إفادة الشّهيد علي السنكيس

ثلاثون يوماً من العذاب
أنا النزيل علي عبدالشهيد علي السنكيس، تمّ القبض عليّ بتاريخ ٢ أبريل ٢٠١٥م بتهمة القتل العمد، وقضايا أخرى ملفّقة. حينما تمّ أصطحابي إلى جهاز أمن الدولة؛ قاموا بالتحقيق معي باستعمال سياسة التعذيب الممنهج، وما أدى إلى فقداني الوعي ونفوذ طاقتي، وهذا بحدّ ذاته أجبرني على الإعتراف بعدة قضايا ملفقة، ليس لي شأن بها، لأني معارض.
في ذلك الوقت الذي قبضوا عليّ؛ كانت هناك أحداث بسجن جو نسمع بها، وحينما أرسلوني إلى سجن جو بتاريخ ١٢ أبريل ٢٠١٥م كنتُ محكوماً غيابياً بالإعدام، وبأحكام أخرى. حين دخولي سجن جو؛ كان معي شخصان من المتهمين بذات القضية، وهم علي محمد حسن حاجي، ومحسن بداو.
استقبلونا بسخريةٍ تدلّ الحقد الدفين. أكملنا إجراءات الدّخول، وتمّ نقلنا بحافلة خاصة تستوعب (ستة) أشخاص. كان معنا في الحافلة ثلاثة أشخاص أيضاً متهمين بقضايا جنائية.
قاموا بتفريقنا، وصمّدونا نحن السياسيين، وانهالوا علينا بالضرب المبرح، مع التحرّش الجنسي من عدة أفراد من قوات المرتزقة. وبسبب شدّة التعذيب حمل كل واحدٍ منّا كسوراً وجروحاً غزيرة. وكنتُ من بين الشباب المحكوم بالإعدام، وكان المرتزقة يردّدون عليّ: “أنت شيعي كافر وتقتل الشّرطة السّنة”، وهذا قليل بحقّك وسوف تنال الكثير من الضرب”. وفعلاً، نفّذوا وعيدهم، وأنهالوا عليّ بالتعذيب النفسي والجسدي طيلة الأيام التالية.
في اليوم نفسه لدخولي سجن جو؛ تمّ ضرْبي على رأسي وعيني ممّا أدى إلى تعسّري في الرؤية. اصطحبوني إلى العيادة للعلاج، لكني دُهشت هناك من أن الطبيب الذي جاء لمعالجتي قام هو نفسه بضربي مع المرتزقة، وداخل عيادة السجن.
استمرّ تعذيبي لأكثر من ٣٠ يوماً. اقتادني المرتزقة إلى خارج مبنى العزل، وانهالوا عليّ بالضرب، ودون سبب يُذكر. في أحد الأيام أخذني المرتزقة إلى خارج المبنى، وتحديداً في كبينة التفتيش. فوجئت هناك بوجود ضبّاط إماراتيين، أحدهم برتبة ملازم أول، مع ضابط خليفي برتبة ملازم. حققوا معي في تهمة قتل أقاربهم من الجنسية الإماراتية في القضية المعروفة بـ”تفجير الديه”. أنكرتُ التهمة الموجهة ضدّي، فانهالوا عليّ بالضرب جميعهم، ودون استثناء. وبعد انتهائهم من وجبة الانتقام؛ تولّى مرتزق بإكمال التعذيب، حيث أجبرني على وضع “نعْلي” في فمي، وقام بالتحرّش بي جنسياً.
ومن مشاهد التعذيب الأخرى التي تعرّضت لها أذكر في أحد الأيام أنني كنتُ أقرأ دعاءاً بعد صلاة العصر مع بقية الشباب في مبنى العزل. في الأثناء؛ دخل عليّ أحد المرتزقة برتبة (وكيل)، وأخذني إلى خارج المبنى، وكان يرافقه ضابط أردني برتبة ملازم أول. انهالوا عليّ بالضرب والصفعات، وهم يقولون: “دينكم غلط.. يا كافر.. إلى جهنم يا شيعي”.
مُنعت من الزيارة العائليّة لمدّة لا تقل عن ٤٠ يوماً، وذلك لكي لا يرى أهلي آثار التعذيب والكدمات في وجهي وعيني التي كنتُ لا أرى منها لمدة ٢٠ يوماً منذ دخولي سجن جو.
منعتُ مع آخرين من النزلاء بالعزل من رفْع الأذان وقراءة الأدعية وإحياء المناسبات الدينية. وكانوا يبرّرون ذلك بقولهم: “دينكم غلط”.
ومن بين الأمور الأخرى التي حُرمنا منها أذكر:
– مُنعنا من مشاهدة التلفاز، والإتصال، الخروج للفنس، والشراء من (دكان) سجن جو. ودام ذلك أكثر من ٩٠ يوما.
– دخول عدة مجموعات من المرتزقة للمبنى الذي أنا فيه، برفقة مسؤول المبنى برتبة (وكيل)، والصراخ اليومي على جميع النزلاء، وفي جميع العنابر.
– الإجبار على الوقوف اليومي لي ولجميع النزلاء وفي وقتٍ متأخّر من الليل، والاستهزاء بهم. ويكون سبب دخولهم إحصاء عدد النزلاء الموجودين. وهذا الحدث يتكرّر صباحا ومساء كلّ يوم.
وأحبّ أن أختم وأقول بأن كلّ ما ذكرته في ورقتي هو قليلٌ بالمقارنة مع ما ما حدث في سجن جو من أحداث.