إفادة مقداد سعيد أحمد
تمزيق المصاحف وتكسير الترب الحسينية
العمر: ٢١ عاما
الحكم: ١٠ سنوات
كنت من المعتقلين في مبنى رقم ٢ وتحديدا في مكان يسمى العزل، حيث كان عددنا قرابة ٧٥ معتقلا.
عند الظهيرة وصل خبر اعتداء الشرطة على أهالي أحد المعتقلين، وكان للنزلاء دور في تناقل الخبر، حيث طلبوا الشرطة المتواجدين في “الكونتر” (مكتب الشرطة) لتسجيل الاستنكار على ذلك، وطلبوا حضور أحد الضباط لمعرفة ملابسات الحادثة، إلا أن الإدارة قامت باستدعاء قوات الشغب التي داهمت المبنى بأعداد كبيرة منهم، وقاموا بالهجوم على المعتقلين وضربهم والتنكيل بهم، وكأننا في ساحة حرب، حيث تم استعمال كل وسائل التعذيب، من الهراوات والآلات الحديدية والركل بالأرض والإهانات والحط من الكرامة وإهانة المعتقدات وغير ذلك، حتى أنهم قاموا بتمزيق المصاحف والترب الحسينية، كما أنهم قاموا بعزل مجموعة من المعتقلين بين (مكتب الشرطة) و (اللنكر) وهو المكان الذي يتجمع فيه المعتقلون لمشاهدة التلفزيون.
كنت جالسا في زنزانتي وبالقرب مني حسين محمد علي جناحي وهو يؤدي الصلاة، حيث سحبوه من ثيابه وهو يصلي، وأخدوا معهم المعتقل سلمان اسماعيل سلمان لأنه اعترض على أساليبهم الهمجية، ومن بين من تم عزله، إضافة إلى حسين جناحي وعبد الله الساري وغيرهم.
كان كل من يطلب الحمام يتم أخذه منفردا لتلقي مسلسل الضرب والتعذيب الهمجي. وكان هذا في يوم الثلاثاء الموافق ١٠ مارس ٢٠١٥م، حيث كان يوما للتعذيب بكل ما للكلمة من معنى. ونال عدد من المعتقلين “وجبات دسمة” من التعذيب، وبينهم جناحي وسلمان، وحسن نادر علي أكبر، وعلي إبراهيم وأنا وآخرين. وكان ذلك بإشراف كل من الرائد بسام الحنيطي ومجموعة من الضابط، مثل الملازم معاذ وعبد الله عيسى وعيسى الجودر ومحمد عبد الحميد وأحمد خليل الذي يعمل في مركز الرفاع. بالإضافة إلى أحمد الكاتب الذي يعمل لدى الإدارة ومجموعة من قوات الشغب والكمندوز.
في اليوم الثاني، أي يوم الأربعاء ١١ مارس ٢٠١٥م، جاء أحمد الكاتب بقائمة أسماء وكانت كالتالي: حسن محمد علي جناحي، حسن نادر، سلمان علي محمد المتروك، سلمان اسماعيل سلمان، عبدالله الساري، حسن الحداد، وعبدالأمير. واسمي ضمنهم، وتم إدخالنا في باص وتم نقلنا إلى مبنى ١٠.
خارطة التعذيب
وهنا سأروي بعض النقاط التالية:
١ـ وصلنا مبنى رقم ١٠ عند الساعة الثانية ظهرا، وأوقفونا أمام الجدار، وبعد ذلك أدخلوا أولا سلمان اسماعيل سلمان وحسن نادر إلى الحمامات في العنبر رقم (٢)،وتم تعذيبهم وهم بالحمام بالهراوات والركل بالأرجل والأيدي والسب والشتم وإهانة المعتقدات وغير ذلك، حتى كنا نسمع صراخهم وبشكل قوي. ثم جاء دوري مع حسين محمد علي جناحي وأكلنا من نفس وجبة التعذيب الممنهجة، ثم أخرجوا حسن جابر القطان وأدخلوه وعذبوه بشكل جنوني جدا، حتى صار ينزف دما من جميع أجزاء جسمه. والذي أشرف على هذا النوع من التعذيب كل من الملازم أحمد خليل التابع لمركز الرفاع، وكذلك خالد من أصل سوري، وهو تابع لمبنى الزيارات، بالإضافة إلى الشرطي أحمد أمان.
وفي يوم من الأيام أمرني الشرطي المدعو أحمد أمان، وكذلك الشرطي الباكستاني محمد سليمان، الذهاب بالذهاب إلى الحمامات، وكلما ذهبت عذبوني، وفي طريق عودتي عذبوني أيضا. وفي يوم الحفلة التعذيبية والتي تسمى ب”حفلة الأرنب”، تم إخراج المعتقلين إلى خارج الزنازين، وتحديدا في “الفنس” الخارجي الذي يقع بين العنبرين، حيث تمت الحفلة بين الساعة الثالثة والنصف ظهرا ولغاية الساعة الواحدة بعد منتصف الليل، وبحيث لا يمكن لعاقل أن يصف ما جرى من تعذيب، حيث طرحوا المعتقلين أرضا، وأوقفوهم على قدم واحدة، وتم ضربهم بالهراوات، وإغراقهم بالماء البارد، وحلاقتهم بطريقة مهينة، وإجبارهم على الزحف باتجاه الحمامات على بطونهم، مع استمرار الضرب على أجسادهم. كما أجبروهم على تقليد أصوات الحيوانات وحركاتهم، والنيل من كرامتهم، وإجبارهم على قول “أنا حمار”، “أنا خنزير وكلب”، “أنا مش زعيم أنا أرنب” إلى غير ذلك. كما بصقوا في وجوههم.
وفي هذه الحفلة أجبروني على الوقوف مقابلا الجدار، وكان بالقرب مني المعتقل توفيق عبد الوهاب الطويل، حيث كان أحد أفراد الشغب يضربه بالهراوة، فارتدت الهراوة على أسناني، مما تسبب في تعرضها للكسور، ونزفت حتى سالت الدماء على جسمي.
٢ـ ذات يوم، وفي مناوبة الوكيل محمد زكريا، ورئيس العرفاء سامر، قام الوكيل باستدعاء قوات الشغب وأخذونا عند الحمامات، أي بعيدا عن الكاميرا، حيث أخذوني أنا مع كل من: علي الوزير، حسن يوسف أبورويس، ومحمد جعفر الشمالي. وأخذوا يعذوبننا ويغرقونا في الماء البارد لساعات، ويهينون معتقداتنا، حتى أنه من شدة التعذيب سالت دماؤنا كلنا على أجسادنا. وكان ذلك بإشراف الملازم عبد الله عيسى.
٣ـ في يوم من الأيام، وصل إلى مبنى رقم (١٠) كل من صادق حسن كاظم وجعفر الشغل قادمين من سجن الحوض الجاف، وهما حديثا الوصول لسجن جو، حيث تم الإنتهاء من الحكم عليهم. وعند وصولهم أخرجوني معهم مع المعتقلين حسن يوسف أبورويس، وأجبرونا على أن يضرب كل واحد الآخر، وعندما رفضت قام كل من محمد سليمان (باكستاني الجنسية) والشرطي الآخر محمد محسن بأخذي إلى الحمامات وتعذيبي. وكنت كلما رفضت أمرا عذبوني أكثر، حتى استمرت هذه الحال لأكثر من خمس مرات، وإلى أن أصبت بالإنهاك من شدة التعذيب. وكان هذا بطلب وإشراف كل من رؤساء العرفاء بلال وخالد والشرطي فضيل التابع للعيادة، وكذلك مسؤول الصيانة عبدالله الدوسري.
٤ـ ذات يوم، جاء أحد أفراد قوات الشغب مع شرطي من الإدارة، حيث نقلوني إلى الإدارة. وعند وصولي أدخلوني في “كابينة” التفتيش، وهي بالقرب من الإدارة، وعذبوني بالهراوات والأسلاك الكهربائية وغير ذلك. وكانوا شرطة أردنيين وسوريين ويمنيين ملثمين. وكان من بينهم اليمني مروان، حيث لم يكن ملثما. وفي يوم آخر، أخذوني إلى الإدارة لكتابة الإفادة، وعند وصولي وفي لحظة دخولي إلى مكتب التحقيق، تكالبوا علي بالضرب والركل على الظهر والخاصرة والعينين، وعذبوني تعذيبا ممنهجا. والذي أشرف على هذه العملية شرطي يمني والكاتب بسام، بالإضافة إلى الشرطي اليمني رضوان، الذي كان في مناوبة مبنى رقم (١). وحصل كل ذلك بعد الساعة الرابعة عصرا.
٥ـ وأذكر أيضا أنه في يوم من الأيام، وبينما كنت ذاهبا إلى مبنى رقم (٦) مع صالح شوقي، وهو من سكنة منطقة سترة، بغرض الاتصال، حيث إن مبنى رقم (١٠) لا توجد فيه “كابينة” اتصال؛ قام الشرطي المدعو صالح الجهمي بضرب وتعذيب المعتقل صالح شوقي، بينما قام الشرطي مسؤول الإتصال محمد أحمد القرشي والشرطي محمد محسن بتعذيبي وضربي. أما في مناوبات الوكيل محمد زكريا ورؤساء العرفاء بلال وخالد والوكيل تيسير؛ فحدث ولا حرج من حيث التعذيب والإجبار على تقليد أصوات الحيوانات، والإهانات والشتم، والحرمان من النوم، والحرمان من الحمام، وسرقة الطعام الذي يتم جلبه عن طريق الإدارة. كما أن الملازم عبدالله عيسى والملازم عيسى الياسي قاما بتعذيبي ورش الفلفل علي. ومن الشرطة الذين شاركوا في عمليات تعذيبي تعذيبا ممنهجا: محمد سليمان، محمد محسن، راشد، فضيل، وأفتاب. وتسبب التعذيب في تعرضي لإصابات مختلفة في جميع أجزاء جسمي، هذا بالإضافة إلى الإضطرابات النفسية التي لازلت أعاني منها.
٦ـ وختاما، لقد نال صغار السن من المعتقلين أشد أنواع التعذيب والإجرام الممنهج، حيث كان معظمهم في الزنزانتين رقم (٤) و(٥) من مبنى (١٠)، أي بالقرب من زنزانتي تحديدا. ففي كل الأوقات من الليل والنهار؛ كان يتم إخراجهم إلى الحمامات (وهي بقرب الثلاجة، أو ما يوصف بمكتب ٩٩ الخاص بالتعذيب)، يتم النيل منهم بالتعذيب والتحرش الجنسي والركل، والإغراق بالماء البارد، والدوس على أجسادهم، وإجبارهم على الزحف على ركبهم بدمائهم فيما كان صراخهم وبكاؤهم يعلو. هذا بالإضافة إلى تمزيق أجسادهم وثيابهم. ونالوا أكبر الحصص من الوكيل الأردني محمد زكريا ورؤساء العرفاء بلال وخالد والشرطة محمد سليمان وجمعة وقايد وفضيل وراشد وصلاح وإحسان وغيرهم.
وقد تسبب التعذيب الذي تعرض له حسن جابر القطان (المسمى بالجزيري) للإصابة بالفشل الكلوي، هو يرقد حاليا في مستشفى السلمانية بين الحياة والموت، وكل ذلك نتيجة إجرام هذا النظام الفاسد.
الضحايا الصغار في جو
أما أسماء من تم تعذيبهم من صغار السن، فهم: (محمد جعفر الملقب بالشمالي، سيد حسين سيدهاشم فردان، سيد أحمد سيد علي حميدان، تقي محمد التقي، نضال آل عبود، حسين علي إبراهيم خميس، محمد جعفر أبو نصيب، حسام سرور، -حسين محمد علي الغسرة، حسن الحداد، علي بركات، علي خليل، -صقر حمو، حسين علي مهدي، علاء منصور نصيف، يوسف جمال ضيف، أيمن عباس سلمان إسماعيل، محمد عبدالأمير مشيمع، يوسف أحمد يوسف، حسن عزيز فيصل، سليمان حبيب، علي عقيل جمعة الملقب بالشمشوم، عبدالله الساري، علي أحمد السماك، أحمد خليل محمد.
وكان الشرطي اليمني المدعو مروان يأتي في بعض الأحيان ويأخذ بعضا من هؤلاء ويقوم بتعذيبهم بحجة أن الإدارة تطلبهم، ولذلك فإن وزير الداخلية هو المسؤول المباشر على هذا الإجرام وذلك بسبب تصريحة بأنه مسؤول عن سجن جو.