موطن العتوب وأصل منشئهم
جدول المحتويات
ينحدر العتوب -وفق المشهور- من سلالة عنزة التي تنحدر من أسد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان[1]، وهناك من يرى أنّ العتوب فرعٌ من عشيرة «الدهاشمة» المتفرّعة من عشيرة «العمارات» أبناء تغلب بن وائل[2]، وعلى كلٍّ فإنّ بنو عنزةٍ تنقسم إلى أفخاذٍ كثيرةٍ منها جُميلةٌ بالضمّ، بدورها جُميلة تنقسم إلى فصائلٍ أشهرها بنو عتبة ومنها تأتي عشيرةُ آل خليفة[3]، لكنّ آل بن علي يدّعون أنّ العتوب هي قبيلةٌ واحدةٌ وليست حلف قبائل، ولقب «العتبي» يختصُّ بهم دون آل خليفة وآل صباح وآل جلاهمة مستندين في دعواهم على عدّة أسباب:
امتلاكهم لوثائق تملُّك نخيلٍ وشراءُ أراضٍ تذكرُ لقبَ «العتبي» في آخر أسماءِ من هو منتسبٌ لآل بن علي، وعدم وجود وثيقةٍ واحدةٍ تذكر هذا اللّقبَ عند من ينتمي لآل خليفة أو الصباح أو الجلاهمة، فضلًا عن وجود وثائق شراء نخيلٍ بين أحد أبناء آل بن علي وأحد أبناء الجلاهمة تذكر في إسم الأوّل لقب «العتبي» ولا تذكر ذلك في إسم الآخر.
وثيقة شراء نخيل لأحد أفراد آل بن علي
بنو عتبة قبيلةٌ معروفةٌ من بني سليم نسبةً إلى شخصٍ اسمه عتبة بن رياح السلميّ وليس من كلمة عتب أي ارتحل وانتقل. قال ابن خلدون: إنّ العتبيّين هم من يُنسبون إلى عتبة بن غزوان السلميّ. «عتبة» اسم يطلق على الأشخاص ولا يدخل في تصاريف الفعل واشتقاقات المصدر. وهم بطنٌ من خفاف بن امرىء القيس بن بهثة بن سليم بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.
آل خليفة وآل صباح والجلاهمة أبناء عمومة وهم من قبيلةٍ واحدةٍ وهم من الجُميلات من بني وائل وليس من بني عتبة من قبيلة بني سليم. كما أنّ أغلب الوثائق الانكليزيّة والتركيّة القديمة تذكرُ اسم قبيلة العتوب وليس حلف العتوب.
من هذه الوثائق:
جاء في موسوعة «دليلُ الخليجِ» لكاتبه لوريمر[4]: آل بن علي المعروفين بالعتوب هي إحدى كبريات القبائل العربيّة الكثيرة العدد إلى حدٍ ما، ولهم علم يسمى: السليميّ، كما أنّ للقبيلة اسمًا آخرًا هو العتبيّ. وهناك مراجع تدّعي أنّ آل بن علي ينتسبون إلى عنزة وقحطان وبني تميم، وكلها قبائل من نجد والحقيقة أنّهم من قبيلة العتوب التي تنحدرُ من قبيلة بنو سليم الحجازيّة.
مقطع من مذكرة وزير الخارجيّة المؤرّخة في 19/7/1871م (Precis Of Turkish Expansion On The Arab Littoral Of The Persian Gulf And Hasa And Katif Affairs. By J. A. Saldana; 1904، I. o. R R/15/1/724. ) :
ستجدون أنّه في فترةٍ مبكرةٍ تصلُ إلى عام 1827م ومتأخّرةٍ تصل إلى عام 1851م، جرى وصف تلك المنطقة على أنّها إحدى ملحقات البحرين، لست أعلم ما إذا بقيت كذلك حتى الآن أم لا، ولكن في كل الأحوال لا نعلم هنا شيئًا يناقض ذلك، عيسى بن طريف آل بن علي العتبيّ الذي استقر مع قسم من قبيلته العتبيّ (العتوب) هناك، هو حفيدٌ ينحدرُ من أحد فاتحيّ البحرين العتبيّين الأصلاء. تذكرون أن العائلة (الحاكمة) في البحرين حاليًّا قدمت في الأصل من الكويت، وربّما من هذا المنطلق يحاول الأتراك بسط سيادتهم ونفوذهم على البحرين.
ويمكن تفسير انتساب بقية العشائر إلى قبيلة العتوب في تفسيرين:
ذكرنا أنّ البعض يرى أنّ العتوب أخذوا هذا الاسم من إحدى القبائل التي انضمت إليهم، فلعلّه انضمت قبيلة آل بن علي إلى بقيّة العشائر المذكورة وعمَّ لقب العتوب الجميع.
تَعَمُّدُ آل خليفة وآل صباح وآل جلاهمة نسب أنفسهم إلى قبيلة العتوب؛ لأنّها قبيلةٌ كانت معروفةً وقويّةً من أجل مصالح سياسيّة وسياديّة.
وعلى كلٍّ فإنّ آل بن علي لا زالوا يسردون القصّة بشكلٍ مختلفٍ تمامًا ومن أحبّ التعرّف على التّفاصيل فليراجع مخطوطة راشد بن فاضل البنعلي (مجموع الفضائل).
إنّ مشهور الرّوايات والمراجع تتحدّثُ عن أساطير هجرة العتوب من نجد فقط وهذا ما نراه كثيرًا من المؤرّخين الجدد الذين تبنّوا رأي إبراهيم بن محمد آل خليفة حول موطن العتوب حيث ذكر أنّهم هاجروا من (الهدّار) من بلدان (الأفلاج) وسط الجزيرة العربيّة[5]، لكن لو دقّقنا النّظر فإنّنا نرى أنّ تاريخ العتوب بالنّسبة لنا يبدأ من نجد ولا يُتعرض لأصل منشئهم، فمن أين جاء العتوب قبل أن يسكنوا صحراء نجد؟!. لن تستطيع العثور على إجابةٍ واحدةٍ لهذا السّؤال؛ لأنّه عند الرّجوع إلى الوثائق والمراجع ترى الاختلاف في الأقوال الموروثة عن أصل منشئهم، فمنهم من يُرجِعُ أصولهم إلى الحجاز، ومنهم من يرجعها إلى خيبر ومنهم من يرجعها إلى نجران[6]، والعجيب أنّ لكل فريقٍ منهم استدلال.
جاء في تقرير الوالي مدحت باشا[7] الذي زار الكويت عام 1288هـ النص التالي:. . . وهؤلاء العرب من الحجاز وكانوا قد أتوا إلى هذه البقعة هم وجماعة من مطير، وواضع أوّل حجرٍ في تلك البلدة (الكويت) رجلٌ اسمه صباح.
وقال مؤرّخ البلاط الخليفيّ النبهانيُّ أنّ أسلاف عنزة التي تنتمي إلى العتوب: «أقاموا هنالك –يقصد خيبر- وورث ديارهم غزية من طيء»[8].
- [1]. محمد النبهاني، التحفة النبهانية ص118
- [2]. سيف الشملان، صفحات من تاريخ الكويت ص104
- [3]. محمد النبهاني، التحفة النبهانية ص118
- [4]. لوريمر، الجزء الجغرافي ص83-84
- [5]. محمد النبهاني، التحفة النبهاني ص119
- [6]. عبدالعزيز الرشيد، تاريخ الكويت ص33
- [7]. سيف مرزوق، من تاريخ الكويت ص112
- [8]. محمد النبهاني، التحفة النبهانية ص117
تعليق واحد