إفادة مجيد أحمد حبيب أحمد موسى
خارطة العذاب في الجو
العمر: 34 عاما
الحكم: 15 سنة
في يوم الثلاثاء المصادف لتاريخ العاشر من شهر مارس ٢٠١٥م، وبعد الظهيرة، هاجمت قوات الشغب معززة بقوات كبيرة جدا المبنى الذي كنت أتواجد فيه، وهو مبنى رقم ١ وذلك بعد وصول خبر مفاده اعتداء قوات الشرطة المتواجدة في مبنى الزيارات على عائلة أحد المعتقلين، وهو حسين علي وابنه علي، وهو من بين المحكومين في العنبر الجنوبي في نفس المبنى (رقم ١).
استعملت القوات في الهجوم القنابل الصوتية والرصاص المطاطي ورصاص الشوزن المحرم دوليا، ما تسبب بإصابة العديد من المعتقلين بإصابات متفرقة.
توقف الطلق عند أذان المغرب، وبعد صلاة العشاءين، تم تهديد المبنى بهجوم آخر، وبالفعل تم الهجوم من خلال تسلل قوات الشغب مدعومة بالكومندوز عبر سطح المبنى، ومن ثم الوصول إلى الفناء الخارجي (الفنس)، حتى تم الدخول للعنبر الجنوبي أولا عن طريق قطع الباب المؤدي إلى “الفنس” من جهة مكتب الشرطة بآلة القطع الحديدية، وتم إخراج كافة المعتقلين في العنبر الجنوبي وتعذيبهم تعذيبا ممنهجا، هذا كله وأنا في غرفتي التي هي في العنبر الشمالي من نفس المبنى، ولكنني أسمع صرخات وآهات المعتقلين في “الفنس”، هذا غير سماع السب والشتائم والإهانات التي تمس المذهب والعقيدة، ثم بعد ذلك تمت مداهمة عنبرنا (العنبر الشمالي)، وتم إخراج المعتقلين كافة، وكانت قوات الشغب ممتدة على طول الممر على الجانبين، وكل من يمر عليهم فإنه يلقى التعذيب بالهراوات والركل والضرب بالآلات الحديدية والأسلاك الكهربائية، وكل آلة تكون بيد أحد أفراد القوات، وقد نالني من الضرب الكثير، حتى أنني كنت لا أشعر بأطراف اصبعي واليدين والقدمين.
وقد كان مهولا عندما وصلت إلى “الفنس”، حيث كان المعتقلون يفترشون الأرض وقوات الشغب تضربهم بالهراوات وبكل بقوة. إضافة إلى وجود قوات بأعلى سطح المبنى وهي تصوب الأسلحة على المعتقلين.
وقد تعرض العديد من المعتقلين لإصابات بليغة، ومنهم مصطفى القابندي، وهو من سكنة بني جمرة، حيث أصيب في العين، وضياء وجعفر وعقيل وغيرهم.
وبعد ذلك، جاء أحمد الكاتب ومعه علوي التابعان للإدارة ومعهما قائمة بالأسماء، وكان اسمي بينهم، إضافة إلى الشيخ محمد علي المحفوظ، والسيد صادق الشاخوري ونادر العريض وغيرهم.
وتمت هذه “المجزرة” في المبنى بإشراف الرائد جاسم والعقيد ناصر بخيت، وكل من الملازم محمد عبد الحميد والملازم عيسى الجودر والملازم عبد الله عيسى.
بعد ذلك، تم أخدنا ـ دون أي أغراض -ـ إلى الباص، حتى تم نقلنا إلى مبنى رقم ١٠.
خارطة العذاب في جو
وهنا أقف عند النقاط التالية في هذا المبنى:
١ـ عند وصولنا تم توزيعنا على الغرف، حيث يحتوي هذا المبنى على ١٣ غرفة، حيث وضعوني في زنزانة في العنبر رقم ٢، وبقينا دون طعام أو شراب أو فراش أو غطاء أو وسادة، سوى السرير الحديدي، والبرودة القاسية، هذا بالإضافة إلى الحرمان من النوم، ومن الذهاب إلى الحمام. واستمر هذا الوضع إلى اليوم التالي، وتحديدا بعد الظهيرة، حيث أخرجوا كل المعتقلين، وبدأت حفلة التعذيب، وأي حفلة! حيث كنت أقرأ عن السجون الإسرائيلية، ولم أكن أتوقع أنني أتواجد في مكان أسوأ منها. وكنت أقرأ عن سجن “غوانتينامو”، ولكن ما عشته كان أكبر بكثير! وبدأت “حفلة الأرنب” كما سماها كل من في مبنى ١٠. بدأت بعد الساعة والنصف من يوم الأربعاء ١١ مارس ٢٠١٥م، حيث وضعوا المعتقلين قبالة الجدار وقوفا وعلى قدم واحدة، والبعض الآخر تم إجباره على الإنبطاح على بطنه أرضا، فيما كانت قوات الشغب تدوس على أجسادهم والهراوات تنال منهم، وصبوا عليهم الماء البارد، البعض الآخر كان يبصق عليهم، إضافة إلى الإهانات المذهبية، والتي تنال من الكرامة وغيرها من العذابات، ومن ذلك الإجبار على تقليد أصوات الحيوانات وحركاتهم، وإجبارهم على التلفظ بشعارات من قبيل: “أنا مش زعيم أنا أرنب.. أنا خنزير.. أنا حمار وكلب” وغيرها، هذا كله بحضور الرائد حسن جاسم وغيرهم ممن ذكرتهم أعلاه، بالإضافة إلى ضباط مدنيين يصورون من كاميرات التلفون “الحفلة” بكاملها. وقد استمر التعذيب حتى منتصف الليل، وأدخلونا بعدها إلى الغرف.
٢ـ توجد في العنبر غرفتان وضعوا فيها صغار السن من المعتقلين من مبنى رقم ٣ ومبنى رقم ٦، وهم كل من: محمد جعفر الشمالي، سيد حسين سيد هاشم فردان، سيد أحمد سيد علي حميدان، تقي محمد التقي، حسين علي إبراهيم، محمد جعفر أبو نصيب، حسام سرور، حسين محمد علي الغسرة، حسن محمد الحداد، ياسر خمدن، صالح شوقي الحداد، علي بركات علي خليل، صقرحمود، علاء منصور نصيف، محمد عبدالأمير مشيمع، سليمان حبيب، عبدالله الساري، علي عقيل، علي أحمد السماك، نضال آل عبود، حسن عزيز فيصل.. وغيرهم، حيث نالوا من التعذيب ما لا يتصوره العقل ويعجز اللسان عن وصفه. وقد تم التحرش بهم جنسيا من قبل الشرطي محمد جمال (بلوشي الجنسية)، وكذلك تم التفنن بتعذيبهم، سواء في الليل أو النهار، وخصوصا في مناوبات كل من الوكيل محمد زكريا، ورئيس العرفاء سامر، وكذلك رؤساء العرفاء بلال وخالد، حيث في ليلة من الليالي أخرجوهم بالكامل، وهم كانوا في الزنزانتين رقم ٤ و٥ من عنبر ٢، وأخذوهم إلى جانب الثلاجة (مكتب ٩٩)، وعذبوهم بقسوة جدا، حتى أرجعوهم يزحفون على ركبهم والدماء تغطي كامل أبدانهم والصراخ يعلو منهم. ونفذ كل ذلك كل من قوات الشغب والشرطة: محمد سليمان، محمد ميرزا، محمد حسن، إحسان، ورؤوساء العرفاء خالد وسامر وبلال، وقد وصل التعذيب إلى حد إطفاء السجائر في أبدانهم.
٣ـ الحرمان من النوم، وكذلك الحرمان من الذهاب إلى الحمام، والإجبار على الوقوف لساعات طويلة، مع تعمد إهانة الكرامة والعقيدة. وكلها أساليب تم استعمالها في كل الفترة التي عشناها، ولازلنا نعيشها. ومن الأساليب أيضا؛ إجبار بعض المعتقلين على ضرب المعتقلين الآخرين، وإجبارهم على الغناء، وتقليد أصوات الحيوانات وحركاتهم، وفي حال الرفض فإن مصير جسدك إلى التعذيب والإدماء! هذا غير الإجبار على الطابور الصباحي العسكري اليومي، وإلقاء “النشيد الوطني”، وكذلك الإستمرار في إغراق المعتقلين بالماء البارد من الرأس إلى أقصى القدمين، هذا غير أخذ بعض المعتقلين الصغار إلى جهة الحمامات ووضع رؤوسهم في المرحاض لإجبارهم على أفعال مخلة بالآداب، وغيرها من الأساليب التي مارسها هذا النظام الفاسد.
وفي أول أيام السماح لنا بالإتصال؛ قام كل من الشرطي المدعو صالح الجهمي، وكذلك سيف الدين محمد أحمد القرشي بالوقوف خلفنا بقصد التنصت على مكالماتنا لأهالينا وتهديدنا بشتى الأساليب في حال تفوهنا بأية كلمة للأهالي.
لقد استعملوا كل الأساليب لترهيبنا، ولا أستطيع حصر أو عد أساليب النظام التي نفذها والتي تسببت في الكثير من الأمراض الجسدية والنفسية.