مواضيع

دعوة لقمان

لقمان ذلك العبد الصالح الذي أوتي الحكمة من خلال ما حرك به  بصره نحو كل الأشياء التي تحيط به، ليكون في موقع المتأمل والمستنتج ليعرف مصادر الأمور وليكون بذلك الإنسان الذي ينتج الفكرة من خلال حركة عقله، وبهذا الطريق بدأ يفكر في الله ونعمه.

ولكننا نود في هذا المقال استعراض بعض أساليب وقيم لقمان التربوية. فنلاحظ في وصية لقمان صور حميمية يرسمها لنا وتتمثل في المسؤولية التي يحملها الجيل القديم باتجاه الجيل الجديد وكذلك علاقة الآباء بالأبناء، لذلك رأيناه قد هيأ ابنه بأسلوب حميم (يَا بُنَيَّ)[1] اختصر عليه كل المقدمات لدرسه الأول وهو أساس ثقافته، إضافة إلى ذلك تركيزه على عناوين رئيسية مع مراعاة لترتيب متقن للأولوية والأهمية.

بدأ الحكيم بالعقيدة (يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ)[2] فاعتبر توحيد الله سبجانه هو الباب والمدخل إلى الحقيقة والغاية وما سواه هو ظل ووسيلة إليه. كما أنه أوصى ابنه باحترام حقوق الآخرين وأولهم الخالق .. حيث اعتبر الشرك ظلم للخالق وظلم للمخلوق نفسه.

ثم ذهب إلى ما يؤكد التوحيد ألا وهو العبادة (أَقِمِ الصَّلَاةَ)[3] وأكد على العبادة بما يثبتها ألا وهو الصبر (وَاصْبِرْ عَلَىٰ مَا أَصَابَكَ)[4] والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وبهذا الأسلوب يربط بين كل هذه المواضيع ويخبرنا ضمناً أن الخلل في أحدها يشكل خللاً في سواها. وأتم لقمان توصياته بالسلوك الاجتماعي وفيه إشارة إلى أننا نحتاج معرفة التعامل مع المجتمع كما علينا معرفة التعامل مع الخالق.

وفي ضوء ذلك نستطيع فهم كيفية تحرك الموعظة لتشمل كل القضايا المتحركة ولتكون نهج منفتح على كل جوانب العقيدة والعبادة والمسؤولية في الدعوة والثبات، والتحرك في المجتمع على أساس المحافظة على كل أجواء اللياقة الاجتماعية واحترام شعور الآخرين والالتزام في حركة الإنسان المؤمن، إنسان الحياة المنفتح على وحدانية الله في العقيدة والعبادة والمشؤولية والسلوك.


  • [1]– لقمان: 13
  • [2]– نفس المصدر
  • [3]– لقمان: 17
  • [4]– نفس المصدر
المصدر
كتاب المؤمن الممهد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
تواصل معنا
سلام عليكم ورحمة الله
كيف يمكننا مساعدتك؟