مواضيع

من لقاء مع أخت الشهيد نسيمة علي فخراوي

الشهيد عمود الخيمة والمربّي

كما الصلاة عمود الدین كان أخي الشهید عمود خیمة عائلة فخراوي، كان ملاكاً یعیش بیننا علی هیئة إنسان، یصل الرحم مع جمیع العائلة ویقف علی احتیاجاتهم ولا یدخر جهداً لتوفیرها، یعمل علی حل المشاكل حتی البسیطة منها، حریص علی أن تدوم المودة بین العائلة والعامل الأساس في لم شملها، وهو الأستاذ والمربي للأبناء والناصح الأمین الذي یلجأ إلیه كل أفراد العائلة في الملمات والمشكلات. نحن الجسد وهو الروح وباستشهاده أصبحنا جسداً بلا روح.

كان لي الأب والأخ والصديق

الشهید یكبرني بثلاث سنین وكان لي الأخ عند حاجتي لأخ ینصحني والأب عند احتیاجي لحنان الأب والصدیق عند حاجتي لرفیق الدرب. أخونا المرحوم الحاج أحمد كان بمثابة التوأم الروحي للشهید وهو یكبر الشهید بثلاث سنین وكان الشهید یعده كمربیه وكان یقول دائماً أنا مدین له وهو أستاذي. الشهید كان یتصف بالأخلاق العالیة والتدین منذ صغره، و یحترم الجمیع وخصوصاً الوالدین وأخوینا الحاج عبد علي والمرحوم الحاج أحمد اللذان یكبرانه سنّا، فقد كان یطیع أوامرهم باحترام ومن غیر نقاش، بالإضافة إلی أخینا المرحوم الحاج أحمد كان ابن عمتنا الحاج محمد نمدار قریباً جداً من الشهید وهم الثلاثة كانوا یجتمعون ویتحاورون في الأمور الدینیة والسیاسیة وكانت نقاشاتهم ساخنة وذلك قبل انتصار الثورة الإسلامیة في إیران إذ كان في حینها نادراً ما تجد شباباً متدینین یتحدثون في أمور دینیة وسیاسیة.

تربى على الإيمان والتديّن

الشهید كان مواظباً علی أداء الصلاة منذ صغره، وهنا أذكر خاطرة ذات یوم والشهید في الثالثة عشر من عمره وأنا في العاشرة وأخونا أحمد 15 عاماً أنه قبل وقت الأذان بقلیل ذهب أبونا لیتوضأ للصلاة وعند رجوعه وجدنا مستقبلین القبلة حيث كنت أقرأ القرآن وأحمد وكريم يصليان، ما إن شاهد أبي هذا المنظر رفع يديه نحو السماء وشكر الله وحمده على ذلك.

كريم كان كريماً منذ صغره حيث يحب دعوة الناس إلى البيت واستضافتهم باستمرار وقد أخذ هذه الصفة من أبينا حيث بيتنا كان دائماً يستقبل الضيوف، كما أن الشهيد كان يحب خدمة الناس منذ طفولته، ويعشق العلم والقراءة حيث كانت لديه مكتبة صغيرة في إحدى غرف المنزل يجلس فيها للقراءة دائماً.

رابط الجأش وراضياً بقضاء الله وقدره

من صفاته أيضاً أنه كان رابط الجأش راضياً بقضاء الله وقدره وشاكراً لله في السراء والضراء، وأتذكر جیداً عندما رجع من ألمانیا حیث كان برفقة أعز إنسان في حياته للعلاج أخونا أحمد، وبالرغم من أنه ذاق مرارة الغربة وجاء بجثة أخيه حيث توفاه الله هناك وكان الجمیع في المطار ینتظرون خروجه والدموع تتساقط من عينيه لما يعرفون عن علاقته بأخینا أحمد إلا أنهم تفاجأوا بصموده وقوة إيمانه حيث كان صابراً محتسباً وشاكراً لربه.

العم المحب

قبل خمسة أيام من اعتقاله التقيته حيث دعاني لتناول الشاي في منزله، وكنت أحس بالألم في قلبه وأرى الحزن في عينيه بالرغم من أنه كان يحاول أن يظهر خلاف ذلك بسبب ما كانت تمر به البلاد من مآسي وخصوصاً لما تعرض له ابني أخينا ( محمد وعلي ) من استهداف وحشي من السلطة، وهما اللذان كانا بمثابة إبنيه، وبالنسبة له كل شيء في هذه الدينا، إذ لم أر في حياتي عماً يحب إبني أخيه إلى هذا الحد، وكانت هذه آخر مرة أراه في حياتي، ويا ليتني كنت أعلم أنها آخر مرة لأتزود منه أكثر.

ختاماً أسأل الله أن يتقبل منا هذا القربان، وهنيئاً لك يا نور عيني الشهادةً، وشكراً لك لأننا أصبحنا عائلة شهيد.

المصدر
كتاب فخر الشهداء - الشهيد عبدالكريم فخراوي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
تواصل معنا
سلام عليكم ورحمة الله
كيف يمكننا مساعدتك؟