مواضيع

إن الشعوب التي لا تبصر اليوم بعقولها ستبكي غداً بعيونها

الشيخ أحمد النوار

بسم الله الرحمن الرحيم

عندما تتصفح كلمات الشهداء، ومقولات الشهداء، كأنك تستمع الى حكماء وفلاسفة وعلماء كبار، حكماء لا يستغرقون في بطون الكتب، وفلاسفة لا يسبحون بعيداً عن الواقع، فالشهداء كتبوا حكمهم وفلسفتهم بدماء عروقهم في أرض الواقع، فلا عحب أن تجد الامام الخامنئي دام ظله يوصي بقراءة وصايا وكلمات الشهداء.

ومن أولئك الشهداء الشهيد السعيد الشاب علي المؤمن من جزيرة سترة الصمود والإباء، هذا الشهيد الذي كانت له علامات مميزة وفارقة عن غيره من الشهداء، فقد كان شاباً مؤمناً مهذباً خلوقاً وأيضاً كان يتميز بدرجة كبيرة من الثقافة والوعي والبصيرة، وهذا ما تكشف عنه عبارات الشهيد وما خطه قلمه قبل استشهاده.

فرغم قصر تلك العبارات التي كتبها الشهيد إلا أن عباراته تنم عن بصيرة ووعي كبيرين، فنلاحظ مثلا عبارته المشهورة « نخرج هنا من أجل كرامتنا وعزتنا وأعيننا على القدس»، هذه الكلمات المعدودة ينبع منها قدرة كبيرة على تحديد الأولويات وتحديد الأهداف الكبرى، فرغم انشغال الكثير من السياسيين البحرينيين بالداخل البحريني وتفاصيله نجد هذا الشاب اليافع يعطي درساً في بعد الأفق وطول النظر.

واستطراداً أقول: إن أهم مشاكل الساسة والرموز عدم قدرتهم على تحديد الأولويات في ساحة الصراع، وهذا ما أشار له الامام الخامنئي دام ظله في قوله: «لقد كان تشخيص الوظيفة الأصلية دائماً أحد نقاط الخلل والضعف في حياة المسلمين في العصور المختلفة، الخلل في تشخيص الوظيفة الأصلية يعني أن أفراد الأمة والقيادة والرجال البارزين في العالم الإسلامي يخطئون في تشخيص الوظيفة الأصلية في مقطع من الزمن بمعنى أنهم لا يعلمون ما هي الوظيفة الالهية وأنه يجب الشروع بها وحتى إذا لزم الأمر يجب التضحية بسائر الأمور في سبيلها ولا يعلمون ما هي الوظيفة الفرعية والتي تأتي في الدرجة الثانية»

وحينما ننتقل الى عبارة اخرى من عبارات الشهيد السعيد حيث يقول: «إن الشعوب التي لا تبصر اليوم بعقولها ستبكي غداً بعيونها» فإننا نتلمس من هذه العبارة أن الشهيد يريد أن يقول لنا أن نعيد العقل الى الواجهة، ونجعل له السلطة في حركتنا الاجتماعية بعيداً عن الترهيب والترغيب، وبعيداً عن تغييب الوعي لحقيقة الصراع الموجود في الساحة السياسية، وكأن الشهيد يريد أن يصرخ صرخة استنهاض للعقل في وجه الجهل، والبصر في وجه العمى، وكانت إشارة مجازية ذكية منه حينما أشار أن البصر لا بد أن يكون بالعقل وليس بالعين، فالعين قد تنخدع، وحينما تنخدع اليوم فإنها ستبكي غداً.

نعم إنه تحفيز من الشهيد علي المؤمن لدفائن العقول التي تفرض مواجة الطواغيت الذين فرضوا إرادتهم بالحديد والنار، ولا ننخدع بما ينشرونه أمام عيوننا من بهارج وزبارج لنجد كل مقدراتنا وعزتنا وقيمنا قد سلبت فنبكي غداً حينما لا ينفع البكاء.

المصدر
كتاب المؤمن الممهد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
تواصل معنا
سلام عليكم ورحمة الله
كيف يمكننا مساعدتك؟