ ینتفع به أم تعتقدون بأنّه من الممكن أن ارتقي لشرف أن أكون أحد أبناء ذلك الإنسان الجلیل لأدعو له صباحاً و مساءاً.

إنه “علي”، أحد الطلبة الذین تكفّل الشهید السعيد الحاج كریم فخراوي بتكالیف دراسته، رافعاً عن عاتق أسرته عبئاً كبیراً كان قد أرهق كاهلهم لولا صاحب الید البیضاء الذي یعطي في الخفاء احتساباً للأجر فقط لا للمفاخرة أو الریاء.

أخي “علي”، هل لنا بلمحة مختصرة عنك وعن أسرتك؟

علي : إنني أكبر اخوتي، ونعتبر أسرة من ذوي الدخل المحدود جداً، فوالدي متقاعد وكبیر في السن، ووالدتي ربّة منزل، لدي أربعة أخوة اثنین منهم في المرحلة الابتدائیة والبقیة في الإعدادیة، ولأنّني كنت علی علمٍ بضیق الحال، لم أطلب من والدي أن یتكفل بمصاریف دراستي، فمن أین له؟ وهو بالكاد یكفي راتبه التقاعدي لقضاء حاجات المنزل، وقد حسبت لوهلة بأنني لربما لا یجب أن أواصل دراستي الجامعیة وأنه یجدر بي البحث عن عمل رغم حبي الشدید للدراسة وذلك بسبب عدم قدرتي علی مصاریفها، إلا أن المولی عز وجل فتح لي الأبواب، وإذا بي أرى یداً بیضاء مدت لي للتكفل بمصاریف دراستي كاملة.

أین هو «علي» الیوم؟

علي : لقد أنهیت دراستي الجامعیة ولله الحمد وحصلت علی وظیفة جیدة، وما كان لیتأتی ذلك لولا فضل الله وبركاته ومن ثم تكفّل الحاج الشهید «كریم فخراوي» بتعلیمي، وإنني الیوم أسأل المولی عزّ وجل دوماً بأن یوفقني لأن استغلّ علمي فیما ینفع لأكون عند حسن ظن روحه الطاهرة، ولأن أسمعه یقول من هناك – حیث یرقد بسلام في جنات الخلد – ” لم یضع جهدي سداً یا بني یا علي “، هذا أقصی ما أتمناه.

كلمتكم الأخیرة؟

رحمك الله یا رجلاً نشر الخیر بالخفاء، رحمك المولی یا منبراً للخیر والعلم والعمل الصالح، نم قریر العین یا شهیدنا، فإنك والله معنا في كل یتیم كفلته، وفي كل طالب تكفلت بتعلیمه، وفي كل كتاب نقرأه فینور بصرنا وبصیرتنا .. إننا جمیعاً نحبك نحبك نحبك.


([1]) البحار، جزء 2، صفحة 22

المصدر
كتاب فخر الشهداء - الشهيد عبدالكريم فخراوي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
تواصل معنا
سلام عليكم ورحمة الله
كيف يمكننا مساعدتك؟