مواضيع

كلام العائلة في حق الشهيد

عهد رفيقة العمر

بقلم زوجة الشهيد

كريم .. أي عبدٍ ذلك الذي أوفى بعبوديته فكان الكريم .. لحظاتي وأنت تمر سريعاً لا أتذكر إلا الكرم وروح العبودية لله وحده فيك .. روحك تُحلِّقُ وتُحلِّقُ .. في يوم رحيلك مر الشريط سريعاً أمامي .. مواقف ومواقف لا تحصى تلك التي مرت، بسمتك وروحك النقية الصادقة .. كانت هي العنوان عذب الكلام وأفضله كان حديثك ..

أتذكر .. أتذكر روحك التي تُحلِّقني، توجهني كجهازٍ يدير العقل فيه التحكم .. أنت رحلت وتركتني أمام أمانة .. تلك الأمانة تحمل زهراتٍ ثلاث كالتي تهديها لنا في عيدنا .. في كل مولدٍ كنت تسبغ كرمك علينا وهكذا هم أبناؤك وهكذا روحك الكريمة وزعت كرماً لا ينتهي .. وزعت كرماً متنوعاً في فاطمة في زهراء في سارة .. نعم في فاطمة، في زهراء، في سارة ..

في ذكرك يُلحظُ الكرم .. اليوم كل البحرين في ذكراك بعد أن كنت لا تريد حتى اسمك .. فهو الخلود، ها هو الخلود أرادك، لا أنت من أردت الخلود .. فكان الكريمُ كريماً بدمه حتى أرادك الوطن وأردته، فكنت ما كنت، أنت الشهيد وكان هو الوطن .. فكنت شهيد الوطنِ كريم ..

عهدي لك يا زوجي بأن أحفظ الأمانة وأكمل المسيرة، فأنت من علمتني الرباط والمرابطة .. نعم فأنت من علمتني الرباط والمرابطة، وروحك التي ألهمتني الصبر هي من تحركني ..

زوجتك أم زهراتك

علاقة وأخلاق الشهيد مع عائلته

من كلمة زوجة الشهيد في التأبين النسوي في المنامة بتاريخ 17 أبريل 2013م

كان الشهيد زوجاً بمعنى الكلمة، وأيضاً أباً بمعنى الكلمة، وابناً بمعنى الكلمة، سوف أذكر بعض أخلاق الشهيد رحمة الله عليه مع أهله.

مع والدته

هناك أخ أكبر لدى الشهيد، وكان يسكن مع والدته في نفس المنزل، ولكن كان الشهيد يهتم بأمور والدته أيضاً، ففي بعض الأحيان يكون في اجتماع، ويصله خبر بأن والدته مريضة ويجب الذهاب بها إلى المستشفى، فكان يأخذ الإذن من الذين في الاجتماع، ويخرج ليأخذ والدته ويذهب بها إلى المستشفى.

كانت والدة الشهيد دائمة الحضور في المآتم ومصيبة الإمام الحسين ” عليه السلام “، ففي الفترات الأخيرة كان نقلها من المنزل إلى المستشفى صعب جداً، لكن الشهيد كان يحرص بأن ينقلها رغم الصعوبة من المنزل إلى المأتم لكي تحضر ذكرى مصيبة الحسين ” عليه السلام “.

مع زوجته

من الممكن أن تستغربوا من كلامي ولكن هذا الواقع .. لقد عشت طيلة هذه السنين لكنه لم يطلب مني كأساً من الماء في أحد الأيام؛ لأنه كان يقول بأنني أستطيع أن أذهب لشرب الماء فلا أتعبكِ معي .. كان إنساناً يحترم الزوجة ويراها كالملائكة.

مع بناته

بالنسبة لابنتي فاطمة، فمجرد أن يمر يومان ولم يرَ فيه فاطمة كان يقول لها بأنه ” مر يومان ولم أركِ، فأين كنتِ؟ “، أو كان يتصل لها لكي تحضر، وتجتمع العائلة مع بعضها البعض، ففي كل جلسة للعائلة كانت الجلسة عبارة عن عبر وإرشادات ونصح من الشهيد، حتى في آخر مرة اجتمعنا مع بعضنا، و جلس في ذلك اليوم معنا ونصحنا بأن ” الإنسان حين تعرضه للبلاء يجب أن يتوجه إلى رب العالمين “، وأيضاً قال : ” بعد تعرضنا للبلاء يجب أن لا ننسى مولاتنا الزهراء سلام الله عليها فالتجئوا إليها “.

أما بالنسبة لابنتي زهراء، كان الشهيد يحتضنها كثيراً، وكان يوصيني بأن أعامل ابنتي زهراء معاملة خاصة؛ ولأنها كانت قريبة جداً من أبيها، وكونها في سن حساس فكان يحضنها ويقول ” أن زهراء أمي “.

بالنسبة لسارة التي كان عمرها حين استشهاد أبيها 8 سنوات، فقد كانت دائماً تقبل يد أبيها وتقول له : ” تصبح على خير بابا “، ولا زلنا إلى هذا اليوم تضع سارة قميص أبيها على مخدتها وتنام، فما مصير الظالم الذي جعل طفلة عمرها 8 سنوات تدور على قميص أبيها لكي تشعر بالاطمئنان والاستقرار النفسي وتنام، ولابد أن لهذا الظالم يوم.

المصدر
كتاب فخر الشهداء - الشهيد عبدالكريم فخراوي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
تواصل معنا
سلام عليكم ورحمة الله
كيف يمكننا مساعدتك؟