مواضيع

الشهادة ..

بعد أيام داهموا بيته، ولم يكن موجوداً ولا عائلته، عرف أنهم داهموه من خلال جرس الإنذار. صباحاً ذهب وشاهد ما فعلوه بالبيت من سرقة وتدمير. اتصل بوالدته وقال لها : سأتأخّر عليك اليوم. ثم أخذ سائقاً معه لكي يعود بالسيارة في حال تمّ اعتقاله. وصل المركز وقال لهم إن بيته تعرض للمداهمة والتكسير والسرقة، وقال لهم : إذا كنتم تريدونني أنا موجود، استدعوني وسآتي لكم. قال له الضابط : هل تتّهمنا بالسرقة؟ قال لهم : أنا أقول لكم ما حدث. قال له الضابط دعني أعمل اتصالات وأرى الموضوع، هل تريد البقاء أم الذهاب والعودة بعد نصف ساعة؟، قال فخراوي : سأعود بعد نصف ساعة. كان السائق خائفًا ونصحه أن لا يعود.

ضرب فخراوي على كتفه بيده وقال له : ما بك خائف؟ هم يريدونني أنا لا أنت، هل تراني خائفاً أو قلقاً؟ ما إن دخل فخراوي المركز المرة الثانية، حتى تمّت محاصرته من جميع الجهات، وُضِع على رأسه الكيس الأسود، وبدأ الضرب، ولم نسمع عنه بعدها إلا خبر استشهاده.

يُخبر علي : هناك معلومة خاطئة يتداولها الناس عن تاريخ وفاة فخراوي، فتاريخ استشهاده هو 11 أبريل وليس 12، لقد أخبروا أهله بوفاته بتاريخ 12، وسلّموا الأهل الجثة بتاريخ 13، ودُفن في ذلك اليوم.

يُكمل : تمّ استدعاء عمّي الأكبر، لم يخبروا عن استشهاده، بل قالوا : تعالوا شوفوه. عمي رجل مريض وعمره تجاوز الـ70 عاماً، لكن لم يُسمح لغيره بالدخول. أخذوه إلى المشرحة وهناك ما لا يقلّ عن 30 مُلثّماً يحملون الأسلحة، والمكان ظلام، سَحَب أحدهم الغطاء عن وجه الشهيد، وببرودٍ سألوه : هذا أخوك؟ قال نعم.

قالوا له : تأخذه وتدفنه بسكوت وبلا صوت وإلا سيكون مصيرك مثل مصيره. رفضوا تسليم الجثّة لأحد، أتوا بها مُباشرةً إلى المقبرة. وهناك كانت المخابرات قد نُشرت عند باب المقبرة وداخلها حتى يتأكّدوا من عدم التصوير. لكنّ عدد المُشيّعين الكبير، وهجوم الشباب، أفقدهم السيطرة. الشباب أنزلوا الجنازة وصوّروا، نزل الدم من الشهيد فأخذوه مرّةً أخرى للمغتسل وصوّروه، ثم كان التشييع.

أما نحن فسمعنا خبر الاستشهاد من قناة المنار، وكانت أول جملة قلناها : لا يليق بمقامه أقل من مقام الشهادة. لم نتمكّن من حضور التشييع، كان احتمال اعتقالنا من قبل المخابرات المنتشرين هناك كبيراً إن لم يكن كميناً. عملنا استخارة للذهاب إلى التشييع فكانت نهياً بشدة. بعد 3 أيام رأيتُ عمي في المنام، كان واثقاً وضاحكاً، قال لي عبارتين اثنتين، الأولى : ما يقدرون يوصلون لك، لا تخاف. والثانية : مصير الشعب البحريني الانتصار. ثم أفقتُ من النوم.

المصدر
كتاب فخر الشهداء - الشهيد عبدالكريم فخراوي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
تواصل معنا
سلام عليكم ورحمة الله
كيف يمكننا مساعدتك؟