شهيدٌ متعدد الأبعاد والكمالات
الحديث عن شخصية الشهيد الحاج عبدالكريم فخراوي حديثٌ كما يقال ذو شجون، الشهيد رضوان الله تعالى عليه كان شخصيةً متعددة الأبعاد ..
كان للشهيد بُعدٌ إنساني، و كان لمن عرفه و عاش معه و عاصره إنساناً بكل ما تعنيه الكلمة من خلال معاملته مع الناس و في اهتماماته بآلام الناس و بالخصوص المحتاجين ..
في رقته و لطفه و حبه للجميع وفي ابتسماته التي لم تكن تغيبُ عن وجهه فهذا هو البعد الإنساني ..
أما عن البعد الإجتماعي يطول الحديث عنه، بارزٌ جداً لكل من كان يعرف الشهيد و واضحٌ لكل من كان يريدُ أن يرى ..
أما البعد السياسي فهو لم يكن يدعي بأنه ناشط سياسي أو ما شابه ذلك، و لكنه كان يفهم السياسة، وكان صائباً جداً في كثير من الأحيان في تحاليله للأحداث، و هذا أشهد به أنا شخصياً حيث كنت أسمع منه بعض التحاليل في الأحداث التي تدور حولنا.
الشهيد في مرمى الاستهداف الوهابي التكفيري
و هناك جانب أعتقد فيه شخصياً بأنه الجانب الأبرز و الأهم في الشهيد و هو الذي دفع النظام لإتخاذ قرارٍ بتصفيته جسدياً، فالشهيد لم يستشهد عن طريق تعذيبٍ خرج عن نطاق السيطرة، أو بسبب مرضٍ أصابه في السجن، بل استشهد بتخطيطٍ مسبق و ربما كان النظام يقصد من كيفية قتله تخويف من هم على شاكلته و بث الرعب في النفوس و إقناع الناس بأنه إذا كان من السهل قتل شخصيةٍ مثل الشهيد فخراوي بهذه الطريقة فإنه لا أمان لأحدٍ بعده و هناك أمور تدفعني لهذا الاعتقاد هو :
- ما بُثّ في قناة الوصال الوهابية قبل اعتقال و قتل الشهيد، و التركيز على مكتبة فخراوي و ما تروج له هذه المكتبة، كأنما كان هناك نيةً مبيّتة لضرب هذا الصرح الثقافي العظيم و التخلص من مؤسسه.
- لماذا يقوم النظام الخليفي بقتل الشهيد فخراوي ؟ لو عرفنا طبيعة هذه الأنظمة و مدى كرهها للفكر الأصيل و الحر و لحقيقة الإسلام فحتماً لا نتعجب لقيامها بمثل هذه الأعمال فهي لا تتحمل هذا الفكر أولاً و أخيراً، وقد تظهر أنها تتحمله و أنها تؤيد حرية التعبير و الفكر ولكنها بطبيعتها لا تتحمل مثل هذا الشيء إلى الأبد، و تتحرك عندما تتاح لها الفرصة للتخلص من هذا الفكر و من كل من يحمله أياً كان و في أي مستوىً كان و أياً كان موقعه الاجتماعي و أياً كان شعبيته بين الناس، لا يهمه هذا كله إذا أراد الانتقام من أصحاب الفكر النير و الثقافة الأصيلة، فهو يمهد لذلك، ويتحين الفرص للقضاء على هذا الفكر و أصحابه، و هذا تحديداً ما فعله النظام بالشهيد فخراوي رضوان الله عليه ..
فتم التمهيد لذلك عن طريق قناة الوصال و الصحافة و بث الدعايات المغرضة و التهم التي لا أساس لها من الصحة، ثم اعتقل الشهيد و قام بما قام به و تفاخر بذلك، و موضوع التفاخر عند السلطة يعرفها الذين كانوا في السجن أثناء قتل الشهيد فخراوي من خلال تفاخر ضباط الأمن اللاوطني بتصفيتهم للشهيد و كأنهم حققوا انجازاً لا مثيل له في تاريخهم الأسود المليء بالجرائم.