قصة الشهادة
كان الشهيد علي متواجداً في ميدان الشهداء «دوار اللؤلؤة» عند حدوث مجزرة يوم الخميس الدامي وقد شاهد الغدر والاعتداء بحق المعتصمين المسلمين لكنه نجى منها، وأنقذ مجموعة من النساء والأطفال عند خروجه من الميدان، ثم عاد إلى المنزل وأرسل رسالة لأهله قائلاً فيها: احنا بخير. وفي صباح يوم الخميس الدامي 17 فبراير 2011م كتب آخر تعليقين له في الفيس بوك وهم «لتروى هذه الأرض من دموع المستضعفين .. لتطهر الأرض بدماء المظلومين» وتعليقه الثاني «نفسي فدا وطني»، ثم توجه لمستشفى السلمانية لتفقد الجرحى، وعندما منع المسعفين من التوجه للميدان بأمر من الجيش وتواطؤ وزير الصحة آنذاك (الحمر)، خرج الشهيد مع مجموعة كبيرة من المواطنين الشرفاء لأداء واجبهم الإنساني والوطني بإنقاذ الجرحى المحاصرين في الميدان، وكان ذلك في حوالي الساعة الثامنة صباحاً وهو على غير عادته حيث لم يتكلم طوال المسير مع مرافقيه، غير عابهٍ بالموت وهو يطلب الشهادة وهي غرامه، قال أخوه: دمُ الشهيد إذا سقط .. ردّ علي وهو رافعٌ يده الشمال إلى الأعلى مطأطئاً رأسه إلى الأرض: فبيد الله يسقط .. وإذا سقط بيد الله فإنه ينمو. ثم كرر أبياتاً وجدانية:
وهــا أنــا يـا رب فــي روحي | الــحيرى أنــاجيك فــهل أرتقــى |
حسبي إذا الإثم طغى في دمي | إشراقه من طهر نورك المشرق |
ينهل في قلبي حناناً كما ينهلُ | فــــي الـــطهر شــــذى الــزنيق |
وعند وصول الجموع لتقاطع شارع البديع (جنوب الاشارة الضوئية) والذي يوصل إلى الميدان (دوار اللؤلؤة) اعتدت عليهم قوات المرتزقة الغاشمة، لكنه لم يتردد وراح يصرخُ في رفاقه: تعالوا ولا تتراجعوا. وشكّل هو ومجموعةٍ من الشباب صفّاً بشرياً ملتحماً، ونادى عالياً «تد في الأرض قدمك» حتى التحم الجانبان واختفى أثره إلى أن شوهد الشهيد علي محاطاً بمجموعة كبيرة من قوات الجيش (15 جندي تقريباً) وهم يضربونه ركلاً بالأرجل وبمؤخرة أسلحتهم وذلك في المنطقة القريبة من الاشارة حيث كانت قوات الجيش متمركزة، ومن ثم قاموا بإطلاق رصاصات الشوزن من مسافات قريبة في ساقه الأيمن أدت إلى جروح بالغة، واستشهد على أثرها عند الساعة 9:20 مساء في يوم الخميس ليلة الجمعة الموافق 17 فبراير 2011م.
وتظهر الصور المأخوذة له في المستشفى والمغتسل كثرة الطعنات في رجليه وآثار اللكمات ورصاص الشوزن المتفرقة في أنحاء جسمه (صدره وذراعه وخلف ظهره) مما يثبت القتل المتعمد مع سابق الإصرار وذلك نتيجة الأوامر المسبقة لهم، يذكر بأن رصاص الشوزن اخترق أعلى الفخدين مما أدى لتمزق رجلاه ونزفه مقدار كبير من دمه، وبعد مدة استطاع المسعفين نقله لمستشفى السلمانية وتم إجراء بعض العمليات الجراحية لوقف النزيف العميق لكن دون جدوى حيث تهتكت الشرايين والأوردة في ساقيه، وتم اعطاؤه أكثر من 30 كيساً من الدم ونزفها كلها كما ذكر الأطباء.
وبعد استشهاده رحمه الله حاولنا أخذ شهادة الوفاة فأصدرت بسبب واحد وهو تخثر في الدم ونزيف فقط دون ذكر بقية الإصابات مما يؤكد تواطؤ وكذب المسؤولين في وزارة الصحة في قسم الشهادات، وبعد الإصرار على عدم استلام الجثة إلا بذكر السبب الحقيقي قاموا بتسليمنا شهادة تثبت السبب الثاني وهو الذي أدى الى وفاة الشهيد علي وهو «تهتك شرايين وأوردة بالفخذ الأيسر نتيجة جسم بلاستيكي غريب وإصابة نارية رشية» وأرفقت نسخة من شهادة الوفاة في قسم المرفقات.
وعن نقله للمستشفى تم نقله بالاسعاف من الموقع الذي كان فيه الشهيد الحاج عيسى بالقرب من الإشارة، وهناك صورة توضح مكان الشهيد عيسى، وأيضاً هناك صورة مرفقة تبين لحظة وصوله المستشفى وهو مصاب وتبين صورة المسعفين الذين أسعفوه حينها وهم يعرفون المكان الذي تم نقله منه بعد الاعتداء عليه من قبل قوات الجيش، وتبين الصورة اختراق وتمزيق الرصاصتين لبنطاله وكثرة الدماء السائلة.
وعن الظلامة التي لاقها الشهيد بعد وفاته زعم وزير العدل ووزيرة الصحة الجديدة بعد شهر من الحادثة تقريباً أن الشهيد توفي نتيجة خطأ طبي متعمد وهذا بحد ذاته كذب وتضليل من السلطة، حيث أن الأطباء لا يمكن يعيدوا الحياة لإنسان قد تمزقت مجاري دمه، وبدلاً من أن يراجعوا السبب الرئيس وهو تمادي الجيش في بطشه وعدم احترامه لأبسط حقوق الإنسان وجهوا كيل تهمهم الى الأطباء الشرفاء الذين قاموا بواجبهم المهني والانساني اتجاه مواطنيهم. ومن آخر الظلامات للشهيد المؤمن أن قوات الشغب المتواجدة في سترة قد قامت أكثر من مرة بالتعدي على قبر وروضة الشهيد بتمزيق الأعلام واقتلاعها من على القبر وبعثرة محتويات الروضة وهذا ان دلّ على شيء فإنما يدل على خروج قوات الشغب عن إتزانهم وإنسانيتهم بمثل تلك التصرفات، وتثبت الصور المرفقة أن القبر كان محاط بأعلام البحرين وصور الشهيد ثم صورة أخرى توضح خلوه منها، فأين مسئولية وزير الداخلية في السيطرة والرقابة على رجاله وأين إنسانية وزيرة الصحة وحقوق الإنسان التي حاولت جاهدة إخفاء الحقائق الدامغة لصور الشهيد المبضعة والمضرجة بدمائه.
تعليق واحد