مواضيع

إفادة عيسى منسي يوسف شبيب

     في تاريخ العاشر من مارس ٢٠١٥م، اقتحمت القوات الخاصة (وهم ملثمون) مبنى رقم ٤، باستعمال الغازات المسيلة للدموع وسلاح الشوزن، حيث أوقعوا إصابات عديدة، كما استعملوا الأسياخ الحديدية والألواح الخشبية و”الأهواز” البلاستيكية. وكان ذلك بقيادة الملازم أحمد خليل، ووكيل القوة خالد البدر.

     وأخرجوني من غرفتي بالضرب مع أصوات الطلقات والصراخ، وعلى مدى مسافة ١٠٠ متر تم نلقنا إلى “الفنس” (الساحة الخارجية) ونحن نتعرض للضرب بالهراوات و”الأهواز” من قبل أفراد القوات الخاصة، وهو ما تسبب في تورم جسمي بالكامل.

     وعندما وصلنا إلى “الفنس”؛ كانت هناك عناصر القوات الخاصة بأسلحتها وعتادها، وأمرونا برفع أيدينا إلى أعلى رؤوسنا، وأخذوا بضربنا حتى ما بعد صلاة الصبح دون احترام وقت الصلاة أو السماح لنا بالصلاة.

     كما كنا نتعرض للضرب عند حساب أعدادنا، وقد استمر هذا الوضع لمدة ٣ أيام، حيث كنا ننام على الأرض المتسخة ببقايا البول والقاذورات في “الفنس”.

     ومع الليل البارد، بدأت أتألم من جروحي البليغة، وفي الصباح كانت تحرقنا الشمس.

اليوم الرابع.. نصب الخيم

     في اليوم الرابع تم نصب خيمتين، وقسمونا عليها، وبسبب عددنا الكبير فقد تكدسنا فوق بعضنا البعض. وقد كنا نتناوب على النوم بسبب ذلك.

      وفي اليوم الخامس، جاء الوكيل علوي، مع الرائد بسام، والوكيل فارس، أخذني إلى الإدارة بتاريخ ١٥ مارس ٢٠١٥م، حيث تم تعذيبي من قبل الملازم عبدالله عيسى، وخالد التميمي، وأحمد خليل، والشرطي فادي والكاتب أحمد، وذلك لإحباري على التوقيع على إفادة لا أعرف محتواها، وبعد التوقيع نقلوني مبنى رقم ١٠ حيث استقبلني الشرطة محمد سليمان ومحمد محسن، والشرطي فادي وافتاب وبلاب، وتيسير.

    وبعدها تم أخذنا إلى المسابح بعيدا عن الكاميرات، وضربوني ضربا مبرحا، وبعدها أوقفوني في الشمس لمدة ساعة ونصف، ونقلوني بعدها إلى الإنفرادي في سجن رقم ٢ حيث كان باستقبالي الشرطي صالح الجهني والشرطي الباكستاني غلام. وفي داخل الزنزانة الضيقة التي تحتاج إلى صيانة؛ تعرضت للضرب في الوجه وبقية جسمي. وكنت بلا ماء أو كهرباء، وكانت الزنزانة مليئة بالحشرات.

     عند دخولي لقضاء الحاجة؛ كنت أطلب من النزلاء الآخرين أن يجلبوا لي الماء للطهارة، وهم نزلاء للتحفظ. وفي اليوم الثالث من الحجز الإنفرادي جاء الشرطي سيف الدين (يمني)، ومعه الشرطي محمد سليمان وساعده على الإعتداء علي، وبعد الضرب تم نقلي إلى الإدارة، وبحضور الملازم التميمي والكاتب أحمد (يمني)، وأجبروني على التوقيع على إفادة أخرى وهددوني، ثم أرجعوني إلى الإنفرادي لأتعرض مجددا للضرب هناك.

    بعد إكمالي ١٠ أيام أعادوني إلى مبنى ١٠ مجددا، حيث كان في استقبالي محمد سليمان (الباكستاني)، ومحمد محسن (باكستاني)، وكل من بلال، خالد، وفارس، وهم أردنيون، حيث انهالوا علي بالضرب، دون رحمة، وبكل أنحاء جسمي، حتى سقطت أرضا، مما شجع الشرطي فارس على أن يقفز فوق ظهري بعد أن تعرضت للإغماء، وقد أيقظوني بتعريضي لحرارة الشمس. وبعد ذلك، أدخلوني إلى الزنزانة مع نزلاء مبنى ٦ الصغار.

    تعرضت للضرب من جديد ومن الشرطة أنفسهم بعد أن عادت عافيتي قليلا، حيث أوقفوني لساعات طويلة بالغرفة، وكان الجلادون يتقاسمون الأدوار فيما بينهم، ومنهم محمد محسن، ومحمد سليمان، أفتاب، بلال، تيسير، وهم من الأردن وباكستان.

أساليب التعذيب

      كانت من أساليب التعذيب التي تعرضنا لها؛ هو إجبارنا على ترديد شعارات مؤيدة للنظام، والنباح مثل الكلاب، والوقوف لساعات طويلة وسط الشمس، والاستحمام بلا ملابس لنقف بعد ذلك قسرا قرب المكيف. ولم يتم السماح لنا باستعمال أدوات النظافة، وكانوا يجبروننا على استعمال أدوات نظافة خاصة بالحمامات والأواني والملابس و”الديتول”، كما كانوا يجبروننا على غسل ملابس النزلاء، مع تعريضنا للسباب والشتائم وإهانة العقيدة والأهل، والضرب بالخرطوم والأحذية واللكمات.

     كانوا يجبروننا على ضرب بعضنا البعض، وبعد حلول الليل؛ يبدأ مسلسل الرعب بالصراخ علينا والضرب، بإشراف الإدارة وتنفيذ الشرطة، فكنت لا أنام منتظرا دوري في التعذيب قرب الثلاجة، حيث لا تصور الكاميرا ما يجري. وكل ذلك باستعمال “الهوز” البلاستيكي، وبإشراف محمد حسني زكريا، سامر الجبوري، منهل، ماجد، مجيب الرحمن، مروان، رضوان، عبد القوي، محمد سالم، فارس وزكريا، وبمساندة شرطة آخرين.

      وبما يقارب من ٥ مرات؛ تم نقلي إلى الإدارة في الليل لأتعرض هناك للتعذيب خلال التحقيق معي حول أمور عقائدية وسياسية، مع إجباري على رفع شعارات تخالف المعتقد، عدا عن شتمي بأسوأ الألفاظ. وكل هذه الانتهاكات كانت من قبل محمود عبد الحميد، عيسي الياسي، أحمد خليل، وآخرين مدنيين لم أرهم في السجن سابقا.

    كانت أطول مدة تعرضت فيها للتعذيب تراوحت بين الساعة ١١ ونصف مساء وحتى الرابعة والربع فجرا، بإشراف محمد عبد الحميد وشرطة المبنى مع شرطة سافرة (مروان، ووسام) بالهراوات والأسلاك الكهربائية، ما تسبب لي في جرح في الرأس، وكسر في الأنف، ورضوض بالأكتاف جراء وضع القيد من الخلف والتشديد في غلقه، ولا زالت يدي متورمة، وعلى الرغم من الإصابات فقد تم أخذى إلى المبنى دون إرسالي إلى العيادة.

     كان يشركون أي شرطي زائر في تعذيبنا، ومنهم سيف الدين، فادي، صالح، أحمد الجهني، جمال، خالد، شاكر، وفارس.

٢٠ يوما من الاتصال والزيارة

    هذا وقد منعنا من الاتصال والزيارة العائلية لأكثر من ٢٠ يوما، وبعدها سمحوا لنا بالاتصال، إلا أنهم كانوا يتعرضون لنا بالضرب والتهديد لكي لا نخبر أهالينا بما يحصل، وكان ذلك بواسطة الشرطي صالح الجهني، الذي كان يعتدي علي بالضرب أثناء اتصالي بأهلي، والذين كانوا يسمعون صوت تألمي من الضرب، وقد كانوا يبكون خوفا علي. وبعد شهر ونصف؛ خرجت في زيارة للأهل.

     بعد فترة وجيزة؛ تبدل نظام المناوبات نظرا لوصول دفعة جديدة من الشرطة (الهنود، الباكستانيون، اليمنيون، الأردنيون)، فكانت كل مناوبة توصي الأخرى بالتفنن في تعذيبنا بمنعنا من النوم والضرب. وكان من الذين شاركوا في ذلك: محمد محسن، محمد سليمان، تيسير، بلال فضل، أفتاب، خالد، علي جمعة، قايد، مروان.. وآخرون. وهم خليط من الجنسيات المذكورة وغيرها، وكانوا يدربون الشرطة الجدد على التفنن في تعذيبنا بأساليب معسكر الشرطة.

     ومن المعذبين الذين زدوا على الدفعة القديمة: عبد العزيز محسن (يمني)، خليف (سوري)، محمد سالم (سوري)، أحمد مطلق (سوري)، حسين (سوري)، رضوان (سوري).

    استمر هذا الوضع مدة ٣ أشهر، تخللتها انتهاكات طالت العقيدة، والإجبار على الرقص، وإهانة علماء الدين وحلق لحاهم وإجبارهم على الاستحمام بملابسهم.

     كانت الشرطة يأتون وهم سكارى، وبعضهم يتعاطون حبوب هلوسة، ومنهم خالد (الأردني)، جمعة (السوري)، قايد (اليمني)، وعناد (السوري).

      كانت الشرطة من المباني الأخرى تتجمع يوم الإجازة من أجل المشاركة في تعذيبنا، وبعد وصول المناوبة الجديدة، أجبرونا على أداء التمارين الرياضية القاسية منذ الصباح الباكر، بما في ذلك كبار السن وعلماء الدين.

    وفي شهر رمضان، نقلوا الأخوة إلى السجن الإنفرادي بدون أي سبب، وبعد عيد الفطر عادت مناوبة الجلادين بلال ومحمد سليمان لممارسة الضرب مجددا، مع التفتيش المهين، وسرقة بعض الملابس والأدوات الصحية، وقد تم نقل اثنين من النزلاء يومها إلى الإنفرادي، ودخلنا بعدها إضرابا عن الطعام لأجل تغيير الوضع، واستمر لأكثر من ١٠ أيام، وتبدلت خلالها المناوبات، إلا أن الاستفزازات ظلت مستمرة.

المصدر
كتاب زفرات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
تواصل معنا
سلام عليكم ورحمة الله
كيف يمكننا مساعدتك؟