مواضيع

ظروف اعتقال واستشهاد الشهيد فخراوي

في مساء السبت بتاریخ 2011/4/2م وعند الساعة 11:30 تم اقتحام منزل الشهید الكائن بكرباباد من قبل قوات الحرس الوطني ولم یكن الشهید حینها بالمنزل إذ بما أنه كان متوقعاً أن یتم اعتقاله خصوصا في تلك الأوضاع المأساویة التي عاشتها البحرین إذ كان كافیاً أن یذكر اسم شخص ما في الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي لیتم اعتقاله.

وهنا تجدر الإشارة أن الشهید تم التعرض لشخصه ومكتبته في العدید من تلك الوسائل الإعلامیة المعروفة، وحیث إن المستهدفین كانوا رجالات الوطن المخلصین ومما لا شك فیه أن الشهید كان من أخلص رجالات هذا الوطن وعلیه كان اعتقاله متوقعاً.
وكان الشهید یهدف من مكوثه خارج البیت فقط إبعاد بنتیه زهراء وسارة عن المناظر البشعة بسبب الأسلوب المتبع في الاعتقالات لیس أكثر إذ إنه رحمه الله قد أخبر ابني أخیه محمد وعلي اللذان كان یتقاسم معهما الأفكار والمشاورات لأنهما أقرب الناس إلیه بذلك وقال لهما تصمیمه بتسلیم نفسه إن تم اقتحام منزله لاعتقاله.
وقامت قوات الحرس الوطني بتكسیر محتویات منزله وسرقة العدید من المقتنیات الثمینة من ضمنها عدة ساعات وأجهزة الحاسوب إضافة إلی سرقة حصالات الصدقة التابعة للجمعیات الخیریة.

وفي صباح الیوم التالي ذهب الشهید برفقة أحد الموظفین لدیه إلی مركز شرطة أرض المعارض للإبلاغ عن ما حصل من اقتحام وسرقة لمنزله فأجابه الشرطي : أنت تتهم الشرطة بذلك؟ فرد علیه : أنا لم أتهم أحداً ولكن ذكرت ما حصل وإن كنتم تبحثون عني فأنا هنا موجود فقال له الشرطي أمهلنا نصف الساعة لإجراء الاتصالات وإن شئت أن تنتظر هنا فانتظر أو اذهب وارجع بعد نصف ساعة فاختار الشهید الرجوع إلی المنزل ونقل إلی الأهل ما دار من حدیث بینه وبین الشرطي في المركز وبالرغم من صعوبة الموقف و الوضع آنذاك إلا أنه كان طبیعیاً جداً وذلك لما یتمتع به من الشجاعة.

وبعد نصف ساعة عاود الذهاب إلی المركز المذكور برفقة عامله الباكستاني الذي طلب منه في الطریق حسب قوله بإلحاح لعدم الذهاب إلی مركز الشرطة ویقول العامل الباكستاني كان الشهيد هادئاً جداً ورابط الجأش فوضع یده علی كتفي وقال لي ما بك خائف؟ انظر إليّ إنني لست خائفاً فكن مثلي، سأذهب إلی مركز الشرطة وإن شاء الله لا یكون إلا الخیر. وبعد وصوله هناك انتظر لساعات وفي هذا الوقت كانت له عدة اتصالات من ضمنها مع الأهل وقال إنه مازال ینتظر، واتصال آخر مع الدكتور منصور الجمري حیث أخبره بما جرى وهو الآن في مركز الشرطة ولا یستطیع حضور اجتماع مجلس إدارة صحیفة الوسط ویبدو أن هذا الإتصال هو الأخیر له .

عند الساعة الواحدة ظهراً طرق العامل الباكستاني باب المنزل وعیناه تدمعان لیخبر عن اعتقال الشهید وفیما بعد ذكر للعائلة أنه شاهد بنفسه مجموعة من الملثمین جاءوا إلی مركز شرطة أرض المعارض وبمجرد أن وصلوا وضعوا الشهید في الزاویة وقاموا بضربه.

ومنذ تلك اللحظة لم تسمع العائلة عن ابنها شیئاً ولم تعرف مكانه حتی عصر یوم الثلاثاء بتاریخ 2011/4/12م تم الاتصال بمكتب الشهید من قبل امرأة قالت للسكرتیرة أخبري أهل الشهید أن حالته الصحیة سیئة وهو الآن في قسم العنایة القصوى بمستشفی السلمانیة وعند ذهاب الأهل إلی هناك تم استقبالهم من قبل مجموعة شرطة بینهم شرطیة بالعبارات التالیة : هذه هي الدنیا وعلیكم القبول بالأمر الواقع فقد كان ابنكم مریضاً، هنا علم الأهل أن مصیبةٌ قد حلت ولم یدم الأمر طویلاً حتی أخذوهم نحو المشرحة.

وفي صباح الیوم التالي ومن شدة المصاب لم یتمكن أخ الشهید من الذهاب إلی المستشفی فطلب من ابن عمه وابن عمته الذهاب لاستلام الجثمان الطاهر ولكن قوات الجیش هناك رفضوا تسلیم الجثمان لهما وطلبوا حضور أخ الشهید شخصیاً وبالرغم من حالته التي یرثی لها اضطر أخ الشهید بالذهاب وما أن وصل إلی المشرحة قامت قوات الجیش بإدخاله إلی إحدى الغرف وتوجیه السلاح إلی رأسه ومن ثم قال له الضابط إن قمتم بمراسیم التشییع والدفن أو سمحت لأي فرد أو جهة بمشاهدة جسد الشهید وتصویره سنأخذك إلی محل لن ترى الشمس فیه وسیكون مصیرك كأخیك، وسنرسل معك أفراد من المخابرات لإخبارنا بكل حركة تقوم بها، ولم یراعوا سنه الكبیر ولا حالته بسبب فقدان أخیه.

أوصلوا الجثمان الطاهر إلی مقبرة الحورة مباشرة وهناك قام أفراد من المخابرات بدخول المغتسل مع أخ الشهید وتمت مراسم الغسل والدفن وسط حالة أمنیة مشددة بعد انتشار أفراد المخابرات في المقبرة ومحاصرة المقبرة في الخارج من قبل قوات الأمن وبالرغم من ذلك وبفضل من الله وبركات الشباب الثائر تم كشف الجرائم التي ارتكبها النظام بحق الشهید وتم تشییعه وسط حضور حاشد كانت تردد الشعارات الثوریة وتتعاهد مع الشهید علی مواصلة دربه والثأر لدمه.

كیف تم تعذیب الشهید بحسب ملف الدعوى؟

منذ نقل الشهید عبد الكریم إلی أحدى الزنزانات في سجن الحوض الجاف، بقي معصب الأعین ویدیه مقیدة بالقیود الحدیدیة إلی خلف ظهره، كما هو شأن جمیع الذین كانوا في السجن لأسباب سیاسیة تتصل بالأحداث التي جرت في فبرایر ومارس 2011، إذ كان هؤلاء یجبرون حتی علی النوم وهم بهذه الحالة، وقد كانوا یتعرضون لوجبات من الضرب، ویجبرون علی الوقوف معظم ساعات الیوم في مكانهم ویتعرضون للضرب بمجرد الجلوس، ویمنعون من الكلام مع بعض في الزنزانة ویتعرض المعتقل للضرب بمجرد سماعه یتحدث مع المعتقل الآخر معه في الزنزانة، وبرنامج الضرب والشتم كان برنامج مستمر طوال الیوم، في الفترة التي كان المجني علیه موجوداً فیها في السجن.

بعد فترة قصیرة من خضوع الشهید لهذا التعذیب الوحشي والمعاملة القاسیة والمهینة، بدء یظهر علیه أثر الانهیار لذلك كان المجني علیه بمجرد أن یبدأ قلیلاً في الكلام ویرتفع صوته یأتي رجال الأمن المشرفین علی الزنزانة لضربه مما یمكن إثباته بشهادة الشهود.

و منها ما سرد علی لسان احد زملاء المجني علیه في الزنزانة وهي تبین وقائع تعذیبه حتی الموت یقول ..( سمعته یتأوّه من الألم .. یطلب الشرطي منه الوقوف .. یرد علیه ” ما اقدر .. في ألم شدید ” .. یشتم ویضرب لیقف علی رجلیه .. یزید الألم من الضرب .. یتأوّه بصوت أعلی من قبل ویطلب منهم عدم ضربه ویحاول الوقوف ویكرر أن الألم شدید .. بعد فترة قصیرة یتوقف الضرب ویبقی الشتم والسب فیتحدث الشهید إلی الشرطة ویطلب الماء .. الحاج عبد الكریم ترك في الممر ومن زنزانتي استطیع سماع صوته بكل وضوح .. تتكرر عملیة الضرب بواسطة أفراد من الشرطة مع استخدام ألفاظ نابیة وغیر أخلاقیة طوال الیوم وكأن هناك تعلیمات بضربه وإهانته .. في الیوم الثاني سمعت أحد أفراد الشرطة یقول لزمیله أن هذا ابن الـ… لا یعترف ویستاهل كل هذه الضرب ).

و یسرد آخر روایة مطابقة ( في أحد الأیام التي كنت مجبراً علی الوقوف فیها كنت أسمع صراخ أحد الذین یعذبون في غرف التحقیق وبعد فترة انقطع صوت الصراخ وسمعت بعض المحققین یصرخون یطلبون من شخص القیام، ما هي إلا لحظات فخرج أحد الشرطة من غرفة التحقیق وطلب من بقیة الشرطة المساعدة، لم نكن نعلم ما هي طبیعة المساعدة ولكن بعد لحظات عرفت أنهم یجرون شخصاً بالقرب
مني وذلك من خلال أمرین : أولاً : سمعتهم یتكلمون فیما بینهم فهمت من كلامهم أنهم يجرون شخصاً ، وكانوا یتلفظون إلیه بكلمات نابیة بسبه. ثانیاً : رأیت من تحت قطعة القماش التي تغطي عیني أقدام ثلاثة أشخاص یجرون جسد شخص ضخم الجثة نوعا ما وكانوا قریبین مني جداً حتی أنهم لامسوني وهم یمرون بجنبي.

سحبوا الجثة إلی باب حمامات السرداب وهناك انزلوه وانهالوا علیه ضرباً مرة أخرى وكانوا یطلبون منه القیام والوقوف علی قدمیه تجمعوا علیه وعرفت من كلامهم وصراخهم وصوت الركلات تصل إلي لأنهم قریبین مني جداً وكانوا یضربونه بالهوز ( خرطوم بلاستیكي ) و یطلبون منه القیام لم یكن الملقی علی الأرض یقوى علی أن یجاوبهم، فكان من كثر الألم لا یقوى حتی علی أن یئن، فلم یجاوبهم استمروا یضربونه لمدة ربع ساعة تقریباً وهم علی باب حمام السرداب.

في المساء تم استدعائي لغرفة التحقیق وهناك تم تعریضي للضرب المبرح وتم تهدیدي بالقتل من قبل المحقق الأردني وقال لي : ( الیوم قتلنا واحد وما عندنا مشكلة أن نقتل غیره احنا في فترة السلامة الوطنیة وكل شي مسموح لنا، واذا ما اعترفت بنقتلك ومحد راح یسأل عنك،وقال احنا ما عندنا مشكلة نقتلكم كلكم.

المصدر
كتاب فخر الشهداء - الشهيد عبدالكريم فخراوي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
تواصل معنا
سلام عليكم ورحمة الله
كيف يمكننا مساعدتك؟