سجن جو المركزي
سجن جو المركزي هو أحد السجون الرئيسية في البحرين، إلى جانب سجن القرين العسكري، ومركز التوقيف الاحتياطي المعروف باسم الحوض الجاف، ومركز مدينة عيسى الخاص بتوقيف النساء.
هناك أيضاً السجون السرية العديدة في مبنى القلعة – مقرّ وزارة الداخلية – وفي مبنى التحقيقات الجنائية في منطقة العدلية. وعدا سجن القرين الذي تُديره ما تُسمى قوة دفاع البحرين؛ فإن السجون في البحرين تخضع لإدارة وزارة الداخلية بالتقاسم مع ما يُسمى بجهاز الأمن الوطني، أو جهاز المخابرات الخليفيّة. يُشار إلى أن الجهاز الأخير أُعيدت إليه الصلاحيات الواسعة في القبض والاعتقال في يناير ٢٠١٧م، بعد أن سُحبت منه تحت زعْم تنفيذ توصيات التقرير الشهير المعروف تقرير (بسيوني)، الذي أعلنته ما تُسمى اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق في نوفمبر ٢٠١١م. وقد ارتكب الجهاز المذكور انتهاكات واسعة بحقّ معتقلي ما يُعرف بشبكة أغسطس ٢٠١٠م، التي ضمت عددا من الرموز والناشطين.
بعيداً عن العاصمة البحرانيّة المنامة، وبمسافة تُقدّر بخمس وعشرين كيلو متر، تقع قرية مطلّة على الساحل تُسمى «جو». كونها نائية عن المناطق السّكنيّة المأهولة، جعلها الخيار الأفضل لإنشاء السجن المركزي فيها في العام ١٩٧٩م. عبر السنوات التالية، اتّضحت المعالم الحقيقيّة لهذا السّجن، وبخلاف الإطلالة الجغرافيّة التي تحيط بها التي يجعلها البحر وكأنها جزيرة مليئة بالحياة. سجن “جو” هو المكان المخصّص للذكور الذين صدرت بحقّهم أحكام بالسجن، سواء لقضايا سياسيّة أم جنائيّة، من المواطنين والأجانب على حدّ سواء. وهو يقتصر على الذين يبلغون سن الثامنة عشر فما فوق.
على مدى مراخل زمنيّة، ومنذ التأسيس الأول نهاية عقد الثمانينات القرن العشرين؛ أُضيف إلى «سجن جو» العديد من المباني التي أخذت أرقاما، مثل مبنى ١، مبنى ٢.. ومبنى ١٠. وخُصّص كلّ مبنى لفئاتٍ معينة، بحسب العُمر، أو بحسب طبيعة الأحكام (مبنى العزل مثلاً، أو مبنى المحكومين الإعدام)، أو بالنظر إلى “خطورة” السجين من منظور إدارةِ السجن. كانت الإدارة تعاقب السجناء بالعزل الإنفرادي في أغلب الأحيان. سوف نقرأ توضيحا حول ذلك في هذا الكتاب، وعلى لسان السجناء أنفسهم.
«سجن جو» يندرج ضمن إدارة الإصلاح والتأهيل، بحسب التسمية الجديدة التي تحملها إدارة السجن منذ العام ٢٠٠٤م. طبعا، ليس في السجون ما يدلّ على هذا المسمى الجديد، كما سنرى في هذا الكتاب. فالسجون في البحرين لا تخضع لجهاز إداري مستقل بطبيعة الحال، بل هي تنضوى مباشرة تحت سلطة وزارة الداخليّة، وأغلب الطواقم الإدارية التي تكوِّن الجهاز الإداري للسجون؛ غير مؤهلين تعليميّاً وتربويا، وكثير منهم له سوابق غير نزيهة، وينتمي إلى العائلة الخليفيّة. وهناك منْ يُعرَف بميوله الطائفية ضد المسلمين الشّيعة، وهو ما وسّع من حدود الانتقام الطائفي داخل السّجون، كما سنرى ذلك بوضوح في هذا الكتاب.
ما تُسمى إدارة الإصلاح والتأهيل كانت تحمل اسم (قسم السّجون)، وكان صغيراً، ويتبع الضابط الإداري في وزارة الداخلية في الثمانينات. في ١١ ديسمبر ١٩٩٦م؛ صدر مرسوم رقم (٢٩) لسنة ١٩٩٦م، وتحوّل اسم القسم إلى “إدارة المؤسسات العقابية”، وأصبحت تتبع الإدارة العامة لشؤون الشرطة. وفي العام ٢٠٠٤م صدر المرسوم رقم (٦٩) بإعادة تنظيم وزارة الداخلية، وجاءت تسمية “إدارة الإصلاح والتأهيل” وتتبع وكيل وزارة الداخلية. وفي العام ٢٠٠٧م صدر القرار الوزاري رقم ٤٩ لسنة ٢٠٠٧م بإلحاق تبعية “إدارة الإصلاح والتأهيل” بالمفتش العام.
لم تكن السجون الخليفية مكانا للإصلاح أو التأهيل، كما تثبت إفاداتُ السجناء. تزعم الوزارة بأن “تنفيذ العقوبة” في السجون يتم وفق “القانون والمعايير الدولية لحقوق الإنسان”، والالتزام بـ”المعايير الدولية لحقوق الإنسان” وبناءا على ما تنصّ عليه الاتفاقيات الدولية. بخلاف ذلك، تقول الوقائع والوثائق شيئا آخر، وهو ما يتولى هذا الكتاب إظهاره، وعلى لسان الضحايا أنفسهم.
تعليق واحد