مواضيع

ذهب كريم فخراوي إلى ما يليق به، وهو يقول، لا يُخيفني تعذيبهم

من لقاء علي فخراوي، ابن أخ الشهيد مع مرآة البحرين.

مرآة البحرين (خاص) : مات والدهما مبكراً بعد صراعٍ قاسٍ مع المرض، غادر طفلين توأمين؛ محمد وعلي، وهما للتو تخطيا السنة الثانية من عتبات عمرهما، فكان عمّهما كريم فخراوي والدهما الذي لم يتفتّح وعيهما على أبٍ غيره، وكانا ولديه العزيزين على قلبه، ويده اليمنى في أعماله ومشاريعه، ومديري أعماله، إن صحّ التعبير

( مرآة البحرين ) في الذكرى الثانية للشهادة، التقت علي أحمد فخراوي، حدّثها عن ذكرياته هو وأخيه محمد مع الشهيد فخراوي وعلاقتهما الخاصّة به، كما حدّثها عن مكانة الشهيد كريم في عائلته، وعند الأصدقاء ورجال الأعمال الذين عرفوه داخل البحرين وخارجها، وعن أخلاقه التي لا يختلف عليها من عرفه من قريبٍ أو بعيد، وعن علاقته المثالية مع والدته، وعن آخر لقاءٍ جمعهما به قبل أن يُسلّم نفسه للموت، وعن نصيحته الأخيرة، وعن ذهابه برجليه للشهادة ..

العـــــمُّ الأبّ .. 

لا نذكر شيئًا عن والدي، المرض غيّبه عنّا قبل أن نعي ما يدور حولنا، كان في سفرٍ مستمر لعلاجٍ لم ينته حتى أخذه إلى الموت، وعمي هو رفيق رحلته الشاقة تلك، وقبلها هو رفيقه وصديقه الأقرب إلى قلبه ونفسه، يقول علي، ثم يضيف : ولأن علاقة والدي بعمي عبد الكريم مميزة جدًا، لذلك أوصى بأن يقوم عمّي بتربيتنا بعد وفاته. عمّي عبد الكريم صار هو والدنا، بل إننا عرفنا أبي من خلال عمي، كان يتكلّم عنه بحبٍّ شديد، ويحرص أن يُذكّرنا دائماً بأنّ كل ما حدث ويحدث في حياته هو بفضل والدي. لا نعرف ما إذا كان ما يقوله عمي صحيحاً تماماً في هذا، فهو دائماً ينسب الفضل إلى الآخرين في كلِّ شيء بسبب تواضعه الشديد، وهي علامة بارزة في شخصيته.

يكمل علي : ” بعد وفاة والدي بقينا نعيش مع والدتنا، لم تنقصنا المادة فحالتنا المادية جيّدة، لكن كنّا بحاجة إلى قوّة الأب، واحتوائه، وتربيته، ورعايته، وحضوره فينا، وهذا ما أعطانا إياه عمّنا الشهيد تحديدًا. لم يكن متزّوجاً حينها لهذا كان يزورنا بشكلٍ يومي، يأخذنا معه إلى بيت جدّتي حيث الجميع يُدلّلنا بشكلٍ خاص، ثم يأخذنا إلى حديقة الألعاب أو إلى أحد المطاعم، يتابع أمورنا الخاصّة والعامّة، يُصحّح أخطاءنا، ويُراعي مراحل نضجنا وأعمارنا، كان حريصاً أن يتواجد معنا في كل مرحلة، وأن تكون له بصمته في حياتنا، لديه نَفَسٌ طويل جداً معنا. في بيت جدتي يسكن عمي الطابق الثاني، ننام معه ليالي الإجازات، ففي ليلة الجمعة يأخذنا معه إلى المأتم، ثم نعود ونتناول العشاء، ويأخذنا الكلام حتى ننام، ثم نذهب معه لصلاة الجمعة، ونقضي يوم الجمعة في بيت جدتي ونعود إلى البيت ليلاً.

عندما سافرنا، بتشجيعٍ منه، إلى الدراسة في بريطانيا، كان يحرص على أن يزورنا كل عام، وعندما يأتي نذهب لنسكن معه في الفندق نفسه الذي يسكن فيه، وعندما يفارقنا كانت دموعه تغلبه، وهو الذي لا يبكي بسهولةٍ أبداً، ونحن نغادر دون أن نلتفت للوراء، كي لا تفضحنا دموعنا.

المصدر
كتاب فخر الشهداء - الشهيد عبدالكريم فخراوي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
تواصل معنا
سلام عليكم ورحمة الله
كيف يمكننا مساعدتك؟